=KTML_Bold=النظام الفيدرالي هي ثقافة المرحلة سياسياً=KTML_End=
#بير رستم#
إن المجتمعات البشرية خاضعة لتطورها الفكري الحضاري لكل مرحلة تاريخية ما وبالتالي لما تنتجها من قيم إنسانية حضارية وفي مختلف الصعد الحياتية وعلى رأسها النظم الإدارية لتسيير حياة مجتمعاتها وذلك إبتداءً من الخلية البشرية الأولى لها؛ “أي العائلة” ووصولاً إلى مجتمعاتنا الحالية حيث الدولة المدنية المعاصرة بمنظوماتها السياسية المختلفة والتي شهدت في طريقها التطوري؛ عصر الممالك والإمبراطوريات وصولاً للدولة القومية المركزية إلى أن رأينا منظومة العمل السياسي القائم على فكرة بناء الدولة الفيدرالية مع نهايات القرن الثامن عشر وولادة الولايات المتحدة الأمريكية 1787م من (13) ثلاثة عشر ولاية لتنتهي ب(51) ولاية حالياً كأقوى وأعظم دولة فيدرالية في العالم والذي يضم أيضاً _أي النظم السياسية الفيدرالية_ أهم دول العالم في منظومتها السياسية القائمة على النظام الفيدرالي.
وهكذا فإن قضية الفيدرالية وإعادة رسم حدود الدول الوطنية السابقة التي عرفت بمنظومات سياسية مركزية شديدة القمع والاستبداد تجاه الأقاليم والمكونات الأخرى _الأقليات_ بدأت تشهد إنهياراتها في المنطقة العربية مع موجة “الربيع العربي” ويقول الأستاذ “حسن عباس” في مقالة له بعنوان؛ “أوهام الجغرافيا القديمة القاتلة” وبخصوص المسألة ما يلي: “أن هيمنة جماعة على جماعات أخرى بحجة السلطة المركزية صارت فكرة تنتمي إلى الماضي، فهو يحدّد دوراً جديداً للسلطات المركزية في أيّة دولة إتحادية متنوّعة قومياً أو طائفياً، ألا وهو ضمانها بنفسها الشروط الموضوعية للامركزيتها. وهذا يعني أن استمرار الدول بحدودها الحالية قد يستمر، ولكنه سيكون مسألة شكلية تغلّف حقيقة تقاسم الجماعات المتصارعة للنفوذ والتوصّل إلى نوع من ترسيم حدود جديد لمناطق انتشار ونفوذ الجماعات، ترسيم ستحميه قوى عسكرية لامركزية”.
إذاً فإن حركة التاريخ كمسار تطوري تقدمي للجماعات البشرية السكانية تفرز دائماً واقعاً مفروضاً ملائماً في العلاقات المجتمعية الإنسانية ومع تطور التقانة الصناعية والثقافية من حالة الفكر الشمولي الجمعي إلى التعددية والإختصاص _حيث الطبيب العام لم يعد ذاك الطبيب المرغوب، بل إن الإخصائي هو الأفضل لعلاجنا_ وهكذا في السياسة أيضاً؛ حيث المركز الإداري لن يعالج كل قضايانا التنظيمية الإدارية والسياسية الثقافية والمجتمعية الإقتصادية، بل إن الأقاليم والكانتونات هي الأكثر معرفة وقدرة على تشخيص واقعها وبالتالي الأكثر قدرةً على إدارة مناطق نفوذها السياسي المجتمعي .. ولذلك فإن الدولة المركزية (الطبيب العام) لم يعد صالحاً مع واقع المجتمعات السياسي (الصحي) مرحلياً ولا بد لنا من القبول والخضوع لحركة التاريخ التصاعدية وبالتالي القبول بالنظام السياسي الفيدرالي كواقع إداري سياسي لمجتمعاتنا المعاصرة ومنها سوريا.[1]