باسلات الشعر الكردي (2) آسيا خليل
إبراهيم حسو
أعتبر الشاعرة الكردية آسيا خليل الوحيدة التي تستمتع بكتابتها للشعر, هناك ابتهاج عام بين جملها و مفرداتها و بين الفواصل و الزوايا اللغوية , تقرأها فتحس بسعادتها تنضح هنا و هناك تتسرب بين صدوع الكلمات و تصب في الصور الشعرية التي تتدفق بتثاقل و اللامبالاة , ثمة حرية مخبوءة و مجبولة بالغبطة تمتلكها آسيا خليل دون أن تعرف, حرية بين أن تكون شاعرة طافحة بالاطمئنان و شاعرة تغرق في أناها و أنينها المتعاليين , لدى آسيا ما هو أكبر من الشعر و أكبر من حبها لكتابة الشعر , أقصد الإحساس بالحرية في قول الشعر و العيش فيه , الحرية في أن تزاول الشعر كما أنها تزاول رياضة المشي العادية اليومية :
لاهبٌ صلصالُ سديمكَ
ولا جناحَ يَردُّ عنكَ القيظَ
لا جناحَ عليك
لا ماء يكفي لتسردَ الأرضَ اليبابْ
لا غرابَ
يُصدِقُكَ البشرى
بعد طولِ النعيبِ
لا ظلَّ لموتاكَ سواك
لا وردَ يكفي أضرحتكْ
ولا الغبارُ خفيفاً وَطِئ الرئاتِ التي انفلقتْ .
مديدٌ احتراقي
ولا جناحَ يردُّ عنّي الضّيمَ
لا ظلَّ لي سواك
إليَّ ...
لننفخْ على الغبارِ الراقدِ
لي وجهٌ في خيالِ الحجرِ
ليَ الأقراطُ سادرةً في البعدِ
و الحليّ الذي طمرتْه الجدةُ
فتناهبتْه يدُ الخطيئةِ
لي سماءٌ أطلَّ الرّبُّ منها
وأودعني الوصايا
لي بين حنايا النهرينِ آيةٌ تتلى
لا الماءُ ردَّ الطعنةَ عن خاصرتي
ولا الآلهةُ ردّتْ عليَّ صكَّ نشيدي .
تظل آسيا رغم انبهارها بكتابة سليم بركات الشعرية , من الأنماط الشعرية الكردية التي تصوغ الشعر وهي تقلد قاموسا لغويا ضخما و مسلحة بثقافة شعرية مرتفعة تبديها في القصائد الطويلة التي تعول على التوضيح و التبيين في رسم كتابة الأشياء و العناصر الشعرية :
مُفعمةً بالأسى أعيدُ اجتياحَ الأساطيرِ
لي ابتهالاتٌ جفّتْ على بابِ إنانا
وهوىً في أورْ
وخاتمٌ في يدِ السومريّ
لي في الأعالي زهرةٌ
يصعدُ لها البابليّ أدراجَ الهيامْ
لي صولجانُ المادِ والكمنجاتُ التي
تتلوني كلّما افتتحَ الجلنارُ خابيةَ الحنينِ
لي رعشةُ التّيهِ في شفتيكَ
كلما شَهقَ كحلٌ في اللواحظِ ........
[1]