#شه مال عادل سليم#
اثارت توصيات بعثة الامم المتحدة والتي قدمها ستيفان ديمستورا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق في 5- 6 -2008 بخصوص الأقضية الاربعة ( مخمور والحمدانية ومندلي وعقرة (المرحلة الاولى ) والتي اوصت بادراج هذه المناطق الاربع ضمن ادارة كل من الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان ) (1) على اساس التركيبة السكانية الحالية وانتخابات 2005 والظروف الاجتماعية والاوضاع الامنية استنكارا لدى حكومة الاقليم التي اعتبرتها غير واقعية وانها مخالفة للدستور ومعادية لأرادة الشعب الكوردستاني (2), كما وصفها بعض الساسة الكورد بانها مخيبة للأمال !...اما الدكتور محمد احسان وزير المناطق المستقطعة من اقليم كوردستان فقد اكد في تصريح لفضائية كوردستان ( بان هذه المقترحات هي انطباع اولي غير ان الرأي الأخير يعود الى حكومة وشعب كوردستان والاطراف السياسية في أقليم كوردستان ) ... و من ناحية اخرى بالمقابل اثارت تلك التوصيات ارتياح بعض الجهات التي اعتبرتها واقعية وتتماشى مع المصلحة الوطنية العراقية ...
ومن هذا المنطلق اردت ان ادون بعض الملاحظات السريعة حول هذه التصريحات والتفسيرات المختلفة حول التقرير التي قدمه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق كمرحلة اولى بخصوص المناطق المستقطعة من اقليم كوردستان ....
اولا كان متوقعا جدا ان تقدم الامم المتحدة هكذا تقرير بخصوص هذه المناطق ولاسباب كثيرة منها اولا استناد الامم المتحدة في تقريره على توصيات لجنة بيكر هاملتون حول العراق وخاصة حول المناطق المستقطعة من اقليم كوردستان حيث نص تقرير بيكر هاملتون في توصيته الثلاثين على :
( في ضوء الوضع الخطير في كركوك هناك ضرورة للتحكيم الدولي لتجنب العنف الطائفي . كركوك يمكن ان تكون برميل بارود , واجراء استفتاء حول مصير كركوك قبل نهاية عام 2007 كما يقضى الدستور العراقي سيكون انفجارا , لذا يجب تاخيره , وهذه مسالة يجب ان تدرج على جدول اعمال المجموعة الدولية لدعم العراق في اطار عملها الديبلوماسي ) ...
وهنا لا بد ان اذكر بان حكومة اقليم كوردستان رغم استيائها في حينها واعتبارها صيغة تقرير بيكر هاملتون مخالفة للدستور ومعادية لارادة الشعب العراقي بشكل عام والشعب الكوردستاني بشكل خاص ورغم تصريحاتها المتكررة وتحديدا الصادرة عن رئاسة اقليم كوردستان والتي وصفت توصيات بيكر هاملتون بانها غير واقعية وتفتقد الى المصداقية وتتعارض مع الدستور العراقي والمصالح الوطنية وان الحكومة العراقية غير ملزمة بتطبيقها ....الا ان ذلك في نهاية الامر طبق حرفيا رغم كل الاحتجاجات والاعتراضات من قبل حكومة الاقليم والجهات المعنية ...
ثانيا تجاهل الامم المتحدة الحقائق التاريخية والجغرافية لتلك المناطق المنكوبة والتي تؤكد بانها كانت جزءأ من اقليم كوردستان ....., ثالثا عدم فهمهم لجوهر المشكلة وابعاد الخلاف الا وهي سياسات التعريب والتهجير والتطهير العرقي والابادة الجماعية .... رابعا محاولة ارضاء كل الجهات ولكن على حساب شريحة واحدة الا وهي ضحايا سياسة التعريب والتطهير العرقي من الكورد والتركمان , خامسا الازدواجية التي اعتمد عليها التقرير في التحكيم , وفهمها الخاطيء لعبارة (المناطق المتنازع عليها ) التي كانما جاءت لتقسيم قطعة كعك بين متنازعين طلبوا المساعدة وليست لتحكيم دولي منصف يعتمد على الوثائق التاريخية والاحصائيات وعلى اساس الغبن التاريخي الذي نشا بسبب سياسات التعريب والتهجير والابادة الجماعية .... وارجاع الحق الى الى اهله . ..... اكتفي بهذا القدر لوجود نقاط كثيرة اخرى ...
اين الاخطاء ومن يتحملها ؟
لقد اخطأت حكومة اقليم كوردستان خطأ تاريخيا قاتلا عندما (حصرت ) هذه الكارثة اي ( التعريب والتهجير والتبعيث ) التي سببتها الانظمة العراقية المتعاقبة وتحديدا النظام البعثي البائد و قراراته القراقوشية الجائرة والمتمثلة بتغيير الوضع السكاني لمناطق كوردستانية بضمنها كركوك الغنية بالنفط ومن خلال قرار تصحيح القومية (3) والتلاعب بالحدود الادارية وقرارات كثيرة اخرى لتغيير ديموغرافية المنطقة بقوة السيف والمراسيم والقرارات الارتجالية الجائرة لتحقيق اهدافها الشوفينية المقيتة ...في مادة 140 من الدستور العراقي الدائم (4) ,المعتمدة على المادة 58 من قانون ادارة الدولة بكل فقراتها والمتمثلة بتحديد المراحل الثلاث التطبيع والاحصاء والاستفتاء في كركوك وغيرها من المناطق المستقطعة من الاقليم ...لان التطبيع في هذه المناطق ومناطق العراق الاخرى التي خربتها سياسات عنصرية شوفينية مقيتة ... كان يجب ان يحصل تدريجيا وبمراحل وبشكل عملي لرفع الحيف وارجاع الحق الى نصابه ....
نعم لقد اخطأت حكومة اقليم كوردستان خطأ قاتلأ اخرأ عندما وافقت على اجراء الاستفتاء على مصير هذه المناطق ومنها كركوك ...
لماذا ؟ هل من المعقول الاستفتاء على اراضي اغتصبت واستقطعت وانسلخت من اقليمها ؟ بربكم من يستفتي على داره , ارضه , املاكه ,بساتينه , مزارعه ؟ ثم لماذا لم تسمى الاشياء باسمائها الحقيقية ؟ على سبيل المثال لا الحصر بدل المستوطن الذي استقدم الى هذه المناطق ضمن سياسة التعريب كتب الوافد (5)...! وبدل المناطق المستعربة والمستقطعة كتب المناطق المتنازع عليها ..! والخ من هذه التسميات العجيبة والغريبة ؟
والسؤال الذي يطرح نفسه امام الامم المتحدة وكل الامم الاخرى هو من هم المتنازعيين على هذه المناطق ؟ ولماذا النزاع مادامت هذه المناطق عراقية وبهوية كوردستانية ؟ ولماذا الاستفتاء ؟ هل من المعقول وبعد كل هذا الغبن التاريخي والقتل والتشريد والتبعيث والتعريب التي لم ينجوا منها حتى الموتى (6) ان لانسمى الاشياء باسمائها كاضعف الايمان ؟ ولماذا ؟ وعلى حساب من ؟ ولمصلحة من ؟ ...
طبعا وعلى هذا الاساس بدأ خلط الاوراق و المغالطات والتشويش ليس فقط على الامم المتحدة وممثليها بل على دول الجوار والمنطقة بشكل عام ... لاننا لم نملك وللاسف الصراحة والجرأة لقراءة تاريخنا والذي بدأ بالتعريب وانتهى بحلبجة والانفال ...! ... نعم ان تدوين هذه العبارات يتعارض جملة وتفصيلأ مع ابسط حقوق الانسان ومنها حقوق الضحايا من المرحلين والمشردين قسرا الذين مايزال غالبيتهم حتى اليوم يعيشون في مخيمات ومجمعات لا تحميهم من حر الصيف ولا من برد الشتاء ... ..
ان ممثلينا في المجلس الوطني الكوردستاني وفي مجلس النواب بشكل عام وحكومة اقليم كوردستان بشكل خاص ليس فقط لم يستطيعوا ان يبينوا ويبرهنوا للامم المتحدة ولا لأية جهة دولية اخرى حجم الكارثة التي لحقت بهذه المناطق المنكوبة جراء سياسة التطهير العرقي الجائرة ...بل استخدموا ايضا لغة العواطف والاماني وقبول التأجيلات والتمديدات طبعا على حساب الضحايا من الكورد والتركمان الذين سجنوا وعذبوا شردوا ورحلوا قسرا من ديارهم ....... ولن ادخل هنا في تفاصيل لا تكفي لسردها كتب عديدة ولكن الواقع يبقى واقعاً ويجب ان يؤكد في كل حين : -ان حجم الكارثة التي اصابت تلك المناطق اكبر بكثير من المادة 58 المشوهة و 140 التي ولدت ميتة .....
ان سياسة التعريب كانت اكبر بكثير من المادة 140 ....وان جرحها اعمق بكثير من التصريحات وعقد الندوات والمؤتمرات حول تلك المادة الدستورية التي لم تطبق كما يتمناه الضحايا ...على الاقل لحد كتابة هذه الكلمات المتواضعة ......
نعم ان المادة 140 لم تكشف لا قانونيا ولا انسانيا عن حجم المشكلة التي سببتها الانظمة العراقية المتعاقبة لمناطق خربت وحرقت وسلخت من جسد الاقليم ورحّل مواطنوها بقوة القرارات الجائرة لغرض تحجيم الاكثرية الكوردستانية ...وتوصيات الامم المتحدة خير دليل على ذالك ... نعم ان كارثة التعريب والتطهير العرقي والابادة الجماعية اكبر بكثير من ان نضعها في اطار مادة دستورية ...
مالعمل ؟
اعتقد جازما ان الحل يكمن في :
اولا الاستمرار في النضال السلمي العادل الى ان يرجع الحق الى اصحابه وفي مقدمته الغاء كل القرارات الجائرة بحق هذه المناطق المنكوبة ومنها حل نزاعات الملكية العقارية والتي تحتاج الى وقت اكثر بكثير من الذي حدد وحصر في المادة 140 والغاء قانون تصحيح القومية و ارجاع المستوطنين الى اماكنهم وعودة الضحايا الى ديارهم التي رحلوا قسرا منها و والغاء قرارات قراقوشية كثيرة اخرى .
ثانيا من اجل رفع الظلم والحيف واعطاء كل ذي حق حقه ...يجب اولا ان نلغي كل التوقيتات الزمنية ...ولا نتقيد اطلاقا بمسميات (( في مدة اقصاها )), ....لان معالجة اثار هذه الكارثة يحتاج وبكل بساطة الى عقود وعقول ونية صافية وعمل جاد ومبالغ طائلة لمعالجة ما خربته سياسة التطهير العرقي والتعريب والترحيل القسري التي دامت لعقود من الزمن وبطرق مختلفة كثيرة ...
نعم نحتاج لسنوات وسنوات لاجتثاث فكر التعريب الذي مايزال قائما ونعمل من اجل الإقرار به !... نحتاج الى وقت لكسر الاصنام داخل كل فرد لا يؤمن بحقوق الاخر وبحجج واهية ...
نحتاج الى زمن جديد غير زمن الانهيارات وزمن اطفاء الحق ....... نحتاج الى عقول بدل العضلات ... نحتاج الى حدائق بدل حرائق .... نحتاج الى التطبيع وتطبيق القانون بدل الاقرار بالتعريب والظلم والاضطهاد الذي يستمد قوته من الصمت الذي يخيم علينا جميعا ....
نحتاج لعشرات السنين كي تلتئم الجروح و يتوقف نزيف التعريب والتهجير والتطهير العرقي ...نحتاج لعقود لوقف الارهاب الفكري والغاء الاخر .... نحتاج ....نحتاج ..ونحتاج الى التسامح وقبول الاخر ووقف الاستهتار بالقيم الانسانية .... نحتاج الى خلق الثوابت الجديدة للعيش والشراكة في عراقنا الجديد ... نحتاج الى اسس جديدة من الشراكة الطوعية والاتحاد الاختياري من اجل مستقبل افضل لابناء شعبنا ... نحتاج الى مخطط واساليب انسانية متحضرة بعيدة كل البعد عن النزعات الشوفينية والأنتهازية المقيتة ... نحتاج الى وقت لتخلص من اثار وتبعات ظلم صدام وحزبه المنحل ...
اخيرأ ……. انا لاالوم الامم المتحدة عندما لا تحترم ارادة جماهير تلك المناطق المنكوبة الذين يطالبون علنأ بارجاع مناطقهم ضمن ادارة اقليم كوردستان ...لاالوم بعثة الامم المتحدة عندما تحاول الابتعاد عن جوهر المشكلة ... ولا الوم الولايات المتحدة ورغبتها في بقاء هذه المناطق عالقة ومنها كركوك تحديدا لتبقى مصدر قلاقل ومشاكل سياسية داخلية و خارجية .... ولا الوم دول الجواروتحديدا تركيا في مطالبتها بكركوك ومناطق عراقية اخرى ..
بل اللوًم .. كل اللوًم يقع على الحكومة العراقية الجديدة (حكومة اياد علاوي , جعفري ثم المالكي ) والتي جاءت بديلة للدكتاتورية والظلم والاستبداد و وعدت الشعب باحقاق الحق ونصرة المظلوم و لكن لا تريد ...نعم لا تريد وليست لها نية ان تلغي قرارات صدام الجائرة والتي اتخذت بحق ابناء العراق بمختلف الطوائف والشعوب والاديان ........
نعم ان اعمال الحكومة العراقية هي التي تؤدي الى استمرار التدخلات الخارجية في شؤون العراق الداخلية ولا تبالي بها . . بعدم التزامها ببرنامج عملها(7) وعدم تنفيذها المواد الدستورية كما هي وفي الوقت المحدد للتنفيذ ... ان حكومتنا الموقرة لم تعجز فقط عن تنفيذ ما وعدت به ...بل هي التي طلبت من الامين العام للامم المتحدة للقيام بالتحكيم في حالة عدم قدرتها على حل المشاكل ... اذن لماذا نتفاجأ ؟ ولماذا ننتقد الاخرين مادام ممثلينا هم سبب رئيسي في استمرارية مشاكلنا و الامنا وماسينا ...!؟
لا المحكمة الفدرالية العليا ولا المحاكم الدولية باستطاعتها حسم هذه الامور العالقة مادامت سياسة التبعيث والتعريب و التهجير والقتل المجاني والتطهير العرقي وابادة السكان وارهابهم وانتهاك حقوقهم اصبحت هي الامر الواقع ... الذي لا يؤدي الاّ الى تكريس ماانتجته عملية التغيير الديموغرافية التي قام بها النظام البائد في عراقنا اليوم ....
اما نحن الكورد فقد منحتنا اخطائنا القاتلة درسا قاسيا جديدا تبقى اثاره مدى الحياة .....
(1) تضمنت توصيات بعثة الامم المتحدة (المرحلة الاولى ), وضع كل من قضاء الحمدانية وناحية مندلي تحت ادارة الحكومة المركزية , ومنح اقليم كوردستان حق ادارة قضائي مخمور واكري ) , وصدر بيان عن البعثة ان اختيار هذه المناطق , يهدف الى تطوير منهجية يمكن تطبيقها على هذه المناطق وغيرها من المناطق المتنازع عليها , بغرض عرضها على حكومة العراق للنظر فيها (2) راجع تصريح رئيس حكومة اقليم كوردستان السيد نيجيرفان البارزاني ...
(3) راجع قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 199 لسنة 2001 الخاص بمنح العراقيين غير العرب حق تغيير قوميتهم الى القومية العربية
(4) نصت المادة 140على : اولا تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة 58 من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها . ثانيا , المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية والمنصوص عليها في المادة 58 من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية تمتد وتستمر الى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور على ان تنجز كاملة , التطبيع , الاحصاء ... وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها لتحديد ارادة مواطنيها في مدة اقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول سنة الفين وسبعة .
(5) اطلق البعثيون اسم ( الوافدين) عل اللذين جرى استقدامهم من محافظات العراق الوسطى والجنوبية للاستيطان في مدينة كركوك ومناطق كوردستالنية اخرى ,وكانت هناك لجنة امنية خاصة مهمتها تقديم التسهيلات الازمة لتوطين هولاء المستقدمين ..كما يطلق على قسم منهم بعرب عشرة الاف اي عشرة الاف دينار المنحة التي منحهم النظام البائد ...
(6) شملت سياسة التعريب الاموات ايضا من الكورد والتركمان , فتم تغيير اسمائهم وقوميتهم في السجلات الحكومية الى اسماء عربية ..........
(7) جاء في الفقرة 22 من برنامج عمل حكومة المالكي وبشكل واضح وصريح ما يلي: تلتزم الحكومة بتنفيذ المادة 140 من الدستور , المعتمدة على المادة 58 من قانون ادارة الدولة بكل فقراتها والمتمثلة بتحديد المراحل الثلاث , التطبيع والاحصاء والاستفتاء... في كركوك وغيرها في المناطق المتنازع عليها , وتبدأ الحكومة اثر تشكيلها في اتخاذ الخطوات اللازمة لأجراء التطبيع بما فيها اعادة الاقضية والنواحي التابعة لكركوك في الاصل وتنتهى هذه المرحلة في 29| 3 | 2007 , حيث تبدأ مرحلة الاحصاء فيها من 31-7 -2007 وتتم المرحلة الاخيرة وهي الاستفتاء في 15-11 -2007 .[1]