معركة الكرامة و الانسانية
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4602 - #13-10-2014# - 12:37
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
المعارك الدائرة منذ شهر تقريبا في كوباني وصلت في هذه المرحلة و العصرالى حال يمكن ان نصفها انها اصبحت الدرع الواقي لانبل قيم انسانية تقدمية عصرية، و تجري في الوقت الذي يدعي العالم بحقوق الانسان و الانسانية في العقل و الفكر وا لتعامل مع الواقع و منهم من يدعي مابعد الحداثة في الفكر و العقلية و من الذين لهم الصلة بما يجري في كوياني، و هي تعبر الان عن كل القيم الحداثوية التي وصلتها الانسانية في حياة البشر بشكل غير مباشر لما تنطوي هذه الحادثة و الحال من تلك القيم و المباديء في ثناياها و ما يدور حولها و فيها من كافة جوانبها .
الانسان بنساءه و رجاله الذي يضحي في مكان يمكن ان يعتبر تجربة لاختبار من يهمهم تلك القيم و يدافعون عنها و من يتظاهر بها دون العمل بها و من يدعيها تضليلا و هو يعيش في العصور الغابرة، و من يسجلها واقعا على الارض، فلما لم نلمس تحركا بهذه الدوافع و الاسباب، ليس هناك مثيل لها في التاريخ ان تشارك المراة بهذه الكثافة و العزيمة و الارادة في الجبهات الامامية و بهذه الصورة التي صدمت العالم بما تسجله من الملاحم البطولية، مستندة على الايمان بالقضية و الفكر الراسخ و ضمنا بالاعتماد على تلك القيم الانسانية التقدمية الحداثوية التي يتكلم و يرفعها العالم شعارا عصريا .
ان كانت معركة الوجود و العدم، ان كانت معركة الكرامة و العزة و الهيبة و المثل الانسانية قبل اي شيء اخر، انها يدخل ضمن اطار لا بل هي معركة التقدمية ضد التخلف، و العالم يراقب دون حراك، العالم الذي يدعي الانسانية لا يتدخل بشكل مرضي عن من يداقع عن اهدافهم و شعاراتهم العصرية عمليا، انها معركة النور ضد الظلام، معركة التعدي و التخلف و الوحشية ضد العزة و السلم و الامان و الحق، انها معركة حب الحياة امام عابدي الموت و التخرف، و العجيب لم نر حراكا مقنعا لصد الشر .
هنا لا يمكن ان ندعي بان المقاتلين بمستوى الذي يدعيه النخبة من العقول الانسانية التي يطلب ويجب ان يصل اليه الانسان بما يؤمنون و يدعون، و انما بدفاعهم عن ارضهم و كرامتهم الانسانية و ما يمت بانسانيتهم عفويا يدخلون بما يدافعون عنه في خانة تلك المفاهيم التقدمية التي وصل اليها الفكر الانساني المدافع عن الحياة و الانسان و السلام و احقية العيش بحرية و سعادة على الارض مقابل الموت و السواد .
ان كانوا يدافعون عن ارضهم بدوافع مختلفة منها قومية او يمكن تعريفها بقيم و مفاهيم مرحلية الا انها في النهاية تكون ضمن اطار حياة الانسان و معيشته و حبه للحياة و المعيشة و ليس الموت، و يقابلون من يؤمن بالموت و ماوراء الحياة و الطبيعة غير الموجودة و بعقلية تخلفية ظلامية سوادية ورثها هؤلاء الجهلة من عصور الجهل و الظلام و التخلف التي مضت على العالم و المنطقة ايضا و توراثتها الاجيال باسم التخلف و الدين و ما يضمنه من مفاهيم ضد الانسانية من الاساس .
المستعجب في الامر، لازال الصراع و السياسة هي التي تحلل الواقع في كوباني و تنظر اليه على انها مرحلة و معركة كما حدث من قبل، و لم نر لحد اليوم من يدع المصالح جانبا و ينظر الى ما يدور بعيون انسانية و قيم و مفاهيم حداثوية وصل و آمن بها انسان العصر، و هذا تضليل واضح من قبل من يدعي هذه المفاهيم و لم يدافع عنها على الارض، و يرى من يريد ان يمحيها و يستئصلها و ينهي من يؤمن بها من خلال عملية وان كانت مختزلة الان في معركة كوباني التي تديرها المراة قبل الرجل و التي تعتبر هي منبع الانسانية و المفاهيم الحديثة التي تفتخر بها الدول المتقدمة و العلماء و النخبة التقدمية قبل غيرهم .
ان كانت المعركة اجتمعت فيها المفاهيم و القيم الواسعة مع الالتزامات الضيقة و الاعتزاز بالنفس و القومية و الارض و اختلطت الانتماءات و العوامل التي تدفع الجيمع الى الدفاع عن كل شبر من ارضهم بهمة و عزيمة و التي تضاهي القيم العليا الانسانية التي وصل اليها الانسان او هي بذاتها، فلماذا لا يتحرك العالم منتظرين فوات الاوان، ام ان المصالح السياسية و المعادلات التي تقطع الطريق امام الدفاع عنالفكر التقدمي السليم و القيم الانسانية هي التي تسيطر على تحرك و نظرة العالم الى ما يحدث في العالم . اليس الانسان اغلى ما موجود و يجب الدفاع عنه و الحياة الدنيوية هي الاسمى لدى الانسان و الفكر و العقلية الانسانية المنتشرة في الدول المتقدمة قبل هذه المنطقة، فلماذا ينظر و يتعامل العالم مع كوباني وفق معركة داعش و ليس من منظور القيم الانسانية الحداثوية، وهذا لابد ان يدرس و يجيب من لهم الصلة بما يحدث عن الاسئلة التي تثيرها ماوراء معارك كوباني العسكرية و ما يدور من الصراع السياسي . ان كانت الانسانية في هذه المعركة هي الاهم في الدفاع عنها، لما لا يندفع الملتزمون بتلك القيم ليعبروا عن رايهم و مواقفهم باوسع و اكبر ما يمكن مستندين على تلك القيم التي تفرض عليهم الدفاع عن ما و من يجسد تلك المباديء و القيم التي يؤمنون بها في قرارة انفسهم . الم يروا كل هذه الحوادث التي تحدث في معارك كوباني و هي انسانية في النخاع و ان كانت انسانيتها عفوية ناجمة عن الربط و ايمان صاحب الحق بما يدافع عنه و ليس بشرط ان يكون المدافع عن الارض هو الواصل في عقليته و سلوكه الى تلك القيم التقدمية من الانسانية التي يدعيها العالم المتطوربشكل مطلق، الا يحق الدفاع عنه بكل امكانية و قوة . ام ان النظام العالمي الذي يدعي نظريا كل قيمة و مبدا انسانية لا يفعل وفقه و ما يتطلبه من اجل العمل به و تنفيذ و السير عليه، بل السياسة و المصالح التي تبعد الانسان عن انسانيته هي التي تدير العالم و لم و لن تصل تلك القيم النظرية و الشفوية تثير او تدفع المدعين لحد الدفاع عنها ان كانت هناك وسائل تعمل على تجسيدها، كما نرى في واقعة كوباني و معارك الدفاع عنها و من تشاركها من الجنسين بهمة و ارادة و عزيمة انسانية واحدة.[1]