اللامركزية تقسم اقليم كوردستان ام تمنع الاحتكار ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5045 - #15-01-2016# - 13:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
ان الواقع الذي وصل اليه اقليم كوردستان من تراكم المشاكل و التضخم و وقوعه في ازمات خانقة لم يات الا جراء تفرد نفر ما في الحكم و سيطرة مصالح شخصية حزبية ضيقة على ادارة الاقليم، و توجهت السلطة نحو المافوية الحاكمة بسهولة، وتضرر نتيجة كل تلك الاخطاء و ما تفشى من الفساد الشعب وحده، بحيث وصلت الحال الى ان تفلس الحكومة و لم تتمكن من دفع حتى رواتب الموظفين لمدة اكثر من خمسة اشهر .
فتجمعت الصلاحيات و امكانيات السلطة في ايدي معدودة، و هو من اكبر الاسباب الى هذه الفضائع التي تحصل وادت الى حال من انعدام ولو اقل نسبة يمكن ان يثق بها الشعب بسلطته بعدما تلمس هذا التدني الواضح في مستوى العدالة الاجتماعية و ما تنشده الطبقة الكادحة من العيش البسيط فقط و علو شان الطبقة المادحة، و انما ازداد القلق و انعدم الامان و تراجع الوضع من كافة النواحي، كل ذلك نتيجة سذاجة السلطة و عدم امكانيتها و دونية عقليتها السياسية و عدم تمكنها من قراءة مستقبل اقليم ولو لشهر واحد فقط، اي كل ما قامت به هو ادارة سلطة يوميا وفق ما موجود في ساعته، و هذا لا يمكن ان تعتبر سلطة و ادارة و قيادة، و انما حتى ادارة عشيرة او قبيلة تكون افضل منها، لانها على الاقل تضمن معيشة افراد العوائل من الحبوب و البقوليات لمدة سنة على اقل تقدير، و يبدوا ان العشيرة التي تحكم كوردستان لم تفكر في ادارة البلد حتى بقدر تفكيرهم لعشيرتهم فقط .
سارت السلطة نحو الدكتاتورية و انكرت ذلك بتصريحات واهية و اكتشفت التضليلات فيما بعد بانهم لا يقصدون بقائهم في الحكم، و عندما جاءت ساعة الحقيقة فتشبثوا بالكرسي و ادخلوا الاقليم في متاهات لم يتضرروا هم منها و اصبح الشعب هو الضحية و اثبتوا كذبهم و زيفهم في الاداعاءات السابقة بهذه السرعة القياسية .
و من هنا يمكن ان يفكر اي متابع من افراد الشعب في ما نتوصل اليه لو بقيت الحال كما هي دون اي حل، و كل ما تفعله السلطة هو قمع من ينوي ان يرفع صوته معترضا على ما اوصلوه اليه، فلم يبق امامهم الا الهجرة او الانتحار كما نرى يوميا العديد من الشباب قد اضرموا النار في جسدهم نتيجة العوز و الفقر و عدم الامكانية و يتلقوه من ضغوطات الحياة عليهم و على عوائلهم .
اذن، اما الثورة العارمة لازاحة هؤلاء الفاسدين و اما فرض الحلول المعقولة دون تضحيات جسام ان امكن ذلك، فاحدى تلك الطرق هي فرض اللامركزية الكاملة في الاقليم بحيث لم يبق بيد السلطة ما يمكنها ان تبقي على ما بيدها من وسائل الاحتكار و القمع، و هي الطريقة الصحيحة للخروج من عنق الزجاجة بشكل ما، فهي مدعومة و مسنودة قانونا و شرعا، و لامركزية المحافظات احدى البنود التي يمكن اعتمادها وفق الدستور، و لكن الى حد لا يمكن قطع الصلة مع مركز السلطة، و بها يمكن توزيع السلطة و عدم امكان اي شخص او طرف احتكارها لوحده كما يحصل اليوم من قبل السلطة الحالية .
تفعيل اللامركزية و توسيع صلاحيات السلطات الفرعية في المحافظات احدى الطرق الهامة للتوجه اليها في صياغة الحكم بعد فشل السلطة الحالية في تامين الطريق لمستقبل الاقليم . و يمكن ان تتم باعادة صياغة بعض الفقرات من قانون المحافظات حول ملفي المالي و الامني للاقليم، بحيث يمكن ان يُخرج من ايدي العائلة الواحدة المالكة التي تتحكم فيهما الان بشكل مطبق و مطلق . و به يمكن ان تُخفف من الضغوطات التي تمارسها هذه الاحزاب المتنفذة وا لمستاثرة بالسلطة على البعض ضمن لعبة لم يخسر منها الا ابناء الشعب الكوردستاني فقط .
ان اللامركزية العميقة يمكنها ان تمنع الاحتكار التي تُمارس لحد اليوم من قبل اشخاص و حلقات ضيقة في كافة الملفات الاقتصادية و السياسية و الامنية . انهم لعبوا باسم الديمقراطية و لكنهم توجهوا الى الدكتاتورية باقل فترة، و لم يدعوا منفذا واحدا للتوجه الى الديموقراطية و الحرية المنشودة . فانها السلطة الحالية التي لم تدع الا التفكير في الخروج من طوع الحكم المركزي الذي يمارسه باسم الديموقراطية و الديموقراطية منهم براء .
بعدما اثبتوا بالكامل انهم غير قادرين على ادارة الحكم بشكل عصري تقدمي، و فرضوا قوتهم و ارائهم و تعصبهم القبلي و الحزبي على كل شيء، اثبتوا انهم ليس اهلا للثقة التي منحها اياهم جزء من الشعب على الرغم من التضليل و التزيف في الانتخابات التي اجروها، فلم يبق الا التفكير في العملية التي يمكن ابعاد ايديهم بها عن التحكم الحديدي الذي يمارسونه دون هوادة على الشعب . و ليست اللامركزية الا الطريق الهاديء و السلمي في العمل على قطع دابر الدكتاتورية و الاستاثار بالسلطة لمجموعة صغيرة على حساب عموم الشعب، و الا فان الثورة ستاتي في اخر المطاف.[1]