أينور دي روان وجان غرين، من جامعة بينغامتون
ترجمة: مصطفى إسماعيل
نبذة
يبلغ تعداد الكورد أكثر من 40 مليوناً، وهم شعبُ شتاتٍ متفرقٍ في جميع أنحاء العالم، وغالباً ما يكونون بعيدينَ عن موطنهم.
بدأت امرأة أمريكية تدعى د. فيرا بيودن سعيد بور بإطلاق مؤسسة التراث الكوردي والمكتبة الكوردية والمتحف الكوردي من منزلها في بروكلين، نيويورك في أوائل الثمانينيات.
امتدَّ تفانيها في توثيق التاريخ والثقافة الكوردية إلى تاريخ وفاتها في عام 2010. مُكرّمين أمنياتها الأخيرة، قام أولاد د. بيودن سعيد بور بالتبرع بسخاءٍ بالمجموعة الكاملة لمقتنياتها إلى مكتبات جامعة بينغامتون.
تصفُ هذه المقالة الجهود التي تبذلها المجموعات الخاصة بمكتبات جامعة بينغامتون لتجهيزِ هذه المجموعة الكبيرة والحفاظ عليها، ومن خلال التعاون والتواصل مع اللاجئين الكورد العراقيين الذين يُقيمونَ حالياً في منطقة بينغامتون وجمع القصص الشفاهية منهم، تستمرُ رسالةُ د. فيرا بيودن سعيد بور، ويستمرُ تكريم التاريخ والثقافة والكفاح الكوردي الذي تلقى القليل من الاهتمام، وظل غير موثق نسبياً إلى الآن.
من بروكلين إلى بينغامتون: المكتبة والمتحف الكورديين ل فيرا بودين سعيد بور في جامعة بينغامتون
كان جنوب غرب آسيا موطناً للكورد لعدة قرون. بحلول نهاية القرن العشرين، غادر العديد من الكورد وطنهم في الشرق الأوسط وبدأوا بالهجرة إلى الغرب. انخرطَ الكورد في كفاحٍ مستمر من أجل تأسيسِ دولتهم القومية الرسمية الخاصة قبل مدة طويلة من ظهور الدول الحديثة في المنطقة. تعتبر مجموعة فيرا بيودن سعيد بور الكردية تركيبة هامة من المواد التي توثق الثقافة والتاريخ الكوردي، وتعتبر واحدة من أكثر المجموعات إحاطةً وتوثيقاً من نوعها في أمريكا الشمالية.
فور استلام المجموعة في فبراير 2011، بدأت مجموعات خاصة في مكتبة جامعة بينغامتون بتفحص المجموعة، وتحديد احتياجاتها للمحافظة عليها، وإنشاء بدائل رقمية لمجموعة متنوعة من المواد في مجموعة سعيد بور. إضافة إلى ذلك، بدأنا في يناير 2013 بتطوير برنامج تاريخ شفاهي لتعزيز توثيق الحياة والثقافة الكوردية. الهدف العام هو الحفاظ على “الذاكرة الجماعية” الغنية للشعب الكوردي ومشاركتها. نأملُ من خلال جهودنا في جامعة بينغامتون، في توفير الوصول إلى هذه المجموعة الشاملة في جميع أنحاء العالم، وتثقيف الآخرين حول الثقافة الكوردية وتقديم التقدير للشعب الكوردي.
من كانت فيرا؟
صرحت د. فيرا بيودن سعيد بور، الباحثة والمؤلفة ومؤسِسةُ المكتبة والمتحف الكورديين لصحيفة النيويورك تايمز “أعرف الكوردَ أفضلَ من أيّ غربي على قيد الحياة” 3. وقد كرست حياتها كناشطة شغوفة تنشرُ مِحنة الكورد وتوثقُ التاريخ والثقافة الكورديين.
وُلدتْ د. بيودن سعيد بور في فيرمونت عام 1930، وحصلتْ على درجة الماجستير في الفلسفة من جامعة فيرمونت في 1973، ودرجة الدكتوراة في التربية من جامعة كولومبيا. بدأت رحلة د. بيودن سعيد بور في جمع المواد لتوثيق التاريخ والثقافة الكورديين عندما قابلت كوردياً إيرانياً يدعى همايون سعيد بور، وكان طالب هندسة مدنية، وقد تزوجتْ منه في 1976 أثناء عملها على أطروحتها. للأسفْ، استمر الزواج خمس سنوات فقط، حيث توفي همايون في 1981.
وعلى الرغم من اعتراض همايون سعيد بور على انخراط د. بيودن سعيد بور في الشؤون الكوردية، إلا أنها شعرتْ بشكل مختلف، وكما ذكرت فإن الموضوع كان “المسؤولية التي تسير مع المعرفة” الذي رسمَ طريقاً لعملها الشغوف في التعلم حول الثقافة الكوردية وتعليم الآخرين حول الثقافة الكوردية والتاريخ الكوردي، وإعطاء الشعب الكوردي صوتاً مدافعاً بقي حتى وفاتها في 2010. 6
الخطوة الجريئة الأولى التي قامت بها د. بيودن سعيد بور فيما يتعلق بالدفاع عن القضية الكوردية كانت في عام 1977، عندما اتصلت بالقائمين على قاموس أكسفورد لإزالة الوصف المُهين ل “الكوردي” في قاموسهم، والذي تضمن صفة “مفترس”. وكما أوردت د. بيودن سعيد بور في رسالتها إليهم: “كم سيكون مأساوياً لو أن قناة التواصل الوحيدة الممكنة للناس مع الكورد جرت فقط من خلال هكذا توصيف، في مصدرٍ نادراً ما يتم التشكيك فيه”. (اتصال شخصي، 31 مايو 1977).
هذا قاد د. بيودن سعيد بور لمتابعة دفاعها عن الكورد. في البدء، بدأتْ البرنامج الكوردي تحت رعاية منظمة “البقاء الثقافي”، وهي منظمة غير ربحية مقرها في كامبريدج، ماساتشوستس، وهي مكرسة للدفاع عن حقوق السكان الأصليين. مع توسع البرنامج، افتتحتْ مؤسسة التراث الكوردي لأمريكا مع المكتبة الكوردية في عام 1986. نجاحها في هذه المبادرات ألهمها فكرة إنشاء المتحف الكردي في عام 1988 في منزلها البُنّي الواجهة في حي بروسبكت هايتس في بروكلين، حيث جاء الصحفيون والباحثون والطلاب والسياسيون وآخرون للبحث في التاريخ والثقافة الكوردية تحت إشراف د. بيودن سعيد بور.
المجموعة التي تم جمعتها د. بيودن سعيد بور على مر سنين تتألف من أكثر من 3000 كتاب ومجلة وصحيفة إلى جانب قصص شفاهية وتحف تضم مجوهرات وآلات موسيقية وملابس ومنسوجات وخرائط وصور فوتوغرافية وأعمال فنية ومواد فريدة أخرى. المراسلات مع السياسيين والجامعات والأصدقاء الكورد والكتاب والأشخاص من خلفيات مختلفة توثق تطور هذه المجموعة. ويُقالُ إن هذه التركيبة من المواد التي توثق التراث الكوردي هي الأكبر من نوعها في أمريكا الشمالية.
الباحثةُ المُثابرة والناشطة د. بيودن سعيد بور كتبتْ أيضاً باستفاضة، وحاضرتْ سواء محلياً أو دولياً في الشؤون الكوردية. تضم منشوراتها في المجلة الدولية للدراسات الكوردية والحياة الكوردية، مقالات علمية عن الثقافة الكوردية والتاريخ والشؤون المعاصرة، وهي جزءٌ من مجموعات رائدة لمكتبات الجامعة. في وقت لاحق من حياتها انتقلت د. بيودن سعيد بور ومجموعة مقتنياتها إلى فورت بلاين التي تقع في مقاطعة مونتغومري في نيويورك، حيث مرضتْ هناك.
بعد حوالي عام على وفاتها، تبرع أولاد د. بيودن سعيد بور بالمقتنياتِ إلى جامعة بينغامتون في فبراير 2011.
جهودنا
كانت أهدافنا الأساسية حين استلام المجموعة هي ترتيب ووصف المواد التي يستخدمها الروادُ في غرفة قراءة المجموعات الخاصة. وأردنا أيضاً إنشاء معارض دائمة وعلى الإنترنت على نحو مُحترم وصائب ثقافياً. يتم تخزين غالبية المواد المجهزة في صناديق خاليةٍ من الحمض تغطي أكثر من 700 قدم طولي. يتم وضع هذه الصناديق في أدراجٍ آمنة داخل قسم المجموعات الخاصة لدينا، وهي مُتاحةٌ للاستخدام والاستدلال بها كمراجع حسب الطلب. يتم عرض ما تبقى من المواد على صورة معرضٍ دائم في مكتبتنا في القاعة الكوردية، حيث بإمكان رواد المكتبة زيارة المعرض والتعرف على التراث والتحف الكوردية. الهدف هو جعل المجموعة بأكملها رقمية، وجعلها متاحة على الإنترنت للدراسين والباحثين المحليين والدوليين.
تم عرض مجموعة مقتنيات مكتبة ومتحف فيرا بيودن سعيد بور في احتفالية يوم 26 سبتمبر 2012، والتي تضمنت محاضرة لجانيت كلاين الحاصلة على الدكتوراة في التاريخ والأستاذة المشاركة للتاريخ بجامعة أكرون، تلاه حفل استقبال. لفت انتباهنا خلال هذا الحدث مشاركة العديد من الطلبة الكورد في الاحتفالية، ما أكَّد لنا أن هناك جالية كوردية محلية مهمة تعيش في منطقة بينغامتون، والتي هاجرَ معظمهم إلى الولايات المتحدة بأعدادٍ كبيرة بحلول نهاية التسعينيات. لم تكن هذه المرة الأولى التي اضطرَ فيها الكورد إلى الهروب من وطنهم.
تاريخٌ موجزٌ للكورد
لا تدعي هذه المقالةُ تقديم نظرة شاملة عن التاريخ الكوردي. لكن بعض الخلفية التاريخية ضروريٌ لفهم وضع اللاجئين الكورد في منطقة بينغامتون.
يعيش الكورد في جنوب غرب آسيا منذ قرون. اليوم، يعيش حوالي 40 مليون كوردي في تركيا، كوردستان العراق، إيران، سوريا وأجزاء من الاتحاد السوفياتي السابق.
في العقد الأخير من القرن العشرين هاجر عدد كبير من الكورد إلى دول غربية مثل فرنسا وألمانيا والسويد والولايات المتحدة. ورغم عدم امتلاكهم دولة قومية خاصة بهم، إلا أن الكورد ظلوا يشكلون أقلية كبيرة ومؤثرة في الشرق الأوسط من خلال حماية هوياتهم الثقافية وكفاحهم القومي.
منذ صعود القومية وقمع الأقليات خلال المرحلة الأخيرة من الإمبراطورية العثمانية، ناضل الكورد من أجل إقامة دولة خاصة بهم بديلاً عن وطن مقسم. واجه الكورد ضغطاً مادياً وعنفاً وصهراً ثقافياً وتطهيراً عرقياً في الدول القومية التي عاشوا فيها. وفي بعض البلدان مثل سوريا وتركيا لم يتم الاعتراف بهويتهم حتى.
في نهاية الحرب العالمية الأولى، تضمنت معاهدة سيفر في عام 1920 إنشاء كوردستان، لكن لم يتم تنفيذ ذلك أبداً 7. علاوة على ذلك، انخرطت تركيا وإيران والعراق في اتفاق على عدم الاعتراف بكوردستان مستقلة. كل هذه التطورات أدت إلى سلسلة من الثورات الكوردية وعمليات انتقامية قاسية من قبل الحكومات التركية والإيرانية بالإضافة إلى سياسات الصهر القومي. 8
في العراق، واجه الكورد قمعاً مماثلاً. وتدهور الوضع تدريجياً وبلغ ذروة في عام 1970 حين اضطرت الأمم المتحدة إلى التدخل ما أدى إلى وقف لإطلاق النار. انتهت الإصلاحات التي نفذها قانون الحكم الذاتي لعام 1974 بهجوم صدام حسين على القرى الكوردية في عام 1975. أخذت الأحداث منعطفاً أسوأ فيما بعد عندما دعم كورد العراق الطرف الإيراني أثناء الحرب الإيرانية-العراقية بين عامي 1980 و1988. ردَّ صدام حسين هذه المرة بقصف القرى الكوردية واستخدام الأسلحة الكيماوية.
في نهاية 1988 أطلق صدام حسين حملة الأنفال سيئة الصيت في كوردستان العراق، والتي قتل واختفى خلالها ما بين 50 ألف إلى 100 ألف كوردي وفقاً ل هيومن رايتس ووتش.3
في مدينة حلبجة، أطلقت الطائرات الحربية للنظام العراقي الغازات على خمسة آلاف كوردي في مارس 1988. 9
وفي وقت لاحق أثناء الغزو العراقي للكويت في عام 1991 تم إخماد الانتفاضة الكوردية من قبل القوات العراقية، الأمرُ الذي سبّب على الأقل فرار مليون كوردي من العراق وبقائهم في مخيمات اللاجئين في إيران وتركيا.
في نهاية المطاف، تم إنشاء منطقة حظر طيران من قبل قوات التحالف. لكن، ابتداء من عام 1992 بدأ فصيلان عراقيان كورديان حرباً من أجل السلطة، والتي أدت في النهاية إلى اتفاق تقاسم السلطة في عام 1998. في هذه الأثناء هاجر الآلاف من الكورد إلى الولايات المتحدة. استقر معظم هؤلاء المهاجرين في ناشفيل وتينيسي، لكن بعض العائلات اختارت الاستقرار في منطقة بينغامتون، حيث بادرنا هناك بمشروع تدوين التاريخ الشفاهي للكورد.
إضافةً إلى المجموعة- مشروعُ التاريخ الشفاهي الكوردي
مشروع التاريخ الشفاهي الكوردي الذي بدأ في فبراير 2013 هو جهدٌ لتعزيز المكتبة والمتحف الكورديين ل فيرا بيودن سعيد بور. لقد اضطلعنا بهذا المشروع مع الهدف المتمثل بإجراء مقابلات مع حوالي 56 عائلة كوردية، معظمها من اللاجئين من العراق. وقد شملت المقابلات الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و65 عاماً، وجميعهم يقيمون في منطقة بينغامتون الكبرى.
الأسئلة التي طرحت على هؤلاء اللاجئين كانت متعلقةً بحياتهم في مكانهم الأصلي، وكيف قاموا ببناء حياتهم في الشتات، وكذلك الاضطهاد الذي واجهوه، وثقافتهم، وعائلاتهم. من أجل التواصل مع السكان الكورد المحليين وخلقِ علاقاتٍ قائمة على الثقة معهم قررنا أن نزجَّ بأنفسنا في مجتمعهم. تم اختيار الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات من خلال شبكات رسمية مثل حكومة إقليم كوردستان والمجلس الأمريكي الكوردي- فرع نيويورك، والشبكات الاجتماعية كالمنظمات الجامعية. إضافة إلى ذلك، قمنا بتطوير العلاقات مع الأفراد والعائلات من خلال حضور الاحتفالات وإحياء الأحداث الكوردية.
بمجرد أن وافق هؤلاء الأفراد على اللقاء بنا، أُجريتْ مقابلات مُعمقة إما في أماكن إقامتهم، مما سمح لنا بمراقبة وضعهم المحلي الحالي، أو في مكاتبنا في جامعة بينغامتون، لكن، كان واضحاً أن إجراء المقابلات في أماكن إقامة أولئك الأشخاص جعلتهم يشعرون براحة أكبر ما جعل المقابلات منتجة أكثر. في جوّ مريح وباعث على الاسترخاء، كان الأشخاص الذين أُجريتْ معهم المقابلات أكثر تفاعلاً، وكشفوا عن المزيد من المعلومات، وتعاملوا معنا كأصدقاء أو أقارب. استغرقت كل جلسةِ مُقابلة غير رسمية ما لا يقلُّ عن ساعتين. تم تسجيل المقابلات حتى نتمكن من العودة إليها في وقتٍ لاحقٍ لتدوينها وجمع معلومات جوهرية منها. الذاكرة الجماعية، والاعتبارات الفردية عن الماضي، والاضطهاد، والصهر القومي، والإقصاء، وعَدّهم ك “آخرين”، إلى جانب العلاقة المتداخلة بين النضال والمقاومة، ساهمت في قوة الهوية الكوردية. قدمت المرويات تفاصيل جلية عن مغادرتهم القسرية لمنازلهم للنجاة من الثورات والحروب العنيفة، والنضال ضد الإجراءات المفروضة، والظروف القاسية في الجبال ومخيمات اللاجئين والشتات. لعبت رغبتهم في الهروب من النزاع والبحث عن الحماية والتمتعِ بحقوق الإنسان دوراً مهماً في مغادرة الكورد وطنهم كما هو مذكورٌ من قبل أحد اللاجئين الكورد:
“حينَ ولدت، كانت هناك حربُ جارية في قريتنا. وحين كان عمري حوالي 6 سنوات، اضطررنا إلى مغادرة قريتنا، لأن النظام أراد أن يحرق المنازل ويقتل الكورد. ذهبنا إلى الجبال وقضينا عشرة أيام هناك. لا ماء ولا طعام ولا شيء آخر. كان كثير من الناس يموتون، وكان كثير من الناس مرضى. لقد تمكنا في خاتمة المطاف من العودة إلى هنا، أعني مدينة دهوك. لكن في عام 1991 كان كل شيء أسوأ من ذي قبل. أتذكر أنني فقدت فردة حذاء أثناء المشي لمدة 12 يوماً إلى تركيا. كان هذا أحد أصعب الأوقات في حياتي. كان مخيم اللاجئين كابوساً!” (مقابلة مع مجهول، تواصل شخصي، 25 مايو 2013).
هؤلاء اللاجئون ربطوا ماضيهم المضطرب مع الحاضر من أجل تأسيس “كورديتهم”. تم التأكيد كذلك على الهوية الكوردية الجماعية في الشتات من خلال تمسكهم بوطنهم. هذا التوقُ إلى الوطن صعّد من شعورهم بهويتهم، الأمر الذي كان له تأثيراً عميقاً على الطرق التي يقوم بها الأجيال الأكبر سناً بتنشئة أطفالهم في أمريكا.
استخدم هؤلاء الكورد العراقيون ذاكرة المكان الأصلي لتشكيل مجتمع يواصلون فيه ممارساتهم التخليدية للذكريات والحياة اليومية والممارسات السوسيو- مكانية. إن الجهود التي يشارك بها هؤلاء اللاجئون تجاربهمْ وماضيهمْ الجماعي في كوردستان تعملُ على تعليم الأجيال الشابة التقاليد الكوردية -القيم والمعايير الجنسانية وأنماط التفاعل- واستمرارية “الكوردايتي” لديهم. إن العيش في جماعة مغلقة يساعدهم ليس فقط على الحفاظ على هذه العادات، ولكن أيضاً الحفاظ على ذاكرتهم الجماعية متنامية.
هدفنا حين الانتهاء من المقابلات في منطقة بينغامتون هو توسيعُ نطاق أنشطتنا إلى ناشفيل وتينيسي، حيث يقيم حالياً حوالي 11 ألف لاجئ كوردي: أكبر جالية كوردية في الولايات المتحدة. في النهاية سوف يتم توفير جميع المقابلات للاستخدام العام من خلال أداة الكشف والتسليم التي للمكتبات. نحن نخطط أيضاً لتحويل كل مقابلةٍ إلى نص كتابي، وبالتالي توفير إمكانية الوصول إلى المقابلات في شكل مطبوع، والتي ستكون مفيدة بشكل خاص للطلاب ذوي الإعاقة السمعية. الوصولُ إلى هذه المقابلات الهامة ثقافياً للطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين في جميع أنحاء الحرم الجامعي سيزودهم بمعرفة عالمية لأشخاص غالباً ما يكونون غير مألوفين.
إننا نشعر أن كل من مجموعة مقتنيات سعيد بور الكوردية ومشروع التاريخ الشفوي الكوردي ليس لهما فقط آثار علمية مهمة واعتراف بهما في كل من المجتمعين الوطني والدولي، بل إنهما تتوائمان أيضاً مع النطاق الشامل للجامعة الذي يتعامل مع المجتمعات المستدامة. تمتلك جامعة بينغامتون تاريخاً مهماً وكبيراً في البحث عن المجتمعات المحلية المستدامة. كان التركيز الرئيسي للجامعة إلى الآن هو في التعاطي مع الدراسات الشرق أوسطية والتركية. من خلال تضمين الدراسات الكوردية في متناول الجامعة، نشعر أنه ربما يمكن استخدام كل من المجموعة الكوردية لمكتبة ومتحف فيرا بودين سعيد بور ومشروع التاريخ الشفاهي الكوردي لتأسيس قاعدة للبحث العلمي لهذه الجماعة المُهمشة. لن تسهم هذه الجهود فقط في “تقديم خبرة في مجال المجتمعات المستدامة” في المجموعات الخاصة بمكتبات جامعة بينغامتون، ولكن أيضاً داخل الجامعة ككل. إضافة إلى ذلك، من المهم القول أنه ليس هناك مجموعة مقتنيات كوردية كبيرة أو مشروع تاريخي شفاهي آخر قائم في أمريكا الشمالية سوى في بلدنا.
المقابلات مع المواد الموجودة بالفعل في مكتبة فيرا بيودن سعيد بور الكوردية ومقتنيات المتحف العائد لها، لديها إمكانية إنشاء مجموعة بحثية هامة ومعروفة دولياً متعلقة بالكورد. مثل هذه المجموعة ستكون بالغة الأهمية لأي باحث حول العالم يجري أبحاث حول الكورد والثقافة الكوردية. إضافة إلى ذلك، هناك العديد من الفرص للتعاون بين القيم على هذه المجموعة وأعضاء هيئة التدريس في المجالات المذكورة أعلاه بما في ذلك الأبحاث والتدريس والعروض التقديمية.
وإنه لمن الممكن لهذا المشروع أن يزرع بذور الشراكة مع الجامعات في أربيل، كوردستان، موفراً فرصاً مستقبلية لتبادل أعضاء هيئات التدريس والباحثين، وفرص الإيفاد الخارجي لطلبة جامعة بينغامتون، وجذب الطلبة الكورد للدراسة في جامعة بينغامتون. نشعر بأننا من خلال مشروعنا للتاريخ الشفاهي للكورد نواصل الجهد من المكان الذي تركته د. بيودن سعيد بور في توفير فرصة التعبير للشعب الكوردي. إن إضافة هذه القصص الشفاهية إلى مجموعة المقتنيات سوف يخدم إلى حد أبعد هدفنا في الحفاظ على تقاليد الكورد الغنية وتاريخهم ومشاركتها.
خلاصة
لقد جعلت د. بيودن سعيد بور رسالة حياتها أن توثق جميع جوانب الثقافة الكوردية، وأن تعمل كناشطة من أجل الكورد في كل مكان. لقد أعلنت الجمعية الكوردية الأمريكية للتعليم أنه “لن يكون من المبالغة وصفها بأنها أم الدراسات الثقافية الكوردية في هذه القارة”، ووصفتها مدونة “التعليق الكوردي” بأنها “مدافعة متحمسة عن الحقيقة أو العدالة”. 1
هدفنا هو الحفاظ على التقاليد الغنية للشعب الكوردي والتاريخ الكوردي ومشاركتهما، وتوفير منظور متوازن، وتمكين الباحثين من دراسة وتقييم ثقافة متنوعة. نأمل من خلال جهودنا في جامعة بينغامتون في تأمين الوصول من جميع أنحاء العالم إلى هذه المجموعة الواسعة، وتثقيف الآخرين حول الثقافة الكوردية، وتأمين الاعتراف بالشعب الكوردي. هذا من شأنه أن يمكن من فهم أفضل للتاريخ الكوردي والثقافة الكوردية وأنماط الحياة الكردية لدى اللاجئين الكورد من كل من كوردستان العراق وبلدان الشتات في منطقة بينغامتون.
في إشارة إلى مجموعة مقتنياتها، قالت د. بيودين سعيد بور: “لا يوجد شيء عن الكورد في أي مكان آخر مماثل لهذه المجموعة”.2
سوف نستمر في جمع وتعزيز هذه المجموعة من أجل إرث د. فيرا بيودن سعيد بور والكورد كافة في جميع أنحاء العالم.
المراجع[1]
1-The Authors at Kurdistan Commentary. (2010). Vera Beaudin Saeedpour. Retrieved from https://kurdistancommentary.wordpress.com/2010/06/09/ vera-beaudin-saeedpour/
2-Goldberg, P. (1986, October 8). A Homeless people gain a library to call their own. Prospect Press, p. 12.
3-Kinsley, S. (1991, March 11). Whatever happened to the Iraqi Kurds? Retrieved from http://www.hrw.org/reports/1991/03/11/whatever-happened-iraqi-kurds
4-Kurdish American Education Society (KAES) (2010). Remembering Dr. Vera Saeedpour. Retrieved from http://www.vokradio.com/content/view/1207/44/
5-Martin, D. (2010). Vera B. Saeedpour, scholar and archivist of the Kurdish culture, dies at 80. New York Times, June 8, 2010. Retrieved from http://www. nytimes.com/2010/06/08/nyregion/08saeedpour.htm
6-Mazzrins, L. (1991, April 3). Vera Saeedpour: Kurd advocate. In These Times, 18. Retrieved from http://www.unz.org/Pub/InTheseTimes-1991apr0300004a02?View=PDF
7-McDowall, D. (2005). A Modern history of the Kurds. London: I. B. Tauris.
8-Meiselas, S. (1997). Kurdistan: In the shadow of history. New York: Random House.
9-Wahlbeck, Ö. (1999). Kurdish diasporas: A Comparative study of Kurdish refugee communities. New York: St. Martin’s Press.