#صباح كنجي#
عن كريم أحمد.. يمكن القول انه من الرعيل القيادي الذي ارتبط اسمه بالكثير من نشاطات الحزب من منتصف الاربعينات في القرن العشرين.. لغاية تحويل لجنة إقليم كردستان الى لجنة تؤسس لتشكيل الحزب الشيوعي الكردستاني في مؤتمر الإقليم حزيران عام 1993..
وهو الوحيد الذي أصبح سكرتيراً للحزب الشيوعي العراقي.. في فترة تاريخية صعبة.. بعد اعدام فهد وسلسلة الاعتقالات التي طالت البيوت الحزبية السرية.. التي كانت مخصصة للعمل القيادي ومطبعة الحزب.. بعد تخاذل عدد ممن وقعوا بين ايدي أجهزة الأمن في العهد الملكي..
وما تلاها من اختراقات أمنية سهلت من الوصول للآخرين.. وكان كريم احمد واحداً من هؤلاء الذين تعرضوا للاعتقال والتعذيب لفترات طويلة.. حيث بقي في المعتقل لغاية الإطاحة بالعهد الملكي بتاريخ 14 -07-1958..
وشغل لعقود طويلة موقعاً قيادياً في عدة لجان مركزية.. بالإضافة الى المكتب السياسي.. وعمله في لجنة العلاقات الوطنية.. وتواجد في كردستان اثناء ممارسة الكفاح المسلح بعد انقلاب شباط 1963..
كان شيوعياً صلباً ومندفعاً للعمل.. تحلى بالتواضع ونكران الذات.. وبقي مخلصاً لقناعاته الفكرية.. ولم يساهم او يشترك في أي تكتل أو انشقاق.. من الانشقاقات التي تعرض لها الحزب في عهود وفترات مختلفة.. وكان يمتلك من الكاريزما والمؤهلات.. في مواصفات تلك المراحل.. ويعتبر من الشخصيات التي تركت بصماتها في مسيرة الحزب بنجاحاته واخفاقاته.. وكان له دور وتأثير فاعل في كفاح الشيوعيين في شتى المراحل..
لكنه وبحكم مؤهلاته الفكرية المتواضعة.. وتأثير العهد السوفيتي على النخبة القيادية في الأحزاب الشيوعية.. يتحمل مسؤولية الإخفاقات الكبيرة والنواقص الخطيرة.. التي شابت عمل الأحزاب الشيوعية ومنها الحزب الشيوعي العراقي.. التي تجسدت ب:
التركيز على الاستغلال الطبقي في المجتمع العراقي.. وتضخيم طبيعة هذا الصراع الناشئ في احشاء المجتمع القبلي.. الذي شهد ارهاصات ومقدمات ظهور البرجوازية العراقية.. كطبقة حديثة غير مؤثرة ما زالت في طور التكوين.. تخطو أولى خطواتها نحو المجتمع الرأسمالي.. في احشاء المجتمع القبلي العشائري.. واعتبار الصراع الطبقي بين العمال والبرجوازية العراقية الوطنية هو الحلقة الأساسية في الصراع المفترض.. والحاجة الضرورية لتكوين الحزب الشيوعي العراقي.. كتنظيم مهمته القضاء على الاستغلال الطبقي.. وتحرير العمال وسائر الفئات الاجتماعية.. من تبعية الاستغلال وفقاً لبرامج الحزب واستراتيجيته.. بالإضافة الى دستوره ونظامه الداخلي..
1 اهمال واغفال موضوعة الاستعباد الديني في المجتمعات الشرقية.. كظاهرة أخطر وأشد بشاعة من الاستغلال الطبقي.. والتقليل من شأنها.. مقارنة بالاستغلال الطبقي.. الذي جرى تبشيعه وتضخيمه في العراق.. وكأننا في بلد رأسمالي صناعي متطور.. كما هو الحال مع الدول الرأسمالية المتنازعة التي اشعلت الحرب العالمية الأولى..
2 تبني فكرة تشكيل جبهات وطنية لتجميع القوى لتحقيق هذا الهدف.. البعيد المدى.. والسعي لبناء تحالفات مع أحزاب تعتمد المفاهيم العنصرية.. وتؤمن بالعنف.. وتؤسس للقمع.. كما هو الحال مع حزب البعث.. الذي أطاح بثورة تموز في انقلاب 8 -02-1963.. ومارس القمع والتصفيات الجسدية بحق الشيوعيين وغيرهم..
كما هو الحال مع جبهة عام 1973.. التي انخرطت فيها قيادة الحزب الشيوعي العراقي في صفقة تحالف دموية.. وكان كريم أحمد حينها عضواً فاعلا في المكتب السياسي.. وقيادياً مندفعاً لتبرير هذا النهج السياسي.. الذي قاد الحزب لمنزلقات خطيرة بعد 5 سنوات فقط حينما انفرط عقد التحالف مع سلطة البعث.. وانتقل فيه الشيوعيون للمعارضة.. وتبنوا الكفاح المسلح مع نهاية عام 1978..
وعموماً كان كريم احمد في هذه المرحلة لا يختلف كثيراً عن غيره من القياديين.. الذين خططوا لهذه السياسات.. وبرروا الأخطاء.. ولم يتوقفوا عندها.. او يجرون تقييماً لها في اجتماعاتهم القيادية.. لذلك استمرت الأخطاء.. واستمر وجودهم في مواقع قيادية للحزب.. بالرغم من التحولات الخطيرة التي شهدتها العقود.. التي تداولت النشاطات السياسية للحزب فيها بين التحالف والتنسيق في مرحلة.. اعقبها رفع شعار الاسقاط وتبني ممارسة الكفاح المسلح لخلق وفرض التغيير الممكن في مرحلة ثانية لاحقة..
وبعد تصفية حركة الكفاح المسلح عام 1988 باستخدام مختلف صنوف السلاح.. بما فيها الكيماوي والأسلحة المحرمة دولياً.. بدعم وإرادة دولية.. ارتضت مراقبة المشهد.. وغضت النظر عن جرائم الدكتاتور ونظامه الهمجي.. التي ترافقت مع التحولات الخطيرة في الاتحاد السوفيتي.. بحكم السياسة التي تبناها غورباتشوف.. ومن كان معه في هرم السلطة والحزب والدولة آنذاك..
شاعت من جديد رغم الخراب الذي حلّ بكردستان بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية.. مفاهيم إمكانية العودة لسياسة التحالف واللقاء مع حكم البعث في عهد صدام حسين من جديد..
وكان كريم أحمد من بين الشخصيات القيادية.. التي تبنت هذا النهج الخطير.. تحت تأثير الأفكار الجديدة التي طرحها غورباتشوف.. بعد تبوأ الموقع القيادي الأول في الحزب والإتحاد السوفيتي..
وطرحت هذه الأفكار في وثيقة نيسان 1989.. التي جرى مناقشتها في عدة مدن ومنظمات.. من بينها مدينة القامشلي التي كانت قد وصلتها مجاميع من الأنصار بعد النفال عام 1988.. ووصلت بدوري لها في تشرين 1989 حينما جرى عقد لقاء مع مجموعة من كوادر الحزب والانصار ومن ثم كونفرس لمناقشة الوثائق والأفكار الواردة في تقرير اللجنة المركزية التي تم رفضها ولم تلاقي القبول..
اعقبه لقاء عام ومفتوح بحضور عزيز محمد وكريم احمد.. بالإضافة الى توما توماس وحيدر فيلي الذي كان قد نسب لقيادة محلية نينوى ومجموعة القامشلي المتواجدة فيها بعد الانسحاب من كردستان.. واضنه كان في ربيع 1990.. بعد سلسلة نقاشات حادة تمخضت عن رفض فكرة اللقاء مع نظام صدام حسين وحزب البعث من جديد.. توسطها لقاء مع أبو عامل سليمان يوسف ستيفان عضو المكتب السياسي.. لم يسفر عن تأثير..
وبقينا متمسكين بموقفنا الرافض لنهج اللقاء مع النظام الدكتاتوري.. مما دفع المكتب السياسي لأرسال عزيز محمد وكريم احمد لمواجهة الموقف.. وأذكر فيما أذكر الفرق الكبير في الطرح بين عزيز محمد واندفاع كريم احمد في ذلك اللقاء.. مما دفعني لطرح سؤال عليهما بحضور أكثر من 70 نصيراً وكادراً حزبياً.. الذي تم في باحة البيت الكبير كما كنا نسميه..
حيث طرحت السؤال متصدياً لهذا النهج الخطر في السياسة وأنا أقول مخاطباً القياديين:
هل أن نظام صدام حسين نظام وطني.. أخطأنا في تقييمه والتصدي له بالسلاح في فترة الكفاح المسلح؟ وعلينا ان نراجع أنفسنا وننتقد سياستنا السابقة.. وندين ممارسة الكفاح المسلح..
أم انه نظام دكتاتوري فاشي لا يجوز الالتقاء به.. وتبرير جرائمه.. وتكرار الأخطاء القاتلة.. التي أدت بالحزب لدخول تجربة التحالف معه عام 1973 التي انتهت بالخازوق.. وقلت ساخراً من يريد التوجه الى بغداد من جديد.. عليه ان يتهيأ وينتبه.. لأنه سيستقبل بالخازوق من جديد..
وعندما انتهيت من هذا انبرى كريم أحمد للإجابة والتعليق.. وكان مما ورد في رده..
نعم صدام حسين وطني.. ليش مو وطني؟
وأثار هذا استغراب الجميع.. ورفضهم.. ودفع بحدة الخلاف بين مجموعة الأنصار والكوادر المتواجدين في القامشلي وقيادة الحزب.. الى مديات ابعد.. وأخذنا نسمع اقاويل كانت تسرب عبر قنوات حزبية الى منظمات الخارج في عدة دول..
ان منظمة القامشلي منشقة عن الحزب.. وبدأ التفكير بتفتيتها وتشتيت هذا الشمل الخطر على القيادة بإرسال مجاميع منهم الى الدراسات في عدة دول اوربية اشتراكية.. ونقل البعض منهم الى حلب ودمشق.. وبقي الوضع متوتراً لغاية آب 1990 حينما فاجأ صدام الجميع بالدخول الى الكويت.. وطويت صفحة اللقاء بالنظام الدكتاتوري في سياسة الحزب الشيوعي العراقي التي تبنتها قيادة الحزب في تلك المحنة بعد تصفية حركة الأنصار والبيشمركة.. وللأسف كان الحزب الديمقراطي الكردستاني قد أصدر بياناً بذات النهج.. وكاد ان يلتقي بنظام صدام من جديد.. لولا مغامرة دخول الكويت..
اما عن دور كريم أحمد في تشكيل الحزب لشيوعي الكردستاني.. فيمكن القول:
بعد انتفاضة 1991 وتواجدنا في عدة مدن ومحافظات في إقليم كردستان.. منها أربيل والسليمانية ودهوك.. بدأت الأفكار تتبلور لتحويل لجنة إقليم كردستان التي كنت عضواً فيها بحكم قيادتي لمحلية نينوى الى الحزب الشيوعي الكردستاني.. وكانت الأفكار الجنينية لهذا التحول قد طرحت من قبل مثقفين شيوعيين يعملون في الاعلام المركزي للحزب الشيوعي العراقي من غير الكرد اولاً..
وبعد الانتفاضة جرى التفكير بتحويل منظمات الإقليم الى الحزب الشيوعي الكردستاني.. وبدأنا أولى الخطوات العملية التدريجية بطرح وثائق الحزب الى مؤتمر الإقليم في حزيران 1993 وشملت الوثائق النظام الداخلي.. الذي كنت عضواً في لجنة اعداده.. وكذلك التقرير السياسي الذي أعده مجموعة من الرفاق من بينهم ملا حسن أبو آسو الذي ينحدر من مدينة راوندوز.. وبإشراف كريم أحمد بير داود الذي ينحدر من كويسنجق.. وكان يقود لجنة الإقليم ويتواجد في مقر شقلاوة.. بالإضافة الى مقر أربيل..
وكان كريم احمد من المتحمسين لهذا التوجه.. ولعب دوراً فاعلا فيه.. وعموماً كان يلاقي هذا التوجه الدعم من قيادة الحزب الشيوعي العراقي بلا تحفظ.. كذلك تشجيعاً من الأحزاب الكردية.. بالأخص الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني..
ولم نشهد اية معارضة مهمة لهذا التوجه يمكن ذكرها.. خاصة وأن الأفكار التي تبلورت مع تبني أولى الخطوات كانت ترتكز الى:
منح صلاحيات أوسع الى لجنة قيادة التنظيم.. أي لجنة الإقليم وتحويلها الى لجنة مركزية.. مع بقاء التنظيمين.. الحزب الشيوعي العراقي.. والكردستاني.. في إطار وحدة تنظيمية.. يجمعها لجنة مركزية موحدة.. يتشكل ثلثها من أعضاء لجنة مركزية الحزب الشيوعي الكردستاني.. ومادة في النظام الداخلي تضمن عضوية سكرتير الحزب الشيوعي الكردستاني في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي..
ومن الطرائف التي رافقت هذا التحول.. في فترة اعداد الوثائق.. التي شملت التقرير السياسي والنظام الداخلي في الاجتماع الأخير.. الذي عقدناه في أربيل.. على ما اعتقد لهذه المهمة.. قبيل المؤتمر بفترة وجيزة..
التوقف عند ما ورد في التقرير السياسي.. الذي أعده ملا حسن.. وتفاخر في فقرة منه بجده ميري كورا الراوندوزي.. حيث وردت عبارة (وثورة ميري كورا) مما حدا بنا انا وأبو سربست على ما اذكر.. حيث كان حاضراً ذلك الاجتماع.. باعتباره عضواً في لجنة إقليم كردستان أيضا.. التنبيه الى ضرورة شطب هذه الجملة.. لأنها مسيئة للإيزيديين.. الذين نكل بهم الأمير الأعور الراوندوزي.. وذكرنا انّ اسمه يذكر الناس بأعماله وتصرفاته المشينة والقبيحة.. وقلت لكريم أحمد مازحاً.. كأن ملا حسن يتحداك ويتفاخر بقتل اجدادك.. وانت ما زلت تتفاخر بجذورك الإيزيدية ويؤكد لك:
ان جدي الأمير الأعور قتل جدك البير داود..
مما دفع بكريم أحمد كعادته وهو يلجأ للشتيمة غير المؤذية.. والأسلوب الساخر في الوصف ليقول له بمزح..
دي بْرْوْ قحبه باب.. اوه عبارة شطبكا.. بمعنى.. يا ابن ذلك النسل المشين اشطب تلك العبارة.. وأخذنا نضحك جميعاً.. لا يوجد أجمل من كريم أحمد في ساعة الصفاء وأطيب منه في التعامل.. كذلك يصعب التعامل معه عند الغضب والعناد.. ويزعل كأي طفل لا يمكن ارضاؤه بسهولة.. لكنه لا يحمل حقداً وضغينة على أحد.. وينسى الخلافات..
وهذا ما حدث بيني وبينه بعد اجتماع القامشلي.. ويبدو انه تورط بتلك الإجابة.. حينما ذهبتُ بعد ثلاثة أشهر الى دمشق للقاء بممثل المكتب السياسي في مكتب دمشق.. وكان هو المتواجد الوحيد.. ولم يكن يعرف بمن سيلتقي بالضبط لسبب من الأسباب.. وتفاجأ بالموقف.. مما دفعه لرفض اللقاء بيّ والخروج من مكتب الحزب وهو يصيح:
لن التقي بك ... بس التقي بك.. الحزب سيحاسبني.. لذلك لن اتواجد في أي مكان تتواجد فيه.. وفشلت كل محاولات حاجي سليمان أبو سيروان عضو اللجنة المركزية في إقناعه بالبقاء.. وغادر المكتب ساخطاً ومسرعاً..
وفي اليوم التالي التقيت بمجيد حميد موسى ممثلا للمكتب السياسي للتفاهم معه حول المسألة.. التي كانت تتعلق بمحاولة استدراج شقيقي كفاح المتواجد في مقر خواكورك على الحدود العراقية الايرانية للنزول الى الداخل عبر طريق خط مخترق وملغوم من قبل جهاز الأمن.. تحركت لمنع نزوله..
ولم تدوم هذه المقاطعة الا فترة قصيرة.. حيث بدأت العلاقة تتحسن بيننا.. وأصبح كريم أحمد من الذين جمعتني بهم أواصر علاقة حزبية ودودة.. رغم الاختلاف والانتقادات التي كنت اوجهها للقيادة.. وأخذ يستوعب ارائي ويتقبلها بشكل طبيعي..
وأذكر فيما اذكر.. انه في اجتماع شقلاوة.. وبحضور عزيز محمد وعدد من أعضاء اللجنة المركزية اثناء مفاتحة يوسف حنا القس بصلته بتكتل حزبي.. في ستوكهولم حضره شخصياً يسعى ويخطط لإعلان انشقاق عن الحزب.. وحاول التملص من هذه العلاقة في الاجتماع.. شاتماً من حضره وقال في حينها: انه تواجد بالصدفة في ذلك اللقاء..
وما اعقبها من أجواء متوترة بعد مناقشة كمال شاكر للموضوع بحدة.. بحكم امتلاكه المعلومات الأكيدة عن دور أبو حكمت الفاعل في هذا التكتل.. وكنت أدون المحضر حينها أعلن كريم أحمد عن غضبه واستنكاره.. ورفض قيادة الاجتماع محتجاً لسبب كنا نجهله..
مما دفع بعزيز محمد للحديث معه وطلب منه ان يواصل قيادة الاجتماع لكنه لم يستجيب.. وهكذا فعل عدة رفاق من دون نتيجة.. وبعد صمت استمر لدقائق.. لا اعرف ما الذي دفعني لكسر الصمت ومخاطبة كريم احمد مباشرة بهدوء..
هاوري رفيق أبو سليم إذا لم تنهي زعلكَ وتواصل قيادة الاجتماع.. لن ننتخبك في المؤتمر القادم.. مما دفع ب حيدر فيلي (رحيم الشيخ) الذي كان يقود محلية أربيل حينها للتعليق على ما ذكرته قائلا:
هاي احنا وين.. وأنت وين.. هذا وقت المزح يا صباح..
قلت ل حيدر: أنا لا امزح.. وهذه الأجواء ليست أجواء مزاح.. أنا جاد.. لن ننتخب أبو سليم إذا لم يواصل قيادة الاجتماع..
وماهي الا لدقائق.. وإذا بكريم أحمد يدير نفسه.. ويعدل من جلوسه.. ليلتقط القلم الذي كان قد رماه من يده ليواصل إدارة الاجتماع بذات الوتيرة والجدية السابقة.. وما ان انتهينا من تلك الجلسة لنخرج للاستراحة وإذا بالراحل عزيز محمد يستوقفني ليقول:
قضيت أكثر من أربعين عاماً مع هذا الرجل.. يقصد كريم أحمد.. ولم افهمه كما فهمته انت اليوم..
قلت له مازحاً:
كلكم تحبون المناصب والمواقع القيادية.. وحالما نذكركم بها ونشعركم بموقفنا الجدي ترضخون وتستجيبون.. كما فعل أبو سليم.. وأخذنا نضحك..
وعموماً كان وجود كريم أحمد في المواقع القيادية للحزب مبعث عدم ارتياح للبعض.. ولمست هذه المشاعر بشكل واضح في المؤتمر التأسيسي للحزب الشيوعي الكردستاني.. الذي حضره فيما حضره عبد الرزاق الصافي من قيادة الحزب الشيوعي العراقي.. حينما نهض ليحرض المندوبين بشكل غير طبيعي وغير لائق.. وهو يكاد يصرخ كأي مهرج..
رفاق لا تنتخبوا كريم أحمد.. انه خطر على القيادة.. ووجوده في القيادة خطر على الحزب..
ولم يكتفي بهذا الدور.. أخذ يتنقل بين المندوبين ليقول لهم مواصلا تحريضه.. لا تنتخبوا كريم أحمد.. وحينما وصلني وطلب مني نفس الشيء قلت له:
عيب هذا مخجل.. هذا تصرف غير مقبول ومعيب.. هل تتصور اننا لا ندرك ما يجول بينكم من صراعات تافهة.. ولا نعرف من ننتخب.. ومن لا يستحق الانتخاب..
وأعتقد كان لتدخل عبد الرزاق الصافي بهذا الشكل السافر.. لتكون النتيجة معكوسة.. لأن اعلى الأصوات تقريباً ذهبت الى كريم أحمد في ذلك المؤتمر..
في الوقت الذي كان عبد الرزاق الصافي ومن يتفق معه في هذا التقييم.. يسعون لتوجيه الأنظار الى عمر علي الشيخ أبو فاروق ليكون بديلا مؤتمناً وغير مزعجاً لهم في الموقع القيادي للحزب.. الذي كان ينظر له البعض منهم.. كمكسب ومنصب اعتباري.. يدر بالامتيازات على من يشغله..
وعبد الرزاق الصافي واحداً من هؤلاء القياديين.. الذين دمجوا الموقع القيادي.. بالمكسب والمنصب واستثمروه لغاية مماتهم.. كما هو الحال مع حضوره الدائم لأكثر من ثلاثة عقود متواصلة لمهرجان جريدة اللومانتيه الفرنسية.. واعتبار ذلك الحضور فرصة للسياحة والمتعة في أجواء فرنسا وباريس..
اما عن دوره في خلق السلام والوئام في كردستان عموماً فيمكن القول انه كان ضد الممارسات الاستبدادية والقتال بشكل مطلق.. ورفض الانسياق لجولات الحرب والاقتتال الداخلي.. وكان يسعى لخلق علاقات متوازنة مع كافة الأطراف.. بما فيها الأحزاب الكردية.. التي نشأت وتشكلت في مناطق تابعة لتركيا وسوريا.. وكان يشارك في كافة التوجهات التي تخفف من التوتر وتمنع القتال.. ولعب دوراً مهماً لمعالجة المشاكل التي حدثت بين ال ب. ك. ك والديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني بقياد جلال الطالباني.. وغيرها من المنضمات.. التي دخل البكه كه معها في صراعات عنيفة.. بما فيها الأحزاب والمنظمات الكردية في مناطق كردستان.. التي تقع ضمن جغرافية تركيا..
او الأحزاب والمنظمات الكردية في سوريا.. وكان يحظى باحترام وتقدير الجميع.. وسبق وان التقى عبد الله اوجلان لأكثر من مرة في لبنان وسوريا اثناء جولاته ولقاءاته السياسية.. بحكم وجوده كقيادي فاعل في لجنة العلاقات الوطنية والاممية..
مساهمة ومداخلة هي استجابة لطلب (دشتي بالاني) الذي حصل على شهادة الماجستير اليوم 10-01-2022 من كلية الآداب جامعة صلاح الدين اربيل.. عن حياة وكفاح كريم احمد الداود الذي جرى الاحتفاء به أيضا من قبل الأكاديميين في الجامعة باعتباره اقدم شيوعي عراقي ما زال على قيد الحياة ..[1]