عبدالباسط سيدا:الوجود الكردي في سوريا تاريخياً واجتماعياً (2)
$مقدمة.. خلاصات أو ملاحظات لا بد منها$
1-مغالطة المجتمع الكردي القبلي
جرت العادة بين جمهور من الدارسين للتاريخ الكردي العام– انطلاقاً من دوافع يُشك في جدارتها العلمية– على تناول المجتمع الكردي بصورة عامة بوصفه مجرد قبائل تعيش على الرعي والزراعة الموسمية غير المستقرة. فهم لا يشيرون من قريب أو من بعيد إلى الحياة المدينية في المجتمع الكردي. ولا يتحدثون عن المدارس الدينية الكردية التي يعود تاريخها المعروف لدى المسنين من أبناء المنطقة إلى ثلاثمائة عام على الأقل.كما يتحاشى هؤلاء عن قصد في معظم الأحيان تناول الاستقرار الزراعي الكردي منذ القديم، هذا فضلاً عن تطور النشاط التجاري بين الأكراد، وإتقانهم مختلف الحرف، فضلاً عن اهتمامهم الجاد باكتساب المعارف العلمية، إلى جانب الإسهام الفاعل في التنظيمات السياسية والاجتماعية، والإصرار على الاحتفاظ باللغة الكردية السليمة، والسعي من اجل تطويرها من خلال الأدب والنقد، وما إلى ذلك على الرغم من جميع المحظورات.
كل هذا يترك جانباً، بغية إفساح المجال أمام وجهة نظر لا أساس لها من العلمية فحواها أن المجتمع الكردي هو مجرد جملة من القبائل المتخاصمة، المتصارعة التي لم تستقر بعد، كما انها عاجزة عن تحمل أية أعباء إدارية، أو مستلزمات المجتمع المدني المعاصر الضرورية.
ومن اجل التغطية على هشاشة هذه الآراء المتهافتة أصلا، يعود أصحابها إلى مرجع قديم مشكوك في علميته ومصداقيته، يتحدث عن الكرد في القرن الثامن العشر أو ربما قبله، ليمارسوا نهجاً انتقائياً، يختارون بموجبه ما يتناسب وتوجهاتهم غير العلمية.. لذلك ليس غريباً أن نجد ثبتاً كاملاً لدى هؤلاء بأسماء العشائر الكردية، التي ينسبون إليها ما يحلولهم من صفات. متناسين أن هذه العشائر قد باتت منذ وقت طويل مجرد ذكرى لا دور لها في الحياة الواقعية بتشعباتها اليومية، خاصة على الصعيد السياسي، إذ تضم التنظيمات السياسية أبناء مختلف العشائر التي كانت. فهؤلاء وجدوا أن الرابطة القومية أعم واشمل من أية رابطة أخرى، لذلك التزموها، وعملوا من أجلها. وفيما يخص المناطق الكردية في سورية ، يلاحظ ان سكانه عرفوا الاستقرار الزراعي منذ القرن الثامن عشر على الاقل، وذلك استناداً إلى المعطيات المتوفرة حالياً، خاصة ذاكرة الاجيال.كما انهم اتقنوا جميع الحرف، ولعل الورشات الصناعية الموجودة بكثرة في سائر المدن والبلدات الكردية، إلى جانب العدد الهائل من خريجي الجامعات، والكتاب، والأدباء، والفنانين بالمعنى الأوسع لهاتين الكلمتين الأخيرتين، لعل كل ذلك يستحق إعادة النظر في زعم قبلية المجتمع الكردي الذي يتكئ عليه بعضهم بقصد التنصل من ضرورة الاعتراف بحقوق هذا الشعب، وذلك عبر التشكيك في وجوده أصلاً.
$هشاشة زعم الوجود الكردي الطارئ في سوريا$
ينطلق العديد ممن يتناولون المسألة الكردية في سورية من موقع رغبوي انكاري في كتاباتهم وتصريحاتهم من الزعم القائل: بأن ظهور الكرد في سورية (( كان نتيجة هروبهم من الظلم التركي، فوجدوا في سورية ملاذاً آمناً، وكرماً عربياً، كان الأحرى بهم الاعتراف بفضله، لكنهم اختاروا التنكر بكل معانيه، وطالبوا بما ليس لهم؛ خاصة حديثهم عن وجود جزء من كردستان في سورية )).
قبل كل شيء، لا بد من الملاحظة ان هؤلاء يركزون على الجزيرة وحدها، وكأنهم يريدون الترويج لزعم مفاده ان الوجود الكردي في كردستان سورية ينحصر في هذه المنطقة وحدها، من دون كوباني وعفرين، اللتين تضمان نحو من 800 ألف كردي، فضلاً عن القرى الكردية الكبيرة في منطقة الباب وإعزاز وحلب، والتواجد الكردي الكبير في مدينتي حلب ودمشق، وريف دمشق، ومعظم إن لم نقل جميع المحافظات السورية. أما في ما يتصل بموضوع الهجرة، فهؤلاء يتجاهلون عن سوء نية واقع المنطقة قبل الحرب العالمية الاولى وبعدها.. فهؤلاء يختزلون التاريخ والجغرافيا والحقوق الكردية المشروعة بمزاعم لا تتطابق مع الوقائع، ولا تمثل أساساً لأية مقاربة موضوعية من شأنها الإسهام في معالجة المشكلة.
وباعتبار أن موضوع هجرة الكرد إلى سورية يتكرر كثيراً، وهناك من يربط بين تلك الهجرة والمخططات الاستعمارية ، فسنتناوله بشيء من التفصيل بغية التوضيح.
تعرض الكرد أثناء الحرب العالمية الاولى 1914-1918، في المنطقة الممتدة من الحدود الروسية إلى بدليس، لضغط مزدوج من قبل الجيش الروسي المقتحم من جهة، والجيش التركي الذي كان يرهق السكان من جهة ثانية، فقد كان هذا الأخير يجند الرجال ويسيطر على كل شيء في سبيل الحرب، إزاء هذا الوضع الصعب والمعقد، اضطر الناس في المنطقة المشار إلى ترك قراهم وممتلكاتهم إنقاذاً لارواحهم، فتحركوا في جميع الاتجاهات. قسم محدود من هؤلاء توجه نحو الحنوب، وهم في ذلك كانوا يبحثون عن ملاذ آمن ضمن حدود وطنهم الذي لم يكن قد قسم بعد. فاستقروا في المدن والقرى الكردية إلى الشمال والجنوب من سكة القطار الشرق السريع التي تفصل اليوم بين تركيا وسورية في منطقة الجزيرة – أنجزت هذه السكة في عام 1912- لكن استقرار هؤلاء لم يستمر طويلاً، إذ أن البنية الاجتماعية لم تستوعبهم، بل ظلوا بالنسبة لها مجرد عناصر هامشية تحوم حول المجتمع، ولا تجد سبيلاً أمامها لتتحول إلى عنصر يأخذ دوره ضمن شبكة العلاقات الاجتماعية التي كانت قائمة حينذاك، رغم اشتراكهم في المنبت القومي نفسه. وما ترتب على ذلك تمثل في التعامل معهم على صعيد الاعتبار الاجتماعي بوصفهم أدنى مرتبة من سكان المنطقة الأصليين، وهذه مسألة معروفة، نجد نماذج لها في مختلف مناطق الأزمات، نشير هنا على سبيل المثال لا الحصر إلى وضعية اللاجئين الفلسطينيين بعد عام 1948 في كل من سورية ولبنان ومصر، كما نشير إلى النازحين السوريين من الجولان اثر حرب 1967 والمهجرين اللبنانيين أثناء الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1990 لذلك عاد القسم الأكبر من هؤلاء إلى مناطقهم، إلى بيوتهم واملاكهم بمجرد انتهاء الحرب، نتيجة عدم قدرتهم على التكيف مع المناخ الجديد، وصعوبة تحملهم للنظرة الدونية من قبل أبناء جلدتهم الكرد الذين لم يكن الوعي القومي بمفهومه المعاصر قد تأصل بينهم بعد بما يكفي. إلى جانب ذلك، كان معظم هؤلاء المهاجرين قد تركوا وراءهم أراضي خصبة، وبيئة اعتادوها على مختلف المستويات، خاصة الاجتماعية والمناخية منها. وفي المقابل لم يجد هؤلاء في المنطقة وسيلة إنتاج مناسبة، تمكنهم من تأمين مصدر معيشي مناسب. لذلك ارتأوا العودة لدى أول فرصة سنحت لهم. مجموعة صغيرة محدودة العدد هي التي بقيت، وذلك بفعل ظروف كل أسرة، لكنها كانت تمتلك كامل مشروعية في البقاء، إذ ان هجرتها كانت داخلية، ضمن إطار وطنها، شأنها في ذلك شأن هجرة العرب بين الأقطار العربية. لكن هذه المجموعة ذاتها فوجئت في ما بعد بعملية التقسيم في العشرينات من القرن الماضي، هذا التقسيم الذي كان في البداية ضبابياً، إذ استمر الناس في التنقل عبر طرفي الحدود من دون أي تدقيق حقيقي، ولكن مع الوقت اشتدت الإجراءات، وباتت المسألة اكثر ضبطاً وحزماً، لذلك فضل قسم من هذه المجموعة العودة إلى منطقته الأولى، بعد أن أدرك ان الصلات بينه وبين ذوي القربى ستنقطع نهائياً أن استمر في البقاء. الكثير من هؤلاء كانوا يمتلكون الجنسية السورية، لكنهم استغنوا عنها وعادوا أدراجهم إلى قراهم، ولم يكونوا في أي يوم من الأيام عناصر ” مؤامرة استعمارية كبيرة تهدد عروبة الجزيرة العليا المحاذية للحدود مع تركيا ” –الكردية أصلاً- كما يحلو لأصحاب العديد من الكتابات اللا مسؤولة الترويج له. ويستطيع أي مهتم “قادر ” أن يعود بنفسه – فيما إذا سمح له – إلى السجلات المدنية في مدن الجزيرة، ليتأكد بنفسه من عدد هؤلاء الذين غادروا ممن امتلكوا الجنسية السورية بطرق مشروعة، كونهم كانوا في المنطقة قبل تأسيس الدولة السورية.
أما الادعاء الأخر القائل بان الكرد في سوريا هم من أولئك الكرد الذي لاذوا بسوريا في منتصف العشرينات، على اثر إخفاق ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925، فهو أمر مردود، لان العدد الذي وصل إلى سورية من الكرد في هذا التاريخ كان محدوداً للغاية، معظمهم كانوا من الفعاليات السياسية المثقفة، التي توجهت إلى أبناء شعبها في المناطق الكردية السورية، كي تلتقط أنفاسها، وتعد العدة لعمل جديد. وهذا ما أقدمت عليه حقيقة. لذلك عاد القسم الأكبر من هؤلاء لاحقاً ليستشهد أو ليعتقل، في حين أن قسماً آخر استفاد من العفو الذي أصدره الحزب الديمقراطي التركي لدى استلامه السلطة في أنقرة عام 1950 ومن هؤلاء ( أفراداً ينتمون إلى قبيلة جيتو وخليكا سلان ).
وبمناسبة الحديث عن ثورة الشيخ سعيد بيران نعيد إلى الأذهان الدور الفرنسي المناهض لتلك الثورة، فنقل ( الجيش التركي بواسطة السكة الحديدية من أنقرة إلى ديار بكر عبر سورية لم يكن ممكناً لولا مساعدة الفرنسيين، وعلينا ألا ننسى أن سورية كانت آنذاك مستعمرة فرنسية. ولو كانت فرنسا قد منعت الجيش التركي من المرور عبر سورية لربما نجحت ثورة الشيخ سعيد. أو لربما أتيحت لها فرصة تسجيل نصر على الأقل.
وحينما قدم العديد من رجالات الثورة إلى سورية كان مستوى الوعي القومي قد تقدم نسبياً، وذلك بفعل تطور الأحداث المتلاحقة بعد الحرب العالمية الأولى؛ وشعور الناس بان أموراً كبيرة يجري ترتيبها من حولهم. لذلك استقبلوا القادمين بترحاب خاص، وقدموا لهم ما كان في مقدروهم من تسهيلات. إلا أن هؤلاء لم يكن في ذهنهم البقاء مطلقاً ، بل كانوا يتطلعون نحو انتفاضات جديدة تعيد الحق إلى أصحابه ، نذكر من هؤلاء الأمير جلادت بدرخان الذي ظل حتى أواخر أيامه يحلم بوطن كردي , ويعمل من أجله بمختلف السبل.
أما الهجرة الثالثة التي يجري الحديث عنها أحياناً فهي التي كانت إلى لبنان عبر سوريا في الثلاثينيات والأربعينيات. إذ اضطر عدد من الكرد تحت وطأة الاضطهاد نتيجة السياسة الكمالية في تركيا ، وبفعل الظروف المعيشية الصعبة في تلك الفترة، إلى ترك قرارهم والبحث عن وضع أفضل ، فتحركوا جنوباً نحو منطقة الجزيرة علّهم يجدون هناك استقراراً نسبياً ، ريثما تنجلي الأمور في منطقتهم. ومعظم هؤلاء كانوا ينتمون بصلة القرابة إلى الكرد القاطنين هناك. الغالبية العظمى من مجموعة المهاجرين هذه كانت من منطقة جبال أومريان التي كانت قد أنهكتها المصاعب المعيشية ، إلى جانب الاضطهاد الحكومي، والخلافات المستمرة بين الآغوات ، تلك الخلافات التي كانت تؤدي بالمنطقة إلى الدوران في حلقة عنف لا نهاية لها ،, فنزل هؤلاء إلى ” بن ختي ” تحت الخط ، بصورة اعتيادية ، وكانت حركتهم نحو الجنوب قبل التقسيم مألوفة وأكثر سهولة. إلا أن أقامتهم لم تدم طويلاً في منطقة الجزيرة ، لذلك اختاروا التوجه إلى لبنان حيث كانت الظروف المعيشية تبدوا أفضل ، وإمكانيات الحصول على عمل ما كانت أكبر.
$3. خلفية المسألة الكردية في سوريا$
المسألة الكردية أوالقضية الكردية – وهو المصطلح المستخدم من قبل الأحزاب السياسية الكردية- في سوريا هي حصيلة تفاعل نتائج التقسيم الاعتباطي الذي تعرضت له منطقتنا بعد الحرب العالمية الأولى مع عجز الحكومات السورية المتعاقبة، خاصة في مرحلة حكم البعث الطويلة نسبياً، من التأسيس لمشروع وطني سوري، كان من شأنه طمأنة كل المكونات السورية، عبر الاعتراف بخصوصياتها، وحقوقها، خاصة حقها في المشاركة الفاعلة في الحكم ومؤسسات الدولة، والاستفادة من مشاريع التنمية، وامتلاك الفرصة العادلة لتطوير ثقافتها وفعاليتها المجتمعية، واستخدام لغتها في التعليم والنشر ووسائل الإعلام. فقد استمر النظام البعثي، خاصة في المرحلة الأسدية، في عناده واصراره على رفض الاعتراف بالوجود الكردي في سورية، متجاهلاً حقائق التاريخ والجغرافيا، ولم يكتف بذاك الرفض الايديولوجي اللاتاريخي، بل طبق كل المشاريع العنصرية التي كان يريد من خلالها تحقيق صيغة من المواءمة بين تطلعاته العقائدية والواقع العياني على الأرض. ونشير هنا على سبيل الذكر لا الحصر إلى مشاريع الحزام والإحصاء والتعريب القسري، والقوانين والمراسيم الخاصة بالمناطق الكردية.
وكل ذلك أسهم في تعقيد الوضعية، ولكن بقيت القضية قائمة فاعلة من دون أي حل.
وفي يومنا الراهن باتت هذه القضية تطرح بحدية ضبابية لافتة في ضوء المتغيرات الجديدة. وباتت ورقة يستخدمها الآخرون لبلوغ مأربهم بمنأى عن الكرد والسوريين عموماً.
ولكن في جميع الأحوال تبقى القضية الكردية في سوريا قضية وطنية سورية اساسية رغم أبعادها الإقليمية والدولية. وحلها الأمثل لن يكون إلا عبر المشروع الوطني السوري المتكامل الذي يطمئن الجميع، ويعزز اجراءات الثقة بصورة واقعية لا مجاملاتية خاوية. مشروع يعترف بالحقوق والخصوصيات، ويقطع مع المقاربات العقيمة التي كانت حتى الآن. فالمسالة في جوهرها ليست مسألة الأحقية والأقدمية، بل هي مسألة المكون السوري الثاني من جهة الحجم السكاني الذي كان باستمرار موضوعاً للنبذ والقهر والتغييب والصهر.
الملحق
$الاتفاقية الفرنسية – التركية$
أنقرة، اكتوبر 1921.
لقد تم التوصل بين حكومة المجلس التركي الكبير والجمهورية الفرنسية إلى ضرورة عقد اتفاقية فيما بينهما. وقد كلف لإنجاز هذا الأمر عن المجلس الكبير وزير الخارجية والنائب السيد يوسف كمال بك. وعن الجمهورية الفرنسية الوزير السابق السيد هنري فرانكلين بويون. وقد منحا كامل الصلاحيات من اجل إنجاز هذا الموضوع.
بعد المداولة ومقارنة الوثائق، اتفق السيدان المشار إليهما على المواد التالية:
يؤكد الطرفان المشاركان في هذه الاتفاقية على انه بمجرد التوقيع عليها سيتم إبلاغ الجيش والمؤسسات المدنية والمواطنين بالمستجدات المترتبة عليها.
بناء على هذه الاتفاقية، سيقوم الطرفان بإطلاق سراح أسرى الحرب، والمساجين، من المواطنين الفرنسيين أو الأتراك، من قبل الجانبين.
يتكفّل الطرف الذي يقوم بإطلاق سراح السجناء الموجودين لديه بنفقات إيصالهم إلى أقرب نقطة من موقع تسليمهم إلى الطرف الآخر. ويشمل مفعول هذا الاتفاق جميع السجناء، سواء من المحكومين أو الموقوفين، وبغض النظر عن مدة محكوميتهم أو مدة بقائهم في السجن.
ستقوم القوات الفرنسية بعد التوقيع على هذه الاتفاقية، بناء على المادة الثامنة منها، بالانسحاب إلى جنوب الخط الحديدي (خط قطار الشرق السريع)، في حين أن القوات التركية تنتقل إلى شمال الخط المذكور وذلك في غضون شهرين على الأكثر.
ستتكون هيئة مشتركة تتألف من الطرفين، يناط بها مسؤولية اتخاذ القرارات بخصوص تحديد المناطق التي سيتم الانسحاب منها، وتلك التي سيتم الاستقرار فيها، وذلك ضمن المدة الزمنية المشار إليها في المادة الثالثة.
بعد استقرار كل طرف في الأراضي المخصصة له، سيعلن الطرفان العفو العام.
تلتزم حكومة المجلس التركي الكبير بمراعاة حقوق الأقليات الواردة في الميثاق الوطني التركي. وذلك استناداً إلى ما اتفق عليه من مبادئ تتناول حقوق الأقليات، بين دول الحلفاء وخصومهم.
فيما يتعلق بمنطقة اسكندرونة، سيكون هناك نظام إداري خاص. وسيكون في استطاعة المواطنين من أصول تركية الاستفادة من جميع الطاقات بغية تطوير ثقافتهم، وستحظى اللغة التركية هناك بمكانة رسمية.
سيتم رسم الخط الوارد ذكره في المادة الثالثة كما يلي: يبدأ خط الحدود من خليج اسكندرونة من نقطة تقع جنوب بانياس، ويتجه نحو ميدان اكبس (محطة القطار تبقى في الجانب السوري، بالإضافة إلى المنطقة المحيطة بها).
وبموجب هذا الخط ستبقى نقطة دسو (هكذا ورد الاسم في النص التركي) في الجانب السوري، في حين أن كاربنا وكلس ستكونان في الجانب التركي (في منطقة ميدان اكبس). ثم يتجه الخط الحدودي نحو الجنوب الغربي حيث يلتقي مع محطة الراعي. بعد ذلك يسير مع سكة القطار (قطار الشرق السريع). وستبقى هذه السكة من محطة الراعي إلى نصيبين في الجانب التركي؛ ومن هناك يسير الخط المذكور على الطريق التي توصل بين نصيبين وجزيرة ابن عمرو، ليصل إلى دجلة. ستكون نصيبين إلى جانب جزيرة ابن عمرو بالإضافة إلى طريق التي تربط بينهما في الجانب التركي. ولكن من حق الدولتين (الموقعتين) الاستفادة من الطريق المشار إليها على قدم المساواة. أما بالنسبة للمحطات الرئيسة والفرعية الواقعة ما بين محطة الراعي ونصيبين، فهي تعتبر جزءاً من سكة الحديد نفسها، لذلك ستكون لتركيا.
بعد التوقيع على هذه الاتفاقية، ستتشكل لجنة تضم ممثلين من الطرفين، مهمتها رسم خط الحدود بين الدولتين، وذلك في غضون شهر.
سيعد قبر سليمان شاخ جد السلطان عثمان (مؤسس الإمبراطورية العثمانية) المعروف بالمقبرة التركية في قلعة جابر أرضاً تركية، بالإضافة إلى المنطقة المحيطة به. وسيكون من حق تركيا وضع الحراس ورفع العلم التركي هناك.
10- توافق حكومة المجلس التركي الكبير على التنازل عن جميع امتيازاتها بخصوص استثمار خط القطار من بوزاني إلى نصيبين، بالإضافة إلى جميع المؤسسات التابعة لها، الموجودة في ولاية أضنة، إلى جانب سائر امتيازات العمليات التجارية وما يتصل منها بالاستخدام، على أن تسلمها إلى شركة فرنسية توافق عليها الحكومة الفرنسية.
من حق الدولة التركية أن تنقل قواتها العسكرية على خط قطار الشرق السريع في المنطقة الواقعة ما بين ميدان اكبس ومحطة الراعي. (الخط يقع ضمن الأراضي السورية). وفي المقابل، من حق سورية أن تقوم بنقل قواتها العسكرية من محطة الراعي إلى نصيبين على الخط الحديدي نفسه، وذلك على القسم الواقع ضمن الأراضي التركية. ولن تكون هناك من حيث المبدأ أية فوارق بين الطرفين من جهة تعرفة استخدام هذه السكة والخطوط المتفرعة عنها. (أي لن يكون هناك امتياز لطرف على حساب الطرف الأخر). وإذا ما اقتضت الضرورة بتجاوز هذا المبدأ؛ فسيكون حينئذ من حق الدولتين العمل بما تتفقان عليه في ما بينهما، والتحقق منه. ولكن في حال عدم الاتفاق على المبدأ المشار إليه، سيتصرف كل طرف وفق ما يراه مناسباً.
11- بعد التصديق على هذه الاتفاقية، ستقوم تركيا وسورية، بتشكيل لجنة مشتركة مهمتها وضع اتفاقية جمركية بين الطرفين، على أن يتم تحديد شروط ومدة تطبيق الاتفاقية المقترحة من قبل اللجنة المعنية. ولكن الى حين التوصل إلى اتفاقية من هذا القبيل، سيتمتع الطرفان بحرية الحركة المعفاة من الرسوم الجمركية.
12- سيتم تقسيم مياه نهر قويق بين حلب والمناطق الواقعة إلى الشمال منها في الجانب التركي، وذلك بما يراعي حقوق الطرفين ويرضيهما.
13- سيكون من حق السكان المستقرين وأنصاف المستقرين الاستفادة كالسابق من المراعي وتملكها على جانبي خط الحدود المشار إليه في المادة الثامنة. ومن اجل تأمين مستلزمات الانتفاع المذكور، سيكون بإمكان هؤلاء الانتقال عبر طرفي الحدود بحرية مع قطعان حيواناتهم وأدواتهم وآلاتهم ومنتجاتهم، بالإضافة إلى ما يحتاجون إليه من بذار، من دون أن يدفعوا أية رسوم جمركية، أو تلك التي تخص المراعي. وسيدفع هؤلاء الضرائب لتلك الدولة التي يتبعونها (بصورة رسمية) من دون دفعها للدولة الأخرى (التي ينتقلون إليها بصورة مؤقتة).
20 أكتوبر 1921
أنقرة على نسختين
يوسف كمال YUSUF Kemal
هنري فرانكلين بويون Henri Franklin Bouillon
المصدر: حسن بيركي ديلان: سياسة تركيا الخارجية، 1929-1939 الترجمة من التركية الى الكردية: احمد فريد، ومن الكردية إلى العربية: عبد الباسط سيدا. مخطوط.
ملاحظة: تمت الموافقة على هذه الاتفاقية في 18 شباط 1926. وقد وقع على التصديق من الجانب التركي توفيق رشدي آراس. ومن الجانب الفرنسي السفير الفرنسي في اسطنبول. وفي اليوم عينه صادق كل من تركيا وبريطانيا والعراق على اتفاقية مماثلة فيما بينهم ، وذلك بخصوص الحدود بين تركيا والعراق.
المواد التي تناولت المسألة الكردية في معاهدة سيفر
نورد فيما يلي نص المواد الثلاثة التي ضمنها معاهدة سيفر، وهي تلك المواد التي تناولت وضع وآفاق الشعب الكردي آنذاك. وقد اعتمدنا النص العربي الذي أورده زهير عبد الملك في كتابه: الأكراد وبلادهم كردستان بين سؤال وجواب، السويد 1999، ص 160-161. وذلك بعد مقارنته مع النص الإنكليزي الذي اعتمده
Maxime, R, in: Chliand. G. (ed.) 1980 People without Country, The Kurds and Kurdistan, translated by Michael Pallis, London. PP43-43
المادة 62- تتولى هيئة، تتخذ مقرها في اسطنبول، مكونة من ثلاثة أعضاء تعينهم حكومات كل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا، التحضير، أثناء الأشهر الستة الأولى التي تعقب تنفيذ هذه الاتفاقية، لوضع خطة لمنح حكم محلي للمناطق التي تسكنها غالبية من الأكراد والتي تقع إلى شرق الفرات والى جنوب الحدود الأرمنية التي ستحدد فيما بعد، والى شمال الحدود بين تركيا وسورية وبلاد ما بين النهرين، وعلى النحو المحدد في المادة 27 من القسم الثاني (2و3). وفي حالة عدم توافر إجماع في الآراء بصدد أي قضية، يحيل أعضاء الهيئة المذكورة كل إلى حكومته.
ينبغي أن توفر الخطة ضمانة كاملة لحماية الآشوريين والكلدانيين والجماعات العرقية أو الدينية الأخرى في المنطقة.
ولهذا الغرض ستزور المنطقة هيئة مكونة من ممثلي بريطانيا وفرنسا وايطاليا وبلاد فارس والأكراد لكي تتولى تحديد أي تعديل – إن وجد- ينبغي إدخاله على الحدود التركية أينما تلتقي مع الحدود الفارسية وذلك على النحو الموضح في هذه المعاهدة.
المادة 63: توافق الحكومة العثمانية من الآن على قبول وتنفيذ القرارات التي تتخذها الهيئتان المقرر تشكيلهما في المادة 62 أعلاه خلال ثلاثة اشهر من تاريخ إخطارها بتنفيذ تلك القرارات.
المادة 64: وإذا ما طلب السكان الأكراد في المناطق المحددة في المادة 62 في غضون سنة واحدة من تاريخ تنفيذ هذه الاتفاقية من مجلس عصبة الأمم وأعربت غالبية سكان تلك المناطق عن رغبتها في الاستقلال عن تركيا، وإذا ما ارتأى المجلس أن هؤلاء السكان مؤهلون للاستقلال وأوصى بمنحهم إياه، توافق تركيا من الآن على قبول مثل هذه التوصية، وتتنازل عن جميع حقوقها و امتيازاتها في تلك المنطقة. وستكون تفاصيل هذا التنازل موضوعاً لاتفاقية خاصة تعقد فيما بين تركيا والدول الحليفة الكبرى.
وإذا تم التنازل، لن تعترض الدول الحليفة الكبرى إذا ما سعى الأكراد الذين يقطنون في ذلك الجزء من كردستان والذي يقع حالياً ضمن ولاية الموصل لأن يصبحوا مواطنين في الدولة الكردية المستقلة حديثاً.
عبد الباسط سيدا
المركز الكردي السويدي للدرسات[1]