هل رفع العلم الكوردستانی مفتاح لحل القضية الكوردية ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5475 - #29-03-2017# - 00:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
المعلوم عن ما مر عبر الثورات الكوردستانية السابقة، ان مدينة كركوك كانت عائقا كبيرا امام الحلول بين الكورد و المركز لاهميتها السياسية و الاقتصادية، و عدم استناد المركز على الحقائق التاريخية لفض المشاكل و فك التعقيدات و حل التشابك الذي حصل جراء الخلافات التي انبثقت من النقاشات المستفيضة التي حصلت في المفاوضات المتعاقبة بين بغداد و حركات التحرر الكوردستانية و الاحزاب الرئيسية الكوردية بمختلف مشاربهم . من تضرر من التعنت في القضية و عدم التنازل من قبل الطرفين عن بعض التوجهات و تجاهل الحل الوسطي نتيجة قوة المركز دائما و انعدام ارادة الحل الصادقة لديها ادت الى تعقيد الوضع اكثر و تضرر منها الطرفان و ليس الكورد لوحدهم كما اعتقدت الحكومات العراقية المتعاقبة من عدم تعقلهم في التعامل مع القضية او غرورهم في العمل .
لا نريد ان نعود الى ما كانت عليه الحكومات المركزية العراقية من حيث الفكر و العقيدة و نظرتهم الى القضايا المصيرية و مدى جديتهم في حلها، لان هذا المقال لا يمكن ان يستوعب تلك الاسباب بل كُتبت و ستُكتب حول ذلك الكتب العديدة من قبل العديد من المفكرين و الكتاب المعتبرين، الا ان النقطة البارزة المشتركة في عدم الوصول الى الحل النهائي هو وجود النظرة الاستعلائية من قبل المركز الى الحركة التحررية الكوردية و الكورد بشكل عام دائما، و محاولتهم في التماطل و التربص بهم من اجل الانقاض على حركاتهم بالقوة و عدم التجاوب مع متطلباتهم، ومن اجل لتمضية الوقت من اجل تحقيق مرامهم المدفون في التواصل على محاولة مسحهم و تعريبهم، كما حصل في المناطق الكوردية المحاذية لوسط العراق العربي طوال فترة السلطات المركزية منذ ناسيس الدولة العراقية و الحاق مدن و قصبات كوردستان به عنوة و دون اخذ برايهم باي شكل كان .
المعلوم ان الدولة العراقية انبثقت نتيجة اخذ مصالح القوى العالمية الاستعمارية و اخذ مراكز هذه الدول في الاعتبار فقط من حيث الجانب السياسي الاستراتجي و الاقتصادي . و بعد، كلما كانت السلطات المركزية متطرفة تضرر منها الكورد اكثر على الرغم من عدم خفوت جذوة الايمان باحقية الكورد في تحقيق مصيرهم لدى الشعب الكوردي طوال نضاله المرير و تضحياته الجسيمة في ذلك الطريق الصعب للوصول الى غايته الانسانية قبل الاهداف السياسية . احس الكورد منذ تاسيس الدولة بالغدر و الغبن لعدم استفتائهم عن رايهم في بناء دولة اُقتحموا فيها اجحافا بحقه نتيجة منعهم من تاسيس دولته الخاصة نتيجة طموعهم على الرغم من توفر المقومات الاساسية لبنائها، و الانكى من ذلك توزيعهم على اربع دول مجاورة دون وجه حق .
ان المناطق الكوردستانية المستقطعة التي سميت بعد سقوط النظام في بغداد و اقرار الدستور بالمناطق المتنازعة عليها، كانت هي السبب الاكبر او الاول لفشل المفاوضات السابقة بين الحكومات العراقية و الحركات التحررية الكوردية، لذلك كانت هي مشكلتها و هي العائق الاكبر في تجاوز الخلافات التي بقت لحد مابعد السقوط . كانت للحكومات المركزية امكانية و قوة و عمق دولة، وعليه تفاعلت و تعاملت، فارغمت هذه الحركات على النكسات باستعمال القوى العسكرية المفرطة لحد ضربهم بالاسلحة الكيمياوية، و ما فعلته باسم عمليات الانفال السيئة الصيت و هي السابقة السيئة الوحيدة لحد اليوم لحكومة تضرب ما تعتبره شعبها بهذه الاسلحة المحرمة دوليا . فان هذه المناطق التي اصبحت موضع الخلاف و ادت الى الثورات و اعتمدت هذه الثورات على العزيمة الذاتية و الخلافات بين الدول المجاورة التي انقسمت عليها الكورد، و لا ننكر ان هذه الدول استخدمت الكورد نتيجة استغلال نقطة ضعفهم كورقة ضغوط على الاخر من اجل تحقيق اهدافهم و منها التوسعية كما فعل الشاه مع الحكومة العراقية . اي النتائج التي ترتبت على اندلاع الثورات سواء باستمرارها او فشلها او الانتكاسات كانت هي السبب الرئيسي في عدم استقرار العراق و حتى الدول المجاورة نتيجة ما عندها من التشابه في هذه النقطة المشتركة لديهم، و بالتالي فان تراوح الوضع العراقي و عدم تقدمه و تمخضه في الدماء هو عدم الاعتراف بالقضية الكوردية و بعدم الجدية في البحث و التفاوض حولها، و تعامل معها المركز العراقي كقضية ثانوية على الرغم من انها كانت سبب الاسباب في تواصل الوضع المزري في العراق من كافة الجوانب ، عدا محاولات دول الجوار لمصالح ذاتية بهم في التدخل في هذا الشان و ان كان المركز العراقي قد حاول احيانا العمل على التوصل الى حلول ناقصة، نتيجة خوف هؤلاء من اوضاعهم المشابهة للعراق في هذه القضية، و لذلك ضغطوا على العراق بكافة السبل من اجل عدم التوصل الى الحلول النهائية ايضا .
اليوم و بعد التغييرات الكبيرة و القفزة النوعية من حيث الواقع السياسي الاقتصادي الاجتماعي في العراق و اقليم كرودستان، فوصلنا الى مرحلة يمكن ان تكون متنقلة بشكل كبير و ربما تحصل انعطافة كبرى و يمكن ان تنقلع معها الكثير من الثوابت التي كانت اكثرها مضرة ايضا بالشعوب العارقية من كافة الجوانب، فان التهيئة و ترسيخ الارضية لحل القضايا الملحة عمل ضروري من اجل الانقطاع عن الماضي الاليم او ازاحة السبب الرئيسي في استمرار الحال المزري السياسي لعقود اخرى، و القضية الكوردية هي اولى الاولويات لكل سلطة مركزية عراقية عاقلة مفكرة بكل ما لديها من الخبرة و معتبرة من التاريخ، فعليها ان تتعامل مع القضية الكوردية كحل و لتوفير مقومات و عوامل لاستقرار الدائم في العراق . فان كانت كركوك و المناطق المتنازعة عليها عامة هي السبب الرئيسي في فتح ابواب الحل امام القضايا الاخرى و منها القضية الكوردية بشكل خاص فان فتح الباب بعقلانية بداية لدخول الغرفة المضيئة و استهلال لمرحلة منقطعة عن ما كنا عليه في المراحل التي استمرت فيها هذه القضية الشائكة .
اليوم الواقع هو الذي فرض خطوة رفع العلم الكوردستاني في كركوك و على الجميع النظر اليه بتاني و صبر و بعمق و من منظور كيفية ايجاد الحل النهائي للقضية الكوردية و مستحقات الكورد التاريخية وليس من دوافع سياسية مرحلية او بدوافع حزبية او مزاديات مختلفة او مصلحية بحتة او من نظرات دول الجوار و ما يهمهم هو مصلحتهم الضيقة على حساب الشعب العراقي الذي يسيل منه دم منذ عقود جراء بقاء هذه القضية على حالها دون حل . فليكن رفع العلم الكرودستاني بداية التعامل العقلاني مع الواقع الجديد و مع ما يمكن ان يفتحه هذا المفتاح من باب التعامل مع الحل النهائي للقضية الاهم في العراق و هي القضية الكوردية بشكل عام، و نحن نعلم و كما ننظر الى ما نحن فيه الان و كما علمتنا الحياة فانه لا يمكن ان يصح الا الصحيح في النهاية مهما تطلب الامر من وقت او تضحيات، و عليه يمكن ان نقطع دابر الشرور و نمنع سكب الدماء بعقلانية و قيادات يعتبر من التاريخ و ما وصلنا اليه من المركز كان او اقليم كوردستان .
و عليه فان الوقت ان تاخر في ايجاد الحلول النهائية للقضية الاهم فيمكن ان يبدا الحل النهائي للقضية بشكل عام من رفع العلم الكوردستاني من كركوك و اعتباره مفتاح لبيان النوايا الصحية لحل كافة جوانب القضايا السياسية الساخنة بسلام و امان.[1]