يوم تأسيس أول حزب كوردي.. العهد والوعد المنتظر
عزالدين ملا
السياسة اسلوب وأداة بناء العلاقات بين الدول وتنظيمها بما يتفق ويتلاءم مصالح كافة الأطراف، وتحقيق الأمن والاستقرار من جهة والتوازن الاقتصادي والتجاري من جهة أخرى، ومن خلالها يتحقق الضبط والربط. وقد تكون للسياسة دور في تنظيم الأدوار والعلاقات ضمن الدولة الواحدة والمجتمع الواحد، فيتحقق بذلك تكامل مجتمعي من كافة النواحي، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى المعيشية، أمَّا السياسة الكوردية في غرب كوردستان تتماشى عكس ذلك كله.
السياسة الدولية والسياسة الكوردية
ومن هذا المبدأ نلاحظ، أن السياسة الإقليمية والدولية حال والسياسة الكوردية في كوردستان سوريا حال آخر، تعمل مؤسسات وأنظمة الدول العالمية على إخضاع السياسة لخدمة أجنداتها وأمنها القومي، إلا قادة الكورد في غرب كوردستان تجعل من السياسة أداة واسلوب لخداع الشعب الكوردي وضرب مرتكزات الاساسية فيما بينهم، وشمَّاعة لإخفاء فشلهم أو إلقاء هذا الفشل على بعضهم البعض، كما ويساعد هذا الفشل وسائل إعلامية غير منضبطة وغير مهنية، ما يدفع إلى تحريك العاطفة الشعبية لدى الكورد من خلال إلصاق تُهم العمالة والارتزاق، وهذه الهالة الإعلامية يجعل من السهل السيطرة على عقول الشعب، ليدفع به إلى تتبع تلك الهالة وترديده دون وعي وحتى يصل بمداركه إلى تأكيد هذه الهالة والسير خلف سرابه، ويقتنع بكل ما يتم غرسه في عقوله، ل يؤدي ذلك إلى نقطة عدم التمييز بين الخطأ والصح، هذه هي السياسة التي يتم اتباعها على الشعب الكوردي في غرب كوردستان. والاسلوب المتَّبع في مناطق الإدارة الذاتية والتي اقتطعت منه كل ما هو كوردي لتصبح الإدارة الذاتية ل شمال شرق سوريا.
الكورد في غرب كوردستان والحلم المنتظر
الشعب الكوردي في غرب كوردستان، كانوا ومنذ أن ألحقت جزئهم من كوردستان الكبرى إلى الدولة السورية الحديثة والتي تشكلت بعد اتفاقية غير سوية وناقصة بين فرنسا وبريطانية والتي سميَّت اتفاقية سايكس بيكو، يتطلعون إلى كل ما يحصل من شاردة وواردة في أجزاء كوردستان الأخرى، وكانوا ينتظرون أن يتحقق حلم الدولة الكوردية في الأجزاء الأخرى لينضم هو الأخ الصغير إلى الإخوة الثلاثة الكبار في كلٍ من أجزاء كوردستان في العراق وتركيا وإيران، وكانوا اليد العون لهم من خلال توجيه شبابهم للالتحاق بالانتفاضات التي جرت في كل تلك البقع الجغرافية لكوردستان وأيضاً تقديم يد المساعدة مادياً ومعنوياً، ظهرت جليَّاً إبان ثورات البارزانية في كوردستان العراق وبشكل أوضح ثورة أيلول المجيدة بقيادة الملا مصطفى البارزاني وانتفاضة عام 1990، لم يكن في يوم من الأيام من أن يحلم الكورد في غرب كوردستان بالحصول على أي إدارة أو إقليم كوردي في سوريا، لسبب بسيط وهو في عدم وجود جغرافية مناسبة كما في أجزاء الأخرى لتفعيل أي انتفاضة وأيضا لعددهم القليل والتي يصبوا ثلاثة ملايين نسمة وعدم وجود ترابط متصل بين أهم مناطقها الجزيرة وكوباني وعفرين، ومن هذا المنطلق كانوا متتبعين مميزين لكل ما جرى ويجري في الأجزاء الأخرى من كوردستان.
الكورد بعد 2011 والفرصة الملائمة
يبدو، أن قيام الثورة السورية عام 2011 بداية انفتاح كوردي في كوردستان سوريا على العالم، وفرصة ملائمة لتثبيت الرؤية الكوردية في الدستور السوري وإحقاق الحقوق القومية والوطنية المشروعة للشعب الكوردي في سوريا إلى جانب حقوق كافة مكونات الشعب السوري. لذا شدَّت الحركة السياسة الكوردية أحزمتها واصبحت أمام اختبار حقيقي لم تكن في الحسبان، لملمت حقائبها وشكَّلوا تجمع سياسي كوردي ليُباشروا مهمتها الاساسية في النضال إلى جانب كافة مكونات الشعب السوري للوصول إلى دولة سورية ديمقراطية تعددية لا مركزية، ولكن السياسة الغير مجدية المتبعة من قبل الكورد في غرب كوردستان أدخل الشعب الكوردي في أتون صراع كوردي داخلي، صراعه مع نفسه، صراعه مع أجندة ليست أجنداته، مما خلق حالة من التباعد والتنافر بين أبناء الشعب الواحد، مما تعددت الأسماء الحزبية وتحوَّل الصراع الحزبي إلى تشكل طرفين متباعدتين في المبادئ والأهداف والرؤى.
الكورد في غرب كوردستان وإلهائه في صراعات جانبية
انقسم الكورد بين مناصري النضال السياسي ومناصري حمل السلاح شُتّت الكورد وأدخلهم في مستنقع من الدمار الفكري والثقافي والأخلاقي، مما أجبر بالشعب الكوردي إلى دفع الضريبة دون إرادته. أولاً، دخلوا في حروب في أماكن لا ناقة لهم ولا جمل هم بغنى عنه راح ضحيته آلاف الشهداء من أبناء الكورد. ثانياً، صراع معيشي يعيشه الشعب الكوردي نتيجة سياسات الخاطئة من قبل سلطة الأمر الواقع الذي يهمها فقط أتِّباع سياسة التجويع والنهب وفرض الضرائب. ثالثاً، هجرة مئات الآلاف من الكورد إلى خارج الوطن بحثاً عن الأمن والأمان والاستقرار ومستقبل أفضل لأبنائهم.
لذلك الشعب الكوردي في كوردستان سوريا تاه بين مَن حمل راية النضال السياسي والمطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الكوردي، وبين مَن رفع شعارات الأمة الديمقراطية عفى عنها الزمن، ولم يعد يفرق بين الصح والخطأ، ليس لأنه لم يعد يفهم مدارك الأمور بل لأنه غير قادر على الاستمرار، فقد أنهكه الصراع والحروب ماديا ومعنويا.
الكورد في غرب كوردستان والحاضنة الأساسية
السياسة الدولية مازالت في حالة التخطيط ولم تنفذ بعد، ومازال طريق لسياسة كوردية متوازنة ومتوافقة مع سياسات الدول الإقليمية والكبرى سالكاً، والحركة الكوردية وفي مقدمتهم الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا في يوم تأسيسه حامل راية الكوردايتي أمام مهام نضالية مهمة، والشعب الكوردي في غرب كوردستان رغم المعاناة الكبيرة والصراع المستميت للحفاظ على ثباته وبقائه على أرضه، مستمداً هذه العزيمة والاصرار لثقته بنهج الكوردايتي، الذي سار عليه آبائهم وأجدادهم ويجددها الحركة السياسية الكوردية في كوردستان سوريا كل عام في يوم تأسيسه، نهج الوفاء والصبر والخلاص والتضحية نهج البارزاني الخالد.
طريق لملمة الجراح الكوردية مازال مفتوحاً
عليه، اعتقد أن الطريق أمام لملمة الجراح الكوردية مازال معبداً ومفتوحا، والحوار الكوردي الكوردي الحل الوحيد لضمان هذا الطريق وخاصة مع وجود ضامن بحجم دولة عظمى ك الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها فرنسا وبريطانيا، لتكونوا على قدر المسؤولية ولتحافظوا على ثقة الشعب الكوردي وأن تكونوا على عهد مؤسسين الأوائل الذين أسسوا حزب الديمقراطي الكوردستاني، وضحوا بكل ما يملك لبقاء هذا الحزب في طريقه القويم طريق الكوردايتي حتى تحقيق الحقوق القومية والوطنية للشعب الكوردي في سوريا المستقبل، سوريا اتحادية ديمقراطية لا مركزية، سوريا لكل السوريين.
[1]