=KTML_Bold=ريزان حدو: الكرد بين الإعلام و الواقع=KTML_End=
” كم أكره من علمني الدرس الأول في التاريخ ، كردياَ كان صلاح الدين وانتصروا… أصبحَ عربياً ماذا لو هُزمَ صلاح الدين؟ لأصبح جاسوساً كردياً؟! ”
بهذه الكلمات لخص الشاعر الفلسطيني معن بسيسو قدر الشعب الكردي مع محيطه الذي ما فتئ يستخدم سياسة مصلحية منفعية ضيقة مع الشعب الكردي.
و مع تطور وسائل الاتصال الذي أحدثته ثورة التكنولوجية ، كسر احتكار السلطات للمعلومة و الخبر و الحقيقة التي تريد تلقينها لمؤيديها ، و كشف هشاشة سياساتها المتبعة بحق الشعب الكردي ، و باتت السلطات تجد صعوبة في إقناع مؤيديها بصوابية رؤيتها و تعاملها مع الكرد ، مما استرعاها إلى الانتقال من مرحلة الإنكار إلى مرحلة الاعتراف بوجود شعب و لكنه شعب عميل و متآمر أو بأحسن الأحوال شعب قاصر لابد من فرض الوصاية عليه .
و جوبهت كل محاولات الكرد لرفض الوصاية و الدعوة إلى الشراكة ، بمجازر يندى لها الجبين ( مجزرة ديرسم – مهاباد – الأنفال – حلبجة – جزيرة بوطان – نصيبين ) مصحوبة بحملات إعلامية تحريضية مبنية على الكراهية المطلقة ، مستخدمين السياسة الإعلامية الوحيدة التي تناسب مشروعهم و ثقافتهم ، سياسة الألماني جوزيف جوبلز مهندس ماكينة الدعاية الألمانية النازية « اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس » ، و تتجلى تلك السياسة بأوضح صورها هذه الأيام إثر استفتاء اقليم كردستان متجاهلين أن الإستفتاء نتيجة و أن العلة ليست في الإستفتاء ، و معرفة العلة الحقيقية تكمن في دراسة أمينة شفافة لمرحلة ما قبل الاستفتاء إن كانت النوايا هدفها محو الأخطاء السابقة و ليس محو الوجود الكردي ؟!
و هذا ما يستبعده المراقبون ( أقله حاليا ) فالحملة التحريضية لم تكن موجهة لحزب أو زعيم كردي بل كانت حملة شاملة لكل الشعب الكردي إن كان في العراق أو تركيا أو سوريا أو إيران و على مختلف مشاربهم و انتماءاتهم الحزبية و توجهاتهم .
و مع انتهاء صلاحية و مفعول حملات إنكار وجود الشعب الكردي ، تم الاستعانة بالخطة الشعبوية ، شيطنة كل الشعب الكردي ووسمهم بالعمالة للإمبريالية و الصهيونية ، و التذرع بهذه الفرضية لتبرير موقفهم العدائي الاستعلائي منطلقين من شعار ” لن نسمح بتواجد إسرائيل ثانية على حدودنا ” ؟!
ان تتذرع تركية بهكذا فرضية لا يمكن فهم و توصيف هذا الموقف التركي إلا أنه مزيج من الفجور و العهر السياسي ، فيكفي التذكير بأن أول دولة إسلامية أقامت علاقات رسمية مع إسرائيل كانت تركيا و ذلك في 28 مارس 1949 ،
و آخر اتفاقية وقعها الساسة الأتراك مع إسرائيل كانت اتفاقية روما في يونيو 2016 و الذي تحدث عنها وقتئذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو قائلا” ( إن الاتفاق مع تركيا سيمنع أي أنشطة “إرهابية” من الأراضي التركية ضد إسرائيل، معتبرا أنه انتصار للجانبين التركي والإسرائيلي وضمان لمصالح البلدين ) .
اما حكومات طهران و بغداد و بدرجة أقل دمشق ( التي نأت بنفسها حتى الآن عن تبني هكذا خطاب تصعيدي) ألا يحق لشعوبها أن تطرح التساؤلات التالية :
– ألم تكن إسرائيل على حدود طهران و علمها يرفرف في أنقرة ؟! تركية صاحبة الحدود الشاسعة مع إيران .
– أليست إسرائيل على حدود ( طهران – بغداد – دمشق ) ، و إسرائيل تسيطر على الاقتصاد و الجيش التركي عبر يهود الدونمة ؟!
ألم تحفروا أنتم في دماغنا أن يهود الدونمة يسيطرون على تركيا ؟!
– أليست تركية صاحبة العلاقات الراسخة مع إسرائيل ، و الموغلة بالدم السوري خاصة و بالدم العربي عامة في ( ليبية – مصر – الصومال – الخليج )
– أليست إسرائيل في قطر ، و قطر على حدود إيران و العراق ، و المجال الجوي الإيراني و العراقي مفتوح لقطر ؟!
– ألم تكن إسرائيل في قطر عندما كانت أعلام و صور قادة قطر ترفع في بيروت و طهران و دمشق مزيلة بعبارة شكرا” قطر ؟!
– ما السر في استغلال استفتاء أربيل للتصويب و التحريض على الكرد في سورية ؟!
ما الذي فعله الكرد في سورية ضد السوريين ، و ما الذي فعله الرئيس التركي أردوغان بحق السوريين ؟!
– ألم يكن من الأجدى الاعتراف بحقوق الشعب الكردي و تقديم كل الدعم له ليكون شريكا” كامل الحقوق في هذه المنطقة
– ما منعكم من تحويل أربيل إلى إيران الثانية أو سورية الثانية أو عراق ثان ؟!
– كيف أقنع الكردي البسيط بأن يبذل دمه لحماية فكرة يرى أصحابها أن الكردي مهما علا شأنه فهو إما قرباطيا” أو بويجيا” ، خطأه مهما صغر فهو كبير و خطأ غيره مهما كبر فهو صغير ، و بالتالي الكردي الجيد هو الكردي الميت .
لنرتب الأمور بالشكل الصحيح :
إسرائيل الأولى في فلسطين المحتلة
و إسرائيل الثانية في تركيا
و إسرائيل الثالثة في قطر
عندما تعترفون بذلك عندها فقط قد يحق لكم الحديث عن إسرائيل أخرى و لكن تذكروا أنها لن تكون الثانية بل الرابعة .
ريزان حدو كاتب و سياسي – عفرين
[1]