المرحلة تفرض على الكورد خطوات سياسية محدودة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4740 - #06-03-2015# - 13:53
المحور: القضية الكردية
تشابكت الاحداث و تقاطعت مصالح، بينما التقت اخرى في خضم الصراعات و الاحترابات الكبيرة التي حدثت خلال مدة قصيرة جدا، قياسا بالتي حصلت من قبل خلال مراحل متلاحقة من التغييرات البطيئة التي شهدتها المنطقة نتيجة تاثرها بالتغييرات العالمية، او ما شاهدته من الانقلابات او المفاجات التي حدثت في دول منطقة الشرق الاوسط نفسها .
لا يشك احد في امنية الكورد في الحصول على دولتهم المستقلة كيفما كانت، الا ان الظروف الموضوعية التي فرضت نفسها دعت الكورد ان يعيد النظر في امور كان لهم النية في المضي نحوها و ليس بالامكان تحقيقها في ظل الواقع الموجود، لذا نرى ان الحد من التطلعات و الخفض في مستوى المتطلبات وصل لحد الشعارات التي انخفضت مستوياتها و هي تعبر لما يمكن ان نعتبرها اهدافا و احاسيسا وطنية اكثر من القومية، و هذا ما نشهده في كوردستان الغربية و الشمالية، اما الشرقية التي هي على حال استثنائي نتيجة تعالي المؤشرات و الثقل السياسي لايران في المنطقة لم تحرك ساكنا لحد اليوم .
الصراعات على اشدها و كثرت الاوراق بيد جميع الاطراف المتصادمة مع بعضها، و كل منهم يحمل ما يمكنه من تلك الاوراق في صراعها امام الطرف او الاطراف المقابلة لها من اجل النيل من غرمائه و الاهم لديه هو الخروج من المعمعة الموجودة اما باكبر ربح او اقل خسارة ممكنة .
القوتان المتمثلتان براسي المحورين المتصارعين لهما تكتيكاتهما التي يتكئان عليها من اجل عبور المرحلة دون المساس باستراتيجيتهما، و دخل داعش كهمزة وصل لكل منهما و وفٌر الحجة المنطقية لتدخلهما من اجل اهداف اخرى غير محاربة داعش ذاته، و هكذا استفاد المحوران على حد سواء في تدخل داعش على حساب شعوب سوريا و العراق و من فيهما من العرب و الكورد و من المسيحيين و الايزيديين و المسلمين ايضا .
اصبح الكورد وسط الزوبعة فجاة و ليس امامهم الا التواصل و اتخاذ مواقف ليحموا انفسهم من العواقب الوخيمة التي يمكن ان تصيبهم و نضالهم، لو لم يتحركوا ساكنين، بل اصبح تدخلهم و مقاومتهم فرضا عليهم مجبرين لحماية النفس و الابتعاد عن الهلاك و الانصهار .
مشكلة الكورد انهم في موقع استراتيجي يربطهم مع الدول الاربعة اصحاب المشاكل الكبرى و المتصارعين او المتحالفين مع البعض، و ليس للكورد في صراعات هؤلاء ناقة و لا جمل، بينما هم يحاولون استغلال الكورد و يستخدمونهم كوقود للمعارك ايضا، ليس الا من اجل تحقيق مآربهم الخاصة، و لم يتضرر من تلك الاحترابات الا الكورد بدرجة اولى .
ان القيادة الكوردية لازالت في مكانها ساكنة مصدومة غير مستوعبة لما يجري، انها لازالت تفكر و كانها في مرحلة النزاع المسلح الذي ابتلت به بلاءا حسنا في الجبال، و لكنها اليوم غير مدركة لما تتطلبه السياسة المدنية و السلطة المدينية و العلاقات الدبلوماسية، و هي تعلم انها ليس لها صديق مخلص في المنطقة .
تغيرت الاثقال بعد بروز داعش و استفادت الاطراف منه العديد من الاطراق، هذه ايران نراها كيف بسطت نفوذها بشكل لم تحلم بها من قبل، و تلك تركيا التي سايرت داعش او وقفت متفرجة وان لم نقل انها ادارته بشكل غير مباشر و وقفت ضد غريمها في الاماكن التي تعتبرها خط احمر لمصلحتها، و ارادت ضرب منجزات الكورد في كوردستان الجنوبية بعدما ادعت صداقتها على الرغم من استفادتها منهم اقتصاديا و وصلت حد يعتبر البعض انها تستحلبهم نتيجة تدخلها الفاضح لدعم طرف ضد اخر داخليا في نزاعاتهم و صراعاتهم، و ما تريده تركيا و هو كاول هدف استراتجي لديها، هو لجم الحزب العمال الكوردستاني دون تحقيق اهدافه باي شكل كان .
اليوم و بعد اكثر من عقدين من تحرير كوردستان الجنوبية، نرى ان التحولات و ما استجد على الساحة في هذه المنطقة فرضت على الكورد تراجعا كبيرا في مسيرته، بعدما لم يستغل ما توفرت لديه في تلك الفترة الذهبية من فرص كبيرة في تحقيق العديد من الاهداف الاستراتيجية التي كانت بامكانها تحقيقها دون ان يتضرر من خطواته التي كانت بامكانه ان يخطوها، لو توحد داخليا و ابتعد عن الاحتراب و الصراع الداخلي و ما دفعه على الولاء للطرف الخارجي وليس ما يهم الشعب الكوردي .
اليوم، لا يحسد احد موقف الشعب الكوردي رغم استبساله في الدفاع عن النفس والانسانية و علا صيته و عرف عنه اكثر عالميا، و لكنه ابتلي بشرور مجيء داعش و دخل في حرب ليست له و لم توفر له اي طريق للتقدم نحو تحقيق اهدافه، و ما نراه انه يتجه نحو خطوات سياسية محدودة جدا، و ليست بمقدار التضحيات التي قدمها في سبيل تحقيق تلك الامنيات التي يحملها الشعب الكوردي . اي الظروف الموضوعية هي التي دفعت الكورد الى تحديد مساره و تضييق تطلعاته السياسية و الانكفاء و التوقف في التقدم لتحقيق امنياته و اهدافه.[1]