الحرب الارهابية الدائرة بين الاقطاب الامبريالية العالمية وحلفائها الاقليميين والمحليين وبين داعش ليست الا حربا بين قطبي الارهاب العالمي لا علاقة لها بمصالح جماهير العراق والبشرية المعاصرة وآمالها في التخلص من براثن داعش والارهابيين. ان الحملة العسكرية الحالية لما يسمى بتحرير الموصل من ايدي داعش، تشكل حلقة خطيرة من حلقات هذه الحرب الدموية الجارية في العراق والمنطقة مع ما تتمخض عنها من ماسي انسانية كبيرة لسكان الموصل وتهديدات لحياة وامان الطبقة العاملة والجماهير.
ان الحرب المحتدمة بين امريكا وحلفائها الاقليمين السعودية وتركيا وقطر من جهة، وروسيا وايران وسوريا من جهة اخرى، تدار رحاها بشكل فعلي في جبهات القتال في سوريا والعراق وبلدان آخرى في المنطقة. ان الحلقة الاهم في هذه الصراعات، في الوقت الحالي، تتمحور حول تحديد مصير مدينة حلب في سوريا ومدينة الموصل في العراق لمصلحة الاقطاب المتصارعة. فما سيحدث لمدينة الموصل ومن خلال الحملة العسكرية الحالية لن تكون سوى ماساة انسانية كبيرة والمزيد من الصراعات والمخاطر والتهديدات لحياة وأمان الجماهير. ليس هذا فحسب، بل انزلاق المجتمع الى هاوية الصراع القومي والطائفي المتزايد وتقاسم مناطق النفوذ بين القوى الامبريالية والاقليمية وامتداداتهم المحلية على صعيد عموم العراق وكوردستان.
هذا، وان امريكا والقوى المشاركة في معركة الموصل الحالية لن تستغني عن الاقدام على اجراء عمليات عسكرية فتاكة من ضمنها القصف الجوي والصاروخي على المدينة بدون ايلاء ادنى اهتمام بمن يقع ضحية هذه المعركة الدموية. ان تاكيداتهم على الدقة في ضرب الاهداف العسكرية ليست الا كذبة العصر الكبيرة. ليست قليلة اعداد المسشفيات والمدارس والاماكن المزدحمة بالسكان الابرياء التي قصفتها نفس هذه القوى الامبريالية والاقليمية وخلال السنوات 15 الماضية التي اصبحت العراق ومنطقة الشرق الاوسط ميدان معارك "الحرب الامبريالية على الارهاب". ليس هذا فحسب، من يستطيع ان يلزم ايادي ميليشيات الاسلام السياسي الشيعي وباوامر من النظام الاسلامي في ايران، التي ستخوض المعركة مع قوات الجيش العراقي، من ارتكاب الجرائم بحق الناس المدنيين الذين سيهربون من محرقة الحرب. ومن سيكون بمأمن من تجاوازات قوى البيشمركة التي يقودها البارازاني من التطاول على السكان النازحين، ومن يمنع البارزاني من تعميق مديات الحقد القومي من خلال سيطرته العسكرية على هذا او ذاك من المناطق وتحت ذرائع استرجاع الحقوق القومية المهضومة والمناطق المتنازع عليها عسكريا. دع جانبا التدخل السافر العسكري لتركيا في العراق والشوفينية والطائفية المهينة التي يطلقها اوردكان من جهة، ومن جهة اخرى اعمال وممارسات تيارات الاسلام السياسي السني والقوميين العرب و"الحشد الوطني" بوجه السكان الابرياء و عمالهم المستمرة لغرز الحقد القومي والطائفي و تهيئة الارضية لنمو داعش اخر.
ان تطلع الانسانية المعاصرة والجماهير في العراق للخلاص من ايادي عصابات الارهابيين الاسلاميين الداعشيين ودحرهم عسكريا أمل انساني نبيل. غير ان تعليق الامال،على ارهاب الدولة لامريكا وروسيا والاقطاب الاقليمية لانقاذ البشرية من داعش، ليس الا وهما مضرا وسدا مانعا امام تحرك الطبقة العاملة والبشرية المحبة للسلام والامان للوقوف بوجه العسكرتارية الامبريالية وتدخلات الدول الاقليمية.
ان البيئة التي تنمو فيها داعش والارهابيين الاسلاميين هي بيئة تحكم هذه القوى الامبريالية وحلفائها الاقليمية بمصير المجتمعات في هذه المنطقة وتدخلها السافر العسكري والسياسي وتحويلها الى ميدان حسم مصالحها الاستراتيجية العالمية. هذا، وان منبت الارهاب الاسلامي وداعش هي الحركة الاسلامية والقومية العربية في هذه المنطقة التي حولت التدخل الامبريالي في المنطقة الى مادة سمنة لغرز الحقد القومي وتقوية حركتها الرجعية المناهضة لكل ما هو انساني. ان صراع ونضالات الطبقة العاملة والجماهير الكادحة والتيار الشيوعي الاممي والثوري بوجه تيارات الاسلام السياسي والقوميين العرب هي نضال مستمر لا تتوقف، غير ان تدخل الدول الامبريالية وسياستها الرجعية وكذلك اعمالها المخططة و المدروسة لتقوية الارهاب تستهدف بالاساس هذا النضال التحرري والاشتراكي .
اننا في الحزب الشيوعي العمالي العراقي نناشد الطبقة العاملة والقوى الاشتراكية والتحررية وجميع محبي الحرية والسلام في العراق والمنطقة وعلى صعيد العالم الى الوقوف بوجه حرب الدول الامبريالية والاقليمية في العراق والمنطقة. كما ونناشد الطبقة العاملة العالمية والقوى الاشتراكية في العالم لتقوية الحركة المناهضة للحرب الامبريالية وللوقوف بوجه التدخل الامبريالي في العراق وسوريا. كما ونحمل الحكومة وجميع القوى المشاركة في الحملة العسكرية على الموصل مسؤولية وقوع الماسي الانساينة وقتل السكان المدنيين الابرياء والتشرد المليوني في الحملة العسكرية على الموصل.
ان تحرير الموصل بهذه الطريقة العسكرية سوف لن تجلب سوى ماسي آنساينة كبيرة على سكان المدينة رهينة داعش المجرمة. هناك عشرات الطرق لتحرير الموصل من ايدي داعش ولكن ليس عن طريق الحرب الحالية للاقطاب الرجعية. ان مجرد تخلي السعودية وتركيا وقطر وامريكا عن تقوية داعش وانهاء التدخل الامبريالي في العراق والمنطقة سيكون ضربة كبيرة لداعش . ان امر التحرر من داعش مرهون بنضال الجماهير التحررية ضد هذه القوى المجرمة.
يجب ايقاف هذه الحرب الرجعية فورا.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
17-10-2016