نبذة تأريخية عن الكورد والآشوريين و العلاقة بينهم (12) – أسلاف الكورد: الخوريون – الميتانيون
د. مهدي كاكه يي
7. ملوك مملكة ميتاني (القسم الثاني)
في الحلقة السابقة، تمّ الحديث عن عدد من الملوك الميتانيين. في هذه الحلقة يتم تناول القسم المتبقي من ملوك الإمبراطورية الميتانية.
توشراتا (Tushratta)
بعد أن قام المُعتمَد (أُدهي) بقتل (أرتاشومارا)، قام بتنصيب (توشراتا Tushratta) على العرش والذي هو الإبن الثاني للملك (شوتارنا). من المحتمل أن (توشراتا) كان يافعاً عند جلوسه على عرش المملكة الميتانية و كان الغرض من تنصيبه هو أن يكون فقط كواجهة صورية للحُكم وأن يكون (أدهي) الحاكم الفعلي للمملكة، إلا أن الملك (توشراتا) تمكّن من قتل (أُدهي) و بذلك إستطاع التخلص منه. قد يكون (توشراتا) قام بقتل (أدهي) بمساعدة الفرعون المصري أخناتون الذي كان زوج (نفرتيتي) أخت الملك الميتاني (توشراتا).
أصبح (توشراتا) ملكاً لمملكة ميتاني في أواخر القرن الرابع عشر قبل الميلاد، الذي تزامنَ مع نهاية عهد الفرعون المصري (أمنحتوب الثالث) وحكمَ هذا الملك الميتاني طوال فترة حكم الفرعون أخناتون. تزوج الفرعون المصري (أمنحوتب الثالث) أخت (توشراتا) التي كان إسمها (گيلوهيپا Gilu-Hepa) وكذلك تزوج هذا الفرعون إبنة الملك (توشراتا) التي كان إسمها (تادوخيپا Tadukhipa). بعد وفاة الفرعون المصري (أمنحوتب الثالث)، تزوجت زوجته (تادوخيپا) من الفرعون أخناتون والتي غيّرت إسمها فيما بعد من (تادوخيپا) الى (نفرتيتي)، كما تم سرد تفاصيله في الحلقة العاشرة من هذه السلسلة من المقالات. هناك لوحة مسمارية تحتوي على رسالة من الملك الميتاني (توشراتا) الى الفرعون المصري (أمنحتوب الثالث) من بين 13 رسالة للملك (توشراتا).
ربما عرف المصريون بأن قوة مملكة ميتاني كانت على وشك الإنتهاء، لذلك للحفاظ على الحدود المصرية مع سوريا الحالية، بدأ الفرعون الجديد (أخناتون) بإستقبال مبعوثين حثيين وآشوريين، الذين أصبحوا في ذلك الوقت من القوى الصاعدة في المنطقة بدلاً من إستقبال مبعوثين ميتانيين. رسائل تل العمارنة تكشف أن الطلبات المُلحّة للملك الميتاني (توشراتا) للحصول على تمثال ذهبي من أخناتون، تطورت الى أزمة دبلوماسية كبرى بين المملكتَين.
الإضطرابات التي سادت في مملكة ميتاني، أضعفت سيطرة الميتانيين على الممالك التابعة لهم. (أزيرو Aziru) الذي كان ملكاً لمملكة (أمّورو Amurru)، إنتهز هذه الإضطرابات وقام بعقد صفقة سرية مع الملك الحثي (سوپيلوليوما الأول I Suppiluliuma). مملكة (كيزوواتنا Kizzuwatna) التي كانت منفصلة عن المملكة الحثية، قام الملك الحثي (سوپيلوليوما الأول) بإستعادتها وضمها الى مملكته من جديد. بعد ذلك قام هذا الملك الحثي بإحتلال غرب وادي نهر الفرات وإستولى على كل من مملكة (أمّورو Amurru) و مملكة (نُهاشّه Nuhashshe) التي كانتا جزء من مملكة ميتاني.
إستناداً الى نصوص المعاهدة التي تم عقدها لاحقاً بين الملك الميتاني (شاتيوازا Shattiwaza) و الملك الحثي (سوپيلوليوما الأول)، فأن الملك (سوپيلوليوما الأول) قد قام بعقد معاهدة مع الملك الميتاني (أرتاتاما الثاني Artatama II) الذي كان ينافس (توشراتا) على حكم مملكة ميتاني. بدأ الملك الحثي (سوپيلوليوما الأول) بنهب أراضي الضفة الغربية لنهر الفرات وقام بِضم جبل لبنان الى مملكته. قام (توشراتا) بالتهديد بمداهمة ما وراء نهر الفرات فيما لو تمت سرقة خروف أو طفل واحد من قِبل الحثيين.
عند إستلام الحكم في مملكة آشور من قِبل (إريبا أداد الأول Eriba-Adad I) (1390 - 1366 قبل الميلاد)، كان النفوذ الميتاني في آشور في طريقه الى الزوال. بدأ الملك الآشوري (إريبا أداد الأول) يتدخل في المعارك التي كانت مندلعة بين الأخوَين (توشراتا) و (أرتاتاما الثاني) وبعد ذلك بين (أرتاتاما الثاني) وإبن (توشراتا) الذي كان إسمه (شوتارنا الثاني Shuttarna II) الذي سمى نفسه ملك مملكة خوري والذي تقدّم في نفس الوقت بطلب المساعدة من الآشوريين لتثبيت حكمه. حينئذٍ ظهرت مجموعة من أفراد العائلة المالكة الميتانية المؤيدة للتحالف الخوري- الآشوري. إستطاع الملك الآشوري (إريبا أداد الأول) أن يقضي على النفوذ الميتاني في بلاد آشور، بل أصبح له نفوذ في البلاد الميتانية وأخذ يتدخل في شئون مملكة ميتاني (مصدر 1).
قرر الملك الحثي (سوپيلوليوما الأول) أن يبسط سيطرته على مملكة (إيشوا) الواقعة في أعالي نهر الفرات، والتي كانت قد إنفصلت عن المملكة الحثية خلال حكم جدّه، إلا أنه فشلت كل المحاولات الحثية للإستيلاء على هذه المملكة. في زمن والده، تمردت مدن أخرى على الحكم الحثي. يدّعي (سوپيلوليوما الأول) بأنه إنتصر على حُكّام هذه الممالك، حيث أن الناجين من هذه الممالك قد هربوا الى مملكة (إيشوا) التي كانت جزءً من مملكة ميتاني. العديد من المعاهدات بين الدول المستقلة وبين الحُكام و الدول التابعة لهذه الدول، كانت تتضمن بنداً ينص على عودة الفارّين ولذلك قد يكون إيواء الهاربين من قِبل (إيشوا) ذريعة لغزو الحثيين لهذه المملكة.
عبر الجيش الحثي الحدود ودخل مدينة (إيشوا) وأرجع الهاربين الى سيطرة الحكم الحثي. يقول الملك الحثي (سوپيلوليوما الأول): أنا حررتُ الأراضي التي قمتُ بالإستيلاء عليها وأن الناس أخذوا يسكنون في أماكنهم الأصلية وأن جميع الناس الذين أطلقتُ سراحهم، عادوا الى شعوبهم و أراضيهم. ثم سار الجيش الحثي من خلال مناطق مختلفة نحو العاصمة الميتانية (واشوكاني). يدّعي (سوپيلوليوما) أنه نهب المنطقة وجلب الغنائم والأسرى والأبقار والأغنام والخيول الى المملكة الحثية. يدّعى أيضاً بأن (توشراتا) قد هرب، ومع ذلك فأن (سوپيلوليوما) فشِل في السيطرة على العاصمة الميتانية (واشوكاني).
هذه الحملة العسكرية الحثية أضعفت مملكة ميتاني، إلا أنها لم تُشكّل خطراً على وجودها. في حملة عسكرية ثانية، عبرَ الحثيون نهر الفرات مرة أخرى وسيطروا على كل من مدينة حلب و (موكيش Mukish) و (نيّا Niya) و (أراهاتي Arahati) و (أپينا Apina) و (قطنا Qatna)، بالإضافة الى بعض المدن الأخرى التي أسماؤها غير مذكورة. من ضمن الغنائم التي تم أخذها من مدينة (أراهاتي)، كان سائقي العربات الحربية الذين تم نقلهم الى المملكة الحثية جنباً الى جنب مع جميع مقتنياتهم. دمج جنود العدو في الجيش كان أمراً مألوفاً آنذاك وهذا يشير الى محاولة الحثيين لمواجهة العربات الحربية الميتانية، التي كانت السلاح الأكثر فعالية، من خلال بناء أو تعزيز قواتهم المؤلفة من العربات الحربية.
يدّعي (سوپيلوليوما الأول) أنه قد غزا أراضي من جبل لبنان ومن الضفة البعيدة لنهر الفرات، إلا أن الحُكّام الحثيين أو الحُكّام التابعين لهم، ذكروا فقط بعض المدن والممالك منها. أحرز الحثيون بعض المكاسب الإقليمية في غرب كوردستان الحالي، إلا أنه يبدو أنهم فشلوا بإقامة سلطةٍ دائمة في المناطق الواقعة في شرق نهر الفرات.
أرتاتاما الثاني (Artatama II)
قام (أرتاتاما الثاني) بإغتصاب الحُكم من الملك (توشراتا) في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. ليس هناك ما هو معروف عن ماضي (أرتاتاما الثاني) أو عن إتصالاته أو فيما لو كان فرداً من العائلة المالكة. كان يُطلَق عليه ملك مملكة خوري، بينما كان (توشراتا) يُلّقب بملك مملكة ميتاني. هذا يُشير الى أن (أرتاتاما الثاني) كان على خلاف مع (توشراتا). قد يكون (أرتاتاما الثاني) أخاً للملك (توشراتا) أو قد ينتمي الى جماعةٍ منافسة للعائلة المالكة الميتانية. قام الملك الحثي (سوپيلوليوما الأول Suppiluliuma I) بإبرام معاهدة مع الملك الميتاني (أرتاتاما الثاني) بعد غزوه لمملكة ميتاني. بعد هذا الملك، قام إبنه (شوتارنا الثالث III Shuttarna) بِحُكم مملكة ميتاني.
شوتارنا الثالث (Shuttarna III)
دام حُكم (شوتارنا الثالث) لفترة قصيرة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. (شوتارنا الثالث) هو إبن الملك (أرتاتاما الثاني) الذي إغتصب العرش الميتاني من الملك (توشراتا). سعى الملك (شوتارنا الثالث) للحصول على الدعم من الآشوريين للتصدي للحثيين، إلا أنه تمت هزيمته من قِبل الحثيين عندما توجّه الجيش الحثي نحو العاصمة الميتانية (واشوكاني)، حيث تمّ تنصيب (شاتيوازا Shattiwaza) على العرش الميتاني من قِبل الحثيين.
شاتيوازا أو كورتيوازا (Shattiwaza / Kurtiwaza)
كان (شاتيوازا) ملكاً للمملكة الميتانية في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. (شاتيوازا) هو أخ الملك (توشراتا). إسمه الخوري هو (كيلي تيشوپ Kili-Tešup).
خلال الإضطرابات السياسية التي أعقبت وفاة سلفه، حاول الملك (شوتارنا الثالث) الذي إغتصب الحُكم، قتل (شاتيوازا). لذلك هرب (شاتيوازا) ولجأ في البداية الى الملك الحثي (سوپيلوليوما)، حيث تزوج (شاتيوازا) إبنة الملك الحثي وعاد الى مملكة ميتاني مع الجيش الحثي. تمت هزيمة الملك (شوتارنا الثالث) الذي كان قد سيطر على الحُكم في غياب (شاتيوازا) وتمّ تنصيب (شاتيوازا) ملكاً على مملكة ميتاني. هذه الأحداث مُسجّلة في المعاهدة المعقودة بين الملك الحثي (سوپيلوليوما) والملك الميتاني (شاتيوازا).
بمساعدة رعاياه، قام أحد أبناء (توشراتا) بقتل والده لكي يٌخلّفه في الحُكم. إضطر أخوه (شاتيوازا) أن يهرب من مملكة ميتاني. خلال الإضطرابات التي أعقبت حادثة القتل، أظهر الآشوريون قوتهم تحت قيادة ملكهم (آشور أُباليت الأول I Ashur-uballit)، حيث قاموا بغزو مملكة ميتاني و أن (أرتاتاما الثاني Artatama II) الذي كان يُطالب بالعرش، أصبح ذا سطوة ويليه إبنه (شوتارنا Shuttarna). يدّعي الملك الحثي (سوپيلوليوما) بأنه تمّ تدمير مملكة ميتاني كلياً وأن بلاد آشور و بلاد (ألشي Alshi) قامتا بتقسيم مملكة ميتاني بينهما، إلا أنه يبدو أن هذا الكلام هو مجرد نوع من التمنّي، حيث أنه بالرغم من إحتلال الآشوريين لأراضٍ ميتانية، فأن المملكة الميتانية إحتفظت بوجودها. إحتفظ الملك الميتاني (شوتارنا Shuttarna) بعلاقات جيدة مع الآشوريين وأعاد إليهم أبواب القصر الملكي الآشوري التي تم أخذها من قِبل الملك الميتاني (شاوشتاتار Shaushtatar). مثل هذه الغنائم شكّلت رمزاً سياسياً قوياً في بلاد ما بين النهرين القديمة.
ربما في البداية، فرّ (شاتيوازا Shattiwaza) الى بابل، إلا أنه إنتهى به المطاف في بلاط الملك الحثي الذي قام بتزويجه من إحدى بناته. تم الحفاظ على المعاهدة المعقودة بين الملك الحثي (سوپيلوليوما) و الملك الميتاني (شاتيوازا) ونصوص هذه المعاهدة هي أحد المصادر الرئيسة لهذه الفترة. بعد إبرام المعاهدة بين (سوپيلوليوما) و (شاتوازا)، قاد (پياشيلي Piyashshili) الذي هو إبن (سوپيلوليوما)، الجيش الحثي في هجومه على مملكة ميتاني. تذكر المصادر الحثية بأن (پياشيلي) و (شاتيوازا) عبرا نهر الفرات عند مدينة (كَرْكَميش Carchemish) وثم سارا نحو ( إريدو Irridu) في الأراضي الميتانية. قاما بإرسال رُسلاً من الضفة الغربية لنهر الفرات الى سكان (إريدو) وكانا يتوقعان إستقبالهما بالترحاب من قِبل الناس هناك، إلا أن سكان المدينة كانوا موالين للحاكم الجديد (توشراتا) بسبب ثرائه، كما يدّعي (سوپيلوليوما). سخر الناس منهما وقالوا: لماذا أنكما قادمان؟ إذا كنتما قادمَين للقتال، تقدّما ولكنكما سوف لا تعودان الى أرض الملك العظيم. أرسل الملك (توشراتا) الرجال لتعزيز قوات العربات الحربية في منطقة (Irridu)، إلا أن الجيش الحثي إنتصر عليهم في المعركة وإلتمس سكان (Irridu) من الحثيين أن يتم إحلال السلام بينهم. في غضون ذلك دخلت عربة حربية آشورية العاصمة الميتانية (واشوكاني) و كان يقود العربة شخص واحد فقط. يبدو أن الملك الميتاني (شوتارنا) كان قد سعى لتلقّي المساعدات العسكرية من الآشوريين لمواجهة التهديد الحثي. كما يبدو أن القوة الآشورية المُرسلة لم تُلبِّ ما كان يطمح (شوتارنا) الحصول عليه أو أنه يكون قد غيّر رأيه. على أي حال، تم رفض دخول الجيش الآشوري الى مملكة ميتاني وبدلاً من تقديم المساعدة لمملكة ميتاني، قام الجيش الآشوري بمحاصرة العاصمة الميتانية (واشوكاني). يبدو أن هذا الواقع غّير مزاج الناس ليصبحوا ضد ملِكهم (شوتارنا)، حيث ربما أن غالبية سكان مدينة (واشوكاني) فضلوا أن يكونوا تحت رعاية الإمبراطورية الحثية من أن يصبحوا تحت الحكم الآشوري. على أي حال، بعث سكان (واشوكاني) رسولاً الى كل من (پياشيلي) و (شاتيوازا) اللذين كانا في مدينة (Irridu)، حيث أنهما كانا يتكلمان للناس هناك عند بوابة المدينة. توجّه (پياشيلي) و (شاتيوازا) الى العاصمة (واشوكاني) و أن مدن (حرّان) و (پاكاريپا Pakarripa) إستسلمتا للقوات الحثية. في (پاكاريپا) التي هي بلد مقفر، عانت القوات الحثية والميتانية من الجوع وهذه أدت الى بعض التقدم للقوات الآشورية هناك، إلا أن الآشوريين لم يُحققوا أي نجاح. إضطرت القوات الأشورية أن تتقهقر أمام القوات الحثية والميتانية وتراجعت الى مدينة (نيلاپ إيني Nilap_ini)، إلا أنه لم تحصل مواجهة عسكرية بين الجانبَين. نتيجة تفوّق القوات الحثية، يبدو أن الآشوريين إضطروا الى أن ينسحبوا ويعودوا الى آشور.
أصبح (شاتيوازا) ملكاً لمملكة ميتاني ولكن بعد أن قام الملك الحثي (سوپيلوليوما) بأخذ مدينة (كَرْكَميش Carchemish) و الأراضي الواقعة غرب نهر الفرات التي كان إبنه (پياشيلي) حاكماً عليها. هكذا أصبحت مملكة ميتاني تقتصر على وديان نهر الخابور ونهر البليخ (Balikh) وأصبحت مملكة ميتاني تعتمد بشكل كبير على حليفتها المملكة الحثية. بعض العلماء يطلقون على مملكة ميتاني عبارة دُمية المملكة الحثية في هذه الفترة ويقولون بأنها كانت تُشكّل منطقة جغرافية عازلة للحثيين ضد بلاد آشور القوية.
في عهد الملك الآشوري (آشور أُباليت)، بدأت بلاد آشور بالتحرش بمملكة ميتاني، حيث قامت بغزو مملكة نوزي الواقعة في شرق نهر دجلة والتي كانت تابعة للميتانيين و تم تدميرها من قِبل الآشوريين.
يذكر الباحث (Trevor Bryce) المختص بتأريخ الحثيين بأن مملكة ميتاني تم إحتلالها بشكل دائمي خلال حكم الملك الحثي (مورسيلي الثالث Mursili III) الذي تمت هزيمته من قِبل الآشوريين وكانت هذه الهزيمة ضربة قوية لِهيبة المملكة الحثية في العالم القديم وقوّضت سلطة الملك الحثي الشاب في مملكته (مصدر 2).
شاتوارا الأول (Shattuara I)
كان (شاتوارا الأول) ملكاً لمملكة ميتاني في القرن الثالث عشر قبل الميلاد. أصبح (شاتوارا الأول) تابعاً لمملكة آشور بعد أن تمت هزيمته من قِبل الملك الآشوري (أداد نيراري الأول Adad-nirari I) (1295 – 1263 قبل الميلاد) (مصدر 3، صفحة 276). في أحد النقوش التابعة للملك الآشوري (أداد نيراري الأول) يذكر هذا الملك بأن (شاتوارا الأول) قد تمرد ضده، إلا أنه تم القبض عليه وتجديد ولائه له.
حكمَ ملك ميتاني آخر مملكة ميتاني لاحقاً بإسم (شاتوارا) خلال حُكم الملك الآشوري (شلمنصر الأول Shalmaneser I) (1263-1233 قبل الميلاد)، حيث أنه في إحدى النقوشات الآشورية، يُذكر بأن الملك الميتاني (شاتوارا) قد ثار ضد الملك الآشوري (شلمنصر الأول)، إلا أنه من المرجح أن يكون هذا الحدث هو إعادة للثورة الميتانية التي إندلعت ضد الملك الآشوري (أداد نيراري الأول) من قِبل (شاتوارا) أو إبنه (واساشاتا).
النقوش الملكية للملك الآشوري (أداد نيراري الأول Adad-nirari I) (حوالي عام 1307 – 1275 قبل الميلاد) تُشير الى أن الملك الميتاني (شاتوارا الأول) الذي كانت مملكته تابعة لبلاد آشور، ثار ضد الحكم الآشوري و قام بأعمال عدائية ضد آشور.
إن قرابة (شاتوارا الأول ) مع سلالة الملك الميتاني (پارتاتاما Partatama) غير معروفة. بعض العلماء يعتقدون بأنه كان الإبن الثاني للملك (أرتاتاما الثاني Artatama II) وأخ الملك (شاتيوازا Shattiwazza) الذي كان في وقت ما المنافس للملك (شوتارنا Shuttarna). يدّعي الملك الآشوري (أداد نيراري الأول) بأنه إعتقل الملك (شاتوارا) و أتى به الى آشور، حيث أنه تعهد هناك بأن يكون تابعاً لآشور. بعد ذلك سمح له بالعودة الى مملكة ميتاني و قام بدفع جزية للملك الآشوري (أداد نيراري) بإنتظام. هذا حدث خلال حكم الملك الحثي (مورسيلي الثاني)، إلا أنه ليس هناك تأريخ محدد لهذه الحادثة.
واساشاتا (Wasashatta)
كان (واساشاتا) ملك مملكة ميتاني في بداية القرن الثالث عشر قبل الميلاد. كان تابعاً للآشوريين كما كان والده.
بالرغم من القوة التي كانت تتمتع بها بلاد آشور، حاول (واساشاتا Wasashatta)، القيام بثورة ضد الإحتلال الآشوري، حيث سعى للحصول على مساعدة عسكرية من المملكة الحثية، إلا أن المملكة الحثية كانت تعاني في ذلك الوقت من صراعات داخلية والتي كانت ناتجة عن إغتصاب العرش الحثي من قِبل (حاتوسيلي الثالث Hattusili III) الذي بسببه إضطر إبن أخيه (أورهي تشوپ) أن يلجأ للعيش في المنفى. يُشير الملك الآشوري (أداد نيراري) بإبتهاج في نقوشاته الى أن الحثيين أخذوا الأموال التي أعطاها لهم (واَساشاتا) مقابل تقديم مساعدة عسكرية حثية له، إلا أن الحثيين أخذوا النقود دون تقديم أي مساعدة له.
وسّع الآشوريون مملكتهم أكثر فأكثر، حيث قاموا بغزو المدينة (تايدو Taidu) وكذلك العاصمة الميتانية (واشوكاني) و مدن (أماساكو Amasakku) و (كاهات Kahat) و (شورو Shuru) و (نابولا Nabula) و (هورّا Hurra) و (شودوهو Shuduhu). غزا الآشوريون أيضاً مدينة (إريدو Irridu) وقاموا بتدميرها كلياً ونثروا الملح عليها. تم أخذ زوجة إبن الملك الميتاني (واَساشاتا) وبناته الى آشور، بالإضافة الى الكثير من الغنائم والأسرى. لم يتم ذكر (واساشاتا) نفسه ضمن قائمة الأسرى وهذا يشير الى أنه يكون قد هرب ونجا من الأسر. هناك رسائل ل(واساشاتا) في الوثائق الحثية. يعتقد بعض العلماء بأنه أصبح فيما بعد حاكماً لمملكة ميتانية صغيرة كانت تُسمى (شوبريا Shubria).
إحتل الملك الآشوري (أداد نيراري الأول Adad-nirari I) قلب المملكة الميتانية الواقع بين نهر (البليخ Balikh) ونهر الخابور الذي كان محتلاً من قِبل الحثيين، إلا أنه يبدو أن الآشوريين لم يعبروا نهر الفرات وأن مدينة (كركميش Carchemish) ظلت تحت حكم الحثيين. بعد إنتصاره على مملكة ميتاني، لقّب (أداد نيراري الأول) نفسه بالملك العظيم sharru rabû في رسائله المرسلة الى حُكام المملكة الحثية.
شاتوارا الثاني (Shattuara II)
كان (شاتوارا الثاني) آخر ملك ميتاني معروف في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، قبل الغزو الآشوري.
في عهد الملك الآشوري (شلمنصر الأول Shalmaneser I) (1270 - 1240 قبل الميلاد)، ثار الملك الميتاني (شاتوارا Shattuara) الذي كان إبن أو إبن أخ الملك الميتاني (واساهاتا Wasahatta)، ضد الإحتلال الآشوري بمساعدة الحثيين و البدو الآراميين (Ahlamu) وكان ذلك في حوالي عام 1250 وكان جيشه مُجهّزاً بشكل جيد و إستطاع تحرير جميع الممرات الجبلية والبحيرات بحيث أن الجيش الآشوري عانى من العطش أثناء تقدمهم، إلا أنه مع ذلك إنتصر الملك الآشوري (شلمنصر الأول) إنتصاراً ساحقاً على الحثيين والميتانيين. يدّعي الملك الآشوري المذكور بأنه قتل 14400 رجل وأما الباقون فقد تم إعماؤهم ورميهم بعيداً. نقوشاته تذكر بأنه قام بإحتلال تسعة معابد محصّنة وحوّلَ 180 مدينة خورية الى أكوام من الأنقاض وأن (شلمنصر) قام بذبح جيوش الحثيين و حلفائهم البدو الآراميين كالخراف. كما تشير نقوشاته الى أنه قام بالإستيلاء على المدن التي تبدأ من (تايدو Taidu) الى مدينة (إريدو Irridu) وكذلك جبل (كاشيار Kashiar) واصلاً الى نهر الفرات وكل من قلعة (سودو Sudu) و (هرّانو Harranu) الى (كَركَميش Carchemish) الواقعة على نهر الفرات. نقش آخر يُشير الى بناء معبد للإله الآشوري (أداد) في مدينة (كاهات Kahat) الميتانية والتي تم إحتلالها أيضاً من قِبل الآشوريين.
1. Roux, Georges (1966). Ancient Iraq. p. 229. Penguin Books.
2. Bryce, Trevor (2005). The kingdom of the Hittites. Oxford University Press. ISBN 0-19-927908-X.
3. Idwards, I. E. S. (1973). The Cambridge Ancient History, Vol. 1, Part 2: Early History of the Middle East (The Cambridge Ancient History, 2nd edition), Cambridge University Press, p. 276.
mahdi_kakei@hotmail.com
[1]