=KTML_Bold=الدكتور سليمان الياس: شعاع النور الساطع من شمال ميزوبوتاميا=KTML_End=
الحرب الدائرة في سورية القت بظلالها الثقيلة على جميع نواحي الحياة, لم يبقى ناحية من نواحي الحياة إلا و تأثرت بها . و ما أردت التحدث عنه اليوم ناحية مهمة جدا في حياة الشعوب , الا و هي الارث التاريخي و الثقافي للبشرية و التي تعد سورية بشكل عام و شمال بلاد الرافدين بشكل خاص أحد أهم المناطق في العالم من الناحية الاثرية . كيف لا و أرض روجافا تقع عليها إطلال مدن و ممالك كانت في يوم من الايام مركز العالم السياسي و التجاري و الديني , مثل مدينة “شخنا” عاصمة بلادآبوم الحورية و شبات أنليل الآشورية “تل ليلان” و أوركيش المملكة الحورية الاقدم “تل موران” و آشو كاني عاصمة الامبراطورية الميتانية “تل فحيرية” و تائيدو الحورية في تل ” تل حمدي” و كخت الحورية و القائمة تطول…..
و من خلال سنوات العجاف التي مرت على سورية لاحظنا ما حصل في جميع المناطق و من بداية الازمة كيف تعرض هذا الارث إلى العبث و التخريب و السرقة, و نحن نعرف جميعا بأن الشعوب لا تباد و تندثر بالقتل و التشريد , بل يمكن ذلك إذا تم طمس و حجب حضارته بشكل أو بآخر..!!
كم كان مؤلماً عند مشاهدتنا عبر شاشات التلفاز كيف تقوم الجماعات الارهابية بتدمير و سرقة المباني و الآثار في جميع المناطق السورية باستثناء مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب و المرأة YPG و YPJ في روج آفا.
و رغم الامكانات المحدودة لهذه القوات إلا أنها وقفت في وجه الارهاب و قاومته و منعته من الدخول إلى مناطقنا , كان ذلك بسبب امتلاكها قوة الارادة و حب الوطن, و الايمان بأهداف شعبه في الحرية و التحلي بالاخلاق الانسانية السامية , حيث كان النصر حليف الحق و الرؤية الحضارية إلى الحياة ..!!
رغم التحديات الجسام و العدو الهمجي الذي لم تستطع الجيوش النظامية من الصمود أمامهم, سطرت وحدات حماية الشعب و المرأة YPG و YPJ في روج آفا الملاحم البطولية و الدخول إلى التاريخ من أوسع ابوابه لأنه حمى التاريخ عبر صوره و مشاهده التي تكمن في في المواقع الاثرية و الابنية القديمة و الآثار المنتشرة في روج آفا, التي تعتبر ارثا و ارشيفا غنيا لحضارات شعوب الارض .
نعم لقد حصلت بعض التعديات و التخريب في بعض المواقع الاثرية في روج آفا و التي تصل عدد التلال الاثرية فيها إلى أكثر من 1048 , و لم يتعدى التخريب و التجاوزات 9% من مجموع عدد التلال في المنطقة و هي نسبة مقبولة جدا قياسا بالمناطق السورية الاخرى.
في ظل الحرب الدائرة و المعارك التي جرت و تجري على ارض روج آفا ضد تنظيم داعش الارهابي , و لم يشهد التاريخ مثيلا لها في العالم أجمع الا أن وحدات حماية الشعب لم تنس لحظة حماية الارث الحضاري و التاريخي للمنطقة رغم الهجمات الارهابية و الحرب المحيطة, و في نفس الوقت و رغم كل الضغوطات و الحصار و محاولة تأمين الامن و السلم و الخدمات لمواطني روجافا عبر مؤسساتها و الادارات التي شكلتها إلا أنها لم تهمل مسؤولية الحفاظ على الآثار و المواقع الاثرية , و شكلت هيئة حماية الآثار و خصصت لها كوادر و امكانيات مادية و فكريدة من اجل حمايتها حيث نقلت جميع الاثار و المحتويات و الاكتشافات الاثرية إلى مستودعات خاصة لحمايتها من الارهاب و السرقات , و يذكر أن هيئة حماية الآثار تقوم بجولات شبه يومية إلى تلك المستودعات و الاطمئنان عليها من التلف و السرقة , كما و خصصت الادارة الذاتية مواصلات و راتباً لحراس المواقع الاثرية , كما قامت بحملات توعية حول الاهمية الانسانية و القومية و الحضاريى لهذه المواقع التاريخية و ما تحويه من آثا و ضرورة الحفاظ عليها , كان ذلك عبر ندوات و محاضرات بالاضافة إلى اهتمام الاعلام المرئي و السمعي و المقروء بهذا الجانب , فضلا على تنظيم المعارض الخاصة بالاثار في العديد من مدن روج آفا.
نعم أنهم رسل السلام و حماة الانسانية و تراثها الثقافي و الحضاري , أنهم النور الساطع من شمال ميزوبوتاميا إلى البشرية جمعاء , إنهم يعيدون سيرة اجدادهم الميتانيين و الميديين في صنع الحضارة.
[1]