الرحلة البحثية لستيغ فيكاندر إلى تركيا
صالح كوباني
أستاذ جامعة اوبسالا السويدية اوسكار ستيغ فيكاندر من مواليد مدينة نورتيليا-السويدية 1908 باحث في الايرانيات واللغات الهندو-ايرانية، باحث في تاريخ الديانات وأستاذ في السنسكريتية.
قام بجولات بحثية في الكثير من بلدان العالم، وما يهمنا هنا هو قام رحلته العلمية الى كل من لبنان وسوريا للبحث في الثقافة والفلكلور الكرديين عام 1953 وعاد من سوريا بنتاج غزير من التسجيلات الصوتية والتي اذيعت تباعا في الراديو السويدي كما جمع الكثير من القصص الفلكلورية الكردية ونشرها في السويد.
كان من المفترض أن يقوم البروفسور ستيغ فيكاندر برحلة علمية الى العراق عام 1957 لإجراء دراسات عن العشائر الكردية على مدى أربعة أشهر. ففي تقرير لإحدى المؤسسات السويدية المانحة(هومانيستيسكا فوندن-فيتترهيتس اكاديمين) ان السيد فيكاندر ونظرا للأحداث السياسية الاخيرة رأى أن هذه الرحلة غير ممكنة الى العراق في المدى المنظور، لذلك يقترح السيد فيكاندر على الجهات المانحة ان يذهب الى تركيا بدلا من العراق.
ذهب السيد فيكاندر في رحلة بحثية الى تركيا وبعد عودته بما يقارب العام كتب تقريرا بتاريخ الخامس من ايلول1960 عن نتائج رحلته التركية.
نص التقرير من السويدية بتصرف بسيط في الترجمة:
كنت قد خططت القيام بدراسات في الفلكلور واللغة الكرديين في شرقي تركيا نظرا لندرة الدراسات البحثية في هذا المجال، وكذلك لاستحالة الذهاب الى العراق لأسباب سياسية فرأيت أن هذه الدراسات ستكون مكملة للدراسات التي اجريتها في سوريا عن الكرد في رحلة سابقة 1953
وللأسف فالظروف في تركيا وضعت عوائق جمة امام عملي. بعد وصولي الى إسطنبول بفترة قصيرة، قدمت طلبا للسلطات للإقامة في الولايات الشرقية (الولايات الواقعة شرقي الفرات) هذه الاقامة ضرورية للأجانب الذين يودون الإقامة لفترات طويلة وليس للذين يمرون على تلك المناطق مرور الكرام. انتظرت جواب السلطات طويلا. بعد عدة أسابيع سافرت الى انقرة وقام السفير السويدي ادولف كرونيبورغ بالتواصل الدبلوماسي مع السلطات عدة مرات. ليست لدي اية فكرة عن فحوى الأحاديث بين السفير السويدي والسلطات التركية، فالسفير كرونيبورغ يستطيع الإفصاح عن فحوى تلك الأحاديث.
تلقى السفير جوابا شفهيا نهائيا في نهاية شهر تموز انهم يرفضون منحي التصريح المطلوب دون تبيان الأسباب. لم يتسن لي القيام بالدراسات في الأماكن الاصلية للناطقين بالكردية فقررت التواصل مع الكرد المقيمين في إسطنبول على الأقل. هناك اعداد هائلة من الكرد المقيمين في إسطنبول من الطبقة العاملة، ومن الطبيعي ان يتعرض الناس للتتريك السريع في هكذا أجواء.
قسم كبير من الطلبة الجامعيين القادمين من شرقي تركيا، المتحدثين بالكرمانجية و الظاظائية لا يقيمون في اسطنبول طوال السنة ولذلك تكون لهجتهم هي الأقرب الى الأصل. لقد جمعت الكثير من المواد من القصاصين الكرمانج والظاظا وأتمنى ان انشرها قريبا:
ا- نصوص شفهية بالكرمانجية
ب- حكاية طويلة (على لسان الحيوانات) بالظاظية ترجمها أحد الطلبة وعلق عليها بالتركية
ج- قوائم منتظمة بالاسئلة المتعلقة بالمخزون الكردي من الكلمات في مجال تربية الحيوان وتربية النحل والزراعة
د- فيما يتعلق بأجزاء المحراث ومفردات الحراثة سألت القاصين الكرد والترك عنها اتماما لقوائم المفردات التي أعدها الدكتور راغنار جيرلوف الذي تعاون معي واثار اهتمامي الى إشكالية المقارنة في تاريخ الحراثة
قسم من المواد تم تسجيلها صوتيا، لكن هذه الأسطوانات اتلفت ولم نتوفق في إصلاحها بشكل مقبول ماكلفني ماديا وعطل سير عملي. قسم من الاهازيج الشعبية و الحكاية الظاظية الطويلة انفة الذكر حملتها معي على أسطوانات صوتية جيدة
هذا العمل يجب انجازه في إسطنبول. لم نسلم من الازعاجات مع انه تم تقييد نشاطنا في حدود جغرافية ضيقة. لقاءاتي مع القاصين الكرد اثارت فضول السلطات الامنية والتي ارعبت الكثيرين ممن كانوا يتعاونون معي، كذلك تسببوا لي بمتاعب (كانوا يراقبون رسائلي ومكالماتي الهاتفية)
جرت احداث وتوترات في شرق تركيا (ديار بكر ومحيطها) بسبب المسالة الكردية وذلك في شهر تموز ويعتقد ان عدم منحي تصريح الإقامة في المناطق الشرقية والازعاجات المتكررة لي، كانت بسبب تلك القلاقل
توصلت الى قناعة بعدم إمكانية مواصلة العمل في إسطنبول او المناطق الريفية لذلك قررت العودة الى بلدي بتاريخ العاشر من تموز اي قبل الموعد المقرر أصلا.
مع كل تلك الازعاجات توصلت لنتائج جيدة، فالممثلية السويدية في تركيا قدمت خدمات جليلة واخص بالذكر سفير السويد ادولف كرونيبورغ الذي هيّأ جوا ممتازا للباحثين في مقر دار المندوبين(سابقا)، كذلك القنصل العام بو الاندر والقنصل تورستين فيمان وموظفي القنصلية.
من المؤسف حقا ان يتعرض الباحثون من دولة محايدة الى المضايقات اثناء قيامهم بعملهم في البحث العلمي.
كلي امل في ان يستمر الدعم للباحثين السويديين، فلازال امامهم الكثير مما يجب عمله وان تتجه نتائج جهودهم نحو انشاء معهد سويدي للأبحاث، فبغض النظر عن كل المضايقات والصعوبات هناك الكثير مما يمكن للسويد وتركيا فعلها لفائدة الجانبين من خلال التبادل الثقافي والمعرفي
سمعت مرات عديدة من شخصيات ثقافية تركية رغبتهم في تمتين اواصر التعاون بين البلدين
انتهى التقرير.
اغنى السيد فيكاندر المكتبة السويدية بالكثير من الاثار ما بين تأليف وترجمة وتجميع ونشر. كتب باللغات السويدية والألمانية والفرنسية والإنكليزية والكردية ومن نتاجاته:
1992 Berhevoka kurdî
Antolojiya tekstên kudî 1996
Araber, vikingar, väringar 1978
Recuell de textes kurmadji 1959
توفي ستيغ فيكاندر في مدينة اوبسالا 1983 ودفن في مقبرة على بعد أمتار قليلة من جامعة اوبسالا. للسيد فيكاندر أرشيف شخصي كبير في مكتبة جامعة ابسالا.[1]