رفع شعار إستقلال كوردستان (3) (الحلقة الأخيرة)
د. مهدي كاكه يي
نقطة مهمة أخرى لابد الإشارة إليها وهي أن القضية الكوردستانية غير معنية بجزء مُعيّن من كوردستان و علاقة ذلك الجزء بِحكومة الدولة المُغتصِبة لكوردستان، بمعزل عن الأجزاء الأخرى، و بكلام آخر فأن القضية الكوردستانية هي قضية واحدة لشعب واحد، مُغتصَب وطنه من قِبل عدة دول، لذلك لا يمكن حل القضية الكوردستانية بتجزئة هذه القضية الى عدة قضايا مستقلة و كل قضية تكون مرتبطة بإحدى الدول المُغتصِبة لكوردستان بحيث يتم عزل الأقاليم الكوردستانية عن بعضها البعض، بل أن القضية هي قضية شعب كوردستان بأسره و حل القضية الكوردستانية يتم فقط على نطاق كوردستان بأكملها لأن القضية الكوردستانية هي قضية الكوردستانيين جميعاً و لا يمكن حلها ضمن نطاق كل دولة مُغتصِبة لجزء من كوردستان بمعزل عن الأجزاء الأخرى.
مما سبق، يتوصل المرء الى حقيقتَين مهمتَين، الأولى هي إستحالة تمتع الشعب الكوردستاني بحقوقه في المستقبل المنظور في ظل الدول المُغتصِبة لكوردستان، حيث لا تعترف حكومات و شعوب الدول المُغتصِبة لكوردستان بحق تقرير المصير لشعب كوردستان.
إن التطور الإجتماعي للمجتمعات البشرية عبارة عن عملية بطيئة جداً، لذلك فأن تطور شعوب البلدان المُغتصِبة لكوردستان يستغرق أجيالاً عديدة، عندئذٍ قد يرتفع المستوى الفكري و وعي هذه الشعوب بحيث تتبنى النظام الديمقراطي و تتفاعل مع المفاهيم و الأفكار الإنسانية المعاصرة و تعترف بحق شعب كوردستان في تقرير مصيره و التعبير عن إرادته.
الحقيقة الثانية هي أنه لا يمكن حل القضية الكوردستانية في كل جزء مُغتصَب من كوردستان بمعزل عن الأجزاء الأخرى، حيث أن تجزئة القضية الكوردستانية تعني تجزئة كوردستان وتشتت شعبها و نضاله.
للأسباب السابقة الذكر، فأن رفع شعار الحكم اللامركزي أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية أو الكونفيدرالية الديمقراطية من قِبل شعب كوردستان للعيش تحت حكم الإحتلال، هو خطأ تأريخي فادح، حيث لا يمكن تحقيق تمتع الكوردستانيين بحقوقهم في ظل حكم عنصري شمولي و العيش مع شعوب متخلفة لا تقرّ بحقوق شعب كوردستان. كما أن رفع مثل هذه الشعارات للقبول بالعيش في ظل الدول المُغتصِبة لكوردستان، هو إقرار صريح بقبول إغتصاب كوردستان و تجزئة شعبها. إن تجزئة القضية الكوردستانية تعني أيضاً تجزئة النضال الكوردستاني و التي بدورها تؤدي الى إضعاف هذا النضال وتقليل فرص تحقيق طموحات شعب كوردستان، بينما تقوم الدول المُغتصِبة لكوردستان بالتنسيق فيما بينها سراً و علناً لتتمكن من الإستمرار في إغتصاب كوردستان و إستعمار شعبها و الوقوف بوجه تطلعات الكوردستانيين في التمتع بالحرية و الإستقلال و من أجل الإستمرار في نهب ثروات كوردستان.
إن عدم ثبات الشعارات التي ترفعها الثورات و التنظيمات السياسية الكوردستانية و ضبابيتها، تؤديان الى عدم تحقيق الأهداف الكوردستانية و إرباك شعب كوردستان و نضاله، حيث أن الثورات و الأحزاب الكوردستانية تقوم بتغيير هدف نضالها بإستمرار كأنْ تناضل من أجل الإدارة اللامركزية أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية أو حق تقرير المصير أو الإستقلال.
إن عدم رفع شعار إستقلال كوردستان تجعل القضية الكوردستانية شأن من الشئون الداخلية للدول المُغتصِبة لكوردستان و بذلك تتقوقع القضية الكوردستانية داخل حدود الدول المُغتصِبة لكوردستان و تمنعها أن تصبح قضية عالمية لشعب مستعمَر و بلاد مُغتصَبة تحتاج الى تدخّل الأمم المتحدة و الدول الكبرى و تلقّي الدعم و المساعدة منها ليتحرر شعب كوردستان من العبودية و الإحتلال.
فيما يتعلق بهذا الموضوع، يجب التأكيد على أنه لا يحق لفرد أو حزب أو مجموعة ما أن تقرر مصير شعب كوردستان بمفردها، بل يجب رفع شعار إستقلال كوردستان ليتحرر من الإحتلال الإستيطاني و يعيش بكرامة و عزة في وطنه، حيث أنه ليس هناك شعب على كوكبنا الأرضي يرضى أن يكون عبداً في وطنه و يوافق على أن يتم إغتصاب بلاده و إلغاء و محو هويته و لغته وثقافته و تراثه وتأريخه و نهب ثروات بلاده.
[1]