البروفيسور مايكل نايت هو باحث أقدم للشؤون العسكرية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى و مختص في شؤون العراق و ايران و دول الخليج و سبق له أن عمل مع وزارة الدفاع الأمريكية و حقق دراسات دقيقة و معمقة حول دروس و عبر العمليات العسكرية الأمريكية في العراق وهو الأن أحد أرفع الباحثين المختصين على إقليم كوردستان و العراق الاتحادي و يقوم على ضوء دراساته بتقديم الاستشارة للإدارة الأمريكية و قد حاورناه بشأن الوضع العراقي و انسحاب الجيش العراقي من الموصل و تكريت خلال (7) أيام ..
* لقد احتل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق و الشام ( داعش)، و هو فرع من تنظيم القاعدة في العراق و سوريا قسماً محدوداً من الأراضي السورية و أعلنوا فيها دولتهم الإسلامية و هاجموا لاحقاً و لمرتين اثنتين، مدينة سامراء التي تبعد 100 كم عن العاصمة بغداد، و السيطرة على مدينة الموصل و هي ثاني أكبر المدن العراقية و من بعدها مدينة تكريت فما هي قراءتكم لهذه التحولات التي أهلتهم لاحتلال الأراضي و المدن ؟
-هذه في الواقع هي أخطر الأوضاع الأمنية التي تواجه العراق بعد عام 2006 و فيما يتعلق ب (شمال العراق ) فإن فيه أسوء الأوضاع الأمنية التي انهارت فيها القوات الأمنية العراقية تماماً في ظرف أسبوع واحد، وهو حدث لا سابقة له، ما يؤكد صعوبة تمكن تلك القوات من استعادة السيطرة على الموصل دون طلب المساعدة من قوات البيشمركة، وقد آن الأوان أن تتوجه الحكومة العراقية الى الكورد و تقول لهم نحن راضون بأن تصدروا نفطكم و من الممكن، بعد تجاوز هذه الأمثلة، التباحث بشأن المناطق المتنازع عليها ( المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم و معالجتها أي ما معناه أن تتوجه بغداد إلى الكورد و تطلب منهم المساعدة، ويبدو أن المالكي متصلب جداً، و معاند حول هذه الأوضاع و قد يضطر في النتيجة أن يفقد، و لفترة طويلة، السيطرة على مدينة الموصل و ربما أكثرية الأجزاء الأخرى من العراق مثل تكريت و بيجي و هي كارثة حقيقية بكل المعايير .
* لقد قارب عدد اللاجئين الى الإقليم من السوريين و أبناء الموصل و غيرها، ما يناهز مليون نسمة، تزامناً مع قطع الحكومة العراقية موازنة الإقليم و نتساءل ما مدى تأثير ذلك على إقليم كوردستان ؟
- لقد أبدى إقليم كوردستان منتهى النبل و الشهامة إزاء اللاجئين و هي نعمة نحمد الله عليها، و واضح جداً أن الكورد يحتاجون الى دعم دولي لتجاوز هذه الأزمة التي تواجه اللاجئين الآن، و برأيي أن تركيا هي أحدى الدول المطالبة التي عليها تأمين مساندة جدية بهذا الصدد إن مع ضرورة تقديم مساندة دولية ملموسة لإقليم كوردستان .
* و ماذا بشأن مسؤولية الولايات المتحدة في إعادة العراق الى - مساره السياسي الطبيعي و تحقيق المصالحة السياسية فيه ؟
لقد باشرت الولايات المتحدة بمباحثات جدية مع أكثرية المسؤولين السياسيين الكبار للمكونات السياسية العراقية من سنة و شيعة و كورد بصدد تشكيل حكومة جديدة و موحدة و كان ذلك ما تهدف اليه الولايات المتحدة باستمرار و التي تتبع مواقف واقعية جداً إزاء كيفية ضمان الفاعلية على رئيس مجلس الوزراء المالكي و عليها اللجوء في ذلك الى سلطتها و تأثيراتها عليه و منها مسائل توفير الأسلحة و المعدات و غيرها له، فهي لم ترض ابداً بأن يتعامل المالكي كما يشاء بل تريد السيطرة عليه و كبح جماحه، فلو كانت الانتخابات قد سارت مساراً آخر نحو رفض المالكي، عندها فإن الولايات المتحدة لم تكن لتتعاون معه كشخص المالكي، إلا أنها تحترم نتائج الانتخابات و يحاولون التحلي بنفوذهم على القادة الرئيسيين في البلاد، و تكون عملية إعادة القوى الأمنية العراقية قسماً مهماً في هذا التوجه، و قد نتساءل هل أن العراق بحاجة الى طائرات (F16) و بودي أن أرى هذه الطائرات و هي تستخدم في العراق عن طريق الطيارين الأمريكيين و ليس تسليمها للعراقيين، إلا أن ذلك ليس خياراً متاحاً في الوقت الراهن، و أفضل أن تكون الولايات المتحدة بصورة أنشط في العراق و قد حاولنا في واشنطن، و أنا منهم أيضاً اتخاذ ذلك الخيار من قبل الولايات المتحدة .
* و هل من توقعات عراقية بشأن إغاثة الولايات المتحدة و المجتمع الدولي للعراق ؟
-هناك اليوم قوتان رئيسيتان بإمكانهما مساعدة العراق الأولى هي ايران و الثانية هي الولايات المتحدة الراغبتان بالفعل في الحرب ضد ( داعش ) إلا أنهما تستخدمان أجهزة و أساليب متباينة فايران تتطلع لإعادة السيناريو السوري في العراق و اللجوء الى استعمال البراميل المتفجرة و قوات الميلشيات و قمع المعارضة عن طريق الجيش و دون اللجوء لأي إجماع سياسي, فيما ترغب الولايات المتحدة في سيناريو مختلف يكمن في معظمه في استخدام القوات الأمنية تزامناً مع تشكيل حكومة موحدة يشارك فيها السنة و الشيعة و الكورد، و هو تطلع الطرفين الأمريكي و الإيراني في الحكومة المقبلة، و الاختلاف يبرز في مسألة مشاركة السنة فيها و يرى الايرانيون بضرورة المشاركة الأدنى للسنة فيها، و تدميرهم من الناحية العسكرية فيما ترى أمريكا إمكانية معالجة المشكلة و الأزمة مع المكون السني و هي مسألة ممكنة بتصورها، هذا هو الاختلاف الرئيس في توجهات ايران و الولايات المتحدة .
* و ما هي رسالتكم و كلمتكم الأخيرة ؟
- رسالتي الأولى للكورد هي، و كما أنا دائماً، أن أشكرهم على شجاعتهم و نبلهم و كرمهم، وذلك بمراعاة عظمة الأمر في اهتمام الكورد باللاجئين رغم المصائب التي حلت عليهم إبان عمليات الأنفال العنصرية التي ارتكبتها حكومة البعث البائدة ..فهم يدركون صعوبة و آلام التشرد على الشوارع مع عوائلهم، فشكراً لهم على تذكرهم تلك المآسي و مقابلتها بمنتهى السخاء و الكرم إزاء الأخوة العرب و المسيحيين و الايزيديين و الشبك و التركمان و رسالتي الثانية للكورد هي أن يواصلوا مساعيهم لأن يكونوا جزءاً من الحل ضد داعش فأمريكا تتطلع الى قيام القوات الكوردية و العراقية معاً بمحاربة داعش و أن يصدر الكورد نفطهم إلى الخارج و أن ينالوا استقلالهم من الناحيتين السياسية و الاقتصادية، و لا يبدو في الأفق اليوم فهم دقيق للموقف الأمريكي، و ليست راغبة في بقاء المالكي، و لا أن يصبح إقليم كوردستان عبداً لبغداد من الناحية الاقتصادية، بل ترغب في بقاء هذا الوضع لفترة طويلة و الحفاظ على العلاقات بين الكورد و بغداد و بين بغداد و تركيا، على ألا يؤدي استقلال إقليم كوردستان اقتصادياً الى تقسيم العراق و لهم في ذلك وجهة نظر تقليدية مع توفر نية صافية لديهم، و يعود تواصل ذلك الى القيادة الكوردية في استمرار العمل مع الولايات المتحدة و الأطراف العراقية الأخرى و هو أمر أراه قيد امكانيتهم .
---------------------------
رئيس وفد اتحاد البرلمان الأوروبي للعلاقة مع العراق لمجلة كولان :
على الرئيس البارزاني أن يستخدم قوات البيشمركة لحماية حدود إقليم كوردستان و ليس لمساعدة المالكي .
تعتبر توجهات السيد ستوران ستيفنس، باعتباره رئيساً لوفد البرلمان الأوروبي للعلاقة مع العراق، و الى حد بعيد انعكاساً لتوجهات البرلمان الأوروبي يحدد موقفه على ضوء التقارير التي يرفعها ستيفنس و الوفد المرافق له بحق زياراته الميدانية الى بغداد و أربيل .. و زيادة لفهم موقف البرلمان و الاتحاد الأوربي إزاء أوضاع العراق فقد اتصلت به مجلة كولان و هو في بروكسل و كان معه هذا الحوار :
*بمراعاة الأحداث التي وقعت مؤخراً، كيف ترون راهن الوضع في العراق باعتباركم رئيس وفد البرلمان الأوروبي ؟
- سؤالكم هذا هو موضع ملاحظة لأنني قد عقدت يوم 12- 6 – 2014 و بعد مباشرة الجمعية الأوروبية و العراقية للحرية
The European –IRQgi Freedom Association لأعمالها ؛ مؤتمراً صحفياً بهذا الشأن و بينت فيه أن الفكرة القائمة وراء تأسيس هذه الجمعية أو المنظمة الجديدة هي عبارة عن اتاحة الفرصة للعراقيين لإيصال صوتهم، أي أولئك العراقيين الذين شهدوا مآسي كبرى عانوا و مازالوا يعانون من دكتاتوريين ظالمين الأول كان صدام حسين و الآن الدكتاتور المالكي و حملات القتل الجماعي التي نفذها في الفلوجة و الرمادي و من الفساد أيضاً لأن البنك الدولي قد أعلن أن الدخل السنوي للفرد في العراق هو (1000) دولار ما يجعله احدى أفقر دول العالم، هذا الى جانب حقيقة بلوغ الايرادات النفطية فيه لما بعد سقوط صدام أكثر من (520) مليار دولار لذلك فإن حدوث انتفاضة كبرى فيه لم يدهشني أي تلك التي انطلقت من الفلوجة و الرمادي بمحافظة الأنبار، و امتدت نحو الموصل لتشمل نصف محافظة صلاح الدين أيضاً، كما أن العشائر الثائرة ضد المالكي هي الآن في طريقها الى بغداد و قد استولت الآن على مدينة تكريت بمحافظة صلاح الدين و هي بحد ذاتها عملية خطيرة و لكن لابد من التساؤل هل أن ذلك يشكل خطراً على إقليم كوردستان و استقراره و أرى ذلك مبعث خطر و قلق كبير بالنسبة للإقليم سيما و أن كركوك قد أصبحت محاصرة بتلك القوى .
* و ما مدى الآثار السلبية التي يشكلها نزوح مئات الآلاف إلى إقليم كوردستان و الذي وضع عليه المالكي حصاره الاقتصادي و قطع عنه الموازنة العامة للدولة ؟
- أقولها بدون تردد أن المالكي قد تحدى حقوق إقليم كوردستان في بيع النفط عن طريق تركيا، و تم في الأخير اللجوء الى المحاكم، و أعتقد أن من حق الإقليم التمتع بحصته من ايرادات النفط و ادرك أيضاً حقوقهم الدستورية في أن يكون لهم جزء معين من نفطهم و ايراداته، إلا أن ذلك أمر مرفوض من قبل المالكي و حكومته ما يعني أن ما أقدم عليه الكورد بهذا الصدد هو أمر مبرر و تكمن الخطورة اليوم في تحول عدم الاستقرار السائد في الأجزاء الأخرى من العراق الى خطورة على السلام في إقليم كوردستان .
* في حال نجحت الدولة الاسلامية في العراق و الشام (داعش ) في احتلال قسم من العراق و سوريا فإنهم سيشكلون بذلك دولتهم الاسلامية، فإلى أي مدى تشكل داعش ، من جهة و بقاء المالكي في الحكم من جهة أخرى، من خطورة على مستقبل العراق ؟
- نعم هناك انتفاضة كبرى لداعش في العراق و لكن بوجود أبناء الموصل و الانبار أيضاً الذين قاموا بانتفاضتهم بمساعدة داعش لأنهم كانوا يعيشون في ضل تهديدات المالكي، ولم يكن من العجب أن يحدث ذلك بعد أيام قليلة من الانتخابات الحافلة بالغش و الفساد في العراق و التي أراد من ورائها المالكي أن يحتال على العالم بأنه قد حقق عدداً متزايداً من المقاعد البرلمانية قياساً بالانتخابات السابقة - أي قبل 4 سنوات من الآن – حيث فاز آنذاك ب (89) مقعداً فيما فاز في الانتخابات الأخيرة ب (92) مقعداً و كان من المحال أن يصدق الناس كيف أن حزباً سياسياً، و عقب سنوات من القتل و التعذيب و الاضطرابات و حملات القتل الجماعي ضد السنة و القمع الطائفي و الفساد، قد تمكن من نيل مقاعد اضافية في الانتخابات، هذا هو في الواقع سبب انتفاضة الناس ضد المالكي و قد حضرت يوم أمس ( 12 – 6 – 2014 ) تفاصيل بعض التنويهات الى المآسي و المعاناة التي عاشها العراقيون، و يحتاجون الى حكومة تكون بعيدة عن الطائفية، و تجد لهم فرص العمل و تعمل من أجلهم و تقسيم ايراداتها النفطية الضخمة على مواطنيها بصورة عادلة و تحترم حقوق الانسان و حقوق المرأة وإلغاء عقوبة الإعدام في البلاد هذا في الواقع هو الطريق الوحيد لإنهاء الاقتتال فيها و الذي يعتبر المالكي و قيادته مسؤولاً عنه فهو يدعي أنه يحارب الارهاب بهدف حث و تشجيع الولايات المتحدة و بريطانيا و الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تزويده بالمزيد من الأسلحة من جهة و طلب من الدول المجاورة مثل ايران لإرسال القوات اليه و من أفضل مقاتليها من أجل مساعدته و هو بحد ذاته عدم احترام كامل لعموم أبناء العراق حيث يرابط الآن في العراق جنود و معدات عسكرية من ايران و تقاتل علناً إلى جانب القوات العراقية، و هي مسألة غير مقبولة و على الغرب عموماً ألا يصدق بأن الذي يجري في العراق هو حرب ضد الارهاب بل هي ضد انتفاضة جماهيره بوجه دكتاتورية المالكي .
و ما مدى التأثيرات المستقبلية لتصرفات المالكي، الذي يتحدث باستمرار عن عمليات عسكرية كبرى، والذي يمنع الاستفادة من قوات البيشمركة في مساعدته في القتال رغم كون الجيش العراقي أبدى حالة غير مقبولة من الخنوع و التراجع في القتال و خطورة ذلك على وحدة العراق و أمنه ؟
- يجب على الرئيس البارزاني، و هو صديق حميم لي، أن يستخدم قوات البيشمركة في الدفاع عن الحكم الذاتي لإقليم كوردستان و الأمر يتطلب عدم توريط مواطنيه في هذه الحرب، و الذين يعيشون منذ سنوات في سلام و استقرار ووئام فالبيشمركة هم مقاتلون أشداء و معروف عنهم في العالم بأنهم محاربون شجعان إلا أنه يجب أن يدافعوا عن حدود إقليم كوردستان و حماية شهرته كإقليم آمن لمئات الآلاف من اللاجئين القادمين و النازحين من الموصل و كركوك لذلك أطالب البارزاني باستخدام البيشمركة، كما قلت لهذا الغرض و ليس ارسالهم لمساندة القوات العسكرية العراقية الخاضعة لقيادة المالكي، وأنا أحمل تعاطفاً كبيراً للكورد فلكم شهرتكم العالمية المثيرة للإعجاب، لأنكم قد فتحتم حدودكم للاجئين، و وفرتم ملاذاً آمناً للسوريين الذين زرتهم شخصياً في مخيماتهم بإقليم كوردستان و ترحبون اليوم بمئات الآلاف من اللاجئين الذين هجروا من الاقسام الأخرى من العراق بسبب هذه الانتفاضة ما يدفعني للإشادة دائماً بصدقية شعب كوردستان و شجاعته و ليست لدي أية مخاوف حيال مستقبلكم و لكني آمل أن يواصل البيشمركة حماية حدودكم و عدم السماح بانتقال القتال الى إقليمكم ...
ترجمة : دارا صديق نورجان.[1]