الكورد يسيرون على خطى العرب!!
#بير رستم# (أحمد مصطفى)
أرسل الأخ العزيز “Najib Alhasan” بالرسالة التالية على الخاص يقول فيها ما يلي:
ما هو تعريف الوطن في الحركة الكردية ؟
هل الأحزاب الكردية مقتنعة فعلاً بكردستان كبرى لجميع الأكراد ؟
مسعود برزاني رئيس اقليم كردستان العراق ” جنوب كردستان ” هو بيضة القبان كردياً كما يراه مراقبون
هو يلوح على الدوام باستقلال كردستان وإجراء استفتاء شعبي بهذا الخصوص لكن أليست كل هذه المحاولات لتثبيت حكم العائلة كما يرى مراقبون ؟
في الطرف المقابل أليس حزب العمال الكردستاني هو النسخة اليسارية للحركة الكردية كما ينتقد مراقبون تحول هذا الحزب من فكرة كردستان الكبرى إلى الحكم الذاتي وهذا ما ينافي جكلة وتفصيلاً ايدولوجية الحزب في الخلط بين الأممية والقومية ؟
لكن هذه هي الحركة الكردية وهؤلاء هم قادة زعماء الأحزاب الكردية
فإلى أين يتجه المخاض الكردي ؟
لثقتي ومتابعتي لأطروحاتك ونقدك بعيداً عن التحزب أطرح هذه الأسئلة للاستفادة منها في مشروع كتابتي الحالية والمتواضعة في جامعة هانوفر قسم العلاقات العامة
ولك مني جزيل الشكر
…….:::……
إنني بدايةً أشكر الصديق “نجيب الحسن” لثقته وشهادته الطيبة بحقي وكل التمنيات حقيقةً أن نكون بذاك المستوى والثقة، بل أن نقدم الأفضل دائماً من قراءات تخدم قضايا شعبنا وحقوقه الوطنية الكوردستانية.
أما وبالنسبة للإجابة على تساؤلاته فإننا نستطيع أن نقول التالي؛ بأن الوطن أو بالأحرى المفاهيم الوطنية تخضع للكثير من المنلطلقات الفكرية الأيديولوجية وكذلك للوقائع والمعطيات على الأرض. وهكذا ومن خلال مراجعة لبرامج وأدبيات الحركات الكوردية سوف نلاحظ بأن كل التيارات تؤمن بأن هناك وطن للكورد بأسم كوردستان، لكن هل يمكن المطالبة به وتحقيقه في ظل الواقع والظروف الراهنة .. أعتقد هنا تكمن المعضلة التاريخية بين البرامج النظرية السياسية وتحقيق ما هو ممكن على الأرض وبالتالي إتباع سياسة واقعية بعد عقود من التنظير السياسي وشعار “تحرير وتوحيد كوردستان”.
كما علينا أن ندرك كذلك بأن هناك مشروعان سياسيان داخل الحركة الوطنية الكوردية ونقصد بهما كل من مشروع العمال الكوردستاني من خلال قراءة سياسية تعتمد على التوافق بين مبادئها وقيمها اليسارية الماركسية والتي انطلقت وتأسست عليه وبين القيم والمبادئ الليبرالية الجديدة والتي تبناه مفكر وزعيم المنظومة خلال مرافعاته من سجنه في إيمرالي ونقصد طبعاً الزعيم السياسي للعمال الكوردستاني ” عبدالله أوجلان”.
وبالمقابل هناك المشروع الكوردي التقليدي أو المحافظ ونقصد به؛ المشروع الذي تبنته الحركة الكوردية مع إنطلاقة أول تنظيم سياسي -الحزب الديمقراطي الكوردستاني- والذي عرف في أجزاء كوردستان الأربعة بمنظومة البارتي لاحقاً وعلى الأخص بعد تجربتي “جمهورية مهاباد” و”الثورات الكوردية” تحت قيادة البارزاني الأب حيث المطالب الحقوقية القومية ضمن مشروع قومي على خطى تجارب شعوب المنطقة عموماً.
وهكذا فهناك مشروعين وفريقين أو تيارين سياسيين كبيرين ولكل منهما مشروعه السياسي وتحالفاته الإقليمية والدولية ويحاول أن يحقق بعض الإنجازات على الأرض للحفاظ على جماهيره وزخمه السياسي في مواجهة ومنافسة الطرف والتيار الكوردي الآخر وإن أجبر أحياناً على القبول ببعض الشروط والدخول في محاور إقليمية تقودها دول غاصبة لكوردستان.
وإن كلا التيارين يحاولان تنفيذ مشروعه السياسي على الأرض بمساعدة الحلفاء ويدركون بنفس الوقت أن الآخرين ليسوا جمعيات خيرية تقدم على طبق من ذهب ما يطالبان به .. وبالتالي ولتحقيق المشروع الخاص به لا بد من تقديم الكثير من الخدمات وأحياناً التنازلات لقوى إقليمية ودولية وإن هؤلاء الأخيرين يدركون هذه الحقيقة، بل ويستغلون ظروف كل طرف كوردي وإحتياجاته للدعم العسكري اللوجستي وكذلك السياسي الدبلوماسي.
وبالتالي يقومون بفرض شروطهم مثل إجبار القوات العسكرية على تحرير كل من الموصل والرقة ومحاربة “داعش” عموماً، لكن الأهم علينا أن ندرك بأن كلا القوتين والمعسكرين؛ الإقليمي والدولي لن يسمحا بقيام كورستان الكبرى كما لم يسمحوا بتوحيد البلدان العربية في وطن عربي موحد وإن هذه الحقيقة يدركها القيادات الكوردية في كلا المنظومتين السياسيتين ولذلك نجد المطالبة بالفيدرالية كنظم سياسية وكسقف سياسي لمشاريعهم الوطنية.
ولذلك فإن تكفير منظومة العمال الكوردستاني -وللأسف- يَصْب بطريقة مدروسة لصالح مشروع تقسيمي للكورد بين السنة والشيعة حيث وبعد تجربة البلدان العربية في الإنقسام بين فريقين ومحورين سياسيين متصارعين وعلى مدى قرن كامل، فها هو الغرب يعيد تجربة مشابهة مع الكورد حيث ومن خلال مقارنة مستعجلة بين واقع شعبنا وما يخطط وينفذ بهم ولهم خلال المرحلة الحالية وذلك مع ما تم تنفيذه للعرب وبهم خلا القرن الماضي، نلاحظ إننا نسير على نفس الخطى وإن كانت هناك إختلاف في بعض الملامح التفصيلية حيث تم تقسيم العرب بين معسكري الشرق “الإشتراكي” والغرب “الرأسمالي”.
لكن وبما أن مرحلة الإنقسام الأيديولوجي تلك إنتهت بإنتهاء الاتحاد السوفيتي والمعسكر الإشتراكي وكذلك لنتيجة تخلي العمال الكوردستاني عن الكثير من تلك المبادئ والشعارات الثورية الإشتراكية، فكان لا بد من إيجاد محور آخر لربط المنظومة العمالية -أو على الأقل دفعه لذلك حيث يكون الخيار الوحيد أمامه للتنسيق معه في سبيل إنجاح مشروعه السياسي- وذلك مقابل منظومة البارتي للديمقراطي الكوردستاني والمدفوع هو أيضاً نحو المحور الآخر المقابل؛ أي السني -تركيا والسعودية وقد رأينا ونرى التنسيق وزيارات الرئيس مسعود بارزاني للدولتين- وبذلك فإن الغرب يكون قد أعاد المنطقة للمربع الأول من صراع ربما يدوم قرناً جديداً، كما تنبأ لها كسينجر في سبعينات القرن الماضي ونفذها دوائر الإستخبارات الغربية والأمريكية.
وبالتالي يكون الغرب قد ضمن بقاءه في المنطقة كراعي ودولة إنتداب وبمسميات جديدة في منطقة غنية بالثروات البشرية والطبيعية قد تكون البترول ومستقبلاً المياه إحدى أهم تلك الثروات ولكن وبكل تأكيد لن تكون الوحيدة حيث هناك الطرق التجارية ومصالح شركات بيع الأسلحة والمعدات العسكرية وكذلك هناك الطاقة البشرية وقضية الهجرة والإستفادة من الأجيال الناشئة والوافدة والتي ستغطي العجز السكاني والتي تعاني منها القارة الأوربية العجوزة وذلك بعد تدريبهم وتأهيلهم وفق متطلبات مجتمعاتهم وحياتهم الإقتصادية وغيرها من القضايا التي تخدم مصالحهم الاستراتيجية في المنطقة.[1]