الإدارة الذاتية الديمقراطية هي نموذج الحل لعموم سوريا
الدار خليل
بدایة كیف ترون الوضع السوري وخاصةً بعد التدخل الروسي، وھل سنجد انسحاباً أمریكیاً وتدخلاً روسیا لًلمنطقة؟ وماھي سبب ھذا التدخل وفي ھذه الفترة بالتحدید؟
طبعاً مؤسسات الدولة وخصوصا اًلجیش، باتت في وضعٍ یمكن القول بانھ انھار بشكل شبھ كامل تقریبا،ً بالإضافة إلى حالة الانھیار السیاسي والدبلوماسي والاقتصادي التي كانت تعیشھا البلاد، یبدوا أن انھیار الترسانة العسكریة وجیش النظام كان دافعاً لأن تسُرع روسیا من قرارھا وتستعجل بالتدخل في سوریا، كي تتفادى انھیار الجیش بشكل الكامل وسقوط نظام الأسد. وھذا نابعٌ من الحرصالروسي على مصالحھا في سوریا والحفاظ على النظام بحیث تتمكن من المحافظة على مصالحھا الاستراتیجیة على الأراضي السوریة. ومن جھةٍ أخرى ونتیجة التطورات الملحوظة؛ اندحار داعش والتقدم الذي تحظى بھ عملیة ضرب داعش من خلال تحالف بین قوات التحالف مع القوات الموجودة على الأرض المتمثلة بوحدات حمایة الشعب، ھذا قد یكون دافعا لان تخلق ھاجساً لدى روسیا خشیة أن تحدث تغیرات مفاجئة ولا یكون لروسیا نصیب في تلك النتائج. ولھذا لا نستطیع القول بأن أمریكا ستنسحب وتحل روسیا محلھا، على العكس فالولایات المتحدة الأمریكیة ستكون حاضرة في سوریا ولھا ثقلھا وتأثیرھا، ولكن روسیا أیضا یًبدوا أنھا لا ترید أن تترك سوریا بید الولایات المتحدة الأمریكیة، فھي أیضاً ترید أن تكون موجودة للحفاظ على مصالحھا في المنطقة.
إیران أین ستكون مما یحصل الآن في سوریا؟ فھي تدعم سوریا بجمیع الأشكال؟
إیران بطبیعة الحال منذ بدایة الثورة ولغایة اللحظة ھي طرف أساسي ضمن المعادلة. واساساً ھي من تقود سوریا حالیا،ً فھي من ساندت النظام اقتصادیاً وعسكریا وًلوجستیاً وحتى مدتھ بالمقاتلین، وحمت الكثیر من مؤسسات النظام وقواعده. فعملیة القیادة وإدارة البلاد یمكن القول بأنھا تتم بأیدي إیرانیة ولیست سوریة. ولھذا فإن إیران موجودة في سوریا منذ بدایة الثورة لغایة اللحظة، وھي بطیعة الحال لا ترید أن تترك النظام ولا ترید أن تترك سوریا تعیش من دون تواجد إیراني على غرار تواجدھا في المناطق الأخرى. فإیران تعتمد على مبدأ أن تكون متواجد في جمیع الأماكن بدءً من البحرین والیمن وسوریا والعراق ولبنان، فإیران تعتمد دائما عًلى سیاسة الھیمنة والتواجد في جمیع بؤر الصراعات.
تعرضت ثورة روج آفا للكثیر من الھجمات العسكریة والسیاسیة والدبلوماسیة والاجتماعیة والإعلامیة خلال ما یقارب الخمسة الأعوام، والیوم تعلن أمریكا وروسیا دعمھا للقوات العسكریة الكردیة بعدما اختار الشعب الكردي تحت ظل الإدارة الذاتیة الدیمقراطیة النھج الثالث، كیف تقرأون ھذا الموقف؟
الحركة الكردیة المتمثلة بحركة المجتمع الدیمقراطي في روج آفایى كردستان تعرضت للعدید من الھجمات الإعلامیة والدبلوماسیة والسیاسیة والاقتصادیة، وحاولت الكثیر من القوى الضغط علیھا كي تغیر من منھاجھا وتغیر من سیاساتھا وترك النھح الثالث الذي اعتمدت علیھ وحاولوا زیادة الضغط علیھا كي لا تطور من مشروعھا مشروع الحل الدیمقراطي. لكن الأحداث والتطورات أثبتت بإن ھذه الحركة ومن خلال الدعم الجماھیري القوي لھا والتنظیم القوي الذي تحظى بھ، صحة استراتیجیتھا وأھدافھا ومخططاتھا. ولأنھا اعتمدتعلى النھج الثالث ولم تنجر إلى الصراعات على السلطة، بل اعتمدت دائماً على استراتیجیة بناء مجتمعٍ دیمقراطيٍ والنضال لأجل بناء سوریا دیمقراطیة، ھذه التطورات وخصوصا بعد الإعلان عن تشكیل الإدارة الذاتیة الدیمقراطیة في روجا آفایى كردستان والمقاومة التاریخیة التي قامت بھا وحدات حمایة الشعب بمساندة جمیع الفئات والشرائح والمكونات الموجودة في ھذه المناطق، ونجاحھا في دحر ھجمات داعش والمجموعات المسلحة الأخرى، وخصوصاً الإنجازات التي تحققت من خلال قیام الادارة الذاتیة الدیمقراطیة بإنقاذ ضحایا مجازر شنكال وإنقاذ قرابة 150 ألف نازحٍ شنكالي كانوا عرضةً للموت والقتل على أیدي داعش، بالإضافة إلى مقاومة كوباني وحمایة المناطق الأخرى والدفاع عنھا في روج آفایى كردستان، كل ھذه الأمور بالإضافة إلى النجاحات التي تحققت في الأمور الخدمیة والثقافیة والسیاسیة والدبلوماسیة، ھذه الأمور بمجملھا ساعدت على أن تغیر وجھة النظر التي كان یراد أن یتم النظر بھا إلى ھذه الحركة وھذا الشعب، فاضطرت ھذه القوى، نفس القوى التي كانت تحارب ھذه الحركة، من تغییر مواقفھا من خلال اللجوء إلى دعم ھذه المقاومة بعد أن تیقنت وتأكدت إن الجھة الوحیدة أو الأساسیة التي تستطیع مواجھة داعش ومحاربتھ ودحره ھي ھذه الحركة وھذه الإدارة. ولھذا فإن أغلب القوى التي تتصارع على سوریا باتت تحسب حسابا لُھذه الحركة وھذه الإدارة وھي باتت بمثابة القوة التي ترجح كفة المیزان والتي ستؤثر على مجریات الأمور في المستقبل وخصوصاً بعد إعلان بالبدء بمشروع تأسیس ھیئة سوریا الدیمقراطیة والإعلان عن مشروع سوریا الدیمقراطیة، ھذه الأمور بمجملھا ساعدت على أن تتمحور جمیع المستجدات حول ھذه الإدارة. وبذلك فإن الأمریكان والروس وكل من یھمھ الشأن السوري یجد نفسھ مضطرا لًلتعامل مع ھذه الإدارة والاعترافبھا مستقبلاً.
تدخلت تركیا بالشأن السوري والكردي على وجھ الخصوص لإعاقة تحقق ثورة الشعب الكردي في روج آفا، كیف یمكن تناول الموقف التركي وخاصةً بعد التدخل الروسي وماھي أسباب الغضب التركي تجاه الكرد وسوریا عموماً؟ وماھي أھدافھا من وراء ھذه السیاسة؟
تركیا منذ الیوم الأول من بدء الثورة في سوریا حاولت دائماً التدخل والتاثیر على مجریات الأمور وسد الطریق أمام أي تطورٍ قد یحدث في المناطق الكردیة في روج آفایى كردستان، ولھذا كانت لتركیا مواقف سلبیة جدا مًن خلال محاربة ھذه التجربة الولیدة إعلامیاً وسیاسیاً ودبلوماسیا،ً بالإضافة إلى تحریضھا للمجموعات المسلحة لكي تھاجم على روج آفایى كردسان وتقوم بمحاولة تخریب ما تحقق وانشئ، ولكن بعد فشل داعش وجبھة النصرة والمجموعات العسكریة الأخرى المدعومة من تركیا في الاستیلاء على مناطق روج آفا، وفشل حملاتھم العسكریة، باتت تركیا في وضعٍ صعب، فھي تعیش الآن وضعاً ھستیریاً باعتبارھا فشلت في سوریا ولم یعد لدیھا أي تأثیر كان یمكن ان یتحقق لولا ھذه المقاومة. أي أن تركیا فقدت تأثیرھا الذي كانت تتوقعھ في سوریا وخصوصا فًي روج آفایى كردستان. طبعاً إن ھذه التجربة تمكنت من النجاح والتطور وتخطي المخاطر التي كانت تشكلھا التقربات التركیة بالنسبة لھا، ولھذا نجد بأنھا وبعد ھذه التطورات ومایحدث الآن من احتمالات أن تستفید ھذه الإدارة من ھذه التطورات، وبعد التدخل الروسي وبعد المواقف الأمریكیة التي صرحت بأنھا تدعم وحدات حمایة الشعب وتدعم ھذه المقاومة، الحكومة التركیة غاضبة لأنھا كانت تتوقع بأن یشاركھا الجمیع في محاربة ھذه التجربة. ولكن یمكن القول لأول مرة في تاریخ الحكومات التركیة نجد حكومة تركیة معزولة ولا تجد من یشد على یدیھا في اتخاذ مواقف سلبیة تجاه الحركة الكردیة. وھناك أمور أخرى أیضا متعلقة بالداخل التركي وباكورى كردستان، حیث أن التطورات الحاصلة بعد الانتخابات التي حدثت في السابع من حزیران والنتائج التي تمخضتعنھا، والانتفاضة الشعبیة التي تمت والمظاھرات وإعلان الإدارة الذاتیة في أكثر من إحدى وعشرین منطقة في باكورى كردستان، ھذه الأمور بمجملھا بالإضافة إلى العملیات العسكریة التي قامت بھا قوات الكریلا، أثبتت للحكومة التركیة بأنھا على وشك فقدان السیطرة أو فقدان زمام المبادرة في باكورى كردستان أیضاً، فھي خسرت روج آفا ولم یتحقق حلمھا الذي كانت تتوقعھ، وھي أن تقوم بإدارة روج آفا أو التحكم بھا عبر بعضالأطراف التابعة لھا، وفي نفس الوقت ھي على وشك فقدان زمام المبادرة في باكورى كردستان وتركیا أیضاً، ولذلك تلجأ الحكومة التركیة إلى أسالیب قمعیة وأسالیب إرھابیة ضد الحركة في باكورى كردستان أیضاً.
في الآونة الأخیرة تم تشكیل قوات سوریا الدیمقراطیة ماھو الھدف منھا؟ وماھي الحاجة إلى تشكیل مثل ھذه القوة في ھذه المرحلة؟ وكیف سیكون الدور الكردي في تشكیل ھذه القوات؟ وماھو دور ھذه القوات في تحقیق سوریا دیمقراطیة؟
بالنسبة لقوات سوریا الدیمقراطیة؛ فكما قلنا سابقاً لدینا مشروع للحل وھذا المشروع یتمحور حول بناء مجلس أو إطار یجمع أغلبأطر المعارضة السوریة، وبالتالي تشكیل قوة عسكریة مشتركة أیضاً تجد نفسھا مسؤولة عن عمموم الأراضي السوریة، ولا تكتفي بجغرافیا معینة. إننا كحركة قلنا منذ البدایة لا نرید الإنفصال عن سوریا ونجد أنفسنا جزءً من سوریا ومسؤولین عن تطویر الثورة الدیمقراطیة في سوریا، لذلك لابد من تطویر تلك المشاریع الرامیة إلى إیجاد حل للقضیة السوریة بشكل عام ومن ضمنھا القضیة الكردیة في روج آفایى كردستان، وبالتالي فإن المشاركة في قوة عسكریة متنوعة تمثل جمیع السوریین یعتبر خطوة إیجابیة كي تصبح ھذه القوة العسكریة قوة سوریا الدیمقراطیة. أي ألا تكون قوة الحصول على السلطة أو الھیمنة على السلطة أو قوة فقط لتبحث عن كیفیة تدمیر بعضالمؤسسات وتشكیل سلطة جدیدة، بل لابد لتلك القوة العسكریة أیضا أًن تكون قوة بید المجتمع السوري أي تمثل المجتمع السوري ولیست بید فئة من الناس تساعدھم على التحكم بزمام السلطة.
بعد أن قامت الولایات المتحدة الأمریكیة بشكل علني بدعم قوات سوریا الدیمقراطیة أدلى رئیس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو بتصریح ھدد فیھ روج آفا، ماھي وجھة نظركم تجاه مثل ھذه التصریحات؟
طبعا اًلھدف الأساسي للولایات المتحدة الأمریكیة محاربة داعش وإضعاف داعش وعدم إفساح وسد الطریق أمام ھیمنة داعش على مناطق أخرى من البلاد، ولذلك فھي ترى بأن دعم ھذه القوات التي تحارب داعش وتواجھھ بكل بسالة تصب في المصلحة الأمریكیة أیضاً، فإن أرادت أمریكا التخلصمن داعش أو إضعافھ لابد لھا أن تساعد على تطور ھذه القوات، وتطور ھذه القوات منوطٌ أو مرتبطٌ إلى حدٍ ما بمدى أو بمقدار القوة العسكریة التي تمتلكھا، لھذا فأن قیام الولایات المتحدة الامریكیة بفتح المجال أو المساعدة على تمكین ھذه القوات من الحصول على بعضمن الامدادات العسكریة یصب في مصلحة الطرفین.
اما بالنسبة إلى تھدید رئیس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو لثورة روج آفا فھذا ینم على حقیقة ما ذكرناه سابقاً وھو أنھا تحارب ھذه التجربة ولا ترید لھذه الإدارة ان تتطور، وھذا یثبت أنھ بعد فشل وھزیمة داعش اضطرت الدولة التركیة للإفصاح عن موقفھا بشكل مباشر بدلاً من الحالة غیر المباشرة التي كانوا یلجاؤن إلیھا سابقاً.
بالرغم من إشادة اغلب الدول بقوة قوات الحمایة ودفاعھا المستمیت تجاه أرضھا تتھم الآن بانتھاك حقوق الإنسان في بعض قرى الحسكة أو غیرھا من المناطق. برأیكم من یقف وراء ھذه الاتھامات؟ وما مدى صحة ھذه الانتھاكات؟ وھل سیؤثر على دور قوات الحمایة مستقبلاً كتحجیم دورھا مثلاً؟
طبعاً وحدات حمایة الشعب ملتزمة بالمقاییس والمواثیق الدولیة لحقوق الإنسان وقوانین الحرب، ولكن ضمن الممارسة العملیة وخلال الاشتباكات والحروب قد تنجم عن ھذه المعارك وعن ھذه الاشتباكات التي تحدث حالات تؤثر على حیاة المدنیین وحیاة السكان القاطنین في مناطق المواجھات والاشتباكات، وھذه حالة طبیعیة وكنتیجة طبیعیة للحرب وحالة الصراع. ففي الحروب تدمر البیئة والمنازل وقد یفقد الكثیرون حیاتھم ویؤثر على الحالة النفسیة للكثیریین، فھذه الحالة طبیعیة للحرب مادامت تحصل حالة حرب ومادامت ھناك داعش فبطیعة الحال سنشھد ھكذا حالات. ولكن قضیة أن یتم اتھام وحدات الحمایة بشكلٍ مباشر وكأنھا تقوم بھذه الأمور عن قصد وعن درایة وتقوم بذلك بشكل ممنھج، ھي افتراءات ومحاولات تضلیلیة من قبل الكثیر من الأطراف التي لا یسرھا أن تقوم القوى الدولیة بدعم وحدات الحمایة والوقوف إلى جانبھا. وأغلب ھؤلاء متعاطفین مع داعش ومستاؤون من اندحار داعش وھزیمتھ ولھذا یحاولون التغطیة على فشل داعش عبر الترویج لأكاذیب وأقاویل تحاول النیل من سمعة ھذه الوحدات، وكما أكدنا یحاولون بذلك سد الطریق أمام أن تحظى ھذه الوحدات بدعمٍ أكبر دولیاً وعالمیاً.
أخیراً روسیا، أمیركا، إیران، تركیا، داعش، وغیرھا ھل یمكن أن تقع سوریا في مستنقع حرب جدیدة؟ أي ھل ستتعمق ھذه الحرب أكثر؟ أو إلى أین ستتجھ سوریا؟
طبعا سًوریا في حالةٍصعبةٍ جداً، فالكثیر من القوى والدول موجودة الآن في سوریا، سواء بشكل مباشر أو غیر مباشر، والمستنقع الذيیعیشھ الشعبالسوريوالحالة السوریة ظاھرة للعیان بشكل جلي، وأنا لا أتوقع أن تحل المشاكل والصعوبات التي یعیشھا الشعب السوري في غضون فترةٍ زمنیةٍ قصیرة، حیث إننا للوصول إلى حالة من الاستقرار والأمن وحالة من الحل أعتقد انھا قد تدوم حوالي عشر سنوات من الآن، وخصوصاً إذا بقیت الأطراف الأخرى متعنتة في مواقفھا السابقة المرتبطة بموضوع إصرارھم على الحصول على السطلة مھما كان الثمن متناسین واقع الشعب السوري ومتناسین حقیقة وضرورة أن تكون ھذه الثورة ثورة دیمقراطیة ثورة مجتمعیة لا ثورة من أجل فئة من الناس ترید أن تسیطر أو تھیمن على السلطة في البلاد.
وفي النتیجة كي نتمكن من الوصول إلى سوریا دیمقراطیة وأن نلعب دورنا في سد الطریق أمام حالة الانھیار التي تعیشھا سوریا بشكل عام لابد من أن تقتنع جمیع القوى وجمیع الأطراف بضرورة اللجوء إلى طاولة الحوار والبحث عن سبل للحل السیاسي والدبلوماسي والسلمي بدلاً من اللجوء إلى الصراعات على السلطة. ونحن نؤمن بأن المشروع الذي طرحناه من أجل الحل الدیمقراطي في سوریا ومشروع الإدارة الذاتیة الدیمقراطیة ھو نموذجٌ ناجحٌ من أجل عموم سوریا، حیث یمكن اعتماد نظام فیدرالي في سوریا؛ ھذا النظام الفیدرالي یساعد على إغناء التجربة السوریة وتطویر دیمقراطیتھا وتشارك جمیع المكونات وجمیع الأطراف في بناء سوریا المستقبل سوریا فیدرالیة دیمقراطیة.[1]