فؤاد روند
بلاشك أن الزند هم كورد من شرق كوردستان، كانوا یسكنون في أمارة لرستان الفیلیة، قبل نفیهم لأقلیم خراسان من قبل نادر شاه الافشار بحجة التصدي للتركمان والازبك، بعد اغتیال نادر شاه الافشار من قبل حاشیته من الافشار والقاجار. وكذلك البختیاریین وهم كورد، أبعدهم نادر شاه الافشار الی كشمیر، افغانستان، خراسان وطهران.
بعد مقتل نادر شاه أصبحت الزعامة الافشارية من نصیب ابن اخیه عادل شاه الافشار، وفي جو من الارهاب والفوضی رجعت قبیلة الزند المرابطة في خراسان بزعامة كریم توژمال الذي عرف بكریم خان الزند وكیل الرعایا. أما القوات البختیاریة كانت تساند عادل شاه الافشار أبن أخ نادر شاه الافشار، وسیطر علی الخزائن الملكیة في العاصمة كلات النادریة، حيث قتل أكثر من 20 من أولاد نادر شاه الذكور.
لم تطل فترة حكم عادل شاه وقع في أسر اخیه ابراهیم خان الافشار وقلع عینیه، في 1748 عین شاهرخ ابن نادر شاه علی العرش. وهو مراهق وهو سبط شاه طهماسب الثاني الصفوي، لم تدم مدة حكمه، قلعت عیناه من قبل قواده وخلع من السلطنة. ورجع احمد شاه الدوراني الافغاني لیضعه على العرش ویحكم البلاد بدلا منه.
رجعت قبیلة الزند من منفاها في خراسان بقیادة كریم توژمال الزند الی موطنها في ملایر، التي كانت قسما من أمارة لرستان الفیلیة، لعب توژمال دورا محوریا هاما. كان قائدا براجماتیكیا. یتحارب ویتصالح. لا یعرف معنی خسارة معركة بل كان یفكر بربح الحرب. لم يكن القدر سندا له، بل بقوته اصبح في سنوات 1765-1779 الشاه الفعلي لایران ولكن تلقب بوكیل الرعایا.
أرادت الاقدار بأن تجمع بین ثلاثة من أكبر قادة الكورد في اصفهان العاصمة، وهم علي مردان خان البختیاري من فرع چهار لنگ، ابوالفتح خان البختیاري من فرع هفت لنگ وهو من احفاد الامیر جهانگیر خان مؤسس الامارة البختیاریة وكریم خان زند.
بعد مناوشات واصطدام مسلح قرروا بأن یتحالفوا ویقسمون بالیمین من أجل حفظ الاتحاد المقدس فیما بینهم، وهو أول تحالف ثلاثي مقدس في التاریخ الحدیث الكوردي. یرجع تاریخه الی سنة 1750. وفي اواسط القرن التاسع عشر عقد تحالف ثلاثي آخر بین أمراء البوتان، الحكاري والبادینان من أجل استقلال كوردستان من الامبراطورية العثمانية.
نصب ابو الفتح خان والیا من قبل شاهرخ شاه الافشاري علی مدینة اصفهان، كان من نسل امراء البختیاریین ومن ناحیة الام كان سبط العائلة الصفویة. أما علی مردان خان البختیاري لم یكن نبیلا بل كان أحد قواد نادر شاه الأشداء، كان مغرورا بقوته و قواته. الحلقة الضعيفة كانوا یتصورون بانه كريم خان الزند. كان یتزعم الزند وحلفائه. عام 1750 في المرحلة الاولی تحالف علي مردان خان البختیاري مع كریم خان الزند ضد ابو الفتح البختیاري والي اصفهان. بعد معارك طاحنة تصالح. اتفق العمالقة الثلاثة ومن أجل الاستحواذ علی السلطة. ولأجل استعطاف الاكثریة الشیعیة من الشعب واحقاق الشرعیة، لم یأخذ بأحد من أبناء العائلة الصفویة كملوك لایران، بل اتخذ من أحد أبناء بنات الشاه سلطان حسین الصفوي ملكا.
من ثم تربع العرش الصفوي ابو تراب ابن میرزا مرتضی صدر الصدور بأسم الشاه الاسماعیل الثالث: كان شابا في عمر 17 عاما وهو اساسا سبط السلطان حسین الصفوي كشاه لایران بدون أن یكون له أي سلطة فعلیة في الحكم. ووزعت السلطات في الدولة فیما بینهم. أن یكون علي مردان خان نائبا للشاه (وكیل الدولة)، وأبو الفتح البختیاري والیا علی اصفهان العاصمة ویكون كریم خان الزند قائدا عاما للجیش وأمیرا علی أمارة لورستان. اقسم الثڵاثة بأغلظ القسم بأن یكون اوفیاء للحلف المقدس.
لم یدم هذا الحلف المقدس طویلا، في عام 1751 اغتیل ابوالفتح البختیاري علی ید علي مردان خان البختیاري. انسحب كریم خان الزند من الحلف المقدس. تحركت القوات الزندية وحلفائها نحو مدینة اصفهان العاصمة، شاء القدر بأن یكون علي مردان خان في مقاطعة شیراز وبعد عدة معارك في عام 1751 وبعد خسائر كثیرة وأنسحاب اسماعیل خان الفیلي أمیر لورستان الفیلیة وسلیم خان قورقلو الافشار من قواته، ضعف شوكته، وقتل علي مردان خان علی ید الزند الموالیین للبختیاریین وقدم راسه كهدیة لكریم خان الزند. تحطمت الآمال للحلف المقدس الكوردي الاول، وكان غطرسة علي مردان خان هي أساس الانهیار.
ولكن كریم خان زند شق طریقه بقوته دون اتخاذ شركاء له. بعد سنین قلیلة وبعد معارك، خسرها وانتصر فیها. حارب اكثر الإمارات الكوردیة ومنها الاردلان، البابان، الدنبلي، البلباس، الفیلي والمكري، الی أن وصل في سنة 1753 الی سدة الحكم و أسس السلسلة الزندیة، اتخذ من مدینة شیراز عاصمة لهذه السلسلة الكوردیة. لكن بعد مماته اتخذ اقاربه عدم اطاعة من یخلف كریم خان زند. تصارع، تقاتل وانكسرت شوكتهم. ذهبت السلطة من بین ایدیهم الی أحد فروع القزلباش أي القاجار. خسر الكورد كل شيء، ولم تبق أي أمارة. نفی أكثرهم بأرجاء ایران. لم يبقَ في شيراز إلا القليل من الكورد، صوب اقصی ایران.[1]