نسرين اليوسفي
الشعب الكردي وحق الانفصال
منذ أن مارس جنوب السودان حقه المشرّع والمدَوّن، في مبادئ حقوق الإنسان وحقق انفصاله التام عن (السودان) الأم عام 2011، وإقليم كردستان العراق يراوح مكانه بين إجراء الاستفتاء وتأجيله.
بينما تقف كعقبة وإجراء غير مشرعن، ممانعة الحكومة المركزية في بغداد وما أعقبها من إحداث أزمات سياسية واقتصادية بين الطرفين (أُرجِّح) أنها كانت مُفتعلة من حكومة العراق والغاية منها كي لا يمارس إقليم كردستان حقه في تقرير مصيره في الانفصال التام والمُحصّن دستورياً وعالمياً عبر استفتاء عام يقرر فيه أبناء شعبنا الكردستاني إما البقاء ضمن العراق الاتحادي أو الانفصال عنه في دولة مستقلة.
وكذلك كان لمنظمة داعش الإرهابية دور كبير في تأخير إجراء الاستفتاء سنوات أخرى نحو الخطوة الحاسمة في التاريخ القومي لشعب كردستان، تسبَّبت فيها هذه المنظمة بإرجاعها العراق عقوداً من زمن التخلف وهدر الطاقات الإنسانية والمادية وبالتالي الحؤول دون اخضاع الظرف المتردي لفتح ملف الاستقلال من قبل حكومة إقليم كردستان ومن ثم البت بالإجراءات القانونية المعترف بها ضمناً ودستوراً نحو انفصال كلي عن دولة العراق الاتحادي.
ومن خلال نظرة عامة الى الدراسة التي قدمها (د. كمال كركوكي) حول الاستفتاء وحق الشعب في الاقتراع بالانفصال وتجارب الانفصال الناجحة لبعض الدول خلال عقدين فائتين من الزمن نجد مايلي:-
1- في قارة أوربا
صَوَّت مواطنو سلوفانيا لصالح الانفصال عن يوغسلافيا وانشأوا دولتهم عام 1990.
انفصل إقليم تترستان عن روسيا في نفس العام أي (1990).
وفي عام (1991) صَوَّت مواطنو كرواتيا لصالح الانفصال واعلنوا دولتهم وتبعهم في ذلك مواطنو مسادونيا وجورجيا وأوكرانيا .
صَوَّت البوسنيون لصالح الاستقلال عن يوغسلافيا وانشأوا جمهورية البوسنة والهرسك عام (1992).
في عام (2006) انفصلت جمهورية مونتنيكًرو (الجبل الاسود) عن يوغسلافيا، وتبعتها كوسوفو عام (2008).
انقسمت تشيكوسلوفاكيا (التشيكوالسلاف) الى دولتين قوميتين.
2- أفريقيا:-
أدى الاستفتاء في أرتيريا الى استقلالها عن اثيوبيا عام (1993) وجنوب السودان عن السودان عام (2011).
3- آسيا:-
استقلال تيمور الشرقية عن اندونيسيا في عام (1999).
ولو عدنا لسؤال: هل من حق الشعب الكُردي في إقليم كردستان أن يصوت لاستقلاله ضمن استفتاء شعبي أو اقتراع عام او بأية طريقة قانونية يرتئيها الشعب؟
سنجد أجوبة تؤكد هذا الحق (قانونياً) ضمن ميثاق منظمة الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي. كما وأنه لا يوجد في مواد دستور العراق الحالي ما ينافي هذا الحق أيضاً، وسنجدُ بالعودة ثانية إلى الدراسة* أن التطورات الحاصلة على جميع قوانين حق تقرير الشعوب لمصيرها منذ أن تبنته منظمة الأمم المتحدة عام 1945 في مؤتمر سان فرانسيسكو بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة ونصت عليه مادته الأولى في الفقرة (2) ضمن اهداف ومبادئ الامم المتحدة كماورد ايضاً في المادة (55) من الفصل التاسع الخاص بالتعاون الدولي الاقتصادي والاجتماعي، أنه يحقُّ لشعبنا الكردي في الإقليم أن ينفصل عن الدولة المركزية وتكون له دولته القومية.
وابتداءً من ذلك التاريخ (1945) وانتهاءً عند عام (1976) حيث أصبحت كل القوانين نافذة المفعول بإعطاء الشعوب والأمم حقها الشرعي في اختيار نوع السيادة على أرضها، نجد أن شعبنا الكردي قد تأخر عقوداً من الزمن في نيل حقوقه المشروعة والمثبتة دولياً وعالمياً من خلال قوانين تلت القوانين شُرِّعت عبر مراحل زمنية تكفل له هذا الحق كدولة قومية لا تريد البقاء ضمن حدود الدولة الاتحادية وتتمتع بالدعم الدولي والعالمي من خلال كل المواثيق والقوانين والمعاهدات الخاصة بحق أي شعب في تقرير مصيره.
إنَّ شعب كردستان ككل شعوب الأرض له كامل الحق في إجراء استفتاء شعبي حول تقرير مصيره بالاستقلال وتأسيس دولة كردية لها كافة مقومات الدولة الناجحة من خلال نظامها الداخلي أمنياً واقتصادياً وسياسياً.
وما محاولات الحكومة المركزية في بغداد الالتفاف على القوانين الدولية التي تكفل لشعبنا هذا الحق من خلال افتعال الأزمات ومحاولاتها تصدير الانقسامات داخل العراق إلى الإقليم سواء بخلق الفتن بين الأحزاب الكردية من ناحية وبين شعب كردستان وحكومتهم عن طريق مسك وتأخير صرف رواتب موظفي الإقليم وربطهِ بملف النفط والغاز لفترة طويلة من الزمن من جهة أخرى الاّ نوعٌ من التقييد السياسي غايته كسب وقت أطول لتسييس الأزمات التي تعرقل مساعي حكومة الإقليم شعباً وأحزاباً في المضي قدماً بالمطالبة بحق الانفصال عن دولة أصبح من الصعب جداً تحت ظل قياداتها غير الواضحة النوايا لا للشعب العربي في العراق ولا لغيره أن يتحقق للشعب الكردي توفير حياة كريمة وأن يطبق فيها قانون المواطنة بالتساوي دون تمييز .
لذا على حكومة إقليم كردستان أن تنتبه لمادة الوقت والظرف المهيأ حالياً وأن لا تترك لمساعي رئيس الإقليم في كسب الرأي العام الدولي من خلال زياراته المستمرة لدول أوربا ومن خلال الدعم الأمريكي، أن تذهب سدىً، وأن تقوم جميع وسائل الإعلام في توعية الشارع الكردي بأهمية هذه المرحلة التي وصلنا إليها واستغلالها على أتمّ وجه بإجراء الاستفتاء العام الذي هو حق طبيعي وليس هبة من أجل مستقبل شعبنا في كردستان ولضمان حقه في دولة كردية تكون فيها الديمقراطية أساساً ويتمكن فيها المواطنون من تقرير مصيرهم النهائي.[1]