الى متى يحتاج العراق لنظام ديموقراطي توافقي؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2779 - #24-09-2009# - 16:35
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
من المعلوم ان النظام الديموقراطي الحقيقي يحتاج الى توفير العوامل الاساسية و المباديء العامة و الهامة و لارضية مناسبة من اجل تطبيقه بشكل عادل مستند على الاكثرية و الاقلية و حقوق المواطنين و واجباتهم و الحكومة و المعارضة و ماعليهما و لهما في ظل الحرية و المستوى الثقافي الاقتصادي المطلوب.
اما في واقع مليء بالتناقضات و مجتمع موزائيكي التركيب و ظروف عامة و مستويات وعي كما هو الحال في العراق، فيحتاج لالف وقفة و وقفة من اجل ايجاد الطريقة المثلى لتطبيق الديموقراطية الملائمة في هذا الجو من المشاحنات و في هذه المرحلة المتنقلة من تاريخه، و وضعه الخاص من حيث بقاء ترسبات الماضي و سلبياته و تدخلات دول الاقليم و مصالحهم و مرامي القوى الكبرى العالمية و اهدافها و توازنات القوى الداخلية و ما ورائها، و ابعاد الافكار و المعتقدات المنتشرة و افرازاتها، و مستوى تامين حقوق الانسان و اهمية الراي العام و الصحافة و الاعلام و مجموعات الضغط و ادوارها .
و هذا ما يدعنا ان نعتقد ان العوائق و التعقيدات و المعرقلات امام النظام الديموقراطي الكلاسيكي كثيرة جدا و لا يمكن تفاديها بالسهولة، و في ظروف لم ينضج بعد مدى وصول العقلية العراقية لتقبل الاراء المخالفة و التعددية و الاعتماد على الفكر الانساني البحت، و عدم الغاء الاخر و الاستناد على الوسائل السلمية لحل القضايا المخالفة عليها، و في ظل هذا التاريخ القصيرمن عمر الديموقراطية العراقية و ما تحتاجه العملية الديموقارطية من التجريب و الممارسة و دخولها ثنايا حياة المواطن، و العقلية المناسبة لمجتمع مار بخضم العمليات السياسية و الاجتماعية بديموقراطية حقيقية، لا يمكننا ان نتفائل في نجاح الديموقرايطة بشكلها و مبادئها و اطرها و محتواها الكلاسيكي السهل.
العراق اليوم و بعد ست سنوات من سقوط الدكتاتورية رغم توفر نسبة مقنعة من الحرية العامة الا ان العقلية التي تدير البلاد و التوجه لايزال يصر على مركزية الحكم في ادارة البلاد، و في جو ينعدم فيه وعلى ارض الواقع الاقاليم التي توفر الارضية اللامركزية و النظام الفدرالي ، والاصرار على الاستناد على التقسيم الاداري السابق من المحافظات و عدم وجود حق النقض للاقليات و النظام الانتخابي المعلوم في ظل سيطرة الصراع القومي و المذهبي .
وفق المعطيات و استنادا على القراءة الواقعية و بعقلية محايدة و بافكار مرتكزة على المباديء الانسانية، ان حللنا الواقع العراقي، فانه يحتاج لمرحلة طويلة او مراحل متعاقبة من التعلم لما تتطلبه العملية الديموقراطية و تطبيقاتها، و هي عملية متداخلة ذات علاقات متشعبة مرتبطة مع بعضها، يجب ان يتفاعل المواطن البسيط معها و يتفهم جوهرها، و هذا ما يحتاج لاصلاحات و تغييرات جذرية في كافة المجالات و لمراحل متعاقبة، فعليه لا يمكن باي شكل كان اهمال التركيبة الاساسية للمجتمع و عقلياتهم و افكارهم و اعتقاداتهم لاتباع النظام الديموقراطي المستند على الاكثرية و الاقلية في الوقت الذي يشارك كافة ابناء الشعب و بهذا المستوى و العقليات في العملية الانتخابية. اي على الحكماء المجربين و العقليات الطليعية المتنورة ان يؤدوا دورهم البليغ في هذه المراحل المتنقلة لحين توسيع و توفير الارضية بعيدا عن العقد المتوارثة و ايمانا من الاعماق بالعملية كاستراتيجية و ليست كوسيلة من اجل اهداف اخرى، و خصوصا الشعب منقسم على نفسه و حسب خصوصياته رغم تنكر السياسيين ، و كل فئة تدخل الى العملية و تصوت في الانتخابات اعتمادا على انتمائه الفئوي و المذهبي فقط، ولا تنظر الى الابعد و الاستناد على الطائفية و المناطقية مستقرة لحد اليوم و يحتاج لوقت لتخفيفه و الخروج من الاطر الضيقة في التفكير، و لا يمكن الا بعد ان تتعود الاجيال على اداء واجباتها و تطبيق ما عليها و ممارسة العملية و اخذ الخبرة، و عندئذ سيشهد الواقع تغييرا يمكن تغيير النظام العام لكي يلائمه و يستند عليه . اليوم بعد تقييم هذا الواقع، يمكننا ان نتاكد بان النظام التوافقي كاهم مبدا اساسي ضروري معتمد يمكن ان نستمر في الاستناد عليه لهذه المرحلة و ربما لمراحل عديدة متعاقبة اخرى لحين استقرار الاوضاع من كافة النواحي بشكل كامل، و يعتمد العراقي في حينه و في قرارة نفسه و في قراراته على مواطنيته و حقوق المواطنة و واجباتها فقط.[1]