#علي شمدين#
لا شك بأن المتابع للشأن الكوردي في سوريا، يدرك تماماً بأن لجوء الخصوم إلى تضليل الرأي العام الكوردي في سوريا، كان من أقصر الطرق وأخطرها للنيل من الكورد وجرّهم نحو مصيدة الخلافات والانشقاقات، وضرب بعضهم ببعض، وهذا ما تنبأ به سيء الصيت محمد طلب هلال منذ عام 1962.
من الواضح بأن توظيف وسائل الإعلام الحديثة في هذا السياق، وخاصة شبكة التواصل الإجتماعي، بات أكثر فعالية وتأثيراً على الشعب الكوردي في سوريا، الذي تقاذفته أمواج الأزمة السورية في كل الجهات حتى فقد بوصلته السياسية، ليعيش بين مخالب القتل والتدمير والتهجير والتشرد والحرمان، الأمر الذي تركه أعزل ومكشوفاً في مهب الحملات الإعلامية لتديره كيف ومتى ما تشاء مع الأسف الشديد.
ومما زاد الطين بلّة، ونفخ الرّوح والعزيمة أكثر في هذه الحملات الإعلامية المثيرة للفتنة بين أطراف الحركة الكوردية في سوريا، ودفعها نحو دائرة التخوين والتشهير ضد بعضها البعض وإشغالها بقضايا ثانوية لتنسى قضيتها الأساسية التي من أجلها انضمت إلى صفوف المحتجين منذ تسعة أعوام، هو هذا الحجر الصحي الذّي خلفه وباء كورونا، والذي وفّر الفرصة الكافية لمدبري هذه الحملات ومنظميها كي يضخوا المزيد من الإشاعات والأخبار المثيرة، وكوّن أيضاً رأياً عاماً واسعاً بين أوساط الملتزمين بالحجر الصحي، الذين باتوا بسبب الملل والقلق والفراغ هدفاً سهلاً لأية إشاعة حتى ينشغلوا بها ويصبحوا جزءاً منها، فتنتشر بينهم كالنار في الهشيم.
وبالتدقيق أكثر في شبكات التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام الكوردية الأخرى، نلاحظ بأنها قد انجرّت وخاصة خلال الأيام القليلة المنصرمة إلى نفس المصيدة التي نصبها خصوم الشعب الكوردي في سوريا، والذين لا يريدون الخير لقضيته القومية العادلة، وإن ما يؤكد ذلك هو الأسلوب الخاطئ الذي قامت به هذه الوسائل في التعامل مع خبر إعدام (مصطفى سليمي)، على يد النظام الإيراني بتاريخ (11-04-2020)، وكذلك الإعلان عن خبراعتقال (شاكر فرمان بونجق)، في ليبيا على يد قوات حفتر بتاريخ (13-04-2020)، والتي تسببت في إثارة ردود أفعال حادة ومتناقضة بين أوساط الرأي العام الكوردي في سوريا، وخلفت تداعيات بلغت حد التخوين والطعن في الصميم.
كل هذا يجري بالضد من الجهود الخيرة التي تسعى لرأب الصدع في الصف الكوردي في سوريا، وخاصة الرسائل الإيجابية المتبادلة بين كل من السيد نيجيرفان بارزاني (رئيس إقليم كوردستان العراق)، والسيد مظلوم كوباني (قائد قوات سوريا الديمقراطية)، وكان آخرها مبادرة رئيس الإقليم إرسال مختبرين طبيين للكشف عن فيروس كورونا إلى القامشلي، ووعده بإرسال المزيد، هذه الرسائل التي من شأنها أن تهيئ المناخ الملائم لحوار جاد ومسؤول، ينهي الخلافات ويؤسس للخروج بموقف موحد ومرجعية تضم الجميع من دون استثناء، لمواجهة هذه الظروف الكارثية الخطيرة بدلاً من الانشغال بالحملات الإعلامية العقيمة التي تدفع بشعبنا نحو المزيد من اليأس وفقدان الثقة بحركتها السياسية، مثلما تدفع بالأطراف المعنية إلى الانحراف عن قضيتها الجوهرية نحو المزيد من المهاترات وروح العداء والتخوين.[1]