أجرت بي بي سي لقاء مع كردستان سري كانيه إسمها الحركي، والتي ولدت في أسرة فلاحية وفقيرة عام 1975، تحدثت فيه عن مشروع سوريا الديمقراطية انطلاقا من مناطق الأكراد شمال وشمالي شرق سوريا وشمالي غربها والتي أطلقوا عليها اسم روجآفا أي غرب كردستان...
باتت صورة المقاتلات الكرديات اللواتي شاركن بفعالية في معارك شمال سوريا (روجآفا) ضد تنظيم الدولة الإسلامية تمثل رمزاً لأحد أشكال مقاومة المرأة ضد العنف الموجه لها.
أجرت بي بي سي لقاء مع كردستان سري كانيه إسمها الحركي، والتي ولدت في أسرة فلاحية وفقيرة عام 1975، تحدثت فيه عن مشروع سوريا الديمقراطية انطلاقا من مناطق الأكراد شمال وشمالي شرق سوريا وشمالي غربها والتي أطلقوا عليها اسم روجآفا أي غرب كردستان.
تتحدث المقاتلة عن تجربة روجآفا في فيلم وثائقي لبي بي سي، عن ملابسات مشروعهم من أجل سوريا تعددية ديمقراطية لا مركزية يتساوى فيها المواطنون من جميع الخلفيات الدينية والقومية. سيتم عرض الفيلم يوم التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الحالي في الساعة 19:05 بتوقيت غرينتش.
احتلال عفرين نقطة تحول
كان ولا يزال هدف تركيا من تدخلها في سوريا مناهضة طموحات الأكراد، فهي تحاول كل ما بوسعها للحيلولة دون حصولهم على أي من الحقوق السياسية أو الثقافية حسب رأيها.
سمح الاتفاق الأخير بين روسيا وتركيا في بدايات العام الحالي، بإطلاق يد تركيا لشن حملة عسكرية ( غصن الزيتون) في منطقة عفرين الكردية، التي تقع بمحاذاة محافظة إدلب، والتي تضم عدداً من نقاط المراقبة العسكرية التركية هناك.
وكان الهدف من السيطرة على عفرين إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عنها، واستبدالها بفصائل وكتائب سورية معارضة، موالية لها.
وتعلق كردستان بألم: لم نعتد الخسارة في معاركنا، خسارتنا لعفرين كان أمراً محزنا ومؤلماً للغاية.
وتتابع: أعتقد أن خوف الأتراك من توسع الأكراد في مناطق سيطرتهم وتوسعهم باتجاه ساحل البحر المتوسط عبر إدلب، جعلهم يعقدون اتفاقات مع روسيا للسيطرة على عفرين، لإبعاد الأكراد عن البحر، الذي لو وصلوا إليه، لأصبحوا قوة حقيقية في المنطقة.
وتعتبر تركيا أن وجود أي كيان كردي على حدودها، تهديدا لها، ودعما مستقبليا لأكرادها الذين يطالبون بحقوق مماثلة في تركيا.
قلق
وفي رد على مدى ارتياحهم لامكانية استمرار مشروعهم الديمقراطي تقول: بالطبع نحن قلقون حول مصير روجآفا والمصير المجهول لقواتنا، لأن هناك تغيرات في مواقف الدول الداعمة للمشروع الديمقراطي على الدوام.
وتضيف: لا نعول على مشروعنا الديمقراطي على أي من القوى المحلية أو الغربية التي تدعمنا في حربنا ضد تنظيم الدولة، لأنهم وفي نهاية المطاف يعملون من أجل مصالحهم الاقتصادية والسياسية والعسكرية بالدرجة الأولى.
ويقول عصمت شيخ حسن، المسؤول عن وحدات حماية الشعب في كوباني: لقد ساعدنا العالم أجمع في حربنا ضد داعش، وليس فقط الأكراد، ولو انتصر داعش، لكان تأثيره سيئاً على العالم بأسره.
نضال من أجل الهوية
وحول تاريخ بدء التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في تقديم الدعم السياسي والعسكري لوحدات حماية الشعب في كوباني ، تقول كردستان: كانت معركتنا هناك في عام 2014، معركة الحفاظ على الوجود والهوية الكردية، التي حاول التنظيم وداعموه، إمحاءها من المنطقة تماماً، وتضيف: لكننا أثبتنا بمقاومتنا أن إرادة المرأة وشعبنا قوة لا تستهان بها والسر يكمن في ارتباطنا بتراب أرضنا.
واتهم القائد السكري تركيا بتسهيل دخول الدبابات والعتاد العسكري للتنظيم عبر الأراضي التركية بحرية أثناء معارك كوباني التي كان معظم ضحاياها من النساء والأطفال.
لكن حسن بصري يالتشين، مدير الأبحاث الاستراتيجية في مركز الدراسات سيتا نفى أن يكون ما قاله شيخ حسن صحيحاً وقال أن العكس صحيح فقد سمحنا لبعض القوات الكردية من الدخول من الأراضي التركية إلى كوباني.
عدو قديم، صديق جديد
ويذكر أن تنظيم الدولة كان قد سيطر على أكثر من 300 قرية كردية في محيط كوباني، ونزح سكانها إلى المناطق الكردية المجاورة، بعد أن قُتل العديد منهم، دون أن تكون هناك أي مساعدة دولية للقوات الكردية.
واجهت وحدات حماية الشعب هجمات التنظيم بشدة دون أن تستسلم، الأمر الذي دفع بالولايات المتحدة إلى إنشاء تحالف دولي لصد هجمات التنظيم بعد أن كان قد دمر ثلثي المدينة. فكانت بداية العلاقة الأمريكية الكردية، وأصبحت وحدات حماية الشعب حليفا جديدا لها في المنطقة، وأدى ذلك إلى توتر العلاقات الأمريكية التركية على حد قول القائدة العسكرية كردستان.
يذكر أن تركيا تتهم وحدات حماية الشعب بأنها تمثل الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني في تركيا، عدوها اللدود، وصنفته كحزب إرهابي، في تسعينيات القرن الماضي، إلى جانب الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية التي ساعدتها في إلقاء القبض على زعيم العمال الكردستاني وتسليمه لها في عام 1999.
صدمة تركيا
وكانت المفاجأة كبيرة لتركيا، عندما تشكل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، التي مدّت المقاتلين الأكراد بالسلاح والذخيرة، وانتقلت عمليات وحدات حماية الشعب والمرأة من الدفاع إلى الهجوم.
وتوسعت سيطرة الأكراد لتشمل جميع مناطق شرق الفرات الكردية بالإضافة إلى الرقة معقل تنظيم الدولة.
ويقول ديفيد مكدول: لقد انتهكت كل من الدولة التركية والعمال الكردستاني حقوق الانسان بنفس الحجم، إلا أن حجم الدولة التركية الكبير مقارنة مع حجم العمال الكردستاني الصغير، قلل من حجم انتهاكات الدولة التركية مقابل حجمها في العمال الكردستاني.
وتتهم الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا، الحكومة التركية بدعم أنشطة الفصائل الجهادية في كوباني وغيرها من المدن المحيطة بروجآفا، لنسف تجربة الأكراد والحد من طموحهم.
وبدورها، تتهم تركيا وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا بالتبعية لحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض حرباً شرسة ضد الدولة التركية منذ عام 1978، من أجل الحصول على حقوق الأكراد في تركيا.
وتتحدث كردستان، بهذا الخصوص وتقول: نحن لا نرتبط بحزب العمال الكردستاني عسكريا أو تنظيمياً، والشيء الوحيد المشترك بيننا هو أيديولوجيا زعيم الحزب عبد الله أوجلان، التي تدعو إلى تحرير المرأة والمجتمع، إلى جانب الحقوق السياسية والثقافية للأكراد وجميع شعوب المنطقة، فبالنسبة للكثيرين من أكراد روجآفا، أصبح أوجلان شخصية شبه اسطورية.
وتضيف: لن أعلق أكثر على دعم تركيا للإرهابيين في روجآفا، لأن العالم أجمع يعلم ذلك، فكل شيء يجري على مرأى من العالم.
وتستحضر كردستان أحداث عام 2013 في سري كانيه ( رأس العين) التي دخلت فيها قوافل مسلحة إلى البلدة عبر معابر تركية وتحت أعين الجميع ، تحت شعار محاربة الكفار والملحدين في إشارة منهم إلى الأكراد.ا
وفي رد على سؤال إذا كانت الإدارة الذاتية تعول على الحكومة السورية أو الولايات المتحدة أو رئيسها ترامب لنجاح مشروعهم الديمقراطي، تقول: لم ولن نعول على أي من الأطراف السياسية لنجاح إدارتنا، في السياسة لا نستطيع الوثوق بأي طرف لأن المواقف تتغير بحسب المصالح.
وتتابع: نحن نثق فقط بإرادة شعبنا وجهوده وتضحياته التي بدأت منذ عقود ، وسنناضل حتى آخر لحظة وآخر قطرة من دمنا، وسنضع أيدينا بأيدي من يتبنى مشروع سوريا الديمقراطية بغض النظر إذا كان من المعارضة أو من الحكومة السورية.
ويقول ديفيد مكدول، الكاتب المتخصص في الشؤون الكردية: كان الأكراد على استعداد للقتال من أجل جمهورية سورية تعترف بالوجود الكردي مع حقوق كاملة ومتساوية، لكن المعارضة لم تكن تحقق مطلبهم، لذا قرر الأكراد أن يدافعوا عن مناطقهم ضد أي جهة كانت.
بي بي سي[1]