=KTML_Bold=هيفيدار ملّا: الإعلام الكردي في سوريا خطوات متلعثمة=KTML_End=
كورداونلاين
هيفيدار ملّا
ما حدث في مؤتمر القاهرة من تجاذبات وتضخيم من قبل الإعلام كان له وقع وانعكاس سلبي على الشارع السوري بشكل عام، أدى لفقدان الثقة بالمعارضة السورية بشكل عام واتهام الكرد بفشل المؤتمر
في ظل ثورة المعلومات والاتصالات الحديثة، والتقدم والتطور والازدهار الملحوظ في مجال الإعلام وتأثيراته على مستوى العالم, ومع انتشار قنوات الاتصال والمعرفة المتعددة, بات ملحوظاً للعيان، النقل الهائل للمعلومات والأخبار المتدفقة في لحظتها عبر منابع متعددة تصل إلى البشرية جمعاء, إن كل هذا الزخم تقوم به وسائل الإعلام، التي ما برحت تلعب الدور الرئيسي والملحوظ في إبراز الأحداث، من خلال تغطية شاملة لكل حدث على حدا، ضمن سلسلة تراتبية يتصدرها الخبر الأهم. تلك التغطية تشمل كل المجالات وعلى كافة الأصعدة -السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية- من خلال البحث في أعماق وجذور وأصل المشكلات، ليصبح الإعلام المرآة المعكوسة للمجتمعات، ومن خلالها تستطيع الشعوب التعرف على ثقافات الغير ومعرفة أوضاعها الحقيقية سلبية كانت أم إيجابية!!. إن ثورة الاتصالات فجرت الكبت الذي عاش بداخل الإنسان والقيود المفروضة عليه، حتى وصل في القرن الحادي والعشرين الانفتاح المعرفي لكل بيت، يتواصل خلالها الإنسان بالواقع عبر حواسيب شخصية مع أي فرد أخر في أقصى الأرض، إن تلك المعرفة فتحت آفاق وتطلعات واسعة لدى الجيل الصاعد، و كان من نتاجها ثورات الربيع العربي التي اعتمدت بشكلٍ كبير على مواقع التواصل الاجتماعي وفجرت خلالها لهيب الثورات ضد أنظمة قمعية مستبدة استطاعت بسط سيطرتها على الشعوب لعقود عدّة. ولكي لا نخرج عن صلب موضوعنا، فقد كانت الثورة السورية إحدى نتاج تلك المعرفة ووسائل الاتصال والإنماء العقلي لدى المكون الشبابي، ولأن الحديث عن الثورة السورية عموماً أخذ حيزاً واسع من الكتابة، نستهل اليوم الحديث عن واقع الإعلام الكردي في سوريا ، خاصةً وأن الأكراد لاقوا الظلم وأتبعت معهم الأنظمة المتتالية بعد الاستقلال سياسات عنصرية شوفينية، حرمتهم من نشر ثقافتهم، والتحدث بلغتهم، إضافة لسياسة الإقصاء والحرمان من الجنسية وصهرهم في البوتقة العربية، ومنع أحزابها حق العمل السياسي. ولأن الأحزاب الكردية كانت المظلة الدائمة والممثلة للكرد منذ ستينات القرن الماضي لم تستطع تلك الأحزاب –إعلامياً على أقل تقدير- الخروج عن طابعها الحزبي الكلاسيكي المنضوي تحت سقف صحافة محلية – شعبوية. الأحزاب الكردية مشتتة حالها حال المعارضة السورية، لم تسير مع ركب الثورة القائمة كما لم تنتج آلة إعلامية رصينة تواجه بها آلة النظام القمعي، على عكس إعلام الثورة السورية الذي ما فتئ الشباب السوري خلاله مواجهة النظام السوري عبر استخدام كافة تقنيات التواصل الإعلامي، وفضح أساليب هذا النظام من خلال استخدام تقنيات بسيطة، استطاعت خلالها إيصال صوت الثورة لكل العالم، عبر النشطاء الميدانين الذين صنعوا ظاهرة المواطن الصحفي كمراسل أو شاهد عيان، في ظل التعتيم الإعلامي على الثورة، ومنع النظام السوري دخول القنوات والوكالات العربية والعالمية لتغطية الأحداث.
منذ انطلاقة الثورة في شهورها الأولى خرج الأكراد في مناطقهم عاهدين السير لجانب أخوانهم السوريين في باقي المحافظات حتى إسقاط النظام ونيل الحرية، استطاع خلالها النشطاء الأكراد من إيصال موقفهم المساند للثورة في كل أنحاء سوريا، معتمدين على أجهزة بسيطة في نقل أحداث مناطقهم ذات الغالبية الكردية ولكن ليس بذاك الزخم الإعلامي المطلوب، ما يعيده بعض النشطاء الأكراد لعدم دعم الأحزاب الكردية معنوياً وإعلامياً لهم ، وأيضاً لظروف سياسية وتجاذبات بين تلك الأحزاب وبين مكونات المعارضة السورية منذ البداية، حيث كان موقف الأحزاب الكردية مماثل لموقف المعارضة السورية في التفكير ملياً بمطالبهم السياسية قبل التفكير بالدرجة الأولى بانتصار الثورة والشارع السوري.. مع مرور الثورة وبسبب الضغوطات الحاصلة من الشباب الكردي لم يكن أمام الأحزاب الكردية إلا أن تكون المظلة الشاملة والمعهودة للشارع الكردي خشية أن تشتعل المنطقة بنار فتنة مفتعلة من قبل النظام، الذي مارس على مدى عقود سياسة التفرقة بين مكونات منطقة الجزيرة بكل أطيافها، نتج عن تواصل الأحزاب مع الشارع الكردي تشكيل مجلس وطني كردي توحدت خلاله غالبية الأحزاب الكردية والقوى الوطنية المستقلة إضافة إلى التنسيقيات التي كانت تسيّر الشارع الكردي، ورغم عدم دخول الجيش للمناطق الكردية حتى اليوم، إلا أن هذا لا يعود لانعدامية الحراك الثوري فيه، على العكس تماماً فالحراك الثوري في المناطق الكردية لا يقل أهمية عن أي محافظة أخرى، خاصةً بعد تشكيل المجلس الوطني الكردي، إلا أن الضعف الإعلامي لدى المجلس الوطني الكردي كان من أهم الأسباب التي أدت لاتهام الكرد بعدم مشاركتهم في التظاهرات، وأنهم يستغلون الأحداث، ولا يأخذون موقفاً حاسماً اتجاه الثورة، وهذا خطأ فادح بحق الكرد. إن أهمية الإعلام المتطلبة في هذه المرحلة تعود إلى أن الثورة السورية برمتها استطاعت إيصال صوتها لكل العالم، ما يتطلب من المجلس الوطني الكردي العمل على إنشاء آلية براغماتية إعلامية فعالة تسير مع التطورات الحاصلة في سوريا، تبرهن خلالها أن الكرد جزء حقيقي من الثورة السورية، كما تكون تلك الآلة مرآة تعكس حقيقة وواقع الحراك في المناطق الكردية منذ انطلاقة الثورة، وأيضاً تستطيع خلالها إيصال المطالب المحقة والمشروعة للأكراد إلى المعارضة السورية مستقبلاً وذلك من خلال:
- إنشاء مكتب إعلامي للمجلس الوطني الكردي يتواصل خلاله مع المعارضة السورية الداخلية والخارجية ، إضافة للتواصل مع الدول الإقليمية والعالمية ونقل الصورة الحقيقية عن الكرد ومناطقهم ومشاركتهم في الثورة.
- لأن الإعلام بات سمة وقوة أساسية لها تأثيراتها، بات لزاماً على المجلس الوطني الكردي العمل على فتح آفاق واسعة، وممرات بينه وبين القنوات
الإعلامية، من أجل نقل الصورة الواقعية لدورهم في الحراك الثوري.
- لا بد من العمل على تقوية الحراك الثوري في المناطق الكردية إعلامياً، ن خلال دعم النشطاء الأكراد ومن خلفهم الإعلاميين والصحفيين الكرد، وذلك
بالعمل على زجهم في ميادين الإعلام ودعمهم في إيصال صوت الكرد داخلياً وخارجياً وذلك بفتح مكاتب إعلامية في كافة المناطق الكردية.
- من خلال تشكيل تلك المكاتب الإعلامية يستطيع المجلس الوطني الكردي الممثل الشرعي لغالبية الأكراد اليوم، دحض كل الاتهامات الموجهة للمشاركة
الكردية في الثورة وإيصال الصورة الحقيقية لتظاهرات ومطالب الكرد. إن الإهمال وعدم الاهتمام بضرورة الإعلام من قبل الأحزاب الكردية في مناطقهم خلق تعقيدات كثيرة في الداخل والخارج السوري بشأن مشاركة الكرد في الحراك الثوري، خاصةً وأن الثورة السورية اعتمدت بشكل كبير على الإعلام، كما كان لكذب وتلفيق إعلام النظام السوري بأن الأقليات في سوريا مساندة للنظام دور كبير في انعكاس الصورة الحقيقية للواقع، وتشكيل صورة نمطية عن دور الكرد ومشاركتهم في الثورة، هذا ما بات جلياً وواضحاً في عدم توصل المجلس الوطني الكردي لاتفاق مع كافة قوى المعارضة، من خلال
المطالب الكردية التي لا تتجاوز ضمانات تكفلها لهم المعارضة السورية مستقبلاً بعد إسقاط النظام، إن عدم وجود إعلام كردي قوي ساعد على زيادة الفجوة بين الكرد وباقي مكونات الشعب السوري المشاركة في الثورة، من خلال إلفاق التهم جزافاً بحق الكرد، وكان أخرها انسحاب الكرد من مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة، فلو استطاع المجلس الوطني الكردي إنشاء قاعدة إعلامية رسمية مؤثرة، لربما أدركت آنذاك القوى الثورية والمعارضة المطالب الحقيقة للكرد، وذلك من خلال التواصل مع الحراك الثوري وكسب تأييده للمطالب الكردية، ومن ثم إقناع المعارضة السورية بأحقية تلك المطالب التي تطالب بإقرار حقوق الأكراد في الدستور السوري المستقبلي.
إن ما حدث في مؤتمر القاهرة من تجاذبات وتضخيم من قبل الإعلام كان له وقع وانعكاس سلبي على الشارع السوري بشكل عام، أدى لفقدان الثقة بالمعارضة السورية بشكل عام واتهام الكرد بفشل المؤتمر، ما منح مبرر كبير للنظام وأزلامه في انتقادهم، هذه الخلافات بين قوى المعارضة انعكست على النشطاء السوريين الذين باتوا يلقون اللوم على الأكراد و انسحابهم من المؤتمر دونما دراية بأن الوثيقة المعلنة هي بمثابة بنود دستورية مستقبلية من حق الأكراد أن يوصفوا خلالها بأنهم شعب كردي لهم جذورهم التاريخية في المنطقة، ليست هذه المرة الأولى التي تنسحب فيها القوى الكردية من مؤتمرات المعارضة عندما تقصّى حقوقهم، لكن ما حصل في القاهرة وأمام مرأى ملايين المشاهدين من تجاذبات ومناوشات، وضع صورة نمطية عن الأكراد، ما يتطلب من ممثلي الشارع الكردي ومجلسه الوطني التفكير بجدية، والعمل على إيجاد آلية إعلامية توصل مطالبهم للغير، دونما الوقوع في فخّ التصيد
الإعلامي مراراً وتكراراً.
[1]