هوزان أمين – دهوك - يمر علينا في ال26 من شهر ايار كل عام ذكری رحيل الفنان الكبير تحسين طه، يصادف هذا العام مرور 17 عاماً علی رحيله، فوجدت من الاجدر بنا وتقديراً لجهود الراحل ووفاءً لذكراه العطرة استذكاره واعادة بعض محطات حياته الی مخيلة القراء.
حيث يعد الفنان تحسين طه كان من احد ابرز الفنانين الكورد الذين ظهروا علی الساحة الفنية الموسيقية الكوردية، نتيجة تمتعه باحساس قومي وطني رفيع والتزامه بقضايا شعبه اكتسب شعبية كبيرة، وله اسهامات جليلة وبصمات واضحة في تاريخ الفن الكوردي.
نبذه مختصره عن حياته :
ولد تحسين طه عام 1941 في آميدي (قضاء العمادية التابع لمحافظة دهوك)، والده طه محمد سليم آميدي، ووالدته غوربت سليم خانم، ترعرع الفنان في كنف عائلة وطنية محبة للفن والموسيقی، ونتيجة عمل والده اضطر منذ صغره الی الترحال الی العديد من الاماكن، وانهی دراسته الابتدائية في مناطق ونواحي عدة منها (آميدي، مانكيشك، زاخو).
وفي عام 1958 دخل مركز الحدباء في مدينة الموصل، ولكن نتيجة خروجه في تظاهرات عام 1956 و1957 تم ابعاده من الدراسة واضطر الی ان يعود الی مسقط رأسه آميدية، وهناك انهی المرحلة المتوسطة من دراسته، ومن ثم غادر الی بغداد، و دخل كلية الفنون الجميلة فرع المسرح عام 1960، وهناك ايضاً نتيجة ميوله القومية والتزامه بقضية شعبه انخرط في الفعاليات والنشاطات السياسية، وتم اعتقاله وابعاده من الدراسة للمرة الثانية ودخل السجن، ومع انطلاق ثورة ايلول المجيدة عام 1961 التزم ضمن صفوف البيشمركة ومن ثم عاد الی الدراسة عام 1963 بعد مجيئ الرئيس احمد حسن بكر الی الحكم، حيث تابع دراسته وتخرج من المعهد واصبح استاذاً للفن، وعين في بلدة مخمور، ثم انتقل الی مدرسة اربيل العلی واصبح مدرساً هناك.
وبعد فترة من الانقطاع وبقاءه في سلك التعليم بأربيل، ومع بداية عام 1970 عاد مجدداً الی الغناء في راديو وتلفزيون بغداد، وقام بتسجيل العديد من الاغاني بالتعاون مع الفنانين عزيز ملا وفاضل آكريي، وفي عام 1987 وبالتعاون مع فرقة الفن في دهوك والتي كان يقودها الموسيقي المشهور عالمياً دلشاد محمد سعيد، سجل العديد من الاغاني مع نخبة من فنانين منطقة بهدينان.
عام فقط في الغربة:
غادر تحسين طه الوطن في شهر آذار من عام 1994 الی اوربا لاجل اقامة بعض الحفلات الفنية هناك، وتقدم بطلب اللجوء السياسي في هولندا نتيجة ظروف كوردستان الصعبة آنذاك واقام مع الفنان فؤاد احمد في هولندا.
وفاته:
بعد عام من طلبه اللجوء تعرض لمرض القلب وتوفي في 28-ايار -1995 نتيجة شوقه ومعاناته من الم فراق الوطن والاهل، وفي 4-حزيران وبمشاركة كبيرة من عشاق ومحبي فنه، قدم محملاً علی الاكتاف الی ارض الوطن وواری الثری في مقبرة آميدية مدينته التي احبها ولم يقدر علی تحمل الم فراق هوائها وطبيعتها الخلابة.
اغانيه :
ومع كل تلك الظروف الصعبة غنی الفنان تحسين طه اجمل الاغاني وكانت اولی تلك الاغاني من كلمات والده كأغنية (رابه جوتيار، بهدينان، جومه زاخوكی) وكذلك قام بتسجيل العديد من الاغاني في الاذاعة الكوردية في بغداد عام 1958، غنی من كلمات كبار الشعراء الكورد امثال الدكتور بدرخان السندي وريكيش آميدي...الخ، وغنی تحسين طه الاغاني الوطنية مع العديد من الفنانين الكورد ابرزهم كول بهار وعيشاشان، شمال صائب وفؤاد احمد....الخ.
ومن ابرز اغانيه التي اصبحت علی كل لسان واشتهر بها (اسو مله تيمی بيريفاني، ئاي فه له ك، دستار، كاروان، مله تيمه، بريسه، كه لی كورداين رسته ك، واغاني اخری كثيرة) وقد اخذت اغاني الراحل طابع الحب للوطن والطبيعة وكذلك اغاني التراث والفلكلور الكوردي الغني، بالاضافة الی اغاني للاطفال الذين كان لهم نصيب من اغانيه ايضاً.
كما اتسمت اغانيه بالغزل بالعشق بالمحبة والتي كانت تثير اجواء المرح والسحر والجمال، وكانت الحانه خفيفة معبرة تزرع قيم الخير والفضيلة والحب وترسم لوحات طبيعية جميلة.
خاتمة :
هكذا اسدل الستار علی حياة فنان كبير، بعد ان قدم العديد من الاغاني والتي تقدر بالمئات، والتي سجلت في 8 البومات غنائية فضلاً عن العشرات من الاغاني التي غناها في الحفلات والليالي، غادرنا تحسين طه الی دنيا الابدية، ولكن اسمه وصوته وفنه سيظل حاضرا في اذهان الشعب الكوردي في جميع ارجائها وقد غنی كبار الفنانين الكورد اغانيه، وسيبقی تحسين طه خالداً في وجدان وفؤاد الشعب الكوردي، وستذكره وينتقل اغانيه من جيل الی جيل مهما مر الزمان.[1]