الكردي والارمني ..والتهديد التركي 1
شكري شيخاني
الحوار المتمدن-العدد: 7283 - #2022-06-18# - 17:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
لابد من التذكير في كل مرة أن التهديدات التركية لمناطق شمال وشرق سوريا. هي ليس المقصود منها الوجود الكوردي فقط , بل المقصود كل المكونات التي تعيش على تلك الارض وبتقديري قد تكون الخصوصية اكثر في الاستهداف هما الامتين الكوردية والارمنية .لما لهما من تاريخ طويل مع الانظمة التركية المتعاقبة.. وبين الاتراك والارمن ماصنع الحداد كما يقال.. وهي ليست تهديدات او مناوشات او تحركشات من قبل الجانب التركي القوي والجانب الارمني الضعيف.. بل هو موضوع إبادة ممنهجة ومخطط لها ضمن برامج يستخدمها وينفذها التركي ضد الارمن منذ نيف ومئة عام وبالتحديد منذ العام 1915. حيث عم العثمانيون الى نظام الابادات الجماعية للارمن الإبادة الجماعية للأرمن أو مذابح الأرمن أو المحرقة الأرمنية هي عملية القتل الجماعي الممنهج وطرد الأرمن التي حصلت في أراضي الدولة العثمانية على يد حكومة جمعية الاتحاد والترقي خلال الحرب العالمية الأولى. مع أن مجازر متفرقة قد ارتكبت بحق الأرمن منذ منتصف العام 1914م، فإن المتفق عليه أن تاريخ بداية الإبادة هو 24-04-1915م، وهو اليوم الذي جمعت فيه السلطات العثمانية مئات من المثقفين وأعيان الأرمن واعتقلتهم ورحلتهم من القسطنطينية (إسطنبول اليوم) إلى ولاية أنقرة حيث لقي أغلبهم حتفه.
نُفذت عملية الإبادة على مرحلتين وقد أمر بها الباشاوات الثلاثة بصفتها جزءاً من سياسة التتريك المفروضة بالقوة. في المرحلة الأولى قُتل الذكور البالغون جماعياً، في المرحلة الثانية، أجبرت النساء والأطفال والشيوخ، حسب قانون التهجير، على المشي في مسيرات موت حتى بادية الشام عراة حفاة في عامي 1915 و1916م حيث تعرضوا لعمليات نهب واغتصاب وقتل دورياً، وتشير التقديرات إلى أن عدد من أجبر على هذه المسيرات يتراوح بين 800 ألف حتى 1.2 مليون أرمني وبأن 200 ألفاً منهم على الأقل كانوا لا يزالون على قيد الحياة في نهاية العام 1916م. وفق بعض التعريفات، فإن الإبادة تمتد أيضاً لتشمل عمليات القتل الجماعي لعشرات الألوف من المدنيين الأرمن خلال الحرب التركية الأرمنية في عام 1920م.
تتراوح تقديرات الوفيات حول العدد الإجمالي للضحايا الأرمن الذي قضوا نتيجة لسياسات الحكومات العثمانية والتركية بين عامي 1915 و1923 بين 800 ألف إلى أكثر من مليون نسمة، وتنحدر أغلب مجتمعات الشتات الأرمني حول العالم من ناجين من هذه الإبادة. يُشير بعض المؤرخين إلى أن الإبادة الجماعية للآشوريين ولليونانين التي حصلت في تلك الفترة نفسها كانت جزءاً من سياسة موحدة اتبعتها تلك الحكومات مع هذه المجموعات الإثنية، يرى العديد من الباحثين أن هذه الأحداث جزءٌ سياسية موحدة انتهجتها حكومة تركيا الفتاة ضد مجموعات إثنية متنوعة.
كانت هذه العملية سبباً رئيساً دفع المحامي رافاييل ليمكين في عام 1943م لتعريف الإبادة الجماعية على أنها جريمةً تشمل الإبادة الممنهجة لشعب ما. تتفق غالبية الباحثين والمؤرخين على أن ما حصل للأرمن كان إبادة جماعية، في حين ترفض الجمهورية التركية استعمال كلمة إبادة لوصف هذه العملية وتصفه بأنه تعبير غير دقيق. وقد وصفت الحكومات والمجالس النيابية، في عام 2019م، لاثنين وثلاثين بلداً بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وألمانيا هذه العملية على أنها إبادة جماعية بالإضافة لتجريم بعض من هذه الحكومات عمليات إنكار حدوثها.وقعت الإبادة الجماعية للأرمن قبل صياغة مصطلح الإبادة الجماعية. تتضمن الكلمات والعبارات التي تُستخدم في اللغة الإنجليزية والتي تستخدمها الوثائق المعاصرة لتوصيف الحدث بالمجازر، والفظائع، والإبادة، والهولوكوست، وذبح الأمة، وإبادة العرق وجريمة ضد الإنسانية. صاغ رافائيل ليمكين مصطلح الإبادة الجماعية في عام 1943، مع وضع مصير الأرمن في الاعتبار؛ وأوضح في وقت لاحق أنه: حدث ذلك مرات عديدة... حدث للأرمن، ثم بعد الأرمن قام هتلر بإجراء.
استخدم الناجون من الإبادة الجماعية عدداً من المصطلحات الأرمنية لتسمية الحدث. كتب مرادديان أن ييغرن (الجريمة أو الكارثة)، أو المتغيرات مثل ميدز يغيرن (الجريمة العظيمة) وأبرليان يغجر (جريمة أبريل) كانت أكثر العبارات استخدامًا. كان الاسم أغيد، والذي يُترجم عادةً باسم الكارثة، وفقًا لبيليديان، المُصطلح الأكثر استخدامًا في الأدب الأرمني لتسمية الحدث. وبعد صياغة مصطلح الإبادة الجماعية، استُخدمت كلمة أرمنوسيدي كاسم للإبادة الجماعية للأرمن.
إن الأعمال التي تسعى إلى إنكار الإبادة الجماعية للأرمن غالباً ما تضع كلمات مؤهلة ضد مصطلح الإبادة الجماعية، مثل ما يسمى، أو المزعوم أو المتنازع عليها، أو تصفها بأنها خلافية، أو ترفضها وتطلق عليها المزاعم الأرمنية أو الإدعاءات الأرمنية أو الأكاذيب الأرمنية، أو تقوم باستخدام تعبيرات لتجنب كلمة الإبادة الجماعية، مثل وصفها بأنها مأساة لكلا الجانبين، أو أحداث عام 1915. قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما باستخدام مُصطلح ميدز يغيرن عند الإشارة إلى الإبادة الجماعية للأرمن والتي وصفت بأنها وسيلة لتجنب كلمة الإبادة الجماعية.
أجرت عدة منظمات دولية دراسات عن الفظائع ضد الأرمن، وأستنتجت كل منها أن مصطلح الإبادة الجماعية يصف على نحو مناسب المجزرة العثمانية ضد الأرمن في 1915-1916. ومن بين المنظمات التي تؤكد هذا الإستنتاج، المركز الدولي للعدالة الانتقالية، والجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، واللجنة الفرعية للأمم المتحدة المعنية بمحاربة التمييز وحماية الأقليات.
في عام 2005 أكدت الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية أنَّ الأدلة العلمية كشفت أن حكومة تركيا الفتاة للدولة العثمانية بدأت إبادة جماعية منتظمة ضد مواطنيها الأرمن - وهم أقلية مسيحية غير مسلحة. حيث تم إبادة أكثر من مليون أرمني من خلال القتل والتجويع والتعذيب ومسيرات الموت القسري. كما أدانت الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية المحاولات التركية الرامية إلى إنكار الحقيقة الواقعية والأخلاقية للإبادة الجماعية للأرمن. في عام 2007 أصدرت مؤسسة إيلي فيزل من أجل الإنسانية رسالة وقع عليها 53 من الحائزين على جائزة نوبل، أكدت من جديد استنتاج علماء الإبادة الجماعية بأن قتل الأرمن عام 1915 كان إبادة جماعية. وفقاً لموسوعة بريتانيكا رفضت تركيا بشكل مطرد الاعتراف بأن أحداث 1915-1916 تُشكل إبادة جماعية، على الرغم من أن معظم المؤرخين قد خلصوا إلى أن عمليات الترحيل والمذابح التي حصلت بحق الأرمن في الأراضي العثمانية تتناسب مع تعريف الإبادة الجماعية - القتل العمد لمجموعة عرقية أو دينية. في حين اعترفت الحكومة التركية والباحثين المتحالفون معها بحدوث عمليات ترحيل، إلا أنهم أكدوا أن الأرمن كانوا عنصرًا متمردًا يجب تهدئته خلال أزمة الأمن القومي. وهم يقرون بحدوث بعض أحداث القتل، لكنهم يؤكدون أنه لم يتم بمبادرة من الحكومة أو بتوجيه منها. كما رفضت بعض الدول وصف الأحداث بأنها إبادة جماعية، من أجل تجنب الإضرار بعلاقاتها مع تركيا.
وقد اقترحت بات يور أنَّ إبادة الأرمن كانت جهادية. تُحمل بات يور الجهاد أو ما تسميه الذمية لتكون من بين المبادئ والقيم التي أدت إلى الإبادة الجماعية للأرمن. وتتحدى هذه الفكرة فائز الغصين، وشاهد عربي بدوي للاضطهاد الأرمني، والذي استهدفت مقالته عام 1918 دحض الاختراعات المسبقة والافتراء ضد عقيدة الإسلام والمسلمين بشكل عام... تنسب معاناة الأرمن إلى جمعية الاتحاد والترقي.. حيث كان بسبب تعصبهم الوطني والغيرة من الأرمن، وإلى هؤلاء وحدهم؛ فالإيمان الإسلامي بريئ من أفعالهم. كتب أرنولد توينبي أن تركيا الفتاة جعلوا الوحدة الإسلامية والقومية التركية تعملان معاً من أجل غاياتهم، لكن مع تطور سياستهم بدأ العنصر الإسلامي في الانحسار وأكتسب الوطني الأرض. ويفيد توينبي ومختلف المصادر الأخرى أن العديد من الأرمن كانوا قد نجوا من الموت من خلال الزواج مع عائلات تركية أو التحول إلى الإسلام. وبسبب القلق من أن الغربيين سيعتبرون إبادة الأرمن بمثابة وصمة سوداء على تاريخ الإسلام، فإن الغصين يلاحظ أيضاً أن العديد من المتحولين الأرمن قد قتلوا. وفي إحدى الحالات، عندما ناشد زعيم إسلامي عدم قتل الأرمن الذين اعتنقوا الإسلام، نقلت صحيفة الغصين عن مسؤول حكومي رداً على أن السياسة ليس لها دين، قبل إرسال المتحولين إلى حتفهم... في الحلقة القادمة نستكمل ما حصل للارمن على يد العثماني سابقا والتركي لاحقا.[1]