فرصة الكورد الفيليون في كتابة تاريخهم
بمناسبة صدور كتاب الاستاذ الدكتور اسماعيل قمندار “اللهجات الكردية الجنوبية”و بذل المؤلف من أجله عدة عقود من حياته والذي يؤكد في مقابلة له ” وأنا أشعر بالتزام أزاء طائفتي التي عانت ما عانت، وتحدت ظلم الحكومات البعثية والصدامية منذ 1963، وهي التي لم تبخل بإسهاماتها مع بقية اشقائهم العراقيين من كرد وعرب في السعي من أجل ازدهار بلدهم.”و الذي طرح دراسة النظام القواعدي لفروع ولهجات عشرات المدن والمناطق الكردية الجنوبية غير المطروقة أو المدروسة في معظمها، مثل كرمنشاه ،خانقين، مندلي، إيلام، ، وكلام عشائر مثل كلهر، وملكشاهي، واركواز، وبيري، وكردلي، الخ دفعني لكي اشد على يده واقدم خالص شكري وتقديري لجهوده القيمة في دارسة جانب مهم من جوانب حيات الفيلية وهي اللغة التي يتحدثون بها ويعد الكتاب من أضخم الدراسات الميدانية في مجال اللغات واللهجات الكردية والإيرانية.وقد سبق وان كتب اخرين في مجالات اخرى من حياتهم .لقد بذل العديد من الكتاب الفيليون والغير فيليون في كتاب تاريخ كان غائباً عن حياتهم ولغتهم وثقافتهم وحضارتهم كانت مجهولة إلا ما ندر من الكتابات المتفرقة والتي تطرقوا الى جوانب من تاريخهم او لغتهم في كتب مثل الاستاذ علي حاج كرم علي في كتابه واقع الكورد الفيليون في العراق دراسة تاريخية سنة 2012 او الكورد الفيليون بين الماضي والحاضر للاستاذ احمد ناصر الفيلي والكورد الشيعة في العراق للسيد حسين الحسيني الزرباطي والشيعة الكورد –الكورد الفيلية للاستاذ الدكتور محمد سعيد الطريحي طبع في دمشق…الخ وفي هوامش المواضيع التي كانت تسرد عن تاريخ الكورد الفيليون اما ان تكون تاريخية غير متكاملة او سياسية لجهة معينة والبعض الاخر استنساخ اكثر منه من جديد ولم تنشد الاقلام إلا خلال الاعوام الاخيرة في طرح البعض من الكتب حول جوانب من حياتهم واشهر كتاب مستقل ظهر هو كتاب للمرحوم نجم سلمان مهدي الفيلي وبجهود مضنية ولم يرى الكتاب النور في زمن حياته التي كان يتامل ان يطبع الكتاب فيها اي بوجوده . وقد قام احد الاخوان بشراء النسخة الاصلية بمبلغ زهيد جداً لانه كان في عيشة ضنكا والمرض اخد منه المأخد وسمي الكتاب ب ( الفيليون) وصدر في السويد وكتب المقدمة المرحوم الاستاذ جرجيس فتح الله وصدر في السويد عام 2001.وهذا لايعني ان هناك نكوص بل هناك محاولات خلال 15 عام في محاولات وكتابات لا يمكن انكارها ابرزت اجزاء غير متكاملة من حياة هذه الامة التي تحتاج الكثير من اجل بيان خفايا تستحق ان تُذكر فيها خصوصيات حياتهم وتاريخهم باسلوب حضاري غير متعصب بعد ان توفرة الظروف.
وكانت هناك محاولات بسيطة للشهيد محمد حسن برزو ابوسلام في سنة 1954 خلال معايشته في مدينة ايلام والمدن المجاورة لها بعد الابعاد الذي اصابه نتيجة مضايقة الدولة لنشاطه ضمن الحركة الكوردية في ذلك الوقت في اصدار كراس صغيرلا يتجاوز صفحاته عن 40 صفحة كما كان للاستاذ المرحوم احمد امين زكي اشارات له في كتابة كورد وكوردستان تحدث بشكل موجز عن الكورد الفيلية مشكوراً .والبعض الاخر كتب باللغة الفارسية ضمن الدراسات جامعية ومراكز الدراسات الاستراتيجية ايضاً خلال القرن الماضي .
اما الان فلاشك ان التنوع وتعدد وسائل الاتصال الاعلامية اعطت المجال الاوفرلايجاد واتاحة الفرصة لبيان ما اخفته القرون الماضية عن حياة هذه الامة والتي فرضتها الحكومات المتعاقبة على دول المنطقة من تحديد حرية الراَي بكل السبل وعدم اتاحة الفرصة للطاقات السياسية والاجتماعية من الظهور والحركة بحرية للتعبير. والقيادات الحاكمة وفرض القيود على الناس وتحجيم دورها وعدم اعطاء الحق للاستفادة من تلك الوسائل بالمطلق لبيان تاريخهم وللمطالبة بحقوقها وطرح الافكار من اجل عدم الضياع والتشتت وطرح اهدافهم بحرية عن ارائهم ومبادئهم ..واليوم الكورد الفيليون لهم الحق مثل بقية المكونات لاثبات وجودهم بعد الانفتاح الذي حصل في الاعلام عن طريق تلك الوسائل اولاً والمختلفة شكلاً ونوعاً واسماً لبيان الاستراتيجية الواقعية التي تلبي طموحاتهم وتسهل الوصول للاهداف التي يرمون تحقيقها ثانياً. ان الاعلام احدى الطرق الواسعة المعالم والايجابية والمتاحة للتلاقح وتبادل الافكار والاراء والتشاور والترويج لفعالياتهم ونشاطاتهم ولبيان دورهم في المجتمع مثل غيرهم من المكونات على ان لاتكون الغرض منها فرض النفوذ والارادات وحتى المعتقدات ولاضير في ان يدافع المكون عن وجوده وهويته من الانقراض والضياع والكورد الفيليون اليوم وبعد تلك السنوات العجاف قبل سقوط النطام البائد والمعانات والويلات والمحن وما نجم عنها من اثار مقيتة وقاسية وقيود ثقيلة سياسية واجتماعية وقانونية وقطعاً ان الاوضاع الحالية الني يمر بها البلد والفوضى العارمة التي حلت بظلالها على العملية السياسية زادت الطين بلة من اجل نيل الحقوق المادية والمعنوية لهم رغم توفر (الغطاء القانوني )إلا ان العبثية الموجودة تبقى عائقاً دون الحصول على حقوقهم المشروعة بشفافية وادراك واقع المطالب وحماية الصرح الفيلي من الهدم وبيان هويته الخاصة والمتميزة والتشتت كان الحاجز امام تحقيق الطموحات للوصول الى الاهداف.
ان الكثير من الكتاب الاعزاء من غير الكورد الفيلية قد سقوا عود شجرتهم وديمومة تاريخهم ودافعوا بكل شجاعة عن حقوق الفيلية وبينوا مظلوميتهم ومعاناتهم بالوسائل الموجودة من خارج الامة وداخل الامة وبكل اباء ولها التقدير والاعتزاز. إلا ان للامة الفيلية الحق في امتلاك ادوات اعلان خاصة بهم تمثل هويتهم وتاريخهم وحضارتهم وثقافتهم مثل بقية المكونات والاطياف العراقية جميعاً فقد توفرت لهم الفضائيات والقنوات الخاصة بهم ولهم اهتمام جزئي بقضية الكورد الفيلية لاتمثل الطموح ولاتفي بالغرض المطلوب ابداً فعلينا الاهتمام وتوحيد الكلمة من اجل رص الصفوف ووحدة القوى لاجل وضع اللبنة الاولى لمشروع وصرح حضاري متميز يمثل هذه الامة وكيانها. رغم تقديرنا لما هو موجود ويجب علينا مؤزارة كل خطوة طيبة وتقديم كل ماهو ممكن من اجل نجاحها وبكل الامكانات المتوفرة لانها تمثل منطلق حريص لتنوير العقول ومعلماً حضارياً يىبقى للتاريخ والعمل على استثمار هذه المشاريع بالشكل الامثل لتطوير المجتمع وتعرية الذين يريدون السوء بالامة الفيلية المظلومة والدفاع عن تاريخها وثقافتها وامجادها.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي فيلي!
[1]