*منظمة العفو الدولية
عصفت بإيران انتفاضة شعبية مناهضة لنظام الجمهورية الإسلامية لم تشهد البلاد مثيلًا لها. وأطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية، والكُريات المعدنية بشكل غير مشروع لسحق المظاهرات، فقتلت مئات الرجال والنساء والأطفال وأصابت الآلاف. وتعرَّض آلاف الأشخاص للاحتجاز التعسفي و/أو للمقاضاة الجائرة، دونما سبب سوى ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية. وعانت النساء، كما عانى أفراد مجتمع الميم، والأقليات العرقية والدينية من التمييز المجحف والعنف المكثَّفين. وانتشرت على نطاق واسع وبشكل ممنهج حوادث الاختفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك من خلال الحرمان المتعمد من الرعاية الطبية. وفُرِضت و/أو نُفِّذت عقوبات قاسية ولاإنسانية، من بينها الجلد، وبتر الأطراف، والإعماء. وتزايد استخدام عقوبة الإعدام، واستُؤنف تنفيذ عمليات الإعدام العلنية. وظلت المحاكمات جائرة بشكل منهجي. وساد الإفلات الممنهج من العقاب على الجرائم ضد الإنسانية، السابقة والحالية، المتعلقة بمجازر السجون عام 1988 وغيرها من الجرائم المؤثَّمة بموجب القانون الدولي.
خلفية
عصفت بإيران، بدءًا من سبتمبر/أيلول، انتفاضة شعبية لم يسبق لها مثيل، طالب فيها الناس بإنهاء نظام الجمهورية الإسلامية. وكانت الاحتجاجات لا تزال مستمرة في نهاية العام.
وفي مارس/آذار، جدد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولاية المقرر الخاص المعني بإيران. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، شكَّلت الهيئة نفسها بعثة لتقصي الحقائق للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالانتفاضة.
ومُنع من دخول إيران جميع خبراء الأمم المتحدة، والمراقبين الدوليين المستقلين، باستثناء المقررة الخاصة المعنية بالأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان.
وفي مارس/آذار، وقَّعت إيران اتفاقية ثنائية مع بلجيكا لنقل الأشخاص المحكوم عليهم، ما أثار بواعث قلق بخصوص احتمال استخدامها في منح الإفلات من العقاب لموظفين رسميين إيرانيين قُبض عليهم وأُدينوا في الخارج بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وفي ديسمبر/كانون الأول، علَّقت المحكمة الدستورية البلجيكية تنفيذ هذه الاتفاقية جزئيًا، وكان مقررًا أن تصدر حكمها بشأن إبطالها في أوائل عام 2023.
واستمرت إيران في تقديم الدعم العسكري للقوات الحكومية في النزاع المسلح في سوريا (انظر باب سوريا).
ودعمت إيران غزو الحكومة الروسية لأوكرانيا بتزويدها بطائرات مُسيَّرة من طراز شاهد 136، استُخدمت في استهداف مرافق البنية الأساسية المدنية وتدميرها.
وفي سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، هاجم الحرس الثوري جماعات المعارضة الكردية داخل إقليم كردستان العراق، ما أدى إلى وفاة ما يزيد على عشرة أشخاص، من بينهم امرأة حامل.
حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها وحرية التجمع
شدَّدت السلطات مستويات القمع الخانقة أصلًا، فلم تترك أي مجال للمعارضة السلمية.
حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها
فرضت السلطات رقابة على وسائل الإعلام، وشوَّشت على محطات تلفزيونية فضائية. واعتبارًا من سبتمبر/أيلول، أضافت السلطات تطبيقات إنستغرام وواتساب لقائمة تطبيقات الهاتف المحمول، ومنصات التواصل الاجتماعي التي تحجبها و/أو تحجب جزءًا من محتواها، وتضم فيسبوك، وسيغنال، وتلغرام، وتويتر، ويوتيوب.
وأوقفت السلطات أو عطَّلت الإنترنت وشبكات الهاتف المحمول بشكل متكرر خلال الاحتجاجات لقمع التعبئة وإخفاء نطاق الانتهاكات على أيدي قوات الأمن.
وظل مشروع قانون حماية مستخدمي الإنترنت، الذي من شأنه أن يزيد من تقويض الحريات على الإنترنت وامكانية الاتصال بالشبكة العالمية، معلقًا. وفي سبتمبر/أيلول، صدرت مذكرة تنفيذية تشدِّد التضييق على الوصول إلى المحتوى على شبكة الإنترنت.
وحظرت السلطات جميع الأحزاب السياسية المستقلة، ومنظمات المجتمع المدني، والنقابات المستقلة، وأخضعت العمال المضربين لإجراءات انتقامية.
حرية التجمع
اعتمدت السلطات بصورة منهجية ردًا يتسم بطابع عسكري على الاحتجاجات على المستويين المحلي والوطني.
في مايو/أيار، استخدمت قوات الأمن في محافظة خوزستان ومحافظة تشهار محال وبختياري الذخيرة الحية، وطلقات الخرطوش، والغاز المسيل للدموع، ومدافع المياه، بشكل غير مشروع لسحق مظاهرات كانت سلمية في أغلبها خرجت احتجاجًا على الارتفاع الشديد في أسعار المواد الغذائية وانهيار مبنى في عبادان بمحافظة خوزستان أدى إلى وقوع وفيات. وقُتل ما لا يقل عن أربعة أشخاص. وأُصيب عشرات، من بينهم أطفال، بجروح ناجمة عن الخرطوش، الذي ينتهك استخدامه حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.1
وأشعلت وفاة مهسا (جينا) أميني في الحجز على أيدي شرطة “الآداب” الإيرانية، في 16 سبتمبر/أيلول، شرارة انتفاضة عمَّت أنحاء البلاد، واستمرت بقية العام. واستخدمت السلطات بشكل غير مشروع، وعلى نحو مكثف، الذخيرة الحية، والكريات المعدنية، والغاز المسيل للدموع، وعرّضت المحتجين للضرب المبرح. وسجَّلت منظمة العفو الدولية أسماء مئات المحتجين والمارة الذين قُتلوا بشكل غير مشروع على أيدي قوات الأمن، ومن بينهم عشرات الأطفال.2 وأُصِيبَ المئات بالعمى أو بجروح خطيرة أخرى في العينين بسبب إطلاق قوات الأمن كريات معدنية. وأُصيب آلاف آخرون بجروح، ولكن كثيرين أحجموا عن طلب الرعاية الطبية خوفًا من القبض عليهم.
وكان ما يزيد على نصف من قُتلوا ينتمون إلى الأقلية البلوشية التي تتعرّض للقمع في محافظة سيستان وبلوشستان والأقلية الكردية التي تتعرّض للقمع في محافظات كردستان، وكرمنشاه، وأذربيجان الغربية.
وتعرَّض طلاب الجامعات والمدارس، الذين تظاهروا سلميًا، للفصل من جامعاتهم ومدارسهم، وللمداهمات العنيفة، والضرب، وغير ذلك من أشكال المعاملة السيئة.
الاحتجاز التعسفي والمحاكمات الجائرة
على مدار العام، تعرَّض آلاف الأشخاص للاحتجاز التعسفي و/أو للمقاضاة الجائرة بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية؛ وظل كثيرون منهم مسجونين ظلمًا.
ووفقًا لتصريح رسمي مُسجل صوتيًا ومُسرَّب، احتُجز عدد يتراوح ما بين 15,000 و16,000 شخص خلال الأسابيع الأولى للانتفاضة. واستمرت السلطات في تنفيذ اعتقالات جماعية بشكل تعسفي حتى نهاية العام، وأخضعت كثيرين لمقاضاة ومحاكمات جائرة.
وأُعدم شابان تعسفيًا في ما يتعلق بالانتفاضة التي عَمَّت أنحاء البلاد، وذلك إثر محاكمات صورية، وبدون إخطار مسبق لأسرتيهما، بينما كان عشرات آخرون محكومًا عليهم بالإعدام أو لا يزالون رهن المحاكمة بتهم فضفاضة جدًا يُعاقب عليها بالإعدام مثل “محاربة الله” و”الإفساد في الأرض”.
وشدَّدت السلطات قمع المجتمع المدني، فأخضعت مئات الأشخاص، من المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين والمعارضين السياسيين والنشطاء ودعاة الحفاظ على البيئة والكُتَّاب والفنانين والموسيقيين وطلاب الجامعات والمدارس، للاحتجاز التعسفي و/أو المقاضاة الجائرة.
وواجه مئات العاملين، ومن بينهم معلمون، الاحتجاز التعسفي لمشاركتهم في إضرابات و/أو في مسيرات بمناسبة اليوم العالمي للعمال، و/أو لإثارتهم بواعث قلق بخصوص حقوق العمال.
واستمرت ممارسة احتجاز أشخاص من الأجانب ومزدوجي الجنسية على نحو تعسفي لاستخدامهم كورقة ضغط، ما شكّل في بعض الحالات، جريمة احتجاز رهائن.3
ودخل احتجاز المعارضين مهدي كروبي، ومير حسين موسوي، وزهراء رهنورد رهن الإقامة الجبرية التعسفية عامه الثاني عشر.
وكانت السلطة القضائية تفتقر إلى الاستقلال، وتشرف على جهاز قمعي حافل بالانتهاكات المنهجية للإجراءات الواجبة، بما في ذلك الحرمان من الاتصال بمحامين في مرحلة التحقيق، والاختفاء القسري، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وقبول “الاعترافات” المشوبة بالتعذيب كأدلة، والمحاكمات الصورية والسرية ذات الإجراءات الموجزة، التي لا تشبه أبدًا الإجراءات القضائية، وتسفر عن أحكام بالسجن والجلد فضلًا عن الإعدام.
التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة
استمرَّ تفشي التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على نطاق واسع وبصورة منهجية، بما في ذلك الحبس الانفرادي لفترات مطولة والحرمان المتعمد من الرعاية الطبية. وأُذيعت في قنوات التلفزيون الحكومية “اعترافات” قسرية انتُزعت تحت وطأة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
واحتجزت سلطات السجون والنيابة، التي تعمل تحت إشراف السلطة القضائية، سجناء في ظروف قاسية ولاإنسانية تتسم بالاكتظاظ، وسوء خدمات الصرف الصحي، وعدم كفاية الغذاء والماء، ونقص الأَسِّرَة، وسوء التهوية، وتفشي الحشرات.
وتُوفي عشرات الأشخاص في الحجز في ظروف مريبة توافرت بشأنها أنباء موثوقة حول التعرض للتعذيب البدني و/أو الحرمان من الرعاية الطبية. ولم يتم إجراء تحقيقات تتماشى مع المعايير الدولية.
وأبقى قانون العقوبات على عقوبات تنتهك حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك الجلد، والإعماء، وبتر الأطراف، والصلب، والرجم.
وخلال الفترة ما بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول، بترت السلطات أصابع ما لا يقل عن خمسة رجال أُدينوا بالسرقة، أربعة منهم في سجن إيفين بمحافظة طهران، وواحد في سجن رجائي شهر بمحافظة ألبرز.4
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أُحيلَت قضايا رجلين وامرأة إلى مكتب تنفيذ الأحكام في طهران لتنفيذ أحكام الإعماء الصادرة بحقهم بموجب مبدأ القصاص. ولم تظهر أي معلومات علنية بخصوص تنفيذ العقوبة بحلول نهاية العام.
وأصدرت المحاكم ما لا يقل عن 178 حكمًا بالجلد، وفقًا لما ذكره مركز عبد الرحمن برومند.
التمييز المجحف
الأقليات العرقية
واجه أبناء الأقليات العرقية مثل عرب الأهواز، والأتراك الأذربيجانيين، والبلوشيين، والأكراد، والتركمان التمييز المُجحف على نطاق واسع، ما حد من سبل حصولهم على التعليم، والعمل والحصول على الإسكان الملائم، وتولي المناصب السياسية. وأدى تدني الاستثمار المستمر في مناطق الأقليات إلى تفاقم الفقر والتهميش.
وظلت الفارسية هي اللغة الوحيدة للتعليم في المرحلتين الابتدائية والثانوية، برغم الدعوات المتكررة للتنوع اللغوي.
وقتلت قوات الأمن بشكل غير مشروع عشرات الأكراد العُزَّل الذين ينقلون البضائع عبر الحدود بين المناطق التي تسكنها الأقلية الكردية في إيران وإقليم كردستان العراق (ويُطلق عليهم اسم “كولبر”) وناقلي الوقود البلوشيين (ويُطلق عليهم اسم “سوختبر”) في محافظة سيستان وبلوشستان. ولم تحقق السلطات في حوادث القتل، ولم تحاسب المسؤولين عنها.
الأقليات الدينية
عانت الأقليات الدينية مثل البهائيين، والمسيحيين، وجماعة دراويش غنابادي، واليهود، واليارسان، والمسلمين السنَّة من التمييز المجحف في القانون والممارسة. وشمل التمييز مجالات شتى من بينها التعليم والتوظيف وتبني الأطفال وتولي المناصب السياسية ودور العبادة. واحتُجز المئات تعسفيًا، وتمت مقاضاتهم على نحو جائر، وتعرضوا للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة، و/أو تعرضوا لأشكال أخرى من المضايقات بسبب اعتناقهم أو ممارستهم لعقائدهم. ويتعرض الأشخاص الذين وُلدوا لآباء تصنفهم السلطات على أنهم مسلمون لخطر الاحتجاز التعسفي أو التعذيب أو عقوبة الإعدام بتهمة “الردَّة”، إذا اعتنقوا دينًا آخر أو معتقدات إلحادية.
وتعرض أفراد الأقلية البهائية لانتهاكات منهجية واسعة النطاق بسبب ممارسة شعائر ديانتهم، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي، والاستجواب، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والاختفاء القسري. وأغلقت السلطات قسرًا شركات ومتاجر للبهائيين، وصادرت عشرات من عقاراتهم، وهدمت منازلهم ومقابرهم، كما حرمت البهائيين من التعليم العالي. وفي يونيو/حزيران، أيَّدت محكمة استئناف حكمًا يجيز مصادرة 18 عقارًا للبهائيين في محافظة سمنان. وفي أغسطس/آب، هدمت السلطات ستة منازل للبهائيين بالجرافات، وصادرت ما يزيد على 20 هكتارًا من الأرض في قرية بمحافظة مازندران، ما تسبب بفقدان الأشخاص سُبل رزقهم.5
وداهمت السلطات كنائس داخل منازل، وأخضعت معتنقي المسيحية للاعتقال التعسفي، ومصادرة الممتلكات الشخصية، والمقاضاة بتهم تتعلق بالأمن القومي، وعقوبات مثل السجن، والغرامات، و”النفي” إلى مناطق أخرى داخل البلاد.
وظلَّ عدة سجناء من جماعة دراويش غنابادي مسجونين ظلمًا.
أفراد مجتمع الميم
عانى افراد مجتمع الميم من التمييز المجحف والعنف بشكل منهجي. واستمر تجريم العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي بفرض عقوبات تتراوح بين الجلد والإعدام. وظلت “وسائل العلاج التحويلي” التي أقرتها الدولة، وترقى إلى مستوى التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة، سائدة، بما في ذلك للأطفال. وكان العلاج الهرموني والإجراءات الجراحية، بما في ذلك التعقيم، إجراءات إلزامية لتغيير النوع الاجتماعي قانونيًا. وكان الأفراد غير المطابقين للتصنيف العُرفي للنوع الاجتماعي عرضةً لخطر التجريم والحرمان من سبل الحصول على التعليم والتوظيف.
وفي أغسطس/آب، حكمت محكمة ثورية في أرومية بمحافظة أذربيجان الغربية على المدافعة عن حقوق أفراد مجتمع الميم زهرا صديقي همداني، المعروفة باسم سارة، وامرأة أخرى، هي إلهام جوبدار، بالإعدام بتهمة “الإفساد في الأرض” بسبب ميولهما الجنسية الفعلية أو المفترضة، و/أو هويتهما القائمة على النوع الاجتماعي، وأنشطتهما على وسائل التواصل الاجتماعي دعمًا لمجتمع الميم.6 وألغت المحكمة العليا الإدانة والحكم، في ديسمبر/كانون الأول، وأحالت القضية لإعادة المحاكمة.
النساء والفتيات
استمرت السلطات في معاملة النساء كمواطنات من الدرجة الثانية في ما يتعلق بأمور شتى، من بينها الزواج، والطلاق، وحضانة الأطفال، والتوظيف، والميراث، والمناصب السياسية.
وظلت السن القانونية لزواج الفتيات 13 عامًا، ويمكن للآباء الحصول على إذن قضائي لتزويج بناتهم في سن أصغر.
وكانت النساء والفتيات في صدارة الانتفاضة الشعبية، فتحدين عقودًا من التمييز المجحف والعنف القائمين على أساس النوع الاجتماعي، ورفضن القوانين المهينة والمنطوية على تمييز التي تلزمهن بارتداء الحجاب وتؤدي إلى تعرضهن يوميًا للمضايقات والعنف على أيدي جهات رسمية وغير رسمية، بالإضافة إلى تعرضهن للاحتجاز التعسفي، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والحرمان من سبل الحصول على التعليم والتوظيف وارتياد الأماكن العامة.
وشهد منتصف عام 2022 تطبيقًا أشد صرامة لهذه القوانين بلغ ذروته بوفاة مهسا (جينا) أميني في الحجز في سبتمبر/أيلول، بعد أيام من قيام شرطة “الآداب” الإيرانية بالقبض عليها بعنف، وسط أنباء موثوقة عن تعرضها للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
وتقاعست السلطات عن توفير الرعاية الصحية الكافية الخاصة بالنوع الاجتماعي للسجينات.
واستمر تعثر مشروع قانون “حفظ كرامة المرأة وحمايتها من العنف” الذي قُدم إلى البرلمان قبل أكثر من عقد من الزمن. وتقاعس النواب عن النظر في مشروع القانون لتعريف العنف الأُسري على أنه جريمة مستقلة بذاتها، وتجريم الاغتصاب في إطار الزواج، وزواج الأطفال، وضمان أن يواجه الرجال الذين يقتلون زوجاتهم أو بناتهم عقوبات متناسبة.
حقوق اللاجئين والمهاجرين
أطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية بشكل غير مشروع على رجال ونساء وأطفال أفغان كانوا يحاولون عبور الحدود الأفغانية الإيرانية، مما أدى إلى مقتل أشخاص بشكل غير مشروع. واحتُجز الأفغان الذين تمكنوا من دخول إيران تعسفيًا وتعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة قبل أن يتمّ إعادتهم قسرًا وبشكل غير مشروع.
عقوبة الإعدام
زادت عمليات الإعدام مقارنة بالعام السابق، واستؤنف تنفيذ عمليات الإعدام العلنية بعد توقف دام عامين.
واستخدمت السلطات عقوبة الإعدام كأداة للقمع السياسي للمحتجين والمعارضين وأفراد الأقليات العرقية.
وكان عدد أفراد الأقلية البلوشية التي تتعرّض للقمع بين من أُعدِمُوا غير متناسب.
وفُرِضَت عقوبة الإعدام بعد محاكمات فادحة الجور، بما في ذلك على جرائم لا تفي بمعيار “الجرائم الأشد خطورة”، مثل تهريب المخدرات والفساد المالي والتخريب، وعلى أفعال يحميها القانون الدولي لحقوق الإنسان، مثل الممارسة السلمية للحق في حرية التعبير.
وأُعدم عدة أشخاص عقابًا على جرائم ارتُكبت عندما كانوا أطفالًا. وظل عشرات آخرون كانوا دون سن 18 عامًا وقت وقوع الجريمة ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم.
الإفلات من العقاب
لم يخضع أي مسؤول عام للتحقيق أو المحاسبة على عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، وغيرها من أعمال القتل غير المشروع، والتعذيب، والاختفاء القسري وغير ذلك من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت في عام 2022 أو الأعوام السابقة.
وأخفت السلطات العدد الحقيقي للقتلى الذين سقطوا على أيدي قوات الأمن خلال الاحتجاجات من خلال إلقاء مسؤولية الوفيات على “مثيري الشغب” أو الادعاء، في بعض الحالات، ومن بينها حالات قتل الأطفال، أن الوفيات نتيجة الانتحار أو نتيجة حوادث. ورفضت السلطات شكاوى أسر الضحايا، وهددتهم بالقتل أو الإيذاء لهم أو لأبنائهم إذا تحدثوا علنًا.
ولم يتم إجراء أي تحقيق مستقل في وفاة مهسا (جينا) أميني في الحجز. ونفت السلطات مسؤوليتها، وأخفت أدلة حيوية، وهددت أسرتها وغيرها ممن يختلفون مع الرواية الرسمية ويدعون للحقيقة والعدالة.7
وتعرَّض أقارب القتلى، الذين يسعون لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة، والشهود على احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 الذين أدلوا بإفاداتهم أمام “محكمة الشعب الدولية” في لندن بالمملكة المتحدة بشأن فظائع إيران، للاحتجاز التعسفي وغيره من أشكال المضايقة.8
ولم يتم إجراء أي تحقيقات مستقلة بشأن استخدام القوة بشكل غير مشروع ضد السجناء في سجن إيفين، في أكتوبر/تشرين الأول، أو بشأن الظروف المحيطة بوفاة ثمانية سجناء على الأقل.9
واستمرت السلطات في إخفاء الحقيقة في ما يتعلق بالهجوم الصاروخي الذي أسقط طائرة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية في الرحلة 752 في يناير/كانون الثاني 2020، وأودى بحياة 176 شخصًا. وفي أغسطس/آب، أعلنت السلطة القضائية أن قضية 10 من صغار المسؤولين، الذين حُوكموا أمام محكمة عسكرية لمشاركتهم في الهجوم الصاروخي، قد أُعيدت إلى النيابة بسبب “عيوب شابت التحقيق”.
وظل الإفلات من العقاب سائدًا في ما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية المستمرة المرتبطة بعمليات الإعدام الجماعي خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري التي وقعت في عام 1988، مع تولِّي كثير من المشاركين فيها مناصب عليا، ومن بينهم الرئيس. وأُقيمت أسوار خرسانية عالية حول قبور خاوران الجماعية، حيث يُعتقد أن رفات عدة مئات من الضحايا قد دُفنت، وهو ما يثير بواعث قلق بخصوص أمن الموقع.10 وفي يوليو/تموز، حكمت محكمة سويدية بالسجن مدى الحياة على المسؤول الإيراني السابق حميد نوري على خلفية جرائم تتعلق بمجازر السجون التي وقعت في عام 1988، وذلك إثر محاكمة تاريخية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.
التقاعس عن منع التغير المناخي والتدهور البيئي
انتقد خبراء البيئة تقاعس السلطات عن التصدي للأزمة البيئية في إيران، والتي كان من أبرز تجلياتها زوال البحيرات، والأنهار، والأراضي الرطبة؛ وإزالة الغابات؛ وتلوث الهواء؛ وتلوث الماء بسبب صرف مياه الصرف الصحي في موارد الماء الحضرية؛ وانخساف الأرض.
وفي يوليو/تموز، كانت إيران واحدة من بين ثماني دول فقط امتنعت عن التصويت على قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة، اعتُمد بتأييد 161 دولة، يعتبر إتاحة بيئة نظيفة وصحية ومستدامة حقًا عالميًا من حقوق الإنسان.[1]