شفان ابراهيم
باحث متخصص في الشأن الكردي
لم تنم مدينة #جنديرس# وعموم الكرد في ليلة 20 مارس/ آذار على وقع جريمة قتل أربع أشخاص من عائلة “بشمرك” وجرح آخر وضعه خطير، المتهمون ثلاثة أشخاص ينتمون إلى فصيل “جيش الشرقية” التابع “لحركة التحرير والبناء” المنضوية في “الجيش الوطني السوري”.
يمكن تلخيص موقف أهالي المنطقة الكُرد من الجريمة بعبارة قالها أحد أقرباء العائلة، خالد عثمان (52 عاماً)، الذي أكّد ل”درج” :”لم نضع الخيمة للعزاء، بل خصصناها لاستقبال المعتصمين والمطالبين بالمحاسبة”.
تبدو الجريمة استهدافاً للهوية الكردية، ويمكن تصنيفها كجريمة كراهية، إذ يصف المتخصص في القضايا الجنائية كمال طلاع (57 عاماً) ما حدث قائلاً: “إطلاق النار لم يكن رشاً أو عشوائياً، إنما تقصّد المتهمون القتل برمي الضحايا بالرصاص دراكاً، أيّ طلقة طلقة”. هذه العمديّة في “القتل” لا تندرج تحت الخطأ، وتجعل العدالة مطلباً ضرورياً، إذ يقول خالد ل”درج”: ” لا نطالب بأكثر من العدالة والقصاص من الجناة، لن نصالح ولن نقبل أيّ فدية أو اعتذار، طفح الكيل بهم وبجرائمهم، خمس سنوات ونحن تحت نيران العبودية والظلم، خطفٌ وقتلٌ وابتزاز وفرض ضرائب وسرقة أرزاقنا، ليصل بهم الحال الى قتل الأبرياء فقط لأنهم أشعلوا ناراً احتفالاً بقدوم عيد النوروز، هؤلاء يقولون لنا إن الظلم سيبقى دوماً وأبداً على رؤوس الكرد، لن نسامح أبداً”.
تفاصيل الجريمة
تشير التفاصيل التي حصل عليها “درج” عبر تواصله مع مجموعة ناشطين وشهود عيان، الى أن عائلة كردية أوقدت النار قرب منزلها المتهاوي احتفالاً بعيد النوروز، مرت بعدها دورية مؤلفة من ثلاثة عناصر طلبوا من العائلة إطفاء النار، وتلفظوا بعبارات مُهينة مثل “من أنتم”، ثم رددوا بعدها عبارات مثل “إنهم عبدة النار، كفار، مجوس، طقوس النوروز مخالفة لشرع الله”، وبعد رفض العائلة الأوامر، حصلت مشادة كلامية بين الطرفين أطلقت فيها الدورية النار بشكل مباشر على المحتفلين، ما أدى الى مقتل أربعة وجرح آخر بإصابات بليغة.
يصف الناشطون الذين تواصل معهم “درج”، دوافع الجريمة بالقومية والعنصرية، وبأنها نابعة من “الحقد تجاه الكُرد”، فهذه النار أوقدت قبل 2800 عام، بداية رأس السنة الكردية، ومنذ ذلك الوقت، يتعرض الكرد لكل أنواع المضايقات، وهؤلاء أكملوا دورة القصاص من الكرد، فقتلوا المحتفلين رفضاً لإشعالهم نار الكرد والنوروز.
يرفض حسان زاده (62عاماً)، من وجهاء أهالي عفرين، ما نُشر على صفحات “جيش الشرقية” حول “غياب أي دوافع كراهية أو انتقامية على خلفيات دينية قومية”، إذ يؤكد أن النار كانت صغيرة في “منقل شواء”، وبعيدة من مكان الخيم التي تدّعي الفصائل أن القتلة خافوا من انتقال النار إليها، وأيضاً ما علاقة انتقال النار بعبارات “عيد النوروز شرك بالله وكفر به” و “النوروز هو عيد المجوس والمرتدين عن الإسلام”؟!
يضيف زاده :”هذه العائلة معروفة بنضالها القومي الكردي، وسُميت بالبشمركة نتيجة انخراط قدامى العائلة ضمن صفوف الحركة الكردية، وأمانتهم في العمل وصدقهم في التعامل، ما حصل استهداف لهم ولكل الكرد، بخاصة أن كل أهالي الخيم يشعلون النار بسبب البرد أمام خيمهم ولم يطالب أحد بإطفائها، عدا أن هذه القضايا من تخصُّص الأمن الداخلي-الشرِطة، ولا علاقة للفصائل المسلحة بها”.
ينتمي مرتكبو الجريمة إلى “جيش الشرقية”، من دون تقييدهم في قوائمه، إنما بشكل خارج الوثائق، فلكل فصيل مجموعة مسلحة يختلف عدد أفرادها من فصيل إلى آخر وفقاً لميزانية كل طرف وحجم استفادته من الضرائب والحواجز والمعابر، ووفقاً ل”كمال طلاع” هم “يُشكلون كارتيلات للسلطة، يستفيد منها الجيش الوطني بزيادة المنتسبين إليها وتنفيذ أي عمليات عسكرية، والفصائل أيضاً تستفيد منهم في عمليات خاصة مثل السرقة والنهب والتصفيات، وما حصل في جنديرس جزء من تلك التصرفات التي لم يعد بالإمكان الصبر عليها”.
يختم زاده حديثه، “لا أخلاق ولا معايير ولا قيم لهم، في الصباح جاؤوا إلى أحد الأفران التي دشنتها مؤسسة البارزاني الخيرية، وطلبوا الخبز بالمجان متذرعين بعدم امتلاكهم المال، وحصلوا على ما أرادوه، وفي المساء قتلونا، هذه هي تربيتهم الأمنية والعسكرية”.
*صحافي سوري كردي
*موسوعة درج[1]