تحدث رئيس اتحاد علماء الدين الإسلامي في إقليم كوردستان، الدكتور عبدالله ويسي، عن استفتاء استقلال إقليم كوردستان، ووجهة النظر الشرعية حيال حق الشعوب في تقرير مصيرها.وأكد الدكتور عبدالله ويسي في مقابلةٍ خاصةٍ مع شبكة رووداو الإعلامية، أن الله سبحانه وتعالى كفلَ لجميع شعوب الأرض الحق في تقرير مصيرها والعيش بسلام، وأن الهوية القومية اختارها الله بمحض إرادته لكل قوم من الأقوام، مشيراً إلى أنهم في اتحاد علماء الدين الإسلامي بكوردستان، لم يوفروا جهداً للتواصل مع المؤسسات الدينية المرموقة والمؤثرة في العالم الإسلامي، وأوضحوا لها وجهة نظر الشعب الكوردي وهدفه من إجراء استفتاء الاستقلال، وفيما يلي نص المقابلة: ,,
تحدث رئيس اتحاد علماء الدين الإسلامي في إقليم كوردستان، الدكتور عبدالله ويسي، عن استفتاء استقلال إقليم كوردستان، ووجهة النظر الشرعية حيال حق الشعوب في تقرير مصيرها.
وأكد الدكتور عبدالله ويسي في مقابلةٍ خاصةٍ مع شبكة رووداو الإعلامية، أن الله سبحانه وتعالى كفلَ لجميع شعوب الأرض الحق في تقرير مصيرها والعيش بسلام، وأن الهوية القومية اختارها الله بمحض إرادته لكل قوم من الأقوام، مشيراً إلى أنهم في اتحاد علماء الدين الإسلامي بكوردستان، لم يوفروا جهداً للتواصل مع المؤسسات الدينية المرموقة والمؤثرة في العالم الإسلامي، وأوضحوا لها وجهة نظر الشعب الكوردي وهدفه من إجراء استفتاء الاستقلال، وفيما يلي نص المقابلة:
رووداو: كوردستان تمر بمرحلة حساسة حالياً، أين موقع علماء المسلمين في إقليم كوردستان من الظروف الراهنة ومسألة إجراء استفتاء الاستقلال؟
عبدالله ويسي: أشكركم على إتاحة الفرصة للحديث عن إحدى أهم القضايا المشتركة بين الجانبين الديني والقومي، ولا شك في أن حق تقرير المصير هو أحد الحقوق المشروعة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لكل الأمم والشعوب، إلا أن الشعب الكوردي تعرض تاريخياً لظلم كبير على يد إخوانه، لا سيما على يد الإخوة العرب العراقيين، ومنذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 لم يكن بقاء الكورد ضمنها اختيارياً بل إجبارياً، لذلك قام الكورد بثورات كثيرة وكبيرة، وقدم الكثير من التضحيات من أجل إحقاق حقوقه المشروعة التي وهبها له الله سبحانه وتعالى الذي خلق الشعوب لتتعارف، والدليل على ذلك قولته تعالى: وجلعناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، كما أن الهوية القومية اختارها الله بمحض إرادته لكل قوم من الأقوام، وعليه فإن كوننا كورداً هي إرادة الله تعالى، والمحافظة على الهوية القومية هي حفاظٌ على صنعٍ من صنيع الله، ولا يوجد أي نص شرعي يتعارض مع أن يتمتع الشعب الكوردي بحق تقرير مصيره.
رووداو: شهدت السنوات الماضية الكثير من الأزمات، كيف ساهم اتحاد علماء المسلمين بإقليم كوردستان في تجاوزها، وما هي خططكم العملية بشأن الاستفتاء؟
ويسي: علماء الدين الإسلامي منذ انتفاضة 1991 وحتى الآن كان لهم دور في نشر ثقافة الانتماء الوطني والقومي في كوردستان عبر الندوات واللقاءات والمحاضرات، وكذلك خُطب أيام الجمعة، لأننا على قناعة بأن الهوية القومية يجب أن يكسوها اللباس الديني والعكس صحيح، فالقومية والدين متكاملان لا يُلغي أحدهما الآخر، وعليه كان لعلماء الدين دور بارز في كل الأزمات التي مرت بها كوردستان، وبعد إعلان القيادة الكوردستانية موعد إجراء استفتاء استقلال كوردستان، نظم علماء الدين العديد من البرامج والندوات والمحاضرات لتقديم النصح للناس وتصحيح بعض المفاهيم المشوهة التي يزرعها أعداء كوردستان بهدف عدم حصول الكورد على حق تقرير المصير، لذلك فإن جميع علماء الدين الإسلامي في إقليم كوردستان يؤيدون الاستفتاء وحق تقرير المصير، ويرون أن من واجب كل شخص المشاركة في هذه العملية الديمقراطية ويصوت بنعم للحصول على الاستقلال، لأن الدفاع عن الحقوق القومية وإعلان دولة كوردستان المستقلة هي إحدى المنح التي وهبها الله تعالى لكل الشعوب، ومن بينهم الشعب الكوردي، فهناك الكثير من الدول العربية، ولا توجد أي مشكلة في ذلك، وكما يحكم الأتراك والفرس والعرب أنفسهم، فإن من حق الكورد أيضاً أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، فكوردستان قُسمت ظلماً بين 4 دول.
رووداو: الرئيس البارزاني جدد التأكيد خلال لقائه بعلماء الدين الإسلامي بأربيل، أن الاستفتاء لا يتعلق بشخص معين، بل إنه يخص جميع الأحزاب والشعب الكوردي برمته، والاستفتاء ليس هدفاً، بل وسيلة لتحقيق الاستقلال، أنتم كرجال دين كورد، ما هو دوركم في هذا المنعطف الهام والمصيري؟
ويسي: كان لعلماء الدين عبر التاريخ دور كبير ومشرف في دعم الحركة الوطنية الكوردية، فمعظم قادة حركات التحرر الكوردية كانوا من رجال الدين، مثل الشيخ عبدالسلام البارزاني، قاضي محمد، الشيخ محمود الحفيد، ملا مصطفى البارزاني، وغيرهم الكثير، من جهة أخرى لا شكَّ في أن الاستفتاء ليس شعاراً لحزب أو طرف سياسي معين، بل إنه حق لكل مواطن كوردي، وعلى الشعب الكوردي برمته أن يدعم هذه الفكرة كوسيلة ممكنة للحصول على الاستقلال، وقرار الاستفتاء جاء بإجماع كافة الكتل الكوردستانية وغير الكوردستانية مثل الإخوة المسيحيين الإزيديين والتركمان في إقليم كوردستان.
رووداو: علمنا بجهودكم مع الدول العربية بخصوص مسألة الاستفتاء، هل تُطلعنا على ما أنجزتموه في هذا السياق؟
ويسي: بالتأكيد من واجبنا في هذه المرحلة إيضاح الصورة للمؤسسات الدينية التي تتمتع بمكانة رفيعة في العالم الإسلامي، من خلال الاجتماعات المباشرة معها وإيصال رسالتنا إليها، فقد زرنا شيخ الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، بالإضافة إلى مجمع البحوث الإسلامية في مصر، ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف الأردنية، إلى جانب المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورابطة العالم الإسلامي، وهيئة الفتوى في دولة الإمارات، وغيرها، كما استقبلنا الكثير من الوفود، كان آخرها وفد رابطة العالم الإسلامي التي تعبر مؤسسة دينية مرموقة تمثل الرأي الوسطي في الدين الإسلامي، وكان هدفنا هو إيضاح عدة نقاط لهم، منها أن العيش المشترك بين مكونات الشعب العراقي قد انتهى، وأوضحنا لهم أننا بدأنا صفحة جديدة مع الحكومة العراقية في عام 2003، إلا أن الحكومة العراقية استخدمت كل الوسائل السلبية مع الشعب الكوردي، كما شرحنا لهم سبب رغبتنا بإجراء الاستفتاء، وأننا لا نُكن العداء للشعب العربي، فهم إخواننا، بل إن مشكلتنا الرئيسية هي مع الحكومة العراقية الحالية التي تحاول تهميش الكورد وإقصائهم وحرمانهم من حقوق المواطنة، فنحن في العراق لا نعتبر أنفسنا مواطنين عراقيين لأننا لا نتمتع بحقوق المواطنة، وفضلاً عما سبق، فقد كان ردّ رابطة العالم الإسلامي على ما طرحناه إيجابياً، حيث كان رداً متفهماً للقضية الكوردية ومطالب شعب كوردستان.
رووداو: ثمة خطابٌ دينيٌ في العراق يناهض استقلال الكورد، هل استطعتم الرد على هذا التوجه بالحجج الشرعية؟
ويسي: الخطاب الديني العربي العراقي يتكون من جانبين، إما خطاب ديني سني، أو خطاب ديني شيعي، والذي يعتقد أن هيمنة الشيعة في العراق ستتضاءل بحصول الكورد على الاستقلال، وهم لا يعتمدون على استنادات شرعية في ذلك، بل إنها استنادات قومية وسياسية، ونحن بدورنا قمنا بالرد على جميع تلك الأصوات التي تستغل الدين لمحاربة الاستفتاء، أما الخطاب الديني السني، فلم نجد فيه ما يعارض استقلال كوردستان وحق تقرير المصير، لأن السنة وصلوا إلى قناعة تامة بأن التعايش المشترك في العراق قد انتهى، وهم في الوقت ذاته يتمنون الحصول على حقوقهم لأنهم ظلموا بشتى الوسائل وتعرضوا لأشكال الويلات والمآسي، حيث أن خطواتهم السلبية في الماضي قد أثرت على وضعهم الراهن، ومن جانبنا تحدثنا إلى المؤسسات الدينية السنية التي تتمتع بصوت مسموع سواء داخل أو خارج العراق، وأوصلنا إليهم وجهة نظرنا بخصوص الاستفتاء، وبشكل عام تحدثنا مع المؤسسات الدينية سواء داخل العراق أو خارجه من أجل إيضاح الرؤية الكوردية، ولماذا أقدمت القيادة الكوردية على هذا القرار، وأن الهدف هو الاستقلال ولا توجد أي عداوة مع الإخوة العرب.
رووداو: كيف يمكن تفعيل دور الدين في تحقيق التقدم بإقليم كوردستان في ظل التغيرات الجارية على غرار دول أخرى في المنطقة وعلى رأسها السعودية التي جعلت الإسلام أساساً لتطورها؟
ويسي: بالتأكيد أنا أفتخر بإحدى النقاط المهمة، وهي ضمان الحرية الدينية لكافة المعتقدات في العراق أكثر بكثير من بعض دول الجوار أو من الدول الأخرى، ونحن في إقليم كوردستان لا توجد لدينا أي مشكلة دينية أو مذهبية، حيث تتمتع كافة المكونات الكوردستانية بحقوقها الدينية دون استثناء ودون وجود أي معوقات، ونحن نوظف هذه الطاقات الدينية الموجودة في إقليم كوردستان بالتنسيق والعمل المشترك لإيجاد الحلول لأي مشكلة إن وجدت، كما أننا نفتخر بهذا التعايش المشترك بين المكونات والأديان في كوردستان، ونحن نهدف لدولة كوردستانية وليس فقط كوردية، وهذا يعني أنها دولة مواطنة تحمي كافة المكونات والأديان وتحفظ حقوقها، وهذا ما نسعى إليه بعد الاستقلال بإذن الله.
رووداو: هل لديكم آليات محددة لمحاربة الفكر المتطرف الذي وُلد تنظيم داعش وغيره من رحمه، وبالتالي منع تغلغل هذا الفكر في المجتمع الكوردستاني، خصوصاً فئة الشباب والمراهقين؟
ويسي: الشعب الكوردي أثبت عبر التاريخ أنه شعب مسالم، وأنه بعيد كل البعد عن الغلو والتطرف، فالفكر الديني في المجتمع الكوردي كان معتدلاً ووسطياً يحترم الآخر ويقبل به، والفكر المتطرف لم يلقى قبولاً في المجتمع الكوردي، وجميع محاولات التنظيمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة وغيرها فشلت في استقطاب الشباب الكوردي بفضل جهود علماء الدين والمؤسسات الدينية في إقليم كوردستان من خلال المساجد والندوات والمحاضرات والإعلام، بدليل أن نسبة الكورد الملتحقين بالتنظيمات المتطرفة ضئيلة جداً بالمقارنة مع باقي الدول والشعوب، وعندما هاجم تنظيم داعش كوردستان، أسسنا اللجنة العليا لمكافحة الفكر المتطرف، وشملت كافة المؤسسات والجهات الدينية بإقليم كوردستان، لأننا على يقين بأن محاربة الفكر المتطرف غير ممكنة عسكرياً، بل يجب محاربة الفكر بالفكر، وهذا ما فعلناه من خلال محاربة الفكر المتطرف لداعش بالفكر الوسطي المعتدل، وقد شملت ندواتنا ومحاضراتنا كافة المراحل بدءاً من رياض الأطفال ووصولاً إلى الجامعات، كما كانت جهود الإعلام مشكورةً في هذا الإطار، خصوصاً قناة رووداو التي لعبت دوراً كبيراً في إيصال الفكر الوسطي إلى المجتمع الكوردي، وإلى جانب ما سبق قمنا بعقد لقاءات مع من علمنا أنهم على وشك التأثر بالفكر المتطرف وزرنا الكثير من الأسر، وكل ذلك كان كفيلاً بإبعاد الشباب الكوردي عن الفكر المتطرف، وسنستمر في ذلك حتى بعد انتهاء تنظيم داعش.[1]