قصة التهجير للكورد الفيليين، جاسم الخيبري ابو زهراء
يصادف شهر نيسان من كل عام ذكرى تهجير الكرد الفيليين مع اخرين من العراقيين بحجة التبعية وانهم من اصول ايرانية .
فبدأت قصة التهجير من بداية شهر نيسان واستمرت لسنوات عديدة وكانت الذروة في ذلك الشهر ثم اصبحت متقطعة في السنوات التي تلت .
انها مأساة انسانية حقة لم تسلط عليها الاضواء الاعلامية كما ينبغي .
فهل يوجد شيء في تأريخ البشرية مماثل ، عندما تُهجر اقوام كاملة بداعي اصولها القومية والعرقية ؟
هل للعِرق دخل في معادات مواطنين يعيشون في بلد متعدد الاعراق ؟
هل هناك قانون عالمي يجرم المنتمين الى عرق معين ؟
تساؤلات كثيرة يطرحها ضحايا التهجير
ولكن لا مجيب
فأنصار النظام البعثي وشركاءه في الجريمة اسدلوا الستار عليها …لانها تكشف وحشية نظامهم البعثي ورئيسة الطاغية المجرم صدام .
وخصوم البعث وضحاياه تنافسوا على حصر الظلامة بفصيلهم دون غيرهم ، لاسباب كثيرة .
وضحايا التهجير توزع ولائهم وتشتت بين هؤلاء الضحايا ، ومن حاول منهم ان يستقل بالتذكير فأنه قد وجهه دعوته بإنتماءه لاهداف خاصة .
ولم يبقى منهم من يرفع راية ظلامة المهجرين الا من ليس له حول ولا قوة ، ولا يملك اللسان السليط والقلم الباشط ليخط اسم الظلامه على حائط الزمن ، ولا يوجد رسام يملك ريشة الفنان البارع ليظهر مواجعهم .
فضاعت صرخات الام على ابنها الشاب الذي اخفته سجون النظام ثم مقابره .
فأسكت الزمن بكاء الطفل على امه لطول فترة غياب الام وتجاوزه مرحلة الطفولة وان كانت باقية في داخله .
وانقطعت ضحكات الطيبون بوجوم الحزن الذي خيم على وجوه المهجرين .
اختنقت عبرات الكبار في صدورهم وانكسرت على بلد فارقوه واحبة تركوهم حياء وخجل ان يقال عنهم كبار وتبكون وقد قتلتهم تلك العبرات كمدا .
الا النساء فقد اخذن وقتهن الكافي في البكاء وقد اطلقن صرخاتهن في العراء ولكن لا سامع ولا مجيب .
املاكهم تلاعب بها السراق والغاصبون وعلى مزاجهم يحللون ويحرمون .
تعليمهم انقطع واصبحوا الاخرون يعيبون عليهم بأنهم انصاف متعلمين .
اوطانهم تعددت ، واهوائهم تبدلت ، تواصلهم مع اهلهم اختلت ، وتفضلت شبكة التواصل الاجتماعي لتجمع بينهم .
انها شريحة كاملة تمزقت وتفتت .
تنتظر من يجمعها بمحبة شفهية وقبلات عفوية ليظلهم بوشاح ابيض من الخيال ليرد لهم الاعتبار ويضع لهم صورة تجسد مأساتهم .
اين الفانون والقاصون والروائيون ليطرزوا على وجه الزمن قصة التهجير الظالمة والانسانية الغائبة .
اين مدعي حقوق الانسان الذي يجوبون العالم ويبحثون في التأريخ عن حق ضائع ومصير مجهول لشخص معين عفى عنه الزمن .
ها نحن الاكراد الفيلية المهجرون نناديكم ونصرخ عليكم من الزمن القريب لا من عمق التأريخ ، شخوصنا حاضرة وآثارنا باقية .
ضعونا في حسابكم كطفل ضائع او امرأة اعتدي عليها ، فموتانا الذين سقطوا في طرق التهجير وسكنت اجسادهم في بطون الحيوانات تنادينا ان اذكرونا .
فسلام على الاطفال الذين فقدوا حنان الام
وسلام على الشباب الذي دفنوا في مقابر ولم يعثر عليها .
وسلام على الامهات التي انتظرت طويلا ابنها الشاب فمنهن من غادرت الدنيا حزينه ولم تكحل عينها بلقاءه ومنهن في الرمق الاخير من عمرها تنتظر شم عظام ابنها قبل ان تفارق الحياة .
وسلام على الآباء الذين ماتوا من صدمة الغربة وبُعد الاحبة والاخوة والابناء .
اغيثوا بقايانا بلمسة حنان لانريد منكم درهما ولا دينار .
فان مأساتنا قتلتنا وستقتل الاحياء منا
اذكرونا في شهر تهجيرنا.
جاسم الخيبري.ابو زهراء
[1]