=KTML_Bold=تحقيق- أكراد تركيا يتوقون للربيع الكردي=KTML_End=
كورداونلاين
كثيرا ما يشار الى تركيا باعتبارها نموذجا يحتذى لدول الشرق الاوسط التي اجتاحتها انتفاضات شعبية نظرا لاقتصادها المزدهر ونظامها الديمقراطي العلماني ونفوذها المتزايد.
لكن هوليا يلدز الام لثلاثة ابناء في جنوب شرق تركيا الذي يسكنه الاكراد تروي قصة اكثر قتامة.
في المدرسة التي يرتادها ابناؤها يحظر استخدام اللغة الكردية التي هي اللغة الام لما يصل الى 15 مليون كردي في تركيا. وألقي القبض على عشرات النشطاء ورؤساء البلديات الاكراد في حملات أمنية جرت مؤخرا. أما العمليات العسكرية وهجمات المقاتلين الاكراد فتجعل قيام الاسرة بنزهة في الغابات شديدة الخطورة.
وقالت يلدز وهي موظفة حكومية في مدينة تونجلي الكردية أود أن أعيش في مدينة نستطيع فيها اصطحاب اطفالنا الى نزهة في العطلات الاسبوعية. لا نتمتع بهذه الحرية لاننا لا نعلم ما اذا كانت قنبلة ستنفجر او اشتباكات ستندلع.
وكانت تتحدث قبل ايام من شن تركيا غارات جوية وبرية على المقاتلين الاكراد في العراق ردا على قتل 24 جنديا تركيا امس الاربعاء في واحد من أعنف هجمات الاكراد منذ عقود.
وقالت اذا كانت أسرة خائفة من اصطحاب أطفالها لنزهة فاننا لا نستطيع الحديث عن الديمقراطية... رئيس الوزراء (رجب طيب اردوغان) سافر الى كل الدول التي تعاني من مشاكل هذا العام لكن كان عليه أن يأتي الى هنا وينصت الى مطالب شعبه. لماذا لا يكون لدينا 'ربيع' مثل العرب؟
خلب ما يسمى النموذج التركي ألباب الاصلاحيين من الرباط الى صنعاء الى الرياض في وقت يشهد انتفاضات شعبية ضد حكام شموليين ويعرف اعلاميا باسم الربيع العربي.
وتتميز تركيا بتركيبة من التحرر الاقتصادي والمحافظة الاجتماعية ويغلب على سكانها المسلمون وقد أصبحت صاحبة واحد من أسرع الاقتصادات نموا في العالم وصنعت لنفسها هوية جديدة اكثر رسوخا على الساحة العالمية.
ولكن في حين أصبح اردوغان بطلا لملايين المسلمين في الخارج من خلال مطالبته للزعماء العرب بتبني الحرية والديمقراطية والدفاع عن حقوق الفلسطينيين فان أكراد تركيا يقولون ان على اردوغان أن يركز اولا على مشاكله في الداخل.
وأودى الصراع الانفصالي الكردي الممتد منذ ثلاثة عقود بحياة اكثر من 40 الف شخص واستنزف مئات المليارات من الدولارات في الدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي.
يقول سنان أولجن من مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية ومقره اسطنبول المشكلة الكردية عقبة خطيرة امام النموذج التركي وعقبة في طريق الاستقرار الاقليمي.
وأضاف على الرغم من النمو الاقتصادي والتحديث في تركيا فانها لم تستطع حل القضية الكردية. سيصبح حل المشكلة أصعب بمرور الوقت.
وذكرت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات في تقرير الشهر الماضي أن على أنقرة اتخاذ خطوات جريئة لحل أخطر مشاكلها واكثرها الحاحا في ظل الاضطرابات في سوريا المجاورة حيث يشن الرئيس بشار الاسد حملة عسكرية على احتجاجات شعبية والانسحاب المزمع للقوات الامريكية من العراق.
وبعد أن فاز أردوغان بفترة ثانية في انتخابات يونيو حزيران أنعش رئيس الوزراء الامال في انهاء الصراع حين تعهد بالمضي قدما في الاصلاحات الثقافية والسياسية للاكراد والغاء السياسات الحكومية القاسية التي استهدفت تذويب الاكراد في المجتمع وهو ما غذى استياءهم.
لكن التشاؤم خيم سريعا مع تصاعد العنف من جديد.
وبعد تزايد هجمات متمردي حزب العمال الكردستاني شن الجيش التركي على مدى الاشهر الثلاثة الماضية عمليات جوية ومدفعية.
وفي حملة على مستوى البلاد الشهر الماضي ألقت الشرطة التركية القبض على اكثر من 140 من النشطاء السياسيين المؤيدين للاكراد بينهم عدد من رؤساء البلديات المنتخبين بزعم صلاتهم بالمقاتلين الاكراد. وانضم النشطاء الى ثلاثة الاف اخرين سجن كثير منهم بناء على أدلة واهية بموجب قانون مكافحة الارهاب التركي القاسي.
يقول حسين كارا (60 عاما) وهو مزارع كردي واب لخمسة ابناء في مقهى نخشى الذهاب حتى الى المقاهي... لا يمكن التخمين متى وأين يمكن أن تتعرض للقتل.
وأضاف حين نرى مدى الاهمية التي توليها الحكومة للسوريين والفلسطينيين نندهش لانهم لا يفعلون شيئا بصدد المشكلة الكردية. المشكلة الكردية أهم من الربيع العربي. نعيش في عصر الحلول السريعة باستثناء القضية الكردية.
وتجاهلت المؤسسة السياسية في أنقرة واسطنبول لسنوات معاناة الاكراد الذين يمثلون خمس سكان تركيا. ورفضت الدولة التركية الاعتراف بوجود الاكراد وحظرت اللغة والثقافة الكردية في حين شن الجيش حربا شاملة على حزب العمال الكردستاني.
وتولى حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي له أردوغان الحكم عام 2002 بأجندة اصلاحية وقد أقر رئيس الوزراء التركي اصلاحات محدودة تتعلق بالثقافة واللغة لتحسين حقوق الاكراد في اطار تغييرات تهدف الى انجاح مسعى تركيا لعضوية الاتحاد الاوروبي.
لكن ساسة أكرادا يقولون ان هناك حاجة الى اصلاحات سياسية جوهرية. ويقول البعض ان الاحباط من وتيرة الاصلاح أدى الى انضمام أعداد اكبر من الشبان الاكراد لحزب العمال الكردستاني.
ويقول امين اكتر رئيس نقابة المحامين في ديار بكر اكبر مدينة كردية في الجنوب الشرقي ان الوقت قد حان لكسر حلقة العنف على الجانبين والانخراط في الحوار.
وأضاف نؤكد مرة أخرى كمحامين من ديار بكر أن الطريق للوصول الى حل يمر عبر الحوار لا السلاح.
وقال أولجن من مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية ان خطط الحكومة لاعادة صياغة الدستور التركي الذي وضع تحت وصاية الجيش بعد انقلاب عام 1980 تتيح الفرصة لبداية جديدة.
ومن المرجح أن تهيمن قضية منح الاكراد المزيد من الحقوق على مناقشات الدستور الجديد الذي يقول أردوغان انه يريد الانتهاء منه بحلول منتصف 2012 .
ويريد حزب السلام والديمقراطية اكبر حزب مؤيد للاكراد في البرلمان تعليما في المدارس باللغة الكردية وصياغة جديدة للمواطنة التركية لتضم العرق الكردي. لكن التنازلات من هذا النوع ربما تثير رد فعل عنيفا من جانب القوميين.
ويقول محمد امين ياكي (45 عاما) وهو موظف حكومي من الجيد أن نرى أردوغان يعمل من أجل السلام في الشرق الاوسط لكن الدماء تسفك هنا في هذه المنطقة... يجب أن يتخذ الرجل الذي كرس نفسه للسلام خطوة نحو السلام في تركيا.
من سيهموس جاكان
رويترز
[1]