كشف تقرير حقوقي عن تواطؤ ثلاث منظّمات إنسانية، #سوريّة# ودولية، في عمليات توطين “غير قانونية” لعناصر من فصائل تتبع للجيش الوطني السوري المعارض وعائلاتهم، في أحد المشاريع التي تمّ الإعلان على أنّها صُمِّمت من أجل إيواء النازحين داخلياً في منطقة #عفرين#، شمالي حلب.
المشروع الذي أطلقته منظّمة “إحسان للإغاثة والتنمية” في ناحية #جنديرس#، قرب بلدة كفر صفرة، بدأ العمل عليه في العام 2019.
وتضمّن العمل قطع مئات الأشجار الحراجية على سفح تلّة محلية بحسب صور أقمار اصطناعية حصرية حصلت عليها شبكة “سوريُّون من أجل الحقيقة والعدالة”.
المشروع نُفِّذ على الأراضي التي تمّ السيطرة عليها بعد العملية العسكرية التركية (غصن الزيتون)، عام 2018.
وأسفرت العملية حينها عن نزوح عشرات الآلاف من سكان المنطقة الأصليين إلى مناطق أخرى.
ويُسيطر فصيل “لواء السمرقند” حالياً؛ على المنطقة التي تمّ بناء “المستوطنة” عليها، وهو يتبع للفيلق الأول في الجيش الوطني السوري؛ الموالي لتركيا.
وبحسب “سوريّون”، “اتفقت منظّمة (إحسان)، التي تُشكّل إحدى برامج “المنتدى السوري”، مع الفصيل؛ على السماح ببناء “القرية”، لقاء حصول عناصر الفصيل على عدد معين من المساكن.
وهو ما يُفسّر إعطاء المنظّمات المشاركة في المشروع بنسبة 16% من البيوت؛ لصالح مقاتلي الفصيل الذي ينحدر مُعظمهم من محافظة إدلب السورية، بحسب الشبكة الحقوقية.
تتألّف القرية التي تمّ إنشاؤها من قِبل “إحسان”؛ من كتلتين سكنيتين شرقية وغربية “مستوطنات”، وتشكّل واحدة من تسع قرى ومستوطنات بشرية.
ويُعرِّف “المنتدى السوري” الذي تتبع له المنظّمة، نفسه على موقعه الرسمي بأنه “منظّمة غير ربحيّة مسجّلة في تركيا وله شراكات مع ممثلين عنه في كلّ من النمسا والولايات المتحدة الأميركية”.
وبدأ عمله في 2011، ويعمل من خلال 5 برامج مُتخصّصة، إضافة لفريق عمل مكوّن من 2,318 عضواً؛ مع نهاية 2020، ويضمُّ المنتدى السوري وشركاؤه 17 مكتباً موزّعاً بين سوريا، تركيا، النمسا، الولايات المتحدة الأميركية وقطر.
وتُعتبر “إحسان” إحدى برامجه الخمسة، وورد مشروع قرية كفر صفرة؛ الذي نفّذته “إحسان” ضمن الصفحة 26 -27؛ في التقرير السنوي لعام 2021 للمنتدى السوري.
وتمّ البدء في بناء تلك المستوطنات بعد خضوع منطقة عفرين “لاحتلال” تركي، كما وصّفته لجنة التحقيق الدولية في عدّة تقارير خاصة.
بموافقة المجلس
بُنيت جميع تلك القُرى غير القانونية، بحسب مصادر موثوقة ل”سوريّون”؛ بموافقة من المجلس المحلي لعفرين، بناءً على توجيهات من والي ولاية هاتاي التركية (رحمي دوغان)، والمسؤول المباشر عن إدارة المنطقة من طرف تركيا.
وتقع القرية التي ورد اسمها في بعض المصادر المحلّية؛ باسم (قرية الأمل) في أرض حراجية على سفح تلّة، شمالي شرقي بلدة كفر صفرة، في ناحية جنديرس.
ويُعرف موقع القرية محلياً باسم “جيايي شاوتي”، وتعود ملكية الأرض/الجبل؛ للدولة السورية؛ أيّ أنها ليست ملكية فردية.
وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية أن سفح التلّ كان مُغطّى بالأشجار الحراجية، قبل أن يتمّ قطعها من الجزء الذي بُنيت عليه القرية السكنية.
فيما بقيت الأحراج في باقي التلّ والأراضي المحيطة بالمشروع كما هي عليه، “ما يعني أن قطع الأشجار كان مُتعمّداً وجاء بهدف بناء هذه القرية”، بحسب الشبكة الحقوقية.
الهدف المُعلن للمشروع هو بناء 247 منزلاً دائماً للنازحين من مختلف المحافظات السورية.
وبدأ العمل على عملية البناء في أيار/مايو؛ 2020، وسبق ذلك في العام 2019، عملية قطع الأشجار وتمهيد الأرض.
وفي شهر أيلول/سبتمبر، 2021، أعلنت “إحسان للإغاثة والتنمية” عبر حسابها الرسمي، في “فيس بوك”؛ عن قُرب إنهاء بناء 247 وحدة سكنية (مستوطنة) في المشروع ذاته.
وتمّ نقل بعض العائلات من محافظات حلب وإدلب للسكن ضمن القرية، وحصلت نورث برس، في أيار/ مايو، 2022، على صور لمستوطنة “قرية الأمل” التركية، قرب بلدة كفر صفرة، بناحية جنديرس، غرب عفرين، تضمُّ نحو 300 منزلاً، في حين كانت ما تزال أعمال البناء مستمرّة في جزءٍ منها خلال ذات الشهر.
40 منزل للفصيل
وأشارت “سوريّون من أجل الحقيقة والعدالة” في شهر آب/أغسطس، الماضي، إلى أنها علمت من أحد المدنيين، أنّ عمليات الإسكان “بدأت بالفعل وتمّ إسكان أكثر من نصف الأشخاص الذين خُصِّص التجمّع السكني من أجلهم”.
وتتراوح مساحة القرية ما بين 40 إلى 50 دونم، أي ما يعادل نحو 40 إلى 50 ألف متر مربع.
وقال مسؤول إداري في المشروع، ل”سوريّون”، إن الجهة المُنفِّذة وهي منظّمة “إحسان”؛ هي من اختارت العائلات المستفيدة وقامت بالفعل بنقل نحو 60 عائلة إلى القرية.
وأشار المصدر، إلى أن معظم العائلات المستفيدة والمُسجّلة هي من المدنيين النازحين؛ “ولكن تمّ تخصيص نحو 40 منزلاً على الأقل” لصالح عناصر فصيل “لواء السمرقند” الذي يسيطر على المنطقة.
وقال شخص مدني، نازح مستفيد من المشروع، إن المسؤول عن المشروع، هو منتدب من قِبل “لواء السمرقند”، ” يتحكّم بسكان التجمّع ويعطي القرارات والإنذارات”.
وأضاف أنّ المدنيين الفعليين تضرّروا من سيطرة الفصيل الفعلية على المجمّع السكني، حيث “حرمهم ذلك من بعض المساعدات الإنسانية”.
وسبق أن ارتكب الفصيل العديد من الانتهاكات بحق سكان ناحية جنديرس، تنوّعت ما بين قطع آلاف الأشجار في المنطقة، وعمليات اعتقال تعسُّفي وابتزاز مالي، والاستيلاء على الممتلكات وغيرها.
إعداد وتحرير: قيس العبدالله[1]