إعداد/ حسام الإسماعيل
اعتمد آباؤنا وأجدادنا في مناطق شمال وشرق سوريا ذات الطبيعة الريفيَّة المُعتمدة على الزراعة وتربيَّة المواشي على تقسيم فُصول السنةِ لتقسيماتٍ خاصةٍ وغريبةٍ نوعاً ما، وبحسب الظروف المناخيَّة التي تَتَعاقب عليهم خلال فُصولِ السنة القاسيَّة التي تمرُّ من بردٍ أو قيظ، وتم اعتماد هذه التقسيمات المُتداولة، واعتُمدت من قبلهم، وكانوا يُعولون عليها.
تقسيم فصل دخول البرد (الشتاء) إلى قسمين:
أربعينية الشتاء: مدتها أربعون يوماً تبدأ من 21 كانون الأول حتى الثلاثين من كانون الثاني، ويُقال عنها الأربعينية في أمثالهم الشعبية (إذا ما عجبكم حالي أبعث لكم السعود خوالي)، وخلال هذه المدة تكون حقول القمح والشعير قد زرعت، وتكون الأغنام قد بدأت بالولادة بالعادة، لذلك تتوقف النباتات عن النمو في هذه الفترة، ويتم استدراك الحقول الزراعيَّة التي لم تُزرع بعد، ويتم الاعتناء جيداً بالمواشي من تغذيتها بالأعلاف المخزنة في أوقات الصيف.
خمسينيَّة الشتاء: مدتها خمسون يوماً تبدأ من 31 كانون الثاني حتى 21 آذار/ مارس، والخمسينية مُكونة من أربعة أقسام كلها تبدأ ب (سعد) وجمعها (سعود) وهي: (سعد ذبح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الخبايا)، ومدة كل سعد منها (12,5) يوماً.
سعد ذبح: يبدأ ب 31 كانون الثاني وهو كنايَّة عن البردِ الشديد الذي يَحدثُ في فترته، ويُعبّر عنهُ بالمثلِ الشعبي: (سعد ذبح كلبو ما نبح وفلاحو ما فلح وراعيّه ما سرح)، أي تتوقف أغلب النشاطات والأعمال وحتى الزيارات إلا ما كان ضرورياً جداً منها، ويبدأ النبات بالنمو وتبدأ النشاطات الزراعية من سقاية للحقول المروية، وغيرها من النشاطات الأخرى.
سعد بلع: فيبدأ ب12 شباط، وسمي (بلع)، لأنَّ الأرض فيهِ تَبتلعُ مائها، فتفيضُ الأنهار، وتمتلئ الآبار، (سعد بلع بتنزل النقطة وتنبلع).
سعد السعود: يَبدأ ب25 شباط، ويَكسر الجو بُرودتهُ، ويَميلُ إلى الدفء، ( بسعد السعود بتدب الماوية بالعود وبيدفا كل مبرود).
سعدُ الخبايَّا: يَبدأ ب 9 آذار، وتُزهرُ الأشجَار، وتَسرحُ الحشرات، ويدبُّ في الأرض ربيعُها، ويقال عنه (بسعدِ الخبايّا بتطلع الحيايا وبتتنقل الصبايا).
المُستقرضات: وهي سبعةُ أيَّام: آخر أربعة أيام من شهر شباط، وأول 3 أيام من آذار، وقد سُميت بهذا الاسم لاستقراض شهر شباط، والذي يُعتبر أقصر شُهورِ العام من شهر آذار، كي يَطول وقتُ نُزولِ المَطرِ، وتُسمى أيضاً أيام (العجوز)، لأنَّها تَقعُ في أخر الشِتاء، وفي هذهِ الأيّام يَكون البرد في أشدهِ، والأمطارُ غزيرة، ويقولُ شباط لآذار بحسب الأمثال الشعبية (ثلاثة منك وأربعة مني نخلي العجوز تولي) أي أنه يقضي على المرضى وضعيفي البنية من كبار السن والعجائز لضعف مقاومتهم للبرد.
الأيَّام الحسوم: تَبدأ من 11 آذار، ومدتها بين 6 8 أيام، وسُميت بذلك لأنَّها أيامٌ ذاتُ بردٍ وريحٍ شديدة.
سُقوط الجمراتِ الثلاث: تَسقط الجمرة الأولى في عشرين شباط، وهي جَمرةُ الهواء، فَيشعرُ الناسُ بدفءِ الهواءِ، والثانية في 27 شباط، وهي جَمرةُ الماء، فيَشعرُ الناسُ بدفءِ الماءِ، والثالثةُ في 6آذار، وهي جَمرةُ الأرض، فَيشعرُ الناسُ بدفءِ الأرضِ.
ويُستفاد أيضاً من هذه التَقسيمات لتوقع التغيرات المناخيَّة التي تحصل في هذه الفصول من (برد هواء صقيع ثلوج …الخ)، والتي يَبرع في تَوقعها كبار السن في مَناطق شمال وشرق سوريا.[1]