بعد 5 أعوام من إنهاء سيطرة داعش الجغرافية.. معطيات تشير لاستمرار خطورته
ألحقت قوات سوريا الديمقراطية هزيمة مدوية بمرتزقة داعش قبل 5 أعوام، وقضت عليه جغرافياً، لكن تنامت هجمات داعش الدموية في سوريا خلال العامين الماضيين، لتشير المعطيات في الواقع استمرار خطورته، ولمساعيه المستمرة للعودة عبر استغلال الفرص.
قضت قوات سوريا الديمقراطية في ال #23-03-2019#، على حلم مرتزقة داعش بإقامة ما تسمى الخلافة الإسلامية، مع إعلانها قبل 5 أعوام تكليل جهودها بالنصر النهائي على داعش في آخر جيب له في بلدة الباغوز.
وبعد فقدان مرتزقة داعش للأرض، لجأت فلولها المتوارية عن الأنظار إلى استراتيجية جديدة باتباع أسلوب ما سمي الذئاب المنفردة واتباع حرب العصابات (الضرب والتخفي) خلال الأعوام ال 5 الماضية، أفضت لمجازر وجرائم دموية، تمهيداً للعودة، خاصة أنه لا زال يمتلك خبرة عسكرية ومقاتلين متمرسين ضمن خلايا متخفية في مناطق صحراوية نائية في سوريا، ويقدر عددهم ب 10 آلاف مرتزق، وفق قياديين في قسد.
ويعدّ الهجوم على سجن الصناعة في #20-01-2022#، من قبل مرتزقة داعش الذي استخدم خلاياه النائمة للمساعدة في فرار مرتزقتها المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية، هو الأوسع نطاقاً منذ هزيمته في سوريا عام 2019.
ويعرف سجن الصناعة بنزلائه المتشددين والمتطرفين ينحدرون من 50 جنسية مختلفة، وعند الهجوم شهد السجن حالة من الفوضى والاستعصاء وخلع لأبواب المهاجع وكسر أقفالها، الأمر الذي مكّن عدد منهم الهروب والدخول لأحياء مجاورة للسجن في مدينة الحسكة، لكن سرعان ما أعادت قسد وقوى الأمن الداخلي السيطرة على السجن والقضاء على من تخفوا في تلك الأحياء.
وكان داعش بعد ذلك يطمح للسيطرة على مدينة الحسكة والوصول لمخيم الهول، الذي يضم الآلاف من أُسر داعش، ثم الوصول إلى مدينة الرقة التي كانت ذات يوم المعقل الأساسي لهم، لولا التدخل السريع لقوات سوريا الديمقراطية وتطويق بؤر الاشتباك.
ولليوم تشكل مراكز احتجاز مرتزقة داعش أرضاً خصبة ل داعش في ظل الغموض الذي يلف مصيرهم الملغوم بقبول دولهم لإعادتهم، وهذا ما لا ترغب به أغلب الدول، وموقف السويد الأخير ورفضها لإعادة رعاياها قد يشير لذلك.
ولا يقل مخيم الهول القنبلة الموقوتة، أخطر مخيمات العالم، عن السجون التي يحتجز فيها مرتزقة داعش، إذ تنشئ زوجات مرتزقة داعش والمتمسكات بذهنية داعش، جيلاً جديداً أكثر تطرفاً وعنفاً.
وشهد عام 2023 أعمالاً دموية في سوريا، في إشارة لزيادة نشاط مرتزقة داعش الذي أثار حالة من الرعب والفوضى، إذ نفذ 336 عملية، بينها 165 عملية في مناطق بإقليم شمال وشرق سوريا، وما تبقى في مناطق أخرى من سوريا، وبالتحديد في البادية السورية، أدت لمقتل 700 شخص من مدنيين وعسكريين، عبر اغتيالات وهجمات باستخدام الأسلحة الكاتمة والقتل بأدوات حادة، أو زرع عبوات ناسفة وألغام، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ومع مطلع عام 2024، شن مرتزقة داعش عشرات الهجمات في البادية السورية التي تسيطر عليها قوات حكومة دمشق، فمن تاريخ 15 شباط إلى 16 آذار، حصدت مخلفات الحرب وهجمات مرتزقة داعش أرواح 80 شخصاً بينهم نساء وأطفال وعسكريون في تلك المناطق.
كما صعّد مرتزقة داعش من تحركاته مؤخراً في مدينة الحسكة، اذ استهدفوا في عمليات عدة مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية.
وتنفس وتعافي خلايا داعش وقدرتها على الحركة بأريحية في المنطقة، يأتي بعد موجة أخيرة لا تزال مستمرة من هجمات دولة الاحتلال التركي التي دمرت من خلالها المنشآت الخدمية في المنطقة، وكذلك مع تحركات حكومة دمشق في دير الزور لحبك مخططات الفتن، مكّن خلايا داعش من شن هجمات أكثر جرأة من ذي قبل.
وللقضاء على فلول داعش منذ تحرير بلدة الباغوز، تواصل قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي مساعيها للحد من عودته، عبر سلسلة عمليات نفذت خلال عام 2023 ضد داعش، وخلال العام الجاري.
حيث نفذت قوات سوريا الديمقراطية 73 عملية ضد فلول داعش وداعميها، منها 3 عمليات واسعة النطاق (صاعقة الجزيرة، والانتقام لشهداء الرقة، تعزيز الأمن في دير الزور)، واعتقلت خلالها 352 مرتزقاً ومشتبهاً به ومتعاوناً، بينهم 6 ما يسمون بأمراء ومسؤولين لدى مرتزقة داعش.
واستطاعت قوات سوريا الديمقراطية قتل 12 مرتزقاً، بينهم 4 متزعمين خطيرين، وأبو عبيدة العراقي زعيم داعش في مخيم الهول.
وكشفت مصادر أمنية واستخباراتية لقوى الأمن الداخلي مطلع هذا العام مخططاً كبيراً لخلايا داعش بالهجوم على مخيم الهول من الداخل والخارج، بعد زيادة نشاط خلاياه داخل المخيم وخارجه، بالتزامن مع الهجمات التركية التي دمرت البنية التحتية في المنطقة.
وأطلقت قوى الأمن الداخلي عملية الإنسانية والأمن في مرحلتها الثالثة، لضبط الاستقرار في مخيم الهول، في #27-01-2024# ، للقضاء على خلايا داعش وتجفيف المنابع الفكرية المتطرفة والقبض على مطلوبين.
وتمكنت قوى الأمن الداخلي من قتل أمير الاغتيالات في مخيم الهول محمود اللهيبي، الملقب أبو سفيان، المسؤول عن أكثر من 80 عملية اغتيال في مخيم الهول وخارجه، وهو عراقي الجنسية، وعلى تواصل مع أبو عبيدة العراقي، الذي قتل بعملية مشتركة بين قوى الأمن الداخلي وقوات سوريا الديمقراطية في مخيم الهول في #27-01-2023#.
وألقت قوى الأمن الداخلي القبض على 13 مرتزقاً من داعش خلال عملية أمنية واسعة، شملت الحسكة خلال شباط الفائت وامتدت إلى ناحية الشدادي، كانوا يخططون للقيام بأعمال لضرب الأمن والاستقرار في إقليم شمال وشرق سوريا.[1]