سلسلة دراسات من ذاكرة التاريخ ( الحلقة الثانية ) أصل الكرد في التراث الإسلامي (2) – (ملاحظات وتساؤلات)
د. أحمد الخليل
اتجاهات …
استعرضنا، في الحلقة الأولى أبرز الروايات التي جاءت في مصادر التراث الإسلامي حول أصل الكرد، وهي تتلخص فيما يلي:
1. الكرد عرب من نسل عَمرو بن صَعْصَعة (عرب الشمال).
2. الكرد عرب من نسل رَبِيعة بن نِزار بن مَعَدّ بن عَدْنان (عرب الشمال).
3. الكرد عرب من نسل مُضَر بن نِزار بن مَعَدّ بن عَدْنان (عرب الشمال).
4. الكرد من نسل كُرْد بن مَرْد بن صَعْصَعَة بن هَوازِن، من فرع قيس بن عَيْلان بن مُضَر بن نِزار بن عَدنان (عرب الشمال).
5. الكرد من بقية أولاد حُمَيد بن زُهير بن الحارث بن أَسَد بن عبد العُزّى بن قُصَيّ (من قريش- عرب الشمال).
6. الكرد عرب من نسل عَمرو مُزَيْقِياء (عرب الجنوب- اليمن).
7. الكرد أعراب فارس.
8. الكرد من نسل أسْفَنْدِيار بن مَنُوشَهْر.
9. الكرد من نسل أكراد بن فارسان بن أهلوا بن إرَم بن سام بن نوح.
10. الكرد من نسل أَشُوذ [ كذا. والصواب: أَشُور ]، ولأشوذ أربعة من الولد هم: إيران، ونَبٍيط، وجَرَْمُوق، وباسِل، ومن إيران: الفرس والكرد والخَزَر.
11. الكرد من نسل الشبان الذين نجوا من الضحّاك (أزدهاك)، والتحقوا بالجبال، وتناسلوا هناك.
12. الكرد والكُرْج (الجورجيون) من نسل واحد: ” ويقال في المسلمين الكُرد، وفي الكفار الكُرْج ” (انظر القَلْقَشَنْدي: صبح الأعشى، ج1، 423 – 424).
13. الكرد هم من بني إيران بن أشور، بن سام، بن نوح.
14. الكرد من نسل كُرد بن كَنعان بن كُوش بن حام بن نوح.
15. الكرد من نسل كُرد بن مُرْد بن يافث بن نوح.
16. الكرد من نسل شيطان يسمّى (الجَسَد)، فقد زنى هذا الشيطان بجواري النبي سليمان بن داود، وبنسائه المنافقات، فحملن منه، وأنجبن الكرد.
17. الكرد جيل (شعب) من الجن كُشف عنهم الغطاء، وقد ذكر الراغب الأصبهاني في كتابه (محاضرات الأدباء، ج 1، ص 160) أن ” عمر بن الخطاب رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الأكراد جيل الجن كُشف عنهم الغطاء. وإنما سُمّوا الأكرادَ لأن سليمان عليه السلام لما غزا الهند، سَبى منهم ثمانين جارية وأسكنهم جزيرةً، فخرجت الجن من البحر فواقعوهن، فحمل منهم أربعون جارية، فأُخبر سليمانُ بذلك، فأمر بأن يخرجن من الجزيرة إلى أرض فارس، فولدن أربعين غلاماً، فلما كثروا أخذوا في الفساد وقطع الطرق، فشكوا ذلك إلى سليمان، فقال: أكردوهم إلى الجبال! فسموا بذلك أكراداً “. ولسنا ندري هل تقتصر الرواية عن النبي على “الأكراد جيل الجن كُشف عنهم الغطاء”، أم يشمل الباقي من الرواية أيضاً؟
ونخرج من هذه الروايات بالملاحظات الآتية.
الملاحظة الأولى
أول ما يلفت الانتباه هو كثرة الروايات الدائرة حول أصل الكرد في المصادر الإسلامية، واختلاف تلك الروايات، فالكرد تارة من نسل عربي، وتارة أخرى من نسل فارسي، وثالثة من نسل سام بن نوح، أي هم (ساميون) حسب التصنيفات الحديثة للشعوب، ورابعة هم من نسل يافث بن نوح، أي هم (آريون)، وخامسة هم ليسوا بشراً، وإنما هم فريق من الجن تجسّدوا في أشكال آدمية، وسادسة نصف الكردي أدمي (من جهة الأمهات) ونصفه الآخر شيطاني (من جهة الأب: الشيطان الجَسَد).
والحقيقة أن اهتمام مصادر التراث الإسلامي بأصول الشعوب وطباعها لم يكن مقصوراً على الكرد، وإنما كان موجَّهاً إلى شعوب أخرى، نذكر منهم العرب عَدنانيين وقَحْطانيين، والروم، والفرس، والدَّيْلَم، والنَبْط (النَّبِيط)، والسُّريان، والقُبط، والنُّوبة، والترك، والبَرَبَر (الأمازيغ)، وشعب التِبِّت، وشعب الأندلس (إسبانيا). لكن لم تكن الروايات الدائرة حول أصل هذه الشعوب كثيرة ومختلفة، ومتضاربة أحياناً، كالروايات الدائرة حول أصل الكرد.
والأرجح أن وراء الأمر سببين اثنين:
1 – السبب الأول هو الغموض الذي كان يحيط بالكرد، فمن خلال مراجعاتي المتكررة للأدب العربي قبل الإسلام (الجاهلي)، ولا سيما الشعر- وهو دائرة تخصصي الأكاديمي إلى جانب الأدب العربي في صدر الإسلام- لم أجد أيّ ذكر للكرد، لا من قريب ولا من بعيد، وهذا يعني أن العرب- خاصّتهم وعامّتهم- ما كانوا يمتلكون، قبل الإسلام، معلومات عن الكرد، أو أنهم كانوا يمتلكون معلومات قليلة جداً، ولم يعرفوهم عن قرب إلا مع بدء الفتوحات الإسلامية على الجبهة الشرقية، والصراع مع الدولة الساسانية الفارسية.
2 – السبب الثاني ناجم إلى حد كبير عن السبب الأول، فندرة المعلومات عن الكرد قبل الإسلام أدّى إلى قبول كل الروايات؛ مهما كانت درجة اختلافها وتخبّطها وتناقضها، وهذا أمر يستوي فيه رواة الأخبار القدامى سواء أكانوا من العرب أم من غير العرب.
والمثير للانتباه أننا لا نجد الروايات تتزاحم وتتناطح حينما يكون الأمر متعلقاً بأصول الشعوب الأخرى، ولنأخذ الترك مثلاً، فليس في شعر العرب قبل الإسلام أيّ ذكر لهم، وكانت مواطنهم تقع في وسط آسيا، وهذا يعني أنهم كانوا بعيدين جداً عن العرب في الجاهلية، بخلاف الكرد، فلماذا لا نجد كثرة الروايات وتخبطها وتناقضها بشأن أصلهم أيضاً؟ أما كان المنطق يقتضي أن تكون الروايات الدائرة حول أصلهم أكثر اختلافاً وتخبطاً وتناقضاً من الروايات المتعلقة بأصل الكرد؟ ولماذا لا نجد ذلك الاختلاف والتخبط في أصل الفرس أيضاً، علماً بأنهم كانوا- وما زالوا- من جيران الكرد القريبين جداً، وبينهم وبين الكرد قرابة في الأصل الأرياني، وفي الثقافة الزردشتية، هذا عدا خضوع الشعبين معاً لدولة قادها الميد (أجداد الكرد) تارة، ولأخرى قادها الفرس الأخمين والساسانيون تارة ثانية؟
وباختصار: لماذا خُص الكرد وحدهم بكل هذا التأصيل والتشعيب؟
الملاحظة الثانية
الروايات التي أرجعت أصل الكرد إلى العرب كثيرة، وفيها اختلاف حول التفاصيل، فرواية واحدة فقط تجعلهم من نسل العرب القحطانيين (عرب الجنوب- اليمن- العاربة)، وهي الرواية التي أرجعتهم إلى الجد الأكبر (عمرو مُزَيقياء)؛ وهذه الرواية منسوبة إلى النسّابة العربي (ابن الكلبي)، فقد قال: ” هو كُرْد بن عمرو مُزَيْقياء. وَقعوا في ناحية الشمال لما كان سيل العَرِم، وتفرّق أهلُ اليمن أيدي سَبَأ ” (انظر الزبيدي: تاج العروس، مادة كرد).
وأكثر الروايات تجعل الكرد من نسل العرب العدنانيين (عرب الشمال – المستعربة)، وأقدم من نُسب إليه أصل هذه الروايات هو النسّابة العربي (أبو اليقظان)، (انظر تاج العروس، مادة كرد). ومعروف في كتب الأنساب أن العرب العدنانيين هم من نسل نِزار بن مَعَدّ بن عدنان. ويتفرع من نزار فرعان اثنان:
– فرع رَبِيعَة بن نزار.
– وفرع مُضَر بن نزار.
وينقسم فرع مضَر بن نزار بدوره إلى فرعين أصغر هما:
– فرع إلياس بن مُضَر، ومنه قريش.
– وفرع عَيْلان بن مُضَر، ومنه بنو هَوازن.
وبمراجعة الروايات التي أرجعت أصل الكرد إلى الفرع العربي العدناني يتضح أنها مختلفة، فرواية تنسبهم إلى فرع رَبيعة بن نزار، وأخرى تنسبهم إلى فرع مُضر بن نزار، ووصل الاختلاف إلى داخل دائرة الفرع المُضري نفسه، فرواية تنسبهم إلى قَيس بن عَيلان بن مُضر. وأخرى تنسبهم إلى قُصيّ، وهو أعظم شخصيات قُرَيش، والجد الأكبر لبني هاشم (أسرة النبي محمد)، وقد مر أن الجد الأكبر لقبيلة قريش هو إلياس بن مُضر.
فماذا وراء هذه الاختلافات في الروايات التي نسبت الكرد إلى العرب؟
الملاحظة الثالثة
ثمة روايات أرجعت أصل الكرد إلى الفرس مباشرة حيناً، وإلى الشعوب الآريانية حيناً آخر، والمقصود بالشعوب الآريانية تلك الشعوب التي عاشت في آريانا، وهي المنطقة الجغرافية التي تشمل الآن كردستان، وإيران، والقسم الشمالي الغربي من أفغانستان (خُراسان قديماً)، وتلك الروايات غامضة بشكل عام، فالكرد تارة (أعراب فارس)، والمقصود بالأعراب (البدو)، والمقصود بكلمة (فارس) هو بلاد فارس، أي منطقة آريانا الغربية (إيران حالياً)، وليس المقصود (إقليم فارس) الذي يقع في جنوب غربي إيران حالياً.
ورواية أخرى تنسب الكرد إلى الأصل الفارسي مباشرة، من خلال (أسفنديار بن منوشهر)، ورواية أخرى تجعلهم من سلالة أولئك الشبان الذين كان وزير الملك الآرياني الضحّاك (أزدهاك) يطلق سراحهم، ويأمرهم بالهروب إلى الجبال، فتزاوجوا هناك وتناسلوا، وكان منهم الكرد.
والسؤال هو: ما حقيقة الصلة بين الفرس والكرد؟
وما حقيقة قصة الضحاك؟ أهي أسطورة أم حقيقة تاريخية؟
وماذا كان أصل أولئك الشبّان؟ هل كانوا من الفرس؟ أم من الميد؟
أم كانوا من جنسيات أخرى؟
الملاحظة الرابعة
هناك رواية جعلت الكرد والكُرج (الجورجيون) من أصل واحد، واتخذت من الدِين معياراً للتمييز، فالكرد هم المسلمون، والكُرج هم المسيحيون (الكفّار حسب التوصيفات الإسلامية التراثية). فهل اعتمد صاحب هذه الرواية على التقارب اللفظي بين اسمي (الكُرْد، الكُرْج)؟ وهل اتخذ ذلك التقارب اللفظي دليلاً على أن الشعبين شعب واحد في الأصل؟ أم أنه اعتمد أموراً أخرى مثل الجوار الجغرافي بين الكرد والكرج في جنوب غربي القوقاز؟ أم أن ثمة دليلاً آخر غير هذا وذاك؟
الملاحظة الخامسة
أرجعت بعض الروايات أصول الكرد إلى مراحل قديمة جداً، ولم تقف عند تنسيبهم إلى العرب والفرس، واعتَمدت على التقسيمات الواردة في التوراة حول أصل الشعوب؛ فشعوب العالم – بحسب التوراة- تعود إلى أبناء نوح الثلاثة، وهم سام (جد الساميين)، وحام (جد الحاميين/الأفارقة)، ويافث (جد بقية الشعوب). ونجد ضمن هذا التوجيه اختلافاً كبيراً، فالكرد تارة من بني أشور بن سام، وتارة من بني كنعان بن كوش بن حام، وثالثة من بني مرد بن يافث.
فلماذا كل هذا التضارب الشديد في تنسيب الكرد؟
وأين هي الحقيقة؟
الملاحظة السادسة
إن بعض الروايات جعلت الكرد مخلوقات مكوّنة من جنسين: الجنس الأول آدمي، باعتبار أن أمهات الكرد هن الجواري الآدميات اللواتي كنّ في قصر النبي سليمان. والجنس الآخر شيطاني، نسبة إلى الشيطان المعروف باسم (الجَسَد)، وتذكر الروايات أن هذا الشيطان جامع تلك الجواري المنافقات، فأنجبن منه الكرد، ولهذه الرواية علاقة بالآية القرآنية: ( وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ) (سورة ص، الآية 34). فقد جاء في كتب تفسير القرآن، حول هذه الآية، روايات متعددة وطويلة، خلاصتها أن النبي سليمان أراد دخول الخلاء لقضاء الحاجة، فخلع خاتمه، باعتباره خاتم النبوة والمُلك، وأعطاه لواحدة من نسائه، وكانت لها مكانة خاصة عنده بسبب جمالها، لكنها كانت حديثة عهد بالوثنية، فانتهز الشيطان الجسد الفرصة، وتقمّص شكل سليمان، واحتال على المرأة وأخذ منها الخاتم، وعندئذ جُرّد سليمان من جميع سلطاته، وصار الشيطان الجسد هو الآمر الناهي، وأصبح يضاجع زوجات سليمان ونسائه، وبعد حين استردّ سليمان خاتمه، فاستردّ سلطاته، وأبطل ما قام به الشيطان الجسد، لكن نساءه وجواريه كن قد حملن من الشيطان، وكان من المستحيل أن يمنعهن من وضع أولادهن. وابن جرير الطبري هو من المفسرين القلائل الذين ذهبوا إلى أن الله عصم نساء سليمان من الشيطان الجسد، فلم يضاجعهن. (انظر ابن الجَوْزي: زاد المسير في علم التفسير، ج 7، ص 132 – 138. والبَغَوي: معالم التنزيل في التفسير والتأويل، ج 4، ص 604 – 606. وابن كَثير: تفسير القرآن العظيم، ج 7، ص 57 – 58).
وجاء في (روح المعاني للآلوسي، ج 22، ص 198 – 199) حول تفسير هذه الآية أن النبي سليمان ” قال : لأطوفنّ الليلة على سبعين امرأة، تأتي كل واحدة بفارس يجاهد في سبيل الله تعالى، ولم يقل: إن شاء الله. فطاف عليهن، فلم تحمل إلا امرأة، وجاءت بشِقّ رجل [نصف رجل]… فالمراد بالجسد ذلك الشِّق الذي ولد له، ومعنى إلقائه على كرسيه وضعُ القابلة له عليه ليراه “. وقد ذهب النَسَفي هذا المذهب أيضاً، وقال: ” وأما ما يُروى من حديث الخاتم والشيطان، وعبادة الوثن في بيت آل سليمان عليه السلام، فمن أباطيل اليهود “. (انظر النَسَفي: مدارك التنزيل وحقائق التأويل، ج 3، ص 194).
لكن معظم المفسرين أخذوا بالتفسير الأول. والمهم في المسألة أنه لم يأت ولا في كتاب واحد من كتب تفسير القرآن أن الكرد من سلالة الشيطان الجسد وجواري النبي سليمان؛ وللتحقق من ذلك رجعت إلى أكثر من عشرين كتاباً من كتب التفسير، بين قديم وحديث، أذكر منها: (تفسير الطَبَري، تفسير القُرْطُبي، تفسير ابن كَثِير، تفسير البَغَوي، تفسير البَيْضاوي، تفسير الآلوسي، تفسير النَّسَفي، تفسير الكشّاف للزَّمَخْشَري، تفسير النّيسابوري، تفسير أبي السُّعود، تفسير الجَلالين، تفسير في ظلال القرآن).
فمن أين جاءت إذاً الرواية التي تجعل الكرد من نسل الشيطان الجسد؟!
ومن يقف وراءها؟ ولماذا تم اختلاق تلك الرواية أصلاً؟
الملاحظة السابعة
بعض الروايات جعلت الكرد نتاج تزاوج جنسين هما الجن والنساء الآدميات، لكن النساء هذه المرة جوارٍ هنديات، والجن جن البحر وليسوا جن البر، ومرة أخرى نرى أن للنبي سليمان علاقة بالموضوع، وأنه أمر أمهات الكرد الهنديات أن ينتقلن بأولادهن من تلك الجزيرة النائية في قلب البحر إلى بلاد فارس، لكن ذلك النسل الهجين (الجني / الآدمي) مارس قطع الطرق، فأمر النبي سليمان بطردهم من السهول إلى الجبال. وتشتق هذه الرواية اسم (الكرد) من قول النبي سليمان (اكردوهم إلى الجبال).
وينطلق مخترع هذه الرواية من فرضيتين:
– الأولى أن النبي سليمان كان يتكلم العربية.
– والثانية أن غزوات النبي سليمان وصلت إلى الهند شرقاً.
والحقيقة أن الفرضيتين كلتاهما محض خيال واختلاق؛ فلغة النبي سليمان كانت العبرانية (الكنعانية أصلاً)، وليس العربية. ومعروف أن سليمان حكم بين سنتي (961 – 922 ق.م)، حسبما ذكر سبتينو موسكاتي في كتابه (الحضارات السامية القديمة، ص 144)، أو بين سنتي (965 – 928 ق.م)، حسبما ذكر أبراهام مالمات، وحاييم تدمور، في كتابهما (العبرانيون وبنو إسرائيل، ص 216)، كما أن سليمان لم يستطع فرض سيطرته الكاملة على الممالك الآرامية في سوريا المجاورة لفلسطين شرقاً، فكيف وصل بغزواته إلى الهند؟ وكيف اخترق سوريا التي كان الحثيون الأقوياء يحكمون نصفها الشمالي بدءاً من حماه؟ وكيف اخترق بلاد الرافدين حيث كان الآشوريون الأقوياء يحكمون؟ وكيف اخترق كردستان وفارس حيث كان يسيطر الميد والفرس؟
إذاً فرواية كون الكرد من نسل الجن وجواري النبي سليمان هي من نسج الخيال جملة وتفصيلاً، وتتعارض مع الحقائق البيولوجية والتاريخية والجغرافية، فما الدافع إلى نسجها على هذا المنوال؟ ومن يقف وراء الأمر؟
هذه هي أبرز الملاحظات والتساؤلات التي تلفت انتباه المرء؛ وهو يراجع الروايات التراثية الخاصة بأصل الكرد، وسنسعى إلى الإجابة عنها في الحلقة القادمة إن شاء الله.
المراجع
1. أبراهام مالمات، حاييم تدمور: العبرانيون وبنو إسرائيل في العصور القديمة، ترجمة وتعليق دكتور رشاد عبد الله الشامي، المكتب المصري لتوزيع المطبوعات، الطبعة الأولى، 2001.
2. الآلوسي: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار الفكر، بيروت، 1978م.
3. البغوي: معالم التنزيل في التفسير والتأويل، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1985.
4. ابن الجوزي: زاد المسير في علم التفسير، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، دمشق- بيروت، الطبعة الأولى، 1964.
5. الراغب الأصبهاني: محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء، د. م، د. ن، 1970.
6. الزبيدي: تاج العروس من جواهر القاموس، المطبعة الخيرية، القاهرة، 1306 ﮪ.
7. سبتينو موسكاتي: الحضارات السامية القديمة، ترجمة الدكتور السيد يعقوب بكر، دار الرقي، بيروت، 1986.
8. الطبري: تاريخ الطبري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، 1967م.
9. القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا، تحقيق محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1987.
10. ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، تحقيق الدكتور محمد إبراهيم البنّا، محمد أحمد عاشور، عبد العزيز غنيم، الشعب، القاهرة، 1971.
وإلى اللقاء في الحلقة الثالثة
د. أحمد الخليل في 17-10-2008
[1]