#قيس قرداغي#
عمرهم في العراق أكبر من تأريخ العراق ، عطائهم للعراق أوفر من عطاء الآخرين ، تضحياتهم جسام وقصة ويلاتهم تشيب رأس الرضيع ، رغم توزيعهم في مناطق طوبوغرافية متشابكة بدئا من العمق الجنوبي ووصولا الى الحزام الشمالي الا أن بصماتهم تظهر واضحة في كل صفحة من صفحات العراق ، ففي السياسة شاركوا في تشكيل كبرى الأحزاب العراقية ونجومهم فيها متلألئة في سمائها ، في التجارة ، وقفوا في الطليعة وهم يديرون قلب الأسواق العراقية النابض (الشورجة مثلا) ، في الرياضة لهم حصة الأسد في رفد المنتخبات والأندية والأتحادات ، في التأريخ الأجتماعي لهم حكاياتهم الشيقة وأساطيرهم وعاداتهم وثقافتهم العراقية الأصيلة التي أخذ منها الآخرين وهم أخذوا من الآخرين دون أن يفقدوا لغتهم الكوردية وهم يعيشون في أوساط تتسيد فيها اللغة العربية ودون أن يفقدوا تقاليدهم الذاتية ، في كل ركن وميدان ترى الفيلي شامخا ، يقف في الطليعة عندما يدور الكلام في فلك تطوير العراق وأنتشاله من حضيض الجهل والعشوائية والرجعية الى حيث التمدن والحياة الحرة الكريمة ، ولكن ومع شديد الأسى والاسف لم يتمكن الفيلي هذا يوما من الأيام أن ينعم بخيرات وطنه من باب التكافؤ بين الواجبات والحقوق على الأقل وهذا أضعف الأيمان ، أدى واجبه وحرم من حقه مهما كان هذا الحق ، كبيرا أم قليلا ، وبدلا من منح الحق ، مورس ضده الأرهاب بكل أشكاله وأرنابه ورسميا من قبل الدولة ، الحكومات المتعاقبة وأخطرها حكومة البعث التي جثمت كابوسا على صدر العراقيين طويلا ، سلبت ممتلكاتهم عنوة ، تلك التي أمتلكوها بعرق الجبين ومن المال الحلال الذي يندر وجوده في جيوب العراقيين سابقا وحاليا مع الأسف ، هجروا من ديارهم وهي قطعا ديار الأجداد ، قتل أبنائهم بطرق وحشية جدا غابت عن ذهن جلاوزة كهولاكو وتيمورلنك ، أنتشروا في ديار العالم وأصبحت الغربة الأجبارية سمة بارزة لهم رغما عنهم ، ولكن ظلت هويتهم عراقية بحتة ، عراقييين في الأنتماء ، عراقيين في التفكير ، عراقيين في كل شئ الا في الحقوق التي وجب منحهم بعد زوال الكابوس .
زال الكابوس وجاءت الحكومة الجديدة وأنبثق الأمل في النفوس التي عاشت لأجيال متلاحقة وهي ترى نور في آخر النفق ، وأنتعشت آمال الفيلية الكورد شأنهم شأن كافة المضطهدين في الحصول على حقوقهم المهضومة قبل ومع الآخرين مع الاختلاف في حجم معناتهم وكبرها قياسا بالآخرين لأنهم أخذوا من كافة المتون عناوين بارزة ، فهم أنفلوا وسمموا وقتلوا وهجروا وأودعوا في المقابر الجماعية والى آخر ما في المشهد من عناوين مأساوية قاتمة ، ولذلك نراهم توجهوا الى الساحة مشاركين بكل عنفوان وأخلاص ، وخلافا مع الآخرين المتقوقعين في الصومعات الطائفية الصغيرة فقد وزعوا أصواتهم على كافة القوائم المشاركة في أنتخابات المجلس الوطني ، كوردية وشيعية وعلمانية وأخرى ، ولكن النتائج ظلت كما هي فلم يتغير شئ الا في الشكليات ، هنالك فيلية كورد في المجلس الوطني العراقي وأخرى في المؤوسسات التنفيذية والقضائية وهل هذا يكفي ؟ طبعا كلا ، الخطوط العامة لمعانات الفيلية لم يطرأ عليها أي تغيير ، مشكلة الجنسية العراقية ومشكلة الممتلكات المعلقة لحد الآن ومشكلة المهجرين وعشرات المشاكل الأخرى !!
من بين كل الأصوات التي تنادي بحق الكورد الفيلية داخل المجلس الوطني وخارجه هنالك صوت عال يخرج من حنجرة إمرأة فيلية تطرق كافة الأبواب وتتمسك بكل التلابيب وترنو الى كافة الآفاق من أجل تحريك الملف الفيلي وفض الغبار عليه ، تلك هي النائبة سامية عزيز التي لم تسلم حتى من يد الغدر ، يد الأرهاب التي طالت ذويها في عقر دارهم ونالت من أفراد كانوا في عنفوان الحياة والعطاء العلمي ولكنها لم تترك السير في القافلة ولم تفقد الأمل يوما ، فما علينا نحن ، نحن الكورد والعرب والتركمان والآشوريين جميعا أن نؤازر هذه المرأة ونقتفي أثرها وهي تعدو في طريق وعر لا زهر ولا ورد فيها سوى الأشواك ، فمن واجب الجميع أن يعمل على رفع الحيف عن الفيلية ، نوابا في البرلمان ، وزراء وموظفون في الدولة ، صحافيون وكتاب ومثقفون ، أن يعملوا جميعا وبجد وعقل عملي وبخطة عمل شاملة ذات أبعاد زمنية ومكانية واضحة المعالم ، فالمجلس الوطني العراقي مطالب بتقديم هذا الملف وتحريكه من المؤكد أن الجميع يسره مثل هذه الخطوة ومن المؤكد أن الاطياف والقوائم المختلفة في المجلس الوطني ستساند هذه الخطوة وتؤيده ومن المؤكد أن الملف الفيلي لا يلزمه الا القليل من العمل المخلص لننطلق الى ملفات أخرى .
إذن لماذا الأنتظار ؟؟[1]