#مؤيد عبد الستار#
كان الانسان السومري يعرف الطريق الى الجنة ، ويعرف مكانها ، ومن أجل هذا وضع لها خارطة وارسل اليها الرسل ، وقد وردت عدة روايات في الكتب المقدسة تتحدث عن الجنة، واهم وصف لها هو انها مليئة بالفاكهة ، تجري من تحتها الانهار .
ورد ذكر الجنة في القران الكريم و في اقدم كتاب ديني التوراة في سفر التكوين ، ومعروف ان سفر التكوين تحدث عن الطوفان والجنة ، واذا ماوضعنا المعتقدات جانبا نجد ان للاحداث التي وردت في التوراة اساسا تاريخيا ، فمثلا ورد ذكر الطوفان فيها واكتشف علماء الاثار ان الطوفان مدون في الواح سومرية واشورية وبابلية قبل التوراة ، وكذلك الجنة التي يرد ذكرها في التوراة فقد عثر علماء الاثار على الواح سومرية وخرائط تصفها وتؤدي اليها كتبت على الفخار قبل التوراة . كما توصف الجنة بانها بستان كبير تحيط به الانهار.
وتشير الدراسات التاريخية الى ان الجنة بستان حقيقي كانت موجودة على الارض ، ثم نقلتها الديانات الى السماء . وصفت التوراة الجنة كالاتي :
(وغرس الرب الاله جنة في عدن شرقا ، واسكن هناك آدم الذي جبله . وانبت الرب الاله من الارض كل شجرة حسنة المنظر ، طيبة المأكل ، وكانت شجرة الحياة وشجرة معرفة الخير والشر في وسط الجنة . وكان يخرج من عدن نهر فيسقي الجنة ، ويتشعب من هناك فيصير اربعة انهار ، احدها اسمه فيشون ، ويحيط بجميع ارض الحويلة حيث الذهب ، وذهب تلك الارض جيد ، وهناك اللؤلؤ وحجر العقيق . واسم النهر الثاني جيحون ، ويحيط بجميع ارض كوش واسم النهر الثالث دجلة ، ويجري في شرقي آشور . والنهر الرابع هو الفرات.) سفر التكوين 2 (8 - 14).
على هذا الوصف نلاحظ الهامش الذي ذيل صفحة التوراة ليشرح موقع ارض كوش يقول :- ان ارض كوش تقع جنوبي مصر ( السودان او الحبشة ) - وواضح ان هذا التفسير او الوصف لارض كوش لاينطبق مع ما ورد في جغرافية المكان المبينة في التوراة لانها تقع ضمن دائرة نهر جيحون ودجلة والفرات وتلك بعيدة كل البعد عن جنوبي مصر، فهو خلط من شارح الكتاب المقدس .
الحدائق السرية
اعلن الاركيولوجي دافيد رول David Rohl عثوره على الفردوس الذي ورد ذكره في الكتاب المقدس و رافقه في رحلته تلك الصحفي المعروف بيتر مارتن، الذي نشر مقالا عن الرحلة في جريدة الساندي تايمز بعنوان الحدائق السرية في 11 -10-1998( 1)
رحلة اقتفى فيها اثر خطوات آدم الى ذلك الفردوس . وبعد مسيرة سبعمائة ميل من الاهواز
الواقعة جنوبي غرب ايران وصلا الى الحد الشمالي لجبال زاكروس في ولاية اذربايجان ، جنوب سهل ( ميان دو آب) حيث التلال العارية والخيم السوداء للبدو الرحل.
لايمكن وصف السهل بغير جنة واسعة على الارض محاطة بسياج من الجدران من جهتي اليمين واليسار ، بستان جميل ملئ بانواع الفاكهة ، وعلى جانب منه معمل للاسمنت ومصنع بيتروكيماوي .
يصف بيتر مارتن السفر والبلاد والفردوس ، فيقول:
في الطريق الذي امامنا شاحنات مكشوفة محملة بالتفاح والعرموط والاعناب والبطيخ وعرانيص الذرة واكوام الطماطم ..
وفي علامة على احتفالنا بهذا الوصول تبادلنا ابتسامة خاطفة ، ولجمال المناسبة ترنم مترجمنا سيامك صوفي بمقطع من اغنية فارسية قديمة تقول :
حلمت ليلة أمس ان الشمس والقمر قبل احدهما الاخر
تقع مدينة تبريز اسفل الجبلين المحيطين بهذا البستان ،هنا تجد في كل قرية جدارا رسمت عليه لوحة فولكلورية للفردوس على شكل جبل يسيل منه الماء الى بستان ويسقي الحقول التي اسفله.
ومثل هذه اللوحة الفنية كانت قبل ستة الاف عام شعارا لمنزل الاله السومري انكي Enki
وفي تلك الحقبة التاريخية القديمة كانت هذه المنطقة تسمى اراتا وكذلك ايدن – عدن- ولكن هل هذه هي جنة عدن التي تصفها التوراة . ورد في الكتاب المقدس ان جنة عدن مطوقة باربعة انهار هي نهر الفرات و نهر دجلة- ونهر جيحون ونهر بيشون.
ومنذ فجر التاريخ كانوا يعرفون نهري دجلة والفرات الا ان النهرين الاخرين لم يعرفا على الخرائط .
قدم باحث بريطاني يدعى ريجنالد والكر Reginald Walker - توفي عام 1988م -
دراسة عام 1986 م بين فيها معلومات هامة عن تلك الانهار .
يقول والكر في دراسته ان نهر اراس كان يسمى في القرن الثامن الميلادي قبل الفتوحات الاسلامية نهر جيحون، ورد في القواميس الفيكتورية ان هذا النهر هو جيحون – اراس – وان نهر بيشون هو تحوير لاسم نهر اويزون ، بسبب القلب استبدل لفظ الواو الى الباء المثلثة ولفظ الزاي الى شين ، فاصبح بيشون في لغة التوراة.
كما اكتشف والكنر ان هناك قرية تسمى نوقدي Noqdi
ويشير الى ان هذه القرية هي التي وردت في التوراة باسم نود .
يقول دافيد رول ان ريجنالد والكنر لم يزر المنطقة وانما كانت دراسته نظرية فقط ، ولكني بعد رحلتين استكشافيتين الى المنطقة وجدت تحليلاته مدهشة وقريبة من الواقع .
في كتابه :
Legend: The Genesis of civilisation,1999.
اثبت دافيد رول ما جاء في دراسة والكر وبين ان ماورد في المدونات المصرية حول الانهار والفردوس لم يكن دقيقا .
كما يعرض رول كيف كان السومريون من اوائل الذين استطاعوا الابحار ووصلوا الى شمال افريقيا ثم انتشروا في مصر .
الانطلاق من الاهواز الى جنة عدن
بدلا من السفر الى تبريز بواسطة الطائرة اخترنا الانطلاق من السهول السومرية ،اسفل جبال زاكروس بواسطة السيارة .
ان هذه السهول كانت الموطن الاول لادم بعد الطوفان ، وهذه السهول هي التي تدعى ذيل مصنع الفخار ، فاقدم انواع الخزف ظهر في الالف السابع قبل الميلاد في شمال جبال زاغروس ، وانتقل الى جنوب زاغروس بعد الفي عام ، فظهرت أحدث نماذج للخزف في اوروك .
وحين ظهر الخزف هنا كانت قد تطورت صناعته فاصبح ينتج بكميات كبيرة ، واقل جودة من الانواع التي كانت تنتج قبل ذلك.
ان بداية رحلتنا ترسم الخط العكسي لرحلة آدم ، والعودة الى مكانه الاول ، جنة عدن ، رحله من سومر ثم العبور خلال جبال زاغروس ، ثم الى المكان الاول : جنة عدن .
خلال هذه الرحلة قد نعثر على بعض الشواهد والاحداث او المعتقدات التي تتطابق مع الروايات عن اسطورة آدم وحواء .
غادرنا الاهواز الساعة السابعة صباحا ، سرنا خلال الريف وحقول النفط ، والسنة اللهب المتصاعد من آبار النفط.
ان هذا الطريق هو عين طريق الرحلة الملكية التي رويت على الواح الطين التي تعود لثلاثة الاف وخمسمائة عام بالخط المسماري . الرحلة ، او البعثة التاريخية القديمة ، هي التي تشكل اسطورة انميركار ، الذي كان كاهن / ملك مدينة اوروك.
رحلتنا كانت هي رحلة الكاهن انميركار الى ملك اراتا ، واراتا هو الاسم السومري لجنة بلاد عدن .
كان انميركار يريد بناء معبد اسطوري في اوروك للالهة العظيمة انانا ، الهة الحب والاخصاب ، ولذلك كان يلح بالطلب على ملك اراتا ليرسل اليه كميات كبيرة من المعادن الثمينة والجواهر .
ولم يكن بخل ملك اراتا سببا في عدم ارسال مايريد انميركار ، وانما كانت خشية ملك اراتا ان يخسر الالهة انانا وتصبح الهة مدينة السهول ،اوروك.
فان الاله انكي نقل من الجبال الى ا ريدو ، والان سيفقد ملك اراتا الالهة انانا الى مدينة اوروك.
لقد استمر هذا النزاع لسنوات اذ كانت الرحلة من اوروك الى اراتا تستغرق ثلاثة شهور ، فاستمرت المساجلات بينهما طويلا .
الزقورة
اولى محطاتنا كانت عند جبل الله ، وهو من صنع الانسان ، زقورة جوغا زنبيل في ايلام القديمة التاريخية ، شمال سومر، التي شيدها ملك ايلام انتاش غال في الالف الثانية قبل الميلاد.
واذا نظرنا الى الزقورة سيجلب انتباهنا سؤال كبير هو لماذا شيد الانسان القديم الزقورة.
ان الماء الذي يمنح الحياة يعرض كينبوع ينبثق من قمة الجبل ، فلماذا ينبثق هذا النبع من الجبل لو لم تكن مشيئة الله هي التي فجرته ليسيل الى السهول مانحا الحياة ، هكذا كان ينظر الانسان القديم للاله انكي اله المياه ، ولذلك كان يتوجه الى الجبل ليقدم تضرعاته الى الاله ، وعندما انتقل هذا الانسان الى السهول ، شيد الزقورة على شكل جبل لكي يبقى على اتصال بالاله.
ان زقورة جوغا زنبيل رائعة الجمال ، لها قاعدة مساحتها بقدر ثلاثة ملاعب كرة قدم ، وفي بنائها معلومات غنية ، كل طابوقة حول محيطها تحتوي على معلومات مكتوبة بالحروف المسمارية وفي وسطها توجد قبة تؤدي اليها سلالم صخرية ، وفي قمة القبة حجرة مظلمة حيث يتواصل الكاهن مع الاله .
ولنا ان نتساءل هل هناك علاقة بين الزقورة وآدم .
ان اسم كبير آلهة ايلام كان انشوشيناك Enshushinak
وكلمة ان في السومرية تعني السيد او الاله ، سو : اسم مدينة سوسة ، وإناك : قد يكون معناها سيد مدينة سوسة .
المحطة الثانية لنا كانت مدينة سوسة ، المدينة التي شيدت في الالف الثالثة قبل الميلاد.
الابواب السبعة : هفت بهشت
في المدونات التاريخية والاساطير والكتاب المقدس ، ان بلوغ الجنة يتطلب اجتياز سبعة ابواب، او كما يقال سبع خطوات الى الجنة ، ( في الكردية والفارسية يطلق عليها هفت بهشت اي الجنان السبع ) ولا شك ان اولى تلك الابواب هي مدينة سوسة .
في اليوم الثاني بعد توقف في مدينة كرمنشاه ، وصلنا الى بيستون ، مصدر مياه نهر الكرخة ، الذي سرنا معه منذ مغادرتنا سوسة .
هنا جبل فيه ينبوع لطيف يتدفق من قاعدة الجبل ، وبركة ماء جميلة تحيط بها الاشجار والازهار والبردي .
كان القدماء يعتقدون ان الارض مسطحة ، بل كانوا يعتقدون انها تطفو على المياه،على بحر تحت الارض ، وان اي مكان يتدفق فيه الماء من الصخر فهو ابزو Abzu
مازالت كلمة آب في الكردية والفارسية تعني ماء وهي مشابهة لللكمة السومرية اب زو
، مؤيد-
ونجد تجليات عديدة لهذه المياه والصخور في الاساطير القديمة ، وفي قصص التوراة ان موسى حين تاه مع قومه في الصحراء وشارفوا على الموت عطشا، ضرب موسى بعصاه على الصخر فتفجر ماء .
ان اروع ما موجود اليوم على جبل بيستون هو اللوح المنقوش الذي نقشت عليه كتابة اعمال دارا الاول ، والمدهش هو معرفتهم كيفية اقامة ووضع نصب منذ عام 521 قبل الميلاد في لوح نقش على الجبل يشمل انجازات دارا الاول الذي كانت امبراطوريته تمتد من تركيا الى مصر ، كتبت انجازاته على صخرة في ثلاث لغات مختلفة بالخط المسماري.
ان تلك القصة لم تقرأ – وتفك رموزها – حتى عام 1830 م حين فسرها هنري راولنسون، الذي امضى ثلاث سنوات معلقا يقرأ وينقش تلك الرموز .
بعد ثلاث ساعات اصبحنا داخل كردستان ، ثم وصلنا الى مكان يدعى عرش سليمان – تخت سليمان - وجبل اخر للاله انكي تعلو قمته بحيرة ، مصدر لنهر الذهب ، وعلى مسافة امتار اسفل الجبل مكان يحج اليه الناس . كما شاهدنا خرائب معبد زرادشتي – معبد نار – ربما يعود للالف الاولى قبل الميلاد .
في اليوم التالي نزلنا من الجبال خلال الابواب السبعة الى سهول ميان دو آب ، ثم اخترقنا السهل فدخلنا قلب أرض عدن ، سرنا بين بحيرة اورمية التي تقع على يسارنا وجبل ساهند على يميننا . البستان يطرز الجبل بالوانه المجسمة.
ثم جاء ما ادهشنا ، وعلى الخصوص دافيد رول ، جدران المدينة العظيمة اراتا التي وصفت في النصوص والمدونات التاريخية القديمة ، تتوهج باللون الاحمر والذهبي . ورغم زيارات دافيد رول السابقة الا انه لم يشاهدها هكذا تحت وهج الشمس وحرارة الصيف المرتفعة.
جبل ساهند خلف مدينة تبريز ، يتوهج باللون الاحمر وهو يمثل اصدق تمثيل اسم آدم ، الذي يعني الارض الحمراء في العبرية، ومنه في العربية الادام ، الاديم ، الادمة ، و آدم الذي صنع من الطين. وهو عينه في الاسلام ، آدم الذي خلق من تراب ، ولذلك لكل اسطورة موادها الاولية والمادة الاولية لادم هي هنا هذا التراب الاحمر ، جبل ساهند.
حين تصل جبل ساهند تجد واديا خصبا تشرف عليه مدينة صغيرة بيوتها من الطين والاجر تدعى اوسكو Osku تقوم على رابية ملائمة للصيد والقنص ، مثالية للاستيطان تهيمن على الوادي الخصيب الملئ ببساتين الفاكهة والجوز واللوز ، يجري فيها نهر يصب في الوادي ، هنا المكان الامثل الذي تشيد فيه بيتك.
وعلى بعد اميال قليلة ، قرب قمة الجبل توجد القرية الساحرة قندوفان التي تعني قرص العسل ، ويطلق السكان المحليون على قمة الجبل جام داغ اي الجبل الكأس - جام بمعنى كاس وداغ بمعنى جبل ، ويعدون ماء النهر مقدسا وهو نهر آجي جاي فيه شفاء للكلى – آجي جياه ، جياه جبل بالكردية والفارسية -.
يحج الناس الى هذا الجبل ويعدونه مكانا للشفاء والتجديد والبعث ، ويقصده طلاب المدارس والنساء والرجال والسياح الذين يبحثون عن المعرفة .
لجبل جام داغ قمتان توأمتان احداهما كانت مكانا للاله انكي و الثانية القمة المشرقة للالهة انانا .
وكل ما وجدناه هنا من اساطير وشواهد وانهار اربعة وبلاد النود – نوقده – يشير الى ان هذا المكان هو جنة عدن التي تحدثت عنها الاديان والاساطير.
ملحمة انميركار وملك اراتا – باختصار عن الانسكلوبيديا البريطانية –
Enmerkar : Encyclopaedia Britanica
انميركار وملك اراتا ملحمة سومرية تكشف التاريخ والثقافة السومرية – الايرانية ( الكردية / الفارسية – مؤيد ) واستنادا الى هذه الملحمة فان انميركار ، ابن اله الشمس اوتو كان حاسدا لملك اراتا لما يملكه من ثروة من المعادن والاحجار الكريمة والتي كان يحتاجها لبناء وتزيين المعابد وعلى الاخص معبد الاله انكي في اريدو ، لهذا طلب انميركار من اخته الالهة انانا مساعدته في الحصول على المواد المطلوبة والرجال من ملك اراتا - المقصود بالرجال المهندسين والبنائين الذين يستطيعون تشييد بناء معبد عظيم او زقورة للعبادة - مؤيد .
توافق انانا على ذلك وتنصحه بارسال رسالة طلب وتهديد الى ملك اراتا ، فيطلب ملك اراتا مقابل ذلك تزويده بكمية كبيرة من الحنطة .
يلبي انميركار طلبه ولكن ملك اراتا لا يفي بوعده .
بعد تهديد متبادل يطلب الطرفان المساعدة من الالهة انانا .....
( يتشظى النص الاصلي المنقوش على اللوح المسماري – ولكن النهاية تشير الى بعض الانتصار لانميركار )
وفي ملحمة اخرى تتعلق بخسارة اراتا عنوانها انميركار وانشو كيش دانا فان ملك اراتا انشو كيشدانا او انسو كوش سيرانا يطلب ان يكون انميركار تابعا له ، فيرفض انميركار ويعلن نفسه الملك المختار من الالهة ، او الملك المفضل لدى الالهة ، ويأمر انسوكيش دانا بالتسليم له .
وبالرغم من ان مجلس انشو كيش دانا ينصحونه بتلبية طلب انميركار ، الا انه يرفض ذلك و يأخذ بنصيحة كاهن بسيط يعده باخضاع اوروك الى اراتا .
حين يذهب الكاهن الى اوروك ، يخدعه احد الرجال الحكماء يدعى ساغ برو فيقتله بمساعدة ابناء الالهة نيدابا . وحين يعلم انشوكيش دانا بمصير كاهنه يستسلم لمطالب انميركار.
وهناك ملحمة ثالثة بعنوان لوغال بندا وانميركار تروي لنا الرحلة البطولية الى اراتا التي يقوم بها لوغال بندا لخدمة انميركار . واستنادا الى الملحمة فان اوروك كانت تحت وطأة هجمات القبائل السامية البدائية ، ومن اجل انقاذ مدينته يطلب انميركار العون من انانا التي كانت موجودة في اراتا .
يبحث انميركار عن من يتطوع للسفر الى انانا في مملكة اراتا ، فلم يلبي النداء سوى لوغال بندا الذي يوافق على القيام بهذه المهمة الخطيرة .
تروي الملحمة احداث رحلة لوغال بندا والرسالة التي يعود بها من انانا الى انميركار.
آدم وحواء
يعتقد دافيد رول ان آدم استعارة للانسان القديم ، الجد الاول ، في الذاكرة ، الانسان التاريخي ، الاب الاول للبشرية ، القائد السياسي والروحي في آن واحد ، وهو اول شخص يمثل الانسان الذي استوطن الارض تاركا الصيد والترحال ، والذي تمكن في فجر التاريخ تدجين الحيوان وزرع المحاصيل .
ان الاستيطان بحاجة الى هيئة اجتماعية لها قائد سياسي ، كاهن يكون على اتصال باله الطبيعة .
ان آدم وحواء يمثلان تزاوجا هاما بين قبيلتين تركتا الترحال واستوطنتا في المكان ، هما من اوجد اسرة الحضارة.
وتجد هذه العناصر في مختلف الاساطير التاريخية، وان حواء في الكتاب المقدس هي ام الاحياء جميعا ، ومثلها نين هور ساغ ، محظية الجبل السومرية . وكذلك نجد انانا في الاساطير هي ابنة الام الالهة العظيمة نين هور ساغ – محظية الجبل .
ادم وحواء في الفردوس بينهما نخلة مثمرة لها سبع سعفات وخلف كل منهما ثعبان ، النخلة والثعبان رمزان للاخصاب و تدل ملابس الرجل والقرون التي على رأسه انه من سلالة الالهة . الختم يمثل ادم وحواء في الفردوس وهو موجود في المتحف البريطاني (2)
اسطورة الخلق السومرية
في اسطورة الخلق السومرية، ان نين هور ساغ لعنت انكي لانه اكل الثمرة المحرمة التي تثمر في الفردوس .
بدأ انكي يتلاشى ، اضلاعه بدأت تؤلمه ، فخلقت نين هور ساغ الالهة نين تي – تعني سيدة الضلع بالسومرية – وتعني ايضا سيدة الحياة ، وهي تورية وتلاعب لفظي سومري ، الا ان مؤلف الكتاب المقدس اخذ المعنى الاول ولذلك اصبحت لدينا قصة خلق حواء من ضلع آدم .
يرد في الكتاب المقدس ان ادم كان فلاحا ( واخذ الرب الاله ُ آدم َ وأسكنه في جنة عدن ليفلحها ويحرسها ...سفر التكوين 2 / 15 )
ان اللغة والكتابة هي نتاج للحضارة التي ولدت بسبب الزراعة واستيطان الارض وتكون نواة المجتمع الزراعي / المديني ، ومن الجدير بالذكر ان الدراسات الاثارية تشير الى ان اغلب الحقول الزراعية في العالم هي في اسيا ، ومن بين 640 حقلا زراعيا عظيما في العالم ، حوالي 500 حقل منها تقع في جنوب اسيا .
تقع اهم الحقول الزراعية في اسيا الصغرى والقوقاز وتركمانستان وايران . تنبع اهمية هذه الحقول الزراعية من غناها وخصوبتها الزراعية وانتاجها للحنطة المقاومة للآفات .
وان اهمية هذه المناطق ليست في وفرة محصولها الزراعي فقط وانما في تدجينها للحيوانات الرئيسة مثل البقر والجاموس والاغنام والماعز والخيول ...الخ وان الموطن الرئيس لتدجين البقر والحصان الشرقي والماعز والاغنام هي ايران / كردستان .
ومن خلال الحقائق التاريخية الهامة تعد اسيا الموطن الاول لاكبر الحقول والحيوانات
الداجنة.(3)
وتكشف الدراسات اللغوية ان الجذور اللغوية الهندواوربية تعود لتسعة الاف سنة ، وهو عمر مقارب لانتشار الزراعة في مناطق ايران وكردستان واسيا الصغرى .
ان اللغة هي نتاج التطور الاجتماعي الذي صاحب تطور الانسان من عصر الصيد الى عصر الزراعة والاستيطان في جنة عدن .
.
* خارطة الرحلة تبدأ من الاهواز وتسير عبر الابواب السبعة الى جنة عدن / والابواب – المضائق الجبلية - التي تمثل نقاط مرور عبر الجبال يجب ان يجتازها المرء لكي يصل الى جنة عدن في كردستان قرب مدينة
سه قه ز ومدينة تبريز،
الابواب- المضائق - 1، 2، 3، 4، تقع في لورستان – ايلام – بلاد الكرد الفيليين ، الابواب – المضائق - 5، 6، 7، تقع في الجزء الشمالي من كردستان ايران .
ومن المصادر المهمة لهذه الرحلة كتاب دافيد رول المعنون :
Legend:The Genesis Of Civilisation by David M. Rohl, UK ,1998
1 - مقال الحدائق السرية لبيتر مارتن عن رحلته مع دافيد رول نشر في الساندي تايمز 11 اوكتوبر1998
The Secret Garden By Peter Martin, The Sunday times,11 oct 98
2- ختم اسطواني يعود لعام 2200 قبل الميلاد من بلاد الرافدين ، وهو ختم شائع يصور رجلا وامراة يجلسان وبينهما نخلة مثمرة وخلف كل منهما ثعبان .
ابعاد الختم :
الارتفاع 7و2 سم ( سنتمتران وسبعة اعشار السنتمتر) ، العرض 65و1 سم ( سنتمتر وخمسة وستون ملم)
المتحف البريطاني قاعة رقم 56 ميسوبوتاميا
3 – ينظر :
Vavilov,N., Asia: source of Species in Asia,Feb1937,p.113
الوارد في مقال :
The Evidences For Recent Dating of Adem
** تشير الابحاث التاريخية الى ان بلاد اسيا الصغرى – القوقاز ، ارمينيا ، كردستان ، تركمانستان – كانت مهد زراعة الحبوب وفيها تطورت الزراعة وتدجين الحيوانات ، وان تدجين الماعز و الاغنام كان في بلاد كردستان / ايران ويضع العلماء ذلك بنحو عشرة الاف عام وهو تاريخ مواز للزراعة وانتاج المحاصيل الزراعية . وجاء في دراسات عديدة منها ل مانفريد هيونس الى ان كميات كبيرة من الحنطة بدأت تحصد قرب منابع دجلة والفرات قبل حوالي تسعة الاف عام ، ورغم ان البعض ذهب الى ان الزراعة بدأت في حقول الاردن وفلسطين ، الا ان الابحاث الحديثة بدأت تشير الى ان مهد زراعة الحنطة كان عند منابع دجلة والفرات.
راجع على سبيل المثال مجلة العلوم عدد 287 عام 2000 دراسة ميلندا أ . زيدر و بريان هيسه
Melinda A. Zeder and Brian Hesse (Science 287 (2000) 2254- 57)
عن مقال
The Evidences For Recent Dating of Adem.
وكذلك دراسة ريجان دبليسيا
Reagan Duplisea, The Cradle of agriculture
*** ارى ان اسم الالهة انانا هو: نانا ، وهو اسم كردي / ايراني بمعنى الام الكبيرة، ومازالت كلمة نانا تطلق في الكردية والفارسية على الجدة – وهو ما يؤكد ان الالهة انانا سومرية كردية ، كما نلاحظ في اسم انميركار بعض الدلالات اللغوية ، فان كلمة كار في السومرية تعني صياد ، وفي الكردية مازالت كلمة شكار تعني الصيد ، اما كلمة كار فتعني العمل او المهنة ولها معان متعددة حين تتصل بكلمات اخرى مثل كري كار ، كار كه ر - بمعنى عامل ، او كار نامة : سيرة اعمال العظماء، او كاروان : قافلة ...
***** ارى ان ترجمة اسم مدينة سوسة فيها خطأ بسبب قراءة الاوربيين الذين ترجموا الاسم من المسمارية / السومرية والايلامية والبابلية ، وارى انها سوزه اي الخضراء ، لما عرف عن مدينة سوسة من زراعة واشجار وبساتين والخضراء اسم على مسمى ، وكلمة سوزة مازالت مستخدمة في الكردية والفارسية وتعني الاخضر – سه وز ، سه بز .[1]