القضية السورية في مهب تجاذبات الآخرين
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 5263 - #23-08-2016# - 14:57
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
بعد جملة المصالحات والتحالفات الأخيرة المتسمة بأقصى درجات السرعة بين الأطراف المعنية بالملف السوري وخصوصا ( روسيا وتركيا وايران ) وماأعقبها من تصريحات وتفسيرات وبيانات التوضيح التي رسمت حدود مصالحها بصورة منفردة أو مشتركة والتي لم تخلو من تناقضات وتعارضات في التوجه العام حول سوريا القادمة المطلوبة وجودا بعد كل الخراب والدمار ونظاما بعد أن وصلت سلطة الأسد الى حافة السقوط وجغرافيا سياسية بعد الانقسامات الحادة وتزاحم قيام سلطات الأمر الواقع المحلية ودورا بعد زوال سوريا كدولة من خارطة الفعل والتأثير نقول بعد كل ذلك تلقت المجموعات العاملة بالداخل السوري وأدوات الصراع والاحتراب ماتشبه الصدمة وبدأت تبحث عن سبل للنجاة واثبات الوجود عبر المزيد من العنف والتوجه نحو تبديل المواقع حفاظا على الذات أولا وآخرا .
الطغمة الحاكمة في روسيا التي تشعر بأن الساحة خالية أمام توسع نفوذها وترسيخ تحكمها بالمآل السوري تحاول جاهدة في اذلال كل العقبات أمام تمددها فكانت المصالحة مع تركيا والتوجه نحو كسر الجليد في علاقاتها الخليجية وخصوصا السعودية واعادة النظر في موقفها من القضية اليمنية بعد أن أرادت استثمارها للضغط بصورة انتهازية وفي حسابات المصالح المهمة منها والأهم لم يعد نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في سلم أولوياتها بعد أن أذلتها وداست على سيادتها باستخدام قاعدة – همدان – وبعد أن اختارت التقارب مع الغالبية السنية الرسمية بعد استخدام ايران الشيعية وميليشياتها المذهبية لأربعة أعوام في الأتون السوري .
الادارة الأمريكية الراهنة الغارقة في سبات عميق المستسلمة أمام الهجمة الروسية بل اللاحقة بها والباحثة عن رضاها والتنسيق مع ايقاع خطواتها والتي خذلت سوريي الثورة والمعارضة قبل ذلك وصدت طلبات الجيش الحر في طلب المساعدة العسكرية لمواجهة النظام أولا وارهابيي داعش والقاعدة وأصبح شغلها الشاغل الآن – هذه القوة الأعظم - التعامل مع أحزاب ومجموعات مسلحة فالتة من عقالها وغير مؤتمنة بذريعة الحرب فقط وحصرا على – داعش – حتى لو مدت أياديها الى من هو أكثر ارهابية من – داعش – أو سببا في ظهور – داعش – أو مكملا لدوره في قادم الأيام .
حكومة تركيا – الأردوغانية – التي كاد الانقلاب العسكري الفاشل الاطاحة بها أسرعت في اعادة انتاج نفسها واكتشاف مستجدات الملف السوري الذي ينبىء بشبه غياب الحليف الاستراتيجي الأمريكي وصعود الدور الروسي سرعان مامدت أيادي المصالحة الى – العدو الروسي – التاريخي والراهن واختيار طريق أولوية المصالح الاقتصادية التي تربو قيمتها على ( 100 ) مليار دولار وتخريج الصفقة تحت عنوان الحل السلمي لا العسكري للقضية السورية على قاعدة اتفاقية فيننا القاضية بمشاركة الأسد في المرحلة الانتقالية وعدم لعب أي دور ( في مستقبل سوريا !! ) والأمر الأهم لتركيا في تلك الصفقة هو سهولة الموافقة الروسية على وحدة سوريا وظهور عدم وجود أي التزام روسي رسمي بالعلاقة مع – ب ي د – التي طال ما طبل لها الأخير.
نظام جمهورية ايران الاسلامية الذي أخفى قلقه البالغ على المصالحة التركية – الروسية حاول الظهور بمظهر المشجع والاستعداد ليكون الضلع الثالث في التحالف الجديد ولكن سرعان ما أصيب بالدهشة والمرارة بعد محاولات اقصائه من لعب أي دور في الملف السوري وثبات تركيا في حلفه الاستراتيجي مع السعودية وتوجهات روسيا في اصلاح العلاقة مع دول الخليج وتصحيح الموقف من الأزمة اليمنية ثم الاستهتار الروسي المتعمد بالسيادة المزعومة لحكام طهران بعد استخدام قاعدة – همدان – وماتلاه من تلاسنات كل ذلك سيدفع هذا النظام المذهبي الظلامي المعتدي على أمن وسلامة شعوب المنطقة الى استخدام كل ذخيرته لاثارة الفتن والحروب .
في ظل مايجري من حولنا في الجوار والأبعد وامساك الآخرين بمفتاح تقرير مصير سوريا وشعبها فان المعارضة السورية التي ابتلت بها الثورة منذ اندلاعها لم تعد تجيد حتى الرقص المنسق على أنغام الاوركسترا الخارجية وباتت في حكم الميت سريريا بعد أن أحجمت أو عجزت عن التجديد والاصلاح وصولا الى اعادة بناء مفاصل الثورة من جديد لمواجهة التحديات الخطيرة أقلها التفاعل مع مايرسم لبلادنا سلبا أو ايجابا وليس أمامها في الحالة هذه الا السير وفق ارادة الآخرين وبدون أي ثمن لصالح الشعب وثورته .
جماعات – ب ي د – المرتبطة ب – ب ك ك – والتي التزمت الخط الموالي للمحور الأسدي – الايراني منذ اندلاع الثورة السورية والسائرة حسب هوى ومتطلبات مصالح الحزب الأم وقيادته العسكرية في – قنديل – وبالضد من مصالح الكرد السوريين ومستقبلهم الذي لايتجزأ من مستقبل السوريين المنشود في وطن مشترك حر ديموقراطي كانت أول الأطراف التي تأثرت سلبا من التطورات الجديدة المتسارعة وهي الآن أمام مفترق طرق : اما الاعلان عن تخطئة نهجها والانضمام الى صف الشعب السوري وثورته ومواجهة نظام الاستبداد ليس عسكريا فحسب بل سياسيا أيضا والتصالح مع نفسها أولا ومع الكرد السوريين وفك الارتباط عن حزبها الأم كما فعلت – جبهة النصرة – مثلا أو ستبقى في دائرة الشبهة والريبة وسينظر الى كل مواجهاتها العسكرية مع توابع النظام على أنها سوء تفاهم بين أفراد العائلة الواحدة وأن حروبها تهدف الى افراغ المناطق وتعزيز سلطة الحزب الواحد الدكتاتورية بالاتفاق مع نظامي ايران والأسد .
ان تشخيص الحقائق والوقائع مهما كانت قاسية وسلبية لايعني الاستسلام لها بل هو الخطوة الأولى نحو البحث عن سبل لتفادي ماهو قائم وتغييره نحو الأفضل عبر المزيد من المراجعة واللجوء الى الطرق المشروعة في اعادة البناء وفي المقدمة العودة الى الغالبية الشعبية مصدر الشرعيتين الوطنية والثورية في اطار المؤتمر الوطني الشامل .[1]