مدينة أبي الفداء حماة
تنسب هذه التسمية إلى الملك الأيوبي الكردي أبي الفداء الذي كان ملكاً عليها في زمن المماليك
وأبو الفداء هو إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب ،عماد الدين، عالم و مؤرخ جغرافي، قرأ التاريخ والأدب وأصول الدين، وكان له اطلاع على الفلسفة والطب، وعلم الهيأة وله أشعار – وأجاد الموشحات. (672 – 732 ه / 1273 – 1331 م
ولد أبو الفداء عام ( 672ه) ( 1273م) في دمشق حينما فرت عائلته من حماة إثر إحاطة المغول بها وهو من سلالة الأيوبيين من الكرد الرواديين، نشأ في عائلة ملكية أسّسها السلطان صلاح الدين الأيوبي .كُني منذ صغره بأبي الفداء ولقب بعماد الدين وبدأ حياته في حماة بعد عودة أمه وهو في شهوره الأولى ثم انطلق إلى الدراسة والثقافة والإطلاع والممارسة والتدريب على فنون القتال والقنص والفروسية وحفظ القرآن الكريم مبكراً مع عدد من كتب التراث واشتغل في العلوم وتفنن في جمع أشتات الكثير منها . رحل إلى مصر فاتصل بالملك الناصر من دولة المماليك فأحبه الناصر وأقامه سلطانًا مستقلًّا في حماة ليس لأحد أن ينازعه السلطة، وأركبه بشعار الملك، فانصرف إلى حماة، فقرب العلماء ورتب لبعضهم المرتبات، وحسنت سيرته وذلك في عام 710 ه
استطاع بحنكته وصبره ودرايته وشجاعته استعادة ملك حماة، وأن يعيد المملكة الأيوبية إليها بعد أن أُبعدت عنها اثنتي عشرة سنة، وأن يخرج منها عاملها (أُسُنْدمُر)
اعتنى أبوالفداء في مدينة حماة وبنى وحسن العديد من مبانيها ولعل من أبرز المنشآت التي خلفها أبي الفداء في عاصمة ملكه حماة جامع الدهشة وهو جامع أبي الفداء نفسه وقام أبي الفداء بتشييد ضريح له في شمالي جامعه وشيد فوقه قبة وبجانبها مئذنة مثمنة وحين سُؤل عن بناء الضريح أجاب
«ما أظن أني أستكمل من العمر 60 سنة فما في أهلي من استكملها»
.لم يقف عُمران أبي الفداء عند الدهيشة بل امتد إلى الجامع النوري وأضاف إليه كتلة بناء في شرقه وجعله مدرسة لتدريس الفقه الشافعي وسمي هذا الملحق بالروشن بعد أن أبقى تحته قبواً لمسير الناس وجلله ببناء رائع يشرف على أجمل مناظر العاصي والنواعير
لقد كان أبي الفداء رجلاً متكاملاً كان جامعاً لأشتات العلوم وقد صنف في كل علم تصنيفاً أو تصانيف ومن هذا خَلَفَ للمكتبة العربية بخاصة والإنسانية بعامة 12 كتاب طبع منها 3 نالت شهرة عالمية كبيرة وهي
– كتاب المختصر في أخبار البشر في التاريخ والمعروف بكتاب تاريخ أبي الفداء
– كتاب تقويم البلدان في الجغرافيا طبع عدة طبعات في أوروبا وسمي جغرافيا أبي الفداء
ومن خلال هذين الكتابين غدا أبي الفداء واحداً من أعظم رجال التاريخ والجغرافيا في تاريخنا العربي والتاريخ الإنساني فظهرت عشرات الدراسات والأبحاث الأكاديمية في روسيا وفرنسا وإنجلترا وبلجيكا إيطاليا وغيرها عن أبي الفداء وأبحاثه في الجغرافيا والتاريخ والفلك
حيث قال العالم الروسي كراتش كوفسكي: إن كتابين عربيين فقط أثارا الاهتمام عند الغربيين أكثر من تقويم البلدان لأبي الفداء صاحب حماة هما: القرآن الكريم وألف ليلة وليلة
ومن أعماله المترجمة باكرا من قبل يوهان جاكوب ريسكي (1716-1774) Johann Jacob Reiske الذي ترجم عدة أعمال أخرى من العربية في الأدب والطب وغيرها، لكن كتاب التاريخ لابي الفداء المترجم إلى اللاتينية Annals of AbE l-FidA’ “لم يجد من يشتريه” ولذا طبع الجزء الأول منه فقط، بحسب كتاب غيرهارد اندريس ENDRESS حيث حالت سمعة المترجم يوهان ريسكي ب”المفكر الحر” باعاقة تقديره أوروبيا آنذاك كما عدم منحه مقعدا تدريسيا في جامعة ليبزيغ، وقد وصفه اندريس ب”شهيد الأدب العربي” في أوروبا
– الكُنّاش
وهو لفظ سرياني الأصل معناه المجموعة أو التذكرة، وهو يشتمل على عدة كتب، منها كتاب في النحو والتصريف، ويشهد هذا الكتاب لمؤلفه بالاطلاع الواسع، والعلم الغزير، والقدرة الفائقة على الجمع والتأليف، وجمع فيه أهم مسائل النحو والتصريف
أما علماء الفلك الأوربيون فقد سموا جبلاً في القمر باسم جبل أبي الفداء اعترافاً منهم باكتشاف أبو الفداء له من خلال مرقبه الذي كان مقاماً على قبة قصره في الدهيشة ووصفه التام له في كتابه الموازين، وفي القاعة المخصصة للمحاضرات في الجمعية الجغرافية الفرنسية في باريس نقشت على أحد جدرانها أسماء عدد من الذين أشادوا علم الجغرافيا إنسانياً وعلى مر العصور واسم أبي الفداء ثالث هذه الأسماء
وقام أبي الفداء بتشييد ضريح له في شمالي جامعه وشيد فوقه قبة وبجانبها مأذنة مثمنة وحين سُئل عن بناء الضريح أجاب : ما أظن أني أستكمل من العمر 60 سنة فما في أهلي من استكملها، وكان ما جال في خاطر أبي الفداء وحدسه إذ ودع الحياة في الثالث والعشرين من المحرم عام (732ه) الموافق لٍ 27 تشرين الأول عام ( 1331م) ولما يكمل ال60 من عمره ودفن في ضريحه الذي أعده لنفسه قبل موته بٍ 5 أعوام
قورن أبو الفداء في جمعه بين السياسة والعلم، بالخليفة العباسي الشهير المأمون، فقال ابن الوردي يشيد بمكانته على صعيد العلم، وبحبه للمعرفة: ” ولقد رأيت جماعة من ذوي الفضل يزعمون أنه ليس في الملوك بعد المأمون أفضل منه.[1]