خديدا شيخ خلف
الأيزدياتي أو الأزداهية تعد من أقدم الديانات الطبيعية الغنوصية الغير التبشيرية في الشرق الاوسط ، تؤمن بالله الواحد الاحد ورئيس الملائكة طاؤؤس ملك وكذلك تعتبر الوريث الشرعي للديانات الميزوبوتامية المندثرة التي لم يبقى لها سوى اثارها التاريخية المادية .
لازال البعض من مثقفينا وباحثينا وناقدينا الافاضل يحذون حذوا الغرباء والمسيئين وما دونوه ولازالوا يدونونه حول فلسفتنا وتاريخنا وقضيتنا ، وكذلك ينقلون لنا ماكان يعبرون به عن تاريخ وعلم وأدب الايزيدياتي الذين نالوا من أغلبها وأبادوا أغلب مريديها .
بلا شك أن مصطلح طاؤؤس ملك صفة مُنحت لرئيس الملائكة حسب الفلسفة الايزيدية مؤكدون بانه ليس بعزازيل ولا أبليس ولا لوسيفر ، هؤلاء صفات لآله الشر ، ولازال من المغضوبين عليه حسب فلسفة اغلب سكان الارض ولازال هذا الكائن في قفص الاِتهام منذ بدء الخليقة ولحد يومنا هذا بل هو مُتهم باِدارة الشر والسوء بين البشر اِن شِئنا واِن أبينا ،
أما حَسب الميثيولوجيا الأيزيدية أن طاؤؤس الملائكة ليس له أية علاقة به ولا يوجد نص يذكره ، وذكره محرم على لسان اي ايزيدي غي العالم ، أما طاؤؤس ملك هو الرئيس الأول والاخير للملائكة السبعة ويعمل باِمرةِ ربهِ صاحب العرش العظيم ولم يخرج عن طَوعهِ لا في السماء ولا في الارض ، ويذكر حسب النص الايزيدي بانه قاد المَجمع الآلهي و الملائكي في السماء وكان يسجد لله حول العرش العظيم بطقس خشوعي و سجودي يعرف بالسَماع أو سَما وبالاضافة الى الخليقة والتكوين يدير شؤؤن الكون من البداية الى النهاية ، وبهذه الفلسفة والاٍعتقاد لايخرج الايزيدي من نطاق الاديان القديمة والحديثة حاله حال الاديان السابقة واللاحقة التي اِعتقدت بوجود رؤساء الملائكة المختصين بالوظائف المعينة كل حَسبِ عملهِ ومكانتهِ عند الله ،
ولا يخفى بان الديانات الرافيدينية هي الأخرى كانت تطلق علی رئيس كل مجمع آلهي بمصطلح (طاوة او طاو) يختار خلال كل فترة زمنية من اعظم وأشطر الالهة شانا مثل نآبو ، آنو ، آشور .
وأما بالنسبة للمسيحين واليهود يعتقدان بوجود ملايين الملائكة ( رَبوات ورَبوات وألوف وألوف من الملائكة ) ، أما عدد رؤساء الملائكة سبعة – عشرة حسب الكتب المقدسة ،
وهكذا بالنسبة للقرآن الكريم يذكر ثلاثة – أربعة رؤساء عدى ملك الموت والعرش .
والزرادشتيين أيضاً لهم آله الخير هو أهورامزدا الذي يقابل الاله العظيم وكذلك أهريمان الذي يقابل اله الشر أبليس أو لوسيفر .
هناك من ينتشلنا من تحت الامطار الى تحت المزاريب من خلال طروحاته واِضافاته بقصد او غير ويضعنا في قفص الاتهام والشك والغموض ونحن أبرياء من التهم وبَعيدين عن الشك والغموض .
وحسب الماهية والميثيولوجيا لا تُعد الايزيدية طائفة منبثقة من ديانة حديثة أو قديمة والدَليل على ذلك طبيعيتَها وغنوصيتَها وراس سنتِها النيسانية وحسابها الشرقي وقبلتها الشمس وتعلقها بالظواهر والعناصر الطبيعية وانتشار الآثار الحضارية في اغلب مواطنها وكذلك وجود الايزيدين ضمن جغرافية بلاد الرافدين منذ القدم وليومنا هذا .
والجدير بالاِشارة الى أن الايزيدية كان لديها الآف النصوص والمدونات ليس فقط ماجاء في قَرَفَرقان أو مانسميه مصحف رَش الشمساني وكتاب الجلوة لاهل الخلوة التي تعود للشيخ حسن بن شيخادي الثاني ولكن للأسف لم يبقى منها أثر من جراء الحملات والابادة والملاحقة وبفعل الفتاوى المقيتة سوى نصوص واساطير شفهية تتناقلها الاحفاد من الاسلاف ،
بلا شك أنا شخصياً لم أعثر على نصوص عديدة تثبت عراقة وقِدم هذه الديانة من تلك النصوص المؤلفة سوى قِلة قليلة تعد بأصابع اليَد وأبرزها النص الذي مفاده (پیر ره شی حه یران ژشیخادی دپرسيا سوراته يا ژ عزمینه ئه ف سی روژیین سلتان ئیزینه لكی به دیلی سه رمه بونه فه رز وناسینه ..
شیخادی ده نك دكه ت بسور وده ليله هه ی پیر ره شو ی بمه عریفه ت وژیره ئه ف سی روژی مه دكرن بوخودی ته كبیره به ری سیه وسی قرنه تی به دیله ) یقصد من خلال هذا النص ان العالم الديني الجليل پير رَش حيران يسال شيخادي عن الايام الثلاثة التي تصوم خلالها الايزيدية لرب العالمين ئيزيد منذ متى عرفناها ومتى فرضت علينا وعدت من فرائض الطريقة الرئيسية ؟؟
فيجيبه الشيخ أن هذا التكبير والعمل الصالح فُرضَ علينا منذ ثلاثة وثلاثين قرن أي 3300 سنة ، وهنا ينبغي أن نضيف اليها الوقت أو المدة الفاصلة بين عَهد شيخادي و يومنا هذا الذي يقارب 1000 عام فيصبح المجموع 4300 سنة اي بالضبط يصل هذا التاريخ للعهدين البابلي والسومري وهو المقصود ، وناهيك عن الأساطير التاريخية والقصص الدينية التي يذكرها ويعتمدها كخبرة وتجربة حياتية مثل خليقة الملائكة والكون والطبيعة وآدم وحواء والطوفان وعصا موسى واسماعيل الذبيح وابراهيم الخليل ونمرود بالاضافة الاف النصوص التي كانت منظمة ومدونة والتي انتهت و لم يبقى منها الا القليل مع الآثار المادية القديمة ، نعم الایزيدية توحِد الله وتعتقد برئيس واحد للملائكة السبعة الذي يدير شؤؤن الكَون وأعطت له صفة طاؤؤس الملائكة ( تاوس ، طاوسي ملك ) وحسب النصوص الدينية يعد الامين لديوان الله وعلى يمينه كورسيه (توك ژمه ره مزگینه تاوسی ملك ناف شرینه ئه مینی دیوانا ره ب لعاله مینه ) ومكانته واضحة في عديد من سبقات القصائد والاقوال (أنا طاؤؤس ملك بين الملائكة في السماوات مقامي الجليل أحيي الأموات ، يا صاحب الصحو انا الحب والمحب يكسب رضائي ، البغض والكره هي صفات للرجيم ، الكذب والخداع والكبرياء يقطع الحسنات باسمي احييت عيسى المسيح باسم العظماتِ أحييته وكان ميتاً )
طاوسي مَلك وئيزيده جيشى وان ى شديده هارى عيسى بكه ن گه ل عه تيده ، هذه السبقة تؤكد على دور طاوسي ملك في احياء عيسى المسيح ، في قصيدة اخرى يقول انا أحييت عيسى وكان ميتا
ونص مهم جدا يؤكد على ان طاؤؤس ملك لم يومر آدم باكل الثمرة المحذر من تناولها (ل ئافا كانيا سپی هلانی بوی سه بری قالبی آدم چیكری هه شت سه د سال روح پی ئانی بوی سه بری مه له كا آدم لجنه تی دانی ) مفاد النص هو ان طاؤؤس ملك عَمدَ آدم بماء عين البيضاء وبدأ بالعمل بغية اكمال جسده وبعد 800 سنة ادخلوا الروح في جسده ، وبهذا الصبر أدخلت الملائكة ادم في الجنة . (أدم بى سه بر ريا تاوسى ملك گرت بنه زانى لبه ر نه ما صه برا ره حمانى هه تا خو ژجنه تى ده رانى) يعني آدم لم يصبر ولم يلتزم بطريق طاؤؤس ملك وعمل بجهل وغباء ولم يتحلى بصبر الرحمان بل أخرج نفسه بنفسهِ من الجنة . ومن جانب اخر سبقة تدلنا على أن طاوس ملك هو امين رب العالمين عندما تقول(ئه ركانه ك ژى ناسينه هنجى ريا خودى حه ق ببينه ل دلى نامينى نه قه حره نه كينه
يا تاوسى ملك توو هيفيامه بكى لديوانا ره ب لعاله مينه ) يطلب المرء هنا من طاؤؤس ملك ان يحقق أمنيته في ديوان رب العالمين كما أكدنا في السبقة اعلاه انه امين الكورسي وأمين ديوانه (توك ژمزگینه تاوسی ملك ناف شرینه ئه مینی دیوانا ره ب لعاله مینه ) وفي بعض النصوص يعد طاؤؤس ملك الاسم الثاني للخالق وكذلك أحد اسماء الله البالغة 3001 اسم وما يشير الى ذلك السبقة التالية (سلتانو سه ردارى
چه ندی مله ته خالقی منی هه فتی ودوو مله ته هه شتی هه زار خولیاقه ته ) و (تاوسي منى ميرانا خالقي مني وعه رد وعزمانا ) و(به رى عه ردا به رى عزمانا خودى هه بوو نورى نورانا ژقودره تی كه ون كر به یانا عه رد وعه رش وعزمانا ناف لخوكری تاوسی میرانا ) تصفه السبقة بانه رئيس جميع الملل وخالقي مع 72 قوم او ملة و80 ألف كائن او خليقة ، طاؤؤس منى ميرانه يعني الطاؤؤس العظيم رئيس كل الملائكة وخالقي مع 72 ملله و90000 كائن أو مخلوق ، وقبل الارض والسماء كان الخالق العظيم الله من النور النوراني وبالقدرة صنع وخلق الكوَن بعرشه وارضه و فضائه ، وهو اسمى نفسه بطاؤؤس الرجال او الملائكة ،
الايزيدي يذكر طاؤس ملك بأنه هو عين الايمان ويرتقي بالشهادة بالله وبه الى الاخرة ، وكذلك تنسب له يوم الاربعاء وترمز له كوكب عطارد الاقرب الى الشمس التي تعد الدرة النورانية التي تحمل العرش العظيم .
وما اطلعت عليه من ما له صلة بالموضوع وسيما من خارج الديانة الايزيدية هي مقولة القزويني التي مفادها (ومنهم جبرائيل الامين عليه السلام وهو أمين الوحي وخازن القدس ويقال له روح القدس والروك الأمين والناموس وطاؤؤس الملائكة ) . والجدير بالاشارة الى ان المعتقد الايزيدي اختار الغنوصية والاتصال المباشر بالخالق دون الانبياء والرسل من البشر لاعتقاده بوجود الملائكة وسيما الرؤساء هم الرسل الحقيقين حسب النص التالي يؤكد ذلك (ئه و بون نه بييت مورسلينة ئه ون ژنورا ئيلاهينه خوارناوان وفه خوارناوان الحمدلله وشوكرينه ) يقصد بأنهم الانبياء المرسَلين من عندالله وهم من نورالاله ، وطعامهم وشرابهم هو الحمدلله والشكر اي العبادة والايمان المتواصل فقط . من هذا الموضوع المبسط عسى ان تمكنت من افادتكم و اعطيت لكم فكرة حقيقية عن شخصية طاوسي ملك ومكانته في ادارة الكون وتقربه من الله واوضحت كل ماهو له صلة به وتطرقت الى النصوص الدينية التي تخص الموضوع . تحياتي للجميع.[1]