عبد الصمد اسد
تمر في مثل هذا الیوم الذكرى الثامنة عشر لرحيل شاعر(( هربژي كورد عرب رمز النضال))الدكتور زاهد محمد زهدي في لندن، اثر مرض عضال.
ولد الشاعر الراحل، العام 1930، في مدينة الحي بمحافظة الكوت من ابوين كورديين من عشيرة الملكشاهية الفيلية، وقد كتب لي على قصاصة ورق قبل وفاته حين كنا نعاوده في المستشفى انه ولد في مدينة الحي التي 99% من ابنائها كورد فيلية، وان غالبتهم يتحدثون اللغة العربية الى جانب لغتهم الام الكوردية وبلهجتهم الفيلية.
وقبل الولوج في موهبة وابداعات مسيرة الفقيد الشاعر زاهد محمد زهدي الذي كان يعالج في لندن قبل وفاته بمرض السرطان حیث توفي هناك بتاريخ 28/9/2001، لابد من الاشارة في هذه الذكرى الى اني كنت قد كتبت في شهر تموز العام 2001 في صحيفة ((نداء الكورد)) التي كنت اصدرها في ذلك الوقت، وتحت عنوان ((الشاعر زاهد محمد احد اهداءات الامة الكوردية في معلقات الشعر العربي))، انه ... لا مغالات في اعتباره احد اهداءات الامة الكوردية الى تاريخ وحضارة الشعر والادب العربي، وانه واحد من القلائل في قائمة معلقات الشعر في وقتنا الحاضر.. وعلى كل امة ان تنظر الى ابناءها من المبدعين نظرة فخر واعجاب، حين ينبتون وينمون وسط ثقافات ولغات غير ثقافتهم ولغتهم الاصلية، ويبرزون بين شعوبها باعتبارهم سفراء ومكسب للحضارة الانسانية....
وموصولاً بذلك وكما يقال الشيء بالشيء يذكر، كنت قد اقترحت في اول تاسيس للبرلمان في كوردستان العراق العام 1992 في برقية تأييد الى القيادة الكوردية ألقاها الاستاذ عبد الرزاق ابراهيم رئيس جمعية الكورد الفيليين في لندن، أن يتم ترشيح شخصية كوردية فيلية من اوائل التجار الذين تم تهجيرهم الى ايران العام 1980 الى جانب اختيار احد الكفاءات العلمية من شبابهم في اوربا، كأعضاء في ذلك البرلمان، للرد على جريمة صدام بحق الكورد الفيليين، ولكن لم تتحقق تلك الامنية.
وكما في تلك المناسبة، وبعد اشهر قليلة، حين تم تشكيل اول وزارة في اقليم كوردستان برئاسة دكتور فؤاد معصوم، ارسلنا برقية تأييد ومباركة وايضاً مقرونة باقتراح ندعو فيه الى تضمين منهاج التاريخ المدرسي باللغة الكوردية التعريف بدور المبدعين ورجالات الكورد الفيليين الذين كان لهم دور في تاريخ العراق والكورد في شتى المجالات، وكذلك التعريف بالادباء والشعراء العرب الذين كتبوا ودافعوا عن حقوق الكورد، ولكن هذه الامنية كشقيقتها الاولى، لم نحصل على جواب من مستلميها او حتى كلمة شكر او خبر في اعلامها آنذاك.
والالم الاعظم كان وما زال بعد زوال نظام صدام، هو ضياع حقوقنا في العملية السياسية الجديدة بين حانة ومانة كما يقول المثل..
وكما نلقي اللوم على الاخرين يجب الاعتراف بان التقصير واللائمة تقع ايضاً على المنظمات التي تحمل لواء الدفاع عن حقوق الكورد الفيليين باختلاف تلاوينها في داخل العراق، لعدم وجود نشاطات اجتماعية، او ثقافية لها بعد اضمحلال الجمعيات الفيلية في بلدان المهجر والتي كانت نشاطاتها موضع احترام وتقدير واهتمام احزاب المعارضة العراقية، طوال سني عملها ضد نظام صدام حسين، وحتى هذه الاحزاب دون استثناء عندما استلمت صولجان الحكم لم تفي بوعودها في اعادة الحقوق لضحايا صدام من الكورد الفيليين.
هذه المقدمة هي في سياق الذكرى والتذكير باحد اعلام الكورد الفيليين،الشاعر زاهد محمد زهدي الذي حمل هَمْ العراقيين دون تمييز في ريعان شبابه حتى وهو يصارع المرض عند المشيب، فبادلته اقلام وقلوب سياسي ومثقفي وادباء العرب العراقيين واقرانهم من العرب الاخرين، بما يليق بمقامه وقامته الادبية وتضحياته، وهم يعلمون بانه من غير قوميتهم، لانه لم ينسلخ من جذوره القومية التي كان يتباهى بها شعراً وفعلاً.
وسيرته الذاتية تشير كما يقول مجايليه، الى انه كان ممن فصلوا من كلية فيصل في العهد الملكي لنضاله الوطني في ريعان الشباب في العام 1947، وعمل في السكك الحديدية بعد فصله من الكلية وشارك في اضرابات عمال السكك في نفس العام، ثم اعتقل وسجن اواخر العام 1948، منقولاً من سجن الى آخر، وعرف عنه المناضلون في مختلف السجون العراقية شاعراً ينظم الشعر القريض والاغاني الثورية، التي كانت تزيد من شعلة حماسهم وفي طاقات صمودهم في شدائد السجون وأهوالها.
وعرف العراقيون زاهد محمد بعد ثورة 14 تموز من القصائد التي لحنها وغناها مبدعون في الموسيقى والغناء مثل الفنان الراحل احمد الخليل ابن محافظة دهوك في الاغنية الوطنية المشهورة هربژي كورد عرب رمز النضال، التي اصبحت صرخة من صرخات الاخوة النضالية يوم ذاك، وكذلك غنى له الراحل فؤاد سالم مجموعة من الاغاني ضد النظام الصدامي اواخر الثمانينات مثل راس غليص احنا انريده ويعني بها راس صدام.
وقد غمر الشاعر زاهد محمد الساحة الادبية في العقد الاخير من القرن الماضي وقبل وفاته بافضل النتاجات واغزرها في الابداع والتأليف والجهد الصحفي..
لقد اكمل الفقيد تحصيله العلمي خارج العراق ونال شهادة دكتوراة دولية في الاقتصاد من جيكسلوفاكيا عام 1973 وعمل في وزارة التخطيط، وكان يشرف على صفحة الاقتصاد في جريدة التاخي.
لقد عرف زاهد محمد بالروح النضالية العالية وقدم وعائلته التضحيات من اجل العراق، وفرض استبداد السلطة عليه الغربة حتى وفاته، وأكلت منه الهموم والشدائد دون ان تنال من نضاليته ومواصلته الكتابة عن معاناة الشعب العراقي وتأليف الاغاني الحماسية التي كان يؤديها الفنان الراحل فؤاد سالم ضد الطاغية صدام.
ان تلك المآسي كانت الهم الاول للشاعر زاهد محمد حتى وهو يقاوم باصرار مرضه اللعين, الذي هجم عليه اواخر التسعينات حتى وفاته العام 2001 ، فقاومه ببسالة وقوة ارادة وتفاؤل.
وكان بكثير من التواضع يقول اود التأكيد على اني لا اعتبر نفسي شاعراً بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة، بل اني اقرب مااكون الى انسان محب للشعر اواصل قراءته دون انقطاع واحس بمتعة هائلة وانا اتمعن في صوره ومعانيه وما يبعثه من احاسيس في النفس البشرية ، الامر الذي لا يوجب معه استغراب القاريء من تلمس الكثير من الصور والمعاني مطروقة لدى الكثير من الشعراء السابقين، لاني انهل من معينهم الذي لا ينضب، واتمثل في اعماقي ابداعهم العظيم، ولا تكف روحي عن الخفقان في آفاق شاعريتهم العظيمة التي سطرت عبر القرون ذلك الشعر العظيم. وحقاً ان هذه الكلمات شديدة التواضع حين يكتبها شاعر اعجب الجواهري الكبير بالعديد من قصائده، لكنه التواضع الذي كان من خاصية الشاعر زاهد محمد، الذي لم يركض وراء الشهرة بل هي التي اتت اليه، والذي لم يتملق او يداهن او ينكب على تسويق عطائه الغزير في بازار العلاقات العامة والشخصية التي انجرف فيها بعض الادباء بحثاً عن جائزة او مهرجان تكريم علما بانه كان جدير بنيلهما تماماً.
لقد كان العراق برافديه وبنخيله واهواره وبغداده وجبال كوردستان، دوماً هاجس الشاعر، وكان قلب هذا الهاجس الكبير على الدوام، نضال الشعب الكوردي في كوردستان، ولعناته كان يصبها على الحكام والجلادين الذين احرقوا قراه وامطروه بالسلاح الكيماوي، ودفنوا ابناءه احياء في عمليات الانفال الاجرامية. وفي اوج مواجع مرضه الفتاك كان يستذكر عمليات التهجير القسري وضحاياه، واعتقال وحجز مئات الالاف من شبابه ويافعيه في ظلمات المعتقلات الفاشية السوداء من قبل النظام المقبور.
الجزء الثاني يخصص لبعض من ما كتب عن الشاعر الراحل زاهد محمد وابيات من شعره بالفصحى والعامية..
عبد الصمد اسد/ الاعتذار للقراء والى القائمين على وكالة شفق عن التأخير في ارسال هذا الجزء الثاني الذي كان من المفروض ان ينشر بعد ايام قليلة من نشر الجزء الاول في الذكرى الثامنة عشر لرحيل الشاعر زاهد محمد زهدي الذي تم نشره في وكالة شفق نيوز يوم السبت 2019/9/28، ولكن لظروف قطع الانترنت تعذر نشر الموضوع في حينه.
في هذا الجزء وكما ذكرنا في نهاية الجزء الاول نستحضر ماكتبه احد اصدقاء الشاعر زاهد محمد من الذين يعتبرونه انه كان شديد الحرص على الاتصال بهم من مقر اقامته في السعودية التي هرب اليها اواخر الثمانينات من ظلم صدام ونظامه.
وحين كان يزور لندن وغيرها من البلدان وبصحبته قريبته وقرينته دكتورة زهرة قاسم، يتصل حال وصوله بمعظم معارفه ويستعجل لقاءهم، وكان زاد تلك اللقاءات احاديث متنوعة ومشوقة لا يسرق لذتها او يتمكن من انهائها الا الوقت، وبالرغم من ذلك لم يمنعه غيابه عن الاصدقاء والمعارف من التواصل عبر الهاتف، ولم يتمكن حتى رحيله من الدنيا ان يقطع نهائياً تواجده الحسي معهم من خلال ماتركه من ذخائر البقاء، في ديوان شعر ينبض بالغزل وينازل فيه الشعراء بالاخوانيات، او باشعار عامية تصدح بها اصوات راقية حباً بالوطن وتلاحم قومياته، الى جانب اعماله الاذاعية المتنوعة وكتاباته المنتشرة في اعمدة الصحف، ناقداً ورافضاً الدكتاتورية والظلم، ويعتبره العديد من النقاد انه من بين الادباء العراقيين القلائل، اشتهر وابدع في انتاج المئات من القصائد بالفصحى والعامية والنثر، وصاغ الاغاني الوطنية، اضافة الى كتابات ودراسات متعمقة هي اقرب للاطروحات الجامعية العليا، ومنح المكتبة العربية دراسة رصينة ومتميزة عن الجواهري، واخرى عن الملا عبود الكرخي، وهما الشاعران الاحب اليه، ونشر في الصحافة الكثير من ابداعه النثري الذي يجمع بين الجد والهزل واصدر دواوين وكتباً ومجلدات ثمينة امثال شعاع في الليل وافراح تموز ووالاخوانيات وحصاد الغربةوغيرها الكثير.
رغم اشتداد المرض لم يتوانى الراحل من ان يشارك قومه الكورد ولو بقصيدة في احتفالهم بعيد النوروز حيث قدم تهنئة خاصة بتلك المناسبة في احتفالية اقامتها مؤسسة الكورد الفيليين في لندن العام 2001 قبل وفاته باشهر قليلة،وقال فيها ”اهنئكم جميعا تهنئة المحبة والاخوة لمناسبة عيد النوروز المجيد، سائلاً الله ان يعيده على اهلنا وقد بدأوا يضعون تاريخهم الجديد بعد كل هذه السنين العجاف من القهر والعنت والظلم الذي لا تحده الحدود” وذيل تلك الرسالة بالابيات التالية::
ياربيع الكرد لا ترحل وإن
أنذر النور بِشَرٍ مستطير
ودع النوروز حياً انه
فرحٌ عاش على مر العصور
خط في التاريخ (كاوا)يومه
مذ زمن (ضحاك)في بطن السعير
ذلك الحداد مازالت له
قصة تلهب اعماق الضمير
تكنس الظالم والظلم فلا
وارث فيها سوى الله القدير
وخلال وجوده في المستشفى قبل سقوط النظام السابق، اطلع في صحيفة “الحياة” اللندنية على خبر اعتقال 24 عراقياً وضعوا في شاحنة تنقل اكيساً من الرمل والحصى متجهة الى خارج تركيا، فاعتقلتهم السلطات قبل ان تنهار “الكوة” الصغيرة التي وضعوا بينها على ظهر الشاحنة، ومن فرط تأثره بالحادث وكعادته في سرعة التقاط وتصوير المشاهد بالشعر كتب قصيدة مؤثرة خص بها الصحيفة بمقطع صغير، وكأن تلك القصيدة التي كتبها يوم ذاك في ظل جرائم النظام السابق بحق الشعب العراقي، قد كتبها اليوم وهو حي وهو يصف الوضع الحالي في العراق، حيث يقول:
يارب هل اقرأ في الانباء
عن بشر احياء
من(دجلة) و(الزاب)
او شواطئ الفرات
اجسادهم مرصوفة في الصمت
في شاحنة كبرى
معبأة باكياس من الرمل
واكياس حصى
لا خبز.لاماء…..
******
انا… هنا… في (لندن)
ابكي على عراقي المصطبر المهان
ابناؤه تحت الحصى والرمل يشحنون
والرافدان في العراق
يسقيان الارض
لاتطرح الا سرطان الروح والاجساد
يارب السماوات
الا رحمى لهذي الارض حيث تنحر الاكباد
وحيث لا يكلل الوجه الصبوح للصبايا
والجميلات سوى السواد
او تلبس العروس ثوب عرسها الابيض
يومين لتستبدله ببدلة الحداد
او تأكل الخبز بثدييها
تثير شهوة العصابة الاوغاد
برأسهم (عنترة الشداد)
يدفع شعباً لمهاوي الذل
ثم يسلم الرؤوس للجلاد
يقطعها بالسيف
يهديها له في (حفلة الميلاد)…..
******
ومن براعة الراحل في الشعر بشقيه الفصحى والعامية نشر الكاتب العراقي الاستاذ خالد القشطيني في عموده اليومي في صحيفة الشرق الاوسط اللندنية بعيد رحيل الشاعر في العام 2001 زاهد محمد، نقل فيه حواراً دار بين الشاعر زاهد محمد في بيته بلندن حين زاره وهو يعاني المرض، الدكاترة فؤاد معصوم وعزيز الحاج واحمد البامرني وكلهم من الاكراد العراقيين، وفي مقدمته قال القشطيني، (( الحديث حول الشعر العربي وهو الشيء الوحيد الذي لا يتنازع عليه الاكراد كما يبدو، فذكر الدكتور فؤاد معصوم ان شاعرا عربياً قال بيتاً من الشعر ينتهي بكلمة يقال، ثنى عليها شاعر آخر ابو رامي، ببيت ثان ينتهي بنفس الكلمة ولكن بمعنى مختلف، سمع بذلك الشاعر الكردي اليوتريشي فجاء ببيت ثالث ينتهي ايضاً بنفس الكلمة وبمعنى ثالث آخر، كان الشاعر العربي الاصلي قد قال:
أقول لضبي مر بي وهو سانح
أأنت اخو ليلى، فقال يقال.
ثنى عليه ابو رامي بهذا البيت.
فقلت، يقال المستقبل من الهوى
اذا مسه ضر؟ فقال يقال.
ثم ثلث الشاعر الكردي اليوتريشي ذلك فاضاف.
فقلت، حبيبي، هل يقال بظلكم
اذا جاءكم مضنى؟ فقال يقال.))..
ويضيف القشطيني ان ((الدكتور فؤاد معصوم حين روى ذلك قال، لا اعتقد ان شاعراً آخر سيستطيع ان يضيف الى هذه المساجلة بيتاً رابعا، واجمع الحاضرون الاخرون على ذلك بيد ان صديقنا الدكتور زاهد انشق عن هذا الاجماع فقال اتركوني لدقائق لادلي بدلوي، شرب القوم قهوتهم وتمنوا له الشفاء وانصرفوا الى بيوتهم، ما ان حل الدكتور فؤاد ربطته عن قيمصه حتى رن التلفون، انه ابو عمار على الخط ..هاك ياأخي فؤاد البيت الرابع الذي استبعدتم نظمه، ثم انشده الزهدي البيت وجاء فيه:
فقلت له: لو يطلب القيل ضامئاً
فهل عندكم قيل: فقال يقال
انبهر فؤاد معصوم بذلك، ولكن ابا عمار قطع عليه تعجبه …
ويقول له ، وهاك ياصاحبي
واردف: ماذا لو تعثر لفظه
وزل لسان منه؟ قال يقال.
“يقال في البيت الاول من القول، وتصبح في البيت الثاني من الاقالة والاستقالة، وفي البيت الثالث من القيلولة، أي يوم الظهيرة، وفي البيت الرابع الذي انشده زهدي من القيل، اي اللبن وتقديم اللبن للضيف اثناء النهار، اما البيت الخامس فهي من المسامحة والغفران واقالة العثرة وزلة اللسان.)).
وفي رأي القشطيني كما قال عن ذلك الحوار الشعري ((وهكذا كسب الاكراد المعركة الادبية بثلاثة اهداف سجل اثنين منها صديقنا الدكتور زاهد، ضد هدفين للعرب، بل واكثر من ذلك)) ويضيف الكاتب متحدياً بالقول (( و يمضي ابو عمار فيعطي الفرصة لشعراء العرب ان يأتوا ببيت سادس ان استطاعوا، فهل من متطوعين يعيدون للعرب امجاد دواوين العرب..)).
ومن طرائف ما كتب الدكتور زاهد محمد قبل وفاته بايام، اثر استلامه مكالمة تلفونية انثوية اخطأت ارقامها طريق الهاتف المطلوب والتقطها هاتف شاعرنا الخبير بالتقاط النقاط والحروف، وكان ينتظر وصول زوجته الدكتورة زهرة من الخارج، وعقب تصحيح الخطأ وانفصال حرارة تشابك الارقام الا ان اثارها ولدت ابيات احب ان يسجلها في دفاتر اشعاره العامية تحت عنوان “ تلفون بالخطأ ” وهذه ابياتها:
تلفوني اشتد رنينه
وبالاذن دوَى طنينه
رفعت سماعته ولنّي
بوحده زهكَانه وحزينه
Hello كَالت, كلت اهلاً
كالت بلهجة رزينه
Please مستر أيفي فضلاً
اكدر احجي مع Tina
كلت والله بطرك روحي
والكلب زايد ونينه
دخيل الله احسبيني
ابن عم او اخو “تينه”
واحجي وياي بمحنة
يريدلي وحدة حنينه
والحنينه بعيدة عني
والظهر باجر تجينه
مري هذا اليوم عندي
وبيتنا يستر علينه
شمايجي ببالج أأمري
يوصلج بس تطلبينه
ويسكي كونياك بيره
من اسبوع مثلجينه
والاكل تمن وقيمة
عنبر وومركه ثخينه
والحلا بقلاوة طازه
لو حلاوة من الطحينه
هلو كولي شتطلبين
الصوت ابد ما سامعينه
جاوبتني Sorry Sorry
وسدت الخط وانتهينه..
ما يؤسف له ونحن نستذكر غيض من فيض من ما قدمه الشاعر الراحل للثقافة العراقية بتنواعتها، فصحى وعامية، اذاعية كانت او مكتوبة انها لم تجد الاهتمام المطلوب من وزارة الثقافة العراقية ولا الفضائيات الكثيرة حاله حال العديد من كبار الادباء والشعراء والفنانين، وهذا التقصير والاهمال مع الاسف سيؤدي الى اندثار كل ذلك الارث العراقي الجميل والراقي، ولا بد من احياء الذاكرة عن طريق برامج ثقافية وادبية رصينة، ولا نستثني الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق وكذلك جمعية الشعراء والادباء الشعبيين ونقابة الفنانين من التقصير في ايجاد برامج اذاعية وتلفزيونية اسبوعية تعيد من خازنات ارشيف تلك الابداعات العراقية ما يتيسر لها وعرضها تقديرا لذلك التاريخ الذي كان زاداً في نمو الوعي الثقافي والادبي والفني لاجيال عديدة ونتأمل من المؤسسات المذكورة ان تكون ولو قليلا وفية لتلك القامات الجليلة، وان تنهض بمسؤليتها في تشجيع الجيل الحالي على تذوق جمال ورقي ثقافتنا وروادها..[1]