#فؤاد حمه خورشيد#
استغرق تثبيت الحدود العراقية - الايرانية وامتداداتها الجغرافية الشمالية حوالي 474 سنة، ابتداءا من معركة جالديران 1514 وحتى نهاية الحرب العراقية الايرانية عام 1988، وهذه الحدود هي اول حدود دوليةقسمت الوطن الكوردي الى نصفين، شرقي(كوردستان الشرقية) خاضع لايران، وغربي (كوردستان الغربية) خاضع للاتراك.
بعد الحرب العالمية الاولى(1914-1918) لم يطراء اي تغيير على خارطة كردستان الشرقية،لان ايران كانت محايدة في تلك الحرب ومحتلة من قبل بريطانيا وروسيا لضرورات الحرب واستنادا الى معاهدة1907 بينهما ، في حين تقسمت كوردستان الغربية العثمانية ، مرة اخرى،في نهاية الحرب الى ثلاثة اقسام لثلاث قوى جديدة هي روسيا وبريطانيا وفرنسا بوجب معاهدة سايكس بيكو 1916، ومن ثم بين بريطانيا وفرنسا وتركيا، بعد ان فشل الحلفاء في فرض معاهدة سيفر على تركيا الكماليةعام 1920 التي ظهرت كقوة مؤثرة ولاعب قوي جديد على مسرح الجغرافي للانضول . لقد استفاد اتاتورك من تخاذل كل من فرنسا وايطاليا وتوقيعهما معه معاهدات صلح في وقت مبكر في عام 1921، فضلا عن توطيده لعلاقة بلاده مع روسيا السوفيتية بمجب معاهدة صداقة وتعاون في نفس العام ، واخيرانجرار بريطانيا الى توقيع معاهدة صلح معه في العام التالي1922 .
هكذا تغير المسرح الجيوبولتيكي ضد القضية القومية الكوردية، بسبب تغير موازين القوى والمصالح الدولية، فبدلا من ان تنشئ بريطانيا وفرنسا الدولة الكوردية ضمن مناطق احتلالهم التي رسمتها معاهدة سايكس- بيكو بعد الحرب على اسس حق تقرير المصير التي وضعها الرئيس الامريكي ودرو ولسن في 11-10- 1918، والتصريح الانكلو- فرنسي المؤيد لذلك في 7 -11- 1918والتي تضمنتها البنود 62و63و64 من معاهدة سيفر(10 -08- 1920) ، بدأو بالتودد للاتراك من اجل تثبين مناطق احتلالهم في ولاية الموصل وبلاد الشام بعد ان عجزو عن الاحتفاظ بمناطق احتلالهم السابقة وفق تقسيمات سايكس- بيكو.
لقد تخلى الفرنسيون والايطاليون اولا، ثم البريطانيون ثانيا عن معاهدة سيفر، وبدأت بريطانيا مباحثاتها ومراسلاتها مع الاتراك والتي انتهت بتوقيع معاهدة لوزان في 24 -07- 1923 والتي انهت كل ما قيل وكتب عن معاهدة سيفر ودولة كوردستان، وهكذا اصبحت كوردستان ضحية التسويات لمؤتمر السلام في فرساي وذلك للاسباب المساعدة التالية:
أ – ان الحلفاء بنو تصوراتهم بشان المسالة الكوردية على سياسة الامر الواقع على السلطان المهزوم محمد السادس ، لديهم وعلى ، و اساس هزيمة الكماليين المحتملة .
ب – مرض الرئيس الامريكي ودرو ولسن، وخسارته للانتخابات الرئاسية وانتقال الرئاسة الى الديمقراطيين الذين اهملوا بنود حق تقرير المصير وحصروها بالدول الاوربية، فضلا عن تبنيهم لسياسة العزلة في سياستهم الخارجية.
ج – بروز روسيا السوفيتية ، بدل روسيا القيصرية الحليفة ، كقوة جديدة معارضة للمخططات الانكلو - فرنسية بما في ذلك مشروع انشاء دولة كوردستان، والداعمة لاتاتورك والرافضة لمشروع تجزئة الانضول ، بما في ذلك معاهدة سيفر، واعتبار ذلك من المشاريع الكولونيالية .
د – انتقال السلطة داخل تركيا من السلطان المهزوم محمد السادس الى مصطفى كمال اتاتورك الذي اصبح القوة المعترف بها دوليا لتمثيل الشعب التركي والتعامل معه والرافض لتسويات السلام .
ه – انتهاء فترة رئاسة (لويد جورج) للوزارة البريطانية وصعود المحافظ( اندرو لو )الذي اهمل القضية الكوردية، والذي ادمجت في فترة رئاسته ولاية الموصل بولايتي بغداد والبصرة، وتشكيل دولة العراق للملك فيصل بتاثير المندوب السامي البريطاني في بغداد( وليم ولكوكس)، ووزير المستعمرات البريطاني انذاك (ونسن تشرشل ) ، دون اخذ راي الشعب الكوردي بذلك .
و – الوضع السياسي الداخلي المضطرب ، وغير الواضح وغير الموحد ،داخل كوردستان الجنوبية ، وفي كوردستان الشمالية(الانضول) ، وفي كواليس مؤتمر السلام بباريس
وعلى ضوء ذلك تشضت كوردستان العثمانية السابقة الى ثلاث اقاليم كوردية مدمجة بثلاث دول جديدة في الشرق الاوسط هي تركيا والعراق وسوريا والتي لا يزال سكانها يعانون من وطأة ذلك الدمج الصسري الذي لم يخيروا فيه، بل فرض عليهم بارادة استعمارية اجنبية، الوان شتى من سياسات التمييز والصهر والتعريب والتتريك .[1]