السياسة ليست فن القتل
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4524 - #26-07-2014# - 19:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
كتب كاتبنا الكبير جواد البشيتي مقالا مرتجلا في الحوار المتمدن، و يبين في ما محتواه؛ ان السياسة ليست الا فن القتل في النهاية .
لتوضيح الامر، لا اريد عن اناقشه حول السياسة وتعريفاتها النسبية ايضا، وهي حسب كل جهة او صاحب التعريف و خلفيته، و لكن بكلام عام شامل، ان التعامل بين الناس وبحالة بسيطة طبيعية وفق خلفية يُراد منها حل المشاكل او ازالة العوائق دون الاعتماد على القتل و انهاء الاخر، هي السياسة بذاتها، اي الطريقة التي نتشارك بها مع الاخر في ادارة التواصل و لسير امور الحياة من البيت الى الشارع الى المجتمع الى الاحزاب و التنظيمات الى الدولة و باساليب مختلفة وفق سمات المحتكين او المتواصلين مع البعض في بقعة ما، و تطورت هذا المفهوم الى البحث عنه علميا بطرق شتى، و فن الممكنات لتحقيق الاهداف المطروحة و المضمونة و لضمان المصالح المختلفة هو اخر تعريف ملائم لها وفق وجهات النظر الكثيرة و من قبل العديد من المولعين بالمسميات و المفاهيم .
لنثبت عكس ما ذهب اليه السيد البشيتي، يجب ان نبرهن ان السياسة كعملية حوارية و سلوكية لتحقيق الاهداف بشكل سلميهي ما تمنع الحرب و بزوالها تبدا القتل، فان وصلت الحال لحد الاحتراب نخرج من ما يعنيه مفهوم السياسة، لا يمكن للجميع ان يسايس اي يتعامل مع الاخر و ان كان مختلفا بالتوافق و التراضي، وكما نسميه اليوم بالدبلوماسية، سواء كانت داخلية ضمن علاقات السياسيين ضمن منظومة سياسية معينة، او خارجية بين التركيبات و الدول .
هناا يمكننا ان نقول، ان الحيوانات المفترسة يمكن ان تقتل و تحارب و تحقق اهدافها بالقوة الغشيمة و الافتراس و لا يمكنها ان تسايس اولا و من ثم تصل الى حد الاحتراب بعد الفشل، ان كان الفشل في السياسة ادى الى قتل و احتراب فهذا ليس بمعنى ان نتيجة كل سياسة فشل، ان لم تحقق المصالح الاقتصادية، و السياسة ليست مبنية على المصالح الاقتصادية فقط، و انما التواصل الانساني النفسي و الاجتماعي و الروحي الذاتي و التعايش يمكن ان يكون قبل المصالح الاقتصادية، و ربما الخلفية الراسمالية هي التي تروج لذلك، و انها حقا تسايس لاجل مصالح اقتصادية ضيقة فقط و ان لم تحصل عليها بالسياسة و الدبلوماسية و بغرور فان اول وسيلة لها هي الحرب و القتل .
لم تصل الحضارات الى حالة الانسانية كخلفية فكرية كي نقول ان الاخلاق و التشريع و الشريعة لم تصل الى تحريم القتل،و ان التشريعات المبنية لحد اليوم وضعت بخلفيات فكرية ايديولوجية معلومة لدينا، و ان الانسانية كمفهوم لم نذق منها الا قليلا كفكر عصري لا بديل له في النهاية . و كلنا على اتفاق بان التحاور و ايجاد النقاط المشتركة هو الوسيلة المناسبة لارتقاء الانسان من كافة النواحي .
في مثل هكذا حالة، لا يمكن ان ندخل الى التشريعات الدينية لانها جاءت وفق مصالح اصحاب الدين و اهدافهم و كيف يبررون الافكار الخاطئة و ينفذون ما لصالحهم دون اي خلفية انسانية، بل ينفذون ما ينوون و هم غارقون في متطلبات الايديولوجيا باسم الدين او اي فكر ميتافيزيقي اخر ، و في هذا الحال القتل خطوة و عمل طبيعي عندهم، و لا يمكن ان نصف تلك المرحلة بانها وصلت الى عقلية الحوار و التفاهم و التسايس، و انما تقيم الذات من حيث امتلاك القوة من اجل فرض الراي و الموقف هو سمتهم . ما حدث خلال نشر الدين الاسلامي منذ تولده و ظهوره كما نعلم لم يختلف عن قبله لا بل الفتوحات و الانتشار استنادا على السيف ازاح السياسة عن الطريق، و ادخل الوحشية في نشر الفكر و لا اعرف هل كانت فيها فلسفة ام لا . لذا لا يمكن ان نبرر القتل باسم الشرائع و التي هي لا تمت بالسياسة بمعناها الصحيح بصلة تُذكر . و القتل قتل سواء كان للدفاع عن النفس او من اجل التوسع و فرض الشروط و الذات على الاخر، و السياسة هي فن الدفاع عن الذات و النفس بشكل يمكن ان تمنع حصول القتل و الحرب مع الاخر، فان الفشل في السياسة يجلب الحرب .
لا يمكن تسمية الحرب بانها عملية سياسية، بل انهاخارج ما يحمله هذا المفهوم في الباطن و الظاهر، و لا يمكن ان تصل السياسة الى الحرب عند من يفهما و من كان يؤمن بها كتعامل سلمي و دبلوماسي اولا و اخيرا . و ليس بالضرورة ان يوصلك العجز الدبلوماسي الى القتل و الحرب، فلا بد ان تكون هناك نافذة للتواصل و الحل و الاقتناع اية دون حرب او قتل، فمن يكون ناويا للحرب او القتل قبل السياسة فلا يمكن ردعه بالسياسة و الدبلوماسية . من كافة الحروب التي شهدتها العالم و من وراءها، نجد ان التعامل و الفكر السيء هو الذي اوصل الحال الى القتل و ليس السياسة . فالفاشلين هم من اخترعوا الوسيلة العسكرية و القتل للحصول على المراد او عدم النظر الى الحياة بما تتطلبه، و على العكس من الصحيح و من زوايا ضيقة بعيدة عن الانسانية مايوصل الحال الى الحرب . اي السياسة كمفهوم وعملية التعامل و التحاور و الدبلوماسية وهي في مضمونها فن لردع الحرب، و الا هل من الممكن ان نقتل الحصان ان لم نقدر على مسايسته؟[1]