بمناسبة حلول السادس عشر من آب، والذكرى الرابعة والسبعين لتأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني أتقدم بأحر التهاني والتبريكات إلى عوائل الشهداء الكرام والبيشمركه البواسل وعموم أعضاء ومؤيدي و كوادر الحزب و جماهير شعب كوردستان.
لقد كان تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني إنعطافة مهمة في تأريخ الحركة التحررية الكوردستانية، لذلك أصبح مدرسة وطنية للمناضلين الكورد. وكان الهدف من تأسيسه في تلك الظروف الصعبة هو الإبقاء على الروح السياسية الكوردية حية، وتعزيز ثقة الفرد الكوردي بذاته. كما كان الحزب الديمقراطي الكوردستاني في كافة المراحل طرفاً رئيسياً ورمزاً للدفاع عن الحقوق المشروعة لشعب كوردستان، وقد أثبت ذلك قولاً وفعلاً. وكان على الدوام موضع أمل لشعب كوردستان، وفي ذات الوقت كان علامة وهدفاً لمؤامرات وخطط الأعداء والحاقدين على شعب كوردستان .
هذا العام ، ونحن إذ نتذكر السادس عشر من آب، يواجه شعبنا تحديات وعقبات كبيرة، ويواجه كوردستان مشكلات إقتصادية وصحية والمؤامرات المختلفة للحاقدين. وتلك العقبات والتحديات والمؤامرات تجعل واجبات الحزب الديمقراطي الكوردستاني وقيادته وكوادره وإعضائه ومؤيديه أصعب من أي وقت آخر. وفي سبيل تجاوز هذه الأوضاع الصعبة من الضروري أن يكون مسؤولي وكوادر حزبنا على المستوى المنتظر منهم بين الجماهير، وأن يصبحوا عوامل لمعالجة مشكلات الأهالي، كما أنه من الضروري أن يتذكر كل المنتمين الى الحزب أنهم يتحملون المسؤولية الرئيسية في الحفاظ على إقليم كوردستان وإزدهاره، وأن يبذلوا جهودهم أكثر من الآخرين في سبيل كوردستان أقوى .
في هذه المناسبة نؤكد على رسالة التعايش والتعددية السلمية بين الكوردستانيين، لأن أحدى الواجبات الرئيسية للحزب الديمقراطي الكوردستاني هى الحفاظ على التعايش بين المكونات الدينية والقومية في كوردستان والمحافظة على السلم الإجتماعي والسياسي بين الكوردستانيين .
وبشأن العلاقات بين أربيل وبغداد، نؤكد أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني طوال تأريخه النضالي والسياسي لم يرفض التفاوض، وأراد معالجة المشكلات بالتفاهم والطرق السملية. وفي الوقت الحاضر، نؤكد على الإستمرار على ذات النهج، وعلى أن نضال الحزب الديمقراطي الكوردستاني سيكون مع المناضلين والوطنيين الكوردستانيين في سبيل تثبيت الحقوق الدستورية لشعب كوردستان، وفي سبيل التصدي للفكر والعقلية التي تريد تهميش نضال وتضحيات شعب كوردستان وشراكته ضمن دولة العراق. أو الذي يريد إفراغ كيان إقليم كوردستان، الذي هو ثمرة مئة عام من دماء مئات الآلاف من الشهداء ودموع مئات الآلاف من أمهات الشهداء، من معناه الحقيقي . ندرك جيداً أن الموجود حالياً لايتناسب مع مستوى التضحيات الجسام والتطلعات التحررية لشعبنا. مع ذلك كله، نعتقد أنه مع السيد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء الحالي للعراق والذي لديه تفهم لقضية شعب كوردستان، مازالت الفرصة سانحة لمعالجة المشكلات بين أربيل وبغداد في إطار الدستور وتوصل الجانبين الى نتائج مرضية. ذلك الدستور الذي لو تم تطبيقه كما هو لكانت الكثير من المشكلات غير موجودة الآن بين أربيل وبغداد.
في الذكرى الرابعة والسبعين لتأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني نعيد الى أذهان الكوردستانيين الأعزاء أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني نتاج لوحدة الإرادة النضالية للكورد، ولم يولد نتيجة إنشقاق، لذلك هو رمز ومركز للوحدة ووحدة إرادة شعب كوردستان . ومن هذا المنطلق، ولأنه يؤمن بأن كافة الإنتصارات والمكاسب المتحققة لشعب كوردستان قد تحققت عندما كان الوئام والتآخي قائماً بين الأطراف الكوردستانية، فهو مستعد دوماً للتآخي والسلام ووحدة الصف .
كما أدعو الحزب الديمقراطي الكوردستاني والأطراف السياسية الكوردستانية أن يعملوا معاً بروح الإخوة، ويتحملوا المسؤولية في سبيل تجاوز التحديات والمشكلات التي تهدد إقليم كوردستان . وأريد أن أؤكد على حقيقة أهمية الرواتب في حياة المواطنين، وعلى ضرورة تعاون الجميع في سبيل الإصلاح العام في إقليم كوردستان والعراق ومعالجة المشكلات ومحاولة تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، مع عدم ذلك هناك مشكلات أساسية خطيرة أخرى لايمكن تجاهلها أو القبول بها كمبدأ الشراكة وتنفيذ الدستور والمادة 140 والبيشمركه وسياسة التطهير والتغييرالديمغرافي، وكل ذلك لها أولوية وأهمية خاصة، ولايمكن إختصار مشكلات شعب كوردستان في الرواتب فقط.
عملية التعريب في المناطق الكوردستانية التي بدأت في القرن العشرين ، للأسف، مازالت مستمرة بطرق مختلفة، يجب إيقاف تلك العملية الغادرة بأسرع وقت ومعالجة ذلك التطهير والتعريب والتغيير الديمغرافي الذي تم تنفيذه ضد الكورد في المناطق الكوردستانية التي تقع خارج إدارة الإقليم . كما أرى من الضروري أن أدعو القوى الكوردية في الأجزاء الأخرى الى مراعاة أوضاع إقليم كوردستان، وعدم التحول الى عوامل لإلحاق الأذى بإقليم كوردستان، لأن شعب كوردستان لم يعد يتحمل المزيد من الخسائروالقصف والمشكلات الأخرى. كما أدعو دول الجوار والقوى الكوردية الى إحترام سيادة إقليم كوردستان والعراق، وأن لايحولوا إقليم كوردستان الى ساحة للصراع بينهم .
في الختام، أوجه التهاني مرة أخرى الى عموم أعضاء ومؤيدي وكوادر الحزب و شعب كوردستان الكريم، وأذكرهم بقول حضرة البارزاني الخالد، أن لايصابوا بالغرور أثناء الإنتصارات وأن لايصابوا باليأس خلال النكسات. كما أدعو عموم أعضاء ومؤيدي وكوادر الحزب أن تكون أمانيهم وأرادتهم قوية، لأنهم أرادة وأمل جميع شعب كوردستان، ويجب أن يكونوا سنداً لبعضكم، ومؤيدين ومدافعين عن المظلومين الكوردستانيين، وجميع الذين يحاولون إسقاط الحزب الديمقراطي الكوردستاني يعلمون جيداً أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ملك للشعب وحزب لاينحني ولايسقط أبداً .
أتمنى السلامة والسعادة لعموم مواطني كوردستان الأعزاء
مسعود بارزاني
16/ آب/ 2020