المماطلة في طرح الحلول على طاولة المفاوضات في تركيا
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2779 - #24-09-2009# - 13:13
المحور: القضية الكردية
يعيش الكورد منذ الاف السنين على هذه الرقعة ، و حتى قبل مجيء الاخرين، وكما هو معلوم ما خططوا و تعاملوا مع الواقع وكيف استندوا على الحيل لفرض ارادتهم بالطرق المعلومة، و محاولتهم المتكررة لتذويب و تشتيت و تتريك هذا الشعب المغلوب على امره، هذا امر ثابت لا يحتاج الى اي دليل ليشك به احد . و منذ انبثاق الجمهورية التركية العلمانية و ما يعانيه سكان كوردستان الشمالية كان تبريرما تقدم عليه هو شتى الحجج و التضليلات و التلفيقات ، و لم تولد هذه السياسة و الاحتكاكات غير الحقد و الضغينة تجاه من لا يعترف بوجود قومية كبيرة على ارض الواقع. اذن القضية و ما فيها مرتبطة بالحكومة التركية المركزية و السلطات المتنفذة التي تتحكم بهذا البلد فقط، و اصل المشكلة نابع من عملهم و ثمار ايديهم و من نتاجاتهم و التي ادخروا كل جهدهم على تحقيق الاهداف التعصبية فيها، و الحل يكمن في نيتهم و ارادتهم ان كانت صادقة و لهم الطرق المختلفة و الوسائل العديدة لاعادة القافلة الى سكتها الصحيحة، اي حل العقد المستعصية و ازالة العوائق و العمل و الاصرار على التعايش السلمي و الاستناد على الانسانية في الفكر و العقيدة له مفتاح واحد و هو في حوزة السلطة التركية و المتنفذين فيها و ليس العكس .
اليوم نرى و نسمع الاحاديث عن الحلول و السيناريوهات العديدة في هذا الاتجاه، و المهم في حل اية قضية في العالم كما هو معروف وجود النية الصافية الصادقة و الثقة و المصداقية، و هل يمكن ان نتاكد من غرض و قصد تركيا في اصرارها و سخونة طروحاتها في هذا الوقت، و هل حقا تريد تركيا حل هذه القضية التي هي اصلا قضيتها و التي تفيد نفسها قبل الاخرين ؟
بعد تاكد تركيا ان سياساتها المستمرة في هذه القضية قد بائت بالفشل طيل هذه الفترة، وطفو النظام العالمي الجديد و قوة الراي العام العالمي ، و ازدياد دور الاعلام المؤثر و افرازات العولمة و التقدم التكنولوجي و الاتصالاتي و العلاقات المتبادلة بين كافة صقاع العالم اثرت بشكل مباشر على تركيا، و هي الان تحت المجهر و لم تتمكن بعد من اخفاء ما اقترفتها من التعدي و الظلم و الحروب المتكررة، و اصرارها من ان تدخل باي ثمن كان الى الاتحاد الاوربي كعضو و الذي يتطلب تحسن في الظروف العامة و حقوق الانسان فيها بشكل عام ، و انهاك اقتصادها المتدهور اصلا من استمرار الحروب الداخلية، اجبرتها هذه الاسباب على التفكير جديا في اعادة النظر في سياساتها في هذا الخصوص .
بعد تغيير الخارطة السياسية الاقليمية مابعد سقوط الدكتاتورية العراقية، و اتخاذ الكورد الموقف المناسب طيل هذه الفترة، يعتبرهذا النجاح النسبي من العوامل الموضوعية المساعدة التي ضغطت على تركيا ان تتعهد باجراء الاصلاحات و الانفتاح الاقتصادي و الثقافي و السياسي بشكل عام .
استبانت جدية تركيا منذ منتصف هذه السنة من قبل الحكومة و اعلانها احتمال طرح برامج عمل و جدولة حل لهذه القضية كاضعف الايمان و التي تشمل محاور عديدة، منها العفو العام عن اعضاء حزب العمال الكوردستاني بشروط لحفظ ماء الوجه، و السماح لعودة اللاجئين و اعادة تسمية المناطق الكوردية الى اسمائها الاصلية مع عدة خطوات ثانوية اخرى بهذا الخصوص، مع الاعتراف باللغة الكوردية و الاهتمام بالثقافة الكوردية و التغيير في قوانين الصحافة و الاعلام .
و على الصعيد السياسة الخارجية، تعلم تركيا انها و في ظل الحزب الاسلامي المعتدل حزب العدالة و التنمية انها تحلم بالمرحلة العثمانية و تخطط على الخروج من التقوقع الداخلي متجهة نحو الشمال و الشرق و اعادة مجدها و قوتها في هذه المنطقة قاطبة، و ادركت تركيا حقا ان المنطقة بحاجة الى خارطة سياسية جديدة و اعادة صياغة السياسات العامة للدولة التركية من اجل تامين ميزان القوى، مع اعتقادها بان يكون مستقبل الكورد في المنطقة شاملة لن يكون كماضيه و حاضره ويكون افضل مما عليه، اي كافة الخطوات التي تخطوها تركيا اجبارية و جاءت نتيجة حتمية المتغيرات الكبيرة و ما تاتي فيما بعد، و الظروف هي التي تفرض هذا التوجه و استدامته و الا لو احست بان مصيرها سيكون مطمئنا ستنقض عهدها و وعدها . و عامل الوقت مهم للجانبين، فيجب مراعاته لبقاء الثقة في هذه المرحلة، و الا على الكورد الحذر و الانتباه ان لا يعيدوا ما فعلوه في زمن الامبراطورية العثمانية و ما جلبت معها.[1]