الكورد و مرحلة مابعد تحرير الحلب
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5380 - #23-12-2016# - 16:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
مع بزوغ فجر تحرير حلب من مخالب داعش، و الاجتماعات و الرحلات المكوكية لرجال البدلوماسية للدولالكبرى و المنطقة، و اخيرا اجتماع و اتفاق الدول الثلاث روسيا ايران تركيا على مجموعة من النقاط التي تصطدم مع ما كانت تركيا تسير على التوجه اليه في المنطقة سواء اجبرت عليه ام هي من غيّر توجهه و اصطفافه و انتقل كليا الى الضفة الاخرى من المحور او غيَرت هي من تمترسها السياسي و كما تعوت عليه في تاريخها، لقد اخلت بمعاهداتها و توافقاتها مع دول الخليج و اتخدت خطوات يمكن ان تبتعد اكثر عن مسيرة امريكا برئاسة اوباما، دون ان تهتم بالامر، لانها تخطط لعهد ترامب و ما يمكنها من التقارب عن طريق ركوبها سفينة بوتين التي يدعي بانه يمكن ان تبدا مرحلة جديدة باعتلاء ترامب كرسي الرئاسة الامريكية ،و يعتقد بان له الفضل عليه سواء كان محقا من خلال ما كشفه المخابرات الامريكية في تدخل بلاده في خرق عملية التصويت الامريكية في عدة ولايات او من خلال دعمه ماديا و استشاريا .
و كما يبدو ايضا، ان روسيا فرضت نفسها اكثر من قبل من خلال استغلالها لسياسة اوباما و جراة و اقتاحامات بوتين بشكل غير مسبوق منذ تفكك الاتحاد السوفيتي . ان انعكاف امريكا نتيجة سياساتها التي فرضتها ظروفها الذاتية الداخلية و ما يؤمن به الحزب الديموقراطي الامريكي في مسار عمله المعروف عنه باكثر انعزالية من الحزب الجمهوري، او بعبارة اخرى، اهتمامه الاكثر بما يهم امريكا من خلال المياه الباردة اكثر من المياه الحارة البعيدة المنال احيانا او التي تحتاج لتضحيات و هي على حساب الانسان الامريكي، جعل بوتين يسير بخطى كبيرة في المسار الذي اختاره .
لنعد الى حلب، و ما تفرضه خصوصياتها، و الاتفاقيات التي فرضت ما وصلت اليه و ما سرب من المعلومات عن الاتفاقات السرية بمباركة امريكا من جهة و رغما عنها من جهة اخرى . اعادت روسيا نفوذها بشكل كبير خلال هذه المدة القصيرة جداعلى اراضي الشرق الاوسط على حساب امريكا من جهة و باستغلالها لما تمر به امريكا من المرحلة المتنقلة لمابعد انتخابات الرئاسة الامريكية و مرحلة المخاض للحكومة الامريكية الجديدة من جهة اخرى .
بعد الاتفاق الثلاثي،ماذا عن تركيا و ما تريده من ما يمكن ان يكون عليه الكورد في سوريا و الاهداف الاستراتجية التي تضعها في اولوياتها و في مقدمتها منع الكورد من تحقيق ما يريدون ؟ و ما دور تركيا المستقبلي ازاء الكورد في كوردستان العراق و دورهم المستقبلي، بعدما باع ما اتفق عليه مع الدول الخليجية في شان المنطقة لمابعد الاسد ؟ و ما دور ايران المنافس الاول لتركيا فيما تريده تركيا بعدما ادارت وجهتها و هي تعتقد بانها على الرغم من عدم تقديمها اي تضحية استطاعت ان تسجل لنفسها موقعا لدى الرابحين و هم ايران و روسيا و النظام السوري ؟
من خلال قراءة الاولوية لدى كل طرف من الثلاثي، يمكن ان نجد ما يمكن ان يحصل للكورد او يوضع فيه من المعادلات المتغيرة المستمرة لحد اليوم . لا تهم روسيا الا ان تكون لاعبا قويا و هي تعيد نفسها الى اللعبة السياسية العالمية من خلال سوريا، و حقا اعادت دورها و غيرت من ثقلها المهتز كثيرا، و هي لا تعير اهتماما كبيرا بالتفاصيل الصغيرة التي ليس لها اي مصلحة فيها، اي لا يمكن ان تبعد اي من الاطراف الثلاث من تحالفها من اجل لاعب صغير كالكورد في الساحة ، و عليه لا يمكن ان تبدي اي موقف داعم او مانع او رادع لاي خطوة كوردية في تحديد هدفهم النهائي . اي المعادلات لما بعد الحلب وضع الكورد امام توجهين متناقضين مع الاعتبار لموقف امريكا من الكورد و كيف تتعامل معه ضمن الاستراتيجية البعيدة المدى التي يمكن ان تتفاعل معها لضمان دورها الكبير في هذه المنطقة و التي يمكن اعتبارهم سدا منيعا او درعا سياسيا او جغرافيا لمنع تمدد روسيا لاكثر من المخطط لها، التوجهين هو اما التوافق مع البعض لكسب الرهان بقراءة المعادلات الجديدة و موقع كل طرف نهائيا والتوازنات التي تخططها و تحيكها الدول المعنية بصدد المنطقة او يمكن استغلالهم و هم يخرجوا من المولد بلا حمص .
اذاً، لنا ن ندرس موقع الكورد من خلال ما تهدفه كل من تركيا و ايران و ما يبدونه هم من قراءة ما يحدث و يقرروا الاصح بعد تهيئة الارضية المناسبة لهم و التي تتطلب الوحدة الفكرية و الوطنية المفقودة لديهم لحد الان، و ما يمكن ان يستغل الكورد الدور المناقض لهؤلاء بعد كشف ما يدور فيه و ما تعتمده من الخطوات الماقضة لما يدور من قبل الدول الثلاث من قبل امريكا و يمكن ان يكون بعيدا عن ممانعة روسيا لما تهدف اليه، اي التحيد لاهداف روسيا الاستراتيجية الكبيرة من قبل امريكا و تحصيل حاصل لذلك من قبل الكورد ايضا .
الاولوية الاولى لتركيا هي حماية رجب طيب اردوغان و ايصاله لكرسي الرئاسة من خلال تعامله مع قضايا المنطقة باعتباره الضمان الاول لحماية مصالح تركيا الداخلية و الخارجية، و تكون لاردوغان القدرة في التعامل مع المعادلات المتغيرة التي تبرز في المنطقة و هي تؤثر على الداخل التركي بصلاحيات واسعة لديه . و هذا ما شاهدناه من تغيير مواقف تركيا كثيرا و بشكل مفاجيء بدرجات كبيرة و هي تحولت من حضن لاخر، و اخيرا ابتعدت عن دول الخليج و نفذت ما تهم ايران و نكثت بعهودها التي ابرمتها من قبل مع بعض دول الخليج التي تهمها سقوط الاسد اكثر من غيرها .
و من هنا يمكن للكورد ان يقرءوا هذه المعادلة ليتحركوا وفقها او ضمن المساحة التي يمكن ان يستفيدوا منها، و بالاخص مع من يقفوا امام تركيا في تحقيق اهدافها الخاصة كضامن لعمل الكورد في الاتجاه المقبول لتوجههم . و عليه يمكنهم التقارب مع بعض الدول الخليجية من جهة و يتمسكوا بعلاقاتهم الامركية ثانية مع الحفاظ على علاقاتهم الطبيعية مع روسيا .
اما ايران فانها عازمة على تحقيق الهلال الشيعي باي ثمن كان، و حققت نسبة كبيرة منه من خلال تحرير الحلب بفرض قوتها و هيمنتها و ارادتها من جهة و فرض قوة موازية للجيش السوري التي هي من اولولياتها في سوريا لتبقى اداة لتحقيق اولولياتها في سوريا كما فعلت في العراق . و الكورد يمكن ان يتفاعلوا مع توجهات ايران من زاوية الهدف السامي لديها و هي ضمان تحقيق الهلال الشيعي على الارض، و لكن السؤال هو كيف يمكن التوافق بين موقف ايران مع مواقف دول الخليج المطاطية المتمايلة في هذا الجانب .
خلاصة القول لما يهم الكورد من خلال قراءة استراتيجيات و اهداف كل من تركيا و ايران و التعامل مع الثغور بينهما من جهة مع التعامل مع الدول الكبرى كروسيا و امريكا من خلال ما يهمها من خلال ما يتعارض سياستهما مع ما تنويها البلدان ايران و تركيا في المنطقة، كيف يكون هذا ؟
يحتاج هذا لعقلية كوردية قيادية بارعة و لتعاون كبير بين القوى الكوردية في الاجزاء الاربعة لكوردستان، و هذا مفقود لحد الان بين كوردستان الجنوبية و الغربية على الاكثر . اي ان اقتربت هذه القوى بفعل ما يجبرهم من تعامل القوى الاقليمية معهم على ذلك، على الرغم من تمسكهم بالمحاور اكثر من تمسكهم بعضهم للبعض، فان المتغيرات ستجبر هذه القوى الكوردية المتعادية الى التعامل مع البعض بشكل مغاير مستقبلا و بفعل و توجهات خارجية .
مع تعادي تركيا و ايران لبعض من زاوية تفكيرهم المصلحي الضيق و اهدافهم الخاصة في اكثر الاحيان الا انهما متوحدتان في القضايا المشتركة الخاصة بينهما و من بينها القضية الكوردية الشائكة بين البلدين و ما ارغموا عليه من التعامل معها غصبا عنهم بعد ان تواجهوا مع ما لا يمكنهم من التهرب منه .
لا يمكن لمن يحلل و يتعمق في الحال الكوردي الاني ان يتفائل ان لم توجههم مصالح احدى الدولتين الكبيرتين، و هذا هو الامل الذي يمكن ان يعقد الامر عليه ، فلننتظر لما نصل اليه بفعل الايدي الداخلية غير الصحيحة التوجه و ما تتعامل بها الايدي الخارجية البعيدة و القريبة احيانا و التي تكون اكثر مصلحة للكورد من انفسهم ايضا و بفعل ما يتوافق مع مصالحهم ايضا.[1]