#شه مال عادل سليم# *
منذ الانقلاب الفاشي في شباط 1963 ولحد اليوم يتعرض المواطن العراقي الى ابشع انواع الارهاب و القتل و الحرمان، وقد مارس صدام وحزبه الفاشي ابشع صور الوحشية والسادية . . كانوا قساة القلب غلاظ الاكباد، دمّروا المدن والقرى و القصبات، تفننوا بالقتل و التعذيب و التمثيل. لقد ذهب الوف الابرياء ومن مختلف القوى الوطنية و الشرائح الاجتماعية، ضحية هذا الحكم البغيض برموزه وافراده الذين كانوا يجدون لذة ومتعة في تعذيب وتقتيل وتجويع شعب برمته من اجل احكام سيطرتهم وبقائهم في الحكم ...
ان المعاناة الشديدة لسجين سياسي، لاتشكّل الاّ جزءاً بسيطاً من نهج النظام الدكتاتوري الكريه وسعيه لألغاء انسانية المواطن العراقي و مصادرة حقوقه و تحويله الى رقم، و النظر اليه كاداة او كسلعة ....... كانت اياما لا تنسى ....نعم هكذا استقبلني الصداميون في مسلخ امن اربيل في عام 1983 .....
اصرخ اليوم و باعلى صوتي واقول : هذه شهادتي في رحلة المعاناة و العذاب في احد مسالخ صدام الظالم ...
اسمعوا شهادتي ...هكذا كانت سجون صدام وروبوتاته ...سوف تهون بلاويكم عندما تسمعون ضحايا سجون و مسالخ وحوش صدام. نعم هؤلاء هم الذين حكموا العراق طيلة 35 سنة ... وهم اليوم في قفص الاتهام ......ويشككون في مصداقية شهادات الضحايا ..... !! الذين طالما هددوهم بعدم الحديث او الكشف عن اوضاع السجون او مايجرى فيها من سلخ وتجويع ومسخ لكرامة الانسان العراقي ........
اليكم شهادتي ...............
المشهد الاول ....
كنت في السابعة عشرة , عندما اطبقت علىّ مفرزة مشتركة من قوات الامن و الجيش الشعبي اقدر عددهم باكثر من( 20 ) شخصا اضافة الى قوة الامن الاحتياط و المراقبة المؤلفة من ثلاثة عشر عنصرا , في احد شوارع مدينتي اربيل وكانوا ملثمين. امسكني احدهم من يدي بقوة و سألني :
هل انت فلان بن فلان ؟
قلت، نعم ... ماذا تريدون ... ؟
ضربني باخمص سلاحه على وجهي، كما لو كانوا قد قبضوا على مجرم خطير . . ولم اجد نفسي الا معلقا بمروحة ويدي مشدودة من الخلف في قبو مظلم، لم اسمع فيه غير انين و صياح واصوات استغاثة وكانت المروحة تدور بي حتى الاغماء ... بعد ان تم تجريدي من معظم حاجياتي من ساعة و احذية وملابس ونقود ومن كل ما كنت احمل وقتذاك ...
لم اعد اتحمل آلام كتفي ... كنت اصرخ واصرخ واصرخ ولم يسمعني احد كنت احس بان كتفي كان يتمزق وينسلخ من جسمي .... كان الالم لا يوصف وكنت اصرخ لعلهم يتركوني ... لعلهم يقتلوني كي اتخلص من هذا العذاب، حيث لم اعد اتحمل آلام كتفي .......
سمعت اصوات وقع اقدام قادمة نحوي، صرخت بكل ما املك من قوة .... انزلوني عدة سلالم وسحبوني الى داخل زنزانة ..... فقدت الوعي من آلام كتفي و رأسي، كنت احس بان راسي وعيناي ينفجران من الالم . وبعد عدة ساعات حملوني شدوا عيني وادخلوني في غرقة اخرى. سالني احدهم عن اسمي وعملي وعنواني ........
قلت له، مالذي فعلته ولماذا انا هنا ؟
قال لي، الا تعرف لماذا انت هنا ؟
اجبته بهدوء،( لا ولله )!
فرد ساخرا،( الله مجاز يا حقير والا جاء لأانقاذك) ..
انت ضيف عزيز، هذه البداية و هناك المزيد، سيبدأ ( الحفل)** بعد قليل .......
ولكن لا تحلف ﺒ( الله و لا محمد لانهم في الاجازة كما قلت ) !
سألت، ما الذي فعلته ؟
قال((( علينا ؟! ...ولك ملينا !! ... بسمار بالهوا دﮔﻴﻨﺎ ... فوك النخل صليّنا ...الخ من السوالف والشتائم و المسبات الصدامية )))
اتعبوني كثيرا بالاسئلة و الاجوبة وفي الاخير قال لي ضابط الامن : - ((( لايهمني ان اعرف اذا انت ضد الدولة او لا ، المهم تبيّن لنا انك مشاكس و تنتمي الى عائلة مخربة، وعلى هذا الانتماء والمشاكسة، راح تنعدم يا حقير، راح تروح بيها))) ....
المشهد الثاني ....
هناك بدأت معاناتي , تعرضت الى انواع الضرب و الاهانات ...... علقوني الى السقف بعد ان شدوا يدي الى الخلف لفترات طويلة , سلطوا الكهرباء على الأماكن الحساسة من جسمي، ضربوني بالكيبل، حرقوا كل جسمي باطفاء السكاير على جلدي وكانوا يقولون لي :- انت الان نفّاضة السكاير الى ان نحصل على نفاضة اخرى !! كلّما حاولت الاستفسار منهم عن سبب اعتقالي , كانوا ينهالون عليّ بضرب مبرح، حتى قررت عدم سؤالهم مرة اخرى خشية من تلقي ومضاعفة الضرب و الاهانة, كانوا يربطون يدي باسلاك دقيقة ربطا محكما شديدا، حتى تسيل منها الدماء و تصاب بالخدر جراء الربط الشديد الذي يمنع حركة الدم .....
كانوا يامروني وانا في تلك الحالة ان اقف لساعات طويلة حتى يغمى عليّ ....
منعت عنيّ الأستدارة الى حولي , ومُنعت من رفع راسي , رغم اني كنت معصوب العينين وموثوق اليدين .... كانوا يعطوني في اليوم قدحا من الماء الساخن وقليلا مما يسمى شوربة العدس وقطعة من الخبز المعفن ...لم اعرف متى كان ياتي النهار و الليل كيف كان ينقضي ....
كنت في زنزانة انفرادية باردة تعيسة , بائسة وصغيرة جدا مما كانوا يطلقون عليها (الصندوق)*** من صغر حجمها ..... وبعد فترة نقلوني الى زنزانة اخرى كانت تسمى( الحفرة)**** لكونها تفتقد الضوء وكانت باردة لحد اللعنة , اصيبت يدي اليمنى بالشلل حيث لم اعد احس بها.
سألت احدهم والذي كان يسمى( بالروبوت )***** عن امكانية علاجي ....
ضحك ضحكة هيستيرية وقال، انت لم تر شيئا بعد ....
قلت له ماذنبي ؟
ضحك الروبوت وقال اشتباه ....
مجرد اشتباه .......
وهذا اخطر تهمة.....
الا تعرف لماذا نحن هنا ؟
نحن هنا لخدمتكم وخدمة امن المواطن يا ..........
يتبع
* عضو في جمعية السجناء الاحرار اعتقلت في عام 1983 واطلق سراحي في نفس العام وثم اعتقلت مرة اخرى عام 1985 وافرج عني عام 1987 , حجزوا بيتنا وكسروا الابواب و الزجاج النوافذ وكتبوا على الحيطان ( دار الخونة) وسرقوا كل ما نملكه من الاشياء ...
** (الحفل ).. يعني التحقيق , التعذيب و الضرب المبرح ....
*** ( الصندوق ) غرفة صغيرة من الاسمنت المسلح , بدون تهوية , خاصة للذين يتهمون بالمشاغبة ..لاتوجد فيها سوى فتحة واحدة في الباب الحديدي لمواجهة الروبوت ( الجلاد )
**** (الحفرة) غرفة باردة , صغيرة و معتمة لحد اللعنة ...
***** ( الروبوت ) اسم مستعارلاحد الجلادين في امن اربيل , كان وحشا مبرمجا خاليا من الاحساس و الضمير, لايمارس التعذيب الا وهو مخمور ...[1]